في ذكرى احتلال إمارة الأحواز العربية، تحريرها مسؤولية من؟
في ذكرى احتلال إمارة الأحواز العربية، تحريرها مسؤولية من؟
د. محمود المسافر
تمر علينا اليوم في العشرين من نيسان الذكرى التاسعة والتسعين لإحتلال إمارة الأحواز العربية من قبل إيران بعد ان تآمرت مع المحتل البريطاني لإقتطاع إمارة الاحواز من حضنها العربي وضمها إلى دولة إيران الشاهنشاهية المعتدية. لقد خططت بريطانيا مع فرنسا قبل نهاية الحرب العالمية الأولى لتقسيم المنطقة العربية إلى أقسام كثيرة وضعيفة من أجل السيطرة على الموارد الاقتصادية للأمة العربية، ومن أجل التحكم بموارده البشرية ومعتقدات الشعب العربي ومنظومته القيمية.
وبعد ذلك قررت بريطانيا ترك إيران لتستقل وتكون حكومة قوية توحد إيران من أجل أن تكون جداراً في الشرق الأوسط يصد تطلعات الاتحاد السوفيتي المتكون حديثاً.
وأرادت بريطانيا أن تكافئ عميلها رضا خان بهلوي، الذي ساعدته على تسلّم مقاليد الحكم في إيران بعد إنهاء العهد القاجاري الذي دام لمدة مائة وأربعين عاماً من 1786-1925، بأن تضم اليه إمارة الأحواز العربية ذات المساحة الكبيرة (375 الف كيلومتر مربع) والتي كانت تقودها الأسرة الكعبية منذ 1690 ولغاية 1925 حينما اختطف الحاكم الإيراني رضا خان الشيخ خزعل الكعبي أمير الأحواز وسجنه إلى أن تم قتله وهو في معتقله وإعلان ضم الأحواز رسمياً إلى الدولة الشاهنشاهية.
إن المؤامرة البريطانية الإيرانية لضم إمارة الأحواز العربية إلى الدولة الإيرانية كانت جزءًا من اتفاقية سايكس-بيكو التي استهدفت الأمة العربية لا سيما بعد أن تم اكتشاف أول بئر للنفط في الأحواز العربية في عام 1908 وكان ذلك قبل أن يتم اكتشاف النفط في المنطقة العربية كلها ،ولا سيما في العراق والخليج العربي. وارادت بريطانيا أن تجرّد الأمة العربية من مصدر رئيس من مصادر تطورها وتمكينها لأخذ دورها الإقليمي والدولي.
ومقابل ذلك فإن بريطانيا أرادت من ضم الأحواز العربية إلى إيران أن تجعل إيران دولة قوية اقتصادياً ومدعومة بالنفط، وهو المصدر الرئيس للطاقة في ذلك الوقت، وتمكينها من الهيمنة المستمرة على دول المنطقة والمجزأة إلى أجزاء صغيرة تعاني من ضعف اقتصادي وبشري.
وتحقيق منطقة صد مهمة للمحيط الحيوي لبلدان العالم الرأسمالي أمام التمدد الروسي (الاتحاد السوفيتي) من الشرق.،وأن تكون مصدر قلق سياسي وأمني لدول الجوار الجغرافي،وهي العراق ودول الخليج العربي وتركيا وأفغانستان وباكستان وتركمانستان واذربيجان.
إن إيران وحكوماتها المتعاقبة من العهد الشاهنشاهي إلى عهد ولاية الفقيه تعتمد في إدارة اقتصاد الدولة على الثروة العربية المتأتية من النفط العربي الاحوازي، إذ أن في الأحواز ثالث أكبر بئر للنفط في العالم. وإن احتياطي النفط فيها يمثل 10% من احتياطي النفط العالمي. وتمثل الصادرات التي تخرج من الأحواز تقريبا 80% من الصادرات الايرانية. وإن الناتج الأحوازي يتجاوز 50% من الناتج المحلي الاجمالي في إيران.
إن إيران في ظل حكم الولي الفقيه لا تختلف أبداً عن إيران في ظل الحكم الشاهنشاهي، إذ لا تزال إيران في رعاية الغرب الرأسمالي منذ مائة سنة وتؤدي دورها الخبيث في إقلاق امن دول المنطقة لاعبةً دور البعبع الذي يخيف الدول المحيطة من اجل اضعاف امكانية التنمية فيها وتاخير تطورها وتقدمها لتبقى في حاجة لحماية النظام الرأسمالي العالمي من ذلك البعبع الكارتوني.
ولا بد من التأكيد إلى أنه طالما أن إيران تستمر في احتلال الأحواز العربية فإن دور إيران الخبيث سيستمر كما خططت له قوى الامبريالة العالمية. وإن تحرير الأحواز العربية سيمنع إيران من ممارسة دوررها الخبيث الذي لعبته على مدار القرن الفائت، مما سيسمح للمنطقة العربية ومحيطها الاقليمي ان تعيش في امن وسلام من غير قلاقل وفتن. إن الشعب العربي الاحوازي تحمّل وحده ثقل الدفاع عن قضية تحرير الأحواز من براثن المحتل الايراني، وقاوم كل قوى التغيير بالقوة وعمليات غسيل الدماغ ومحاولات الادماج القسري وتدمير المنظومة القيمية للشعب العربي الأحوازي البطل. وحافظ على الثقافة العربية في الاحواز ودافع ببسالة عن التقاليد الأحوازية واللسان العربي الفصيح للشعب الأحوازي ،والامتداد التاريخي والقيمي مع المحيط العربي. في الوقت ذاته قصرّت عن اداء واجبها تجاه الأحواز العربية كل الحكومات العربية تقريباً فيما عدا ما كان يقدمه العراق في ظل الحكم الوطني وإلى يوم الاحتلال الأميركي البغيض. وكذلك كل المنظمات العربية الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في الوطن العربي باستثناء بعض الندوات والمؤتمرات اليتيمة التي لم تنتج عن دعم حقيقي للشعب الاحوازي ولدولته المحتلة.
إن واجب تحرير الأحواز العربية لا يقع على الشعب الأحوازي فحسب، لانه لا يزال يقاوم منذ قرن إلا سنة واحدة من أجل تحريرها واستردادها، بل يقع على عاتق كل مواطن عربي، وكل المؤسسات العربية والدول العربية جميعها.
لأن تحرير الأحواز لا يعيد لنا الحق العربي في دولة عربية محورية مهمة فحسب، وإنما أن تحرير الأحواز يمثل نهاية جزء مهم من معاناة الأمة العربية، ودول المحيط العربي. ويعد ضامن لإفراغ المؤامرة الغربية من محتواها.
تحية لشعب الأحواز البطل، وكل قواه وحركاته وجبهاته السياسية والشعبية المناضلة.تحية لشهداء الأحواز الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم من أجل أن يبقى اسم الأحواز عاليا.عاشت الأحواز حرة عربية
الكاتب: د. محمود المسافر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق