بيني وبينك …. طالت الحرب
بيني وبينك …. طالت الحرب
ما كان أحدٌ يتوقّع حينما نَشِبَتْ أنْ تطولَ إلى هذا الحدّ. كان هذا التّوقّع مبنيًّا على حروب غزّة السّابقة، فأطولُها من قبلُ استمرّتْ خمسين يومًا وهي حرب عام 2014م، أمّا اليوم فإنّ حربَ غزّة قد مضى عليها ما يقربُ من مئتي يوم وما زالتْ مُستعرة، وما زال الشّهداء يرتقون كلّ يومٍ.
لم يرعَ الاحتلال في أهل غزّة إلًّا ولا ذِمّة، لا حرمة شهر رمضان ولا هدنة فرحة العيد، فقد استمرّتْ آلتُه الوحشيّة المسعورة في نهشِ أجسادِ أطفالِنا ونسائنا دون إبطاء، بل إنّ مَنْ قُتِلوا في عيد الفطر كانتْ حمرة دمائهم تُلوّن المشهد كأنّ الفجيعة في أوّلها، وكأنّه ما مضى على هذه الحرب هذا الزّمن!
طالتِ الحربُ وماذا بعدُ إذْ حُمّ القضاءْ، إنّ فيها صرخةَ المكلومِ في جوفِ العَراءْ. وَحدَهُ يَمضِي إلى الحَتْفِ ولا خُبْزَ ولا ظلَّ ولا شَربةَ ماءْ. مَنْ يُداري وجَعَ الأطفال في اللّيل ومَنْ يمسحُ جرحَ الأبرياءْ؟! مَنْ يُعيدَ البسمةَ المسروقةَ الإشراق من وجهٍ تردَّى بالدّماء؟! أيّها الموتُ الذي انسابَ إلى أنفاسنا مثل الهواءْ: نحنُ لا نركعُ أو نخضعُ فارحلْ أو فخذ يا موتُ منّا ما تشاءْ. نحنُ شعبُ الكبرياءْ.
إنّ حروبَنا السّابقة مع إسرائيل لم تستمرّ هذا الوقت، وباستثناء حرب عام 1948م التي استمرّتْ ما يقربُ من عشرة أشهر، فإنّ حربَ النّكسة في عام 1967م لم تستمرّ سوى ستّة أيّام، وقيل بل حُسِمَتْ في السّاعات السّت الأولى، وحرب الكرامة في عام 1968 لم تستمرّ إلا يومًا واحِدًا، وحرب أكتوبر عام 1973 انتهتْ بعدَ ثمانيةَ عشرَ يومًا. فمتى ستنتهي هذه الحرب الدّائرة على غزّة اليوم؟
أعرفُ لو أنّ المقاومة في غزّة تملكُ واحِدًا في المئة من القدرة العسكريّة للعدو من الطّائرات والدّبابات، فإنّ المعركة لن تطول هذا الوقتَ كلّه. لكنّ المُقاومة تُقاتل بالقاذفات محليّة الصّنع دون أيّ عتادٍ ثقيل، وتُقاتل بأسلوب عسكريّ مُختلف، إنّه قتال الشّوارع، من حارةٍ إلى حارة، ومن نفقٍ إلى نفق، ومن بيتٍ إلى بيت، وهذا سببٌ يجعل قوى العالَمِ الغربيّ وأمريكا مُجتمعِين يصبّون أسلحتهم إلى جانب ترسانة العدوّ ويجمعونها إليهم ومع ذلك لا يستطيعون أنْ يهزموا مجموعةً لا تُقارَن لا بالعدد والعتاد معهم ولا يتمكّنون من أنْ يُعلِنوا انتصارَهم.
يقولُ الخبراء العسكريّون، ومجموعة من الّذين قادوا العمل العسكريّ مع الصّهاينة في معارك سابقة مثل جنوب لبنان: إنّ الحربَ لن تنتهي قبلَ نهاية عام 2024م، وهذا في الحقيقة في عِلم الله، ولكنّ ما أعلمه أنّ الحربَ طالتْ أو قصرتْ، انتهت اليوم أو غدًا، فإنّها بلا شكّ ستنتهي بانتِصار المقاومة وهزيمةِ قوى الاستِعمار والاستكبار في العالَم كلّه، وكما دأبَ ناطقُهم العسكريّ أنْ يُردّد: «وإنّه لَجِهاد، نصرٌ أوِ استشهاد».
AymanOtoom@
otoom72_poet@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق