السبت، 11 مايو 2013

أغيثوا سوريا!


أغيثوا سوريا!

السبت 01 رجب 1434 الموافق 11 مايو 2013
د. سلمان بن فهد العودة
ضجَّت المنابر ونزفت المحابر من هول الجرائم والمجازر المتتابعة في سوريا، والتي لا تُفرِّق بين شيخ، وفتى، وطفل، ورجل، وامرأة..

لا تأس على الشهداء فقد ذاقوا الموتة التي كتبها الله عليهم، وأرواح الشهداء في حواصل طير خضر؛ تأكل من شجر الجنة ثم تأوي إلى مستقرها تحت العرش.

قهر الأحياء وعجزهم أشد أسى.. فهم يشهدون المعاناة ويتألمون وهم مثل الحبة فوق وعاء تصهره النار ليس لهم مفر ولا ملجأ إلا إلى الله.. ونِعْم المفرّ إليه!

إن تأمين الأسر، وتوفير ضرورياتها المعيشية؛ من مأكل، ومشرب، وملبس، وفراش، ودواء.. هو من أوجب الواجبات وألزم المهمات لملايين المشردين؛ في تركيا، والأردن، والعراق، ومصر، وداخل الأراضي السورية، وقد بات النظام يستهدف المخابز ويسعى لحرمان المواطنين من لقمة العيش، وهو يظن أنه بهذا يحملهم على اليأس ويفت في عزيمة المقاتلين.

وحيث إن بعض الأنظمة تمنع التحويل للأعمال والجمعيات الخيرية خارج بلدها فإن الحاجة أمّ الاختراع، ولن يعدم مريد الدعم سبيلاً للنصرة؛ بواسطة التواصل مع الثقات المخلصين الأمناء، ولكن الميدان يتطلَّب عرض العديد من الأفكار والبدائل وتدارسها وتفعيلها، وتحويلها إلى برامج مشاعة مذاعة، وقد تدارست مع بعض العاملين في الحقل الإغاثي بعض الأفكار المهمة ومنها:

(فكرة الأسرة الداعمة)؛ فمن خلال لقاء الأسرة الدوري يتم تشكيل لجنة شبابية خاصة؛ تجمع تبرعات الأسرة النقدية، وتنتدب من بين أفرادها من يذهبون إلى تركيا أو الأردن، ويتواصلون هناك مع جمعيات موثوقة أو أفراد ذوي خبرة؛ لشراء احتياجات محددة كالطحين أو الملابس، مع ترتيب أمر إيصاله لمخيمات اللاجئين أو إلى الداخل السوري، ويكون تسليم المال للمؤسسة الشركة البائعة، وبذلك يكون التحويل تجارياً، ولا يملك أحد حق الاعتراض عليه.

فضلاً عن أهمية هذه الفكرة في تجاوز عقبة التحويل الخيري ومنعه، فهي تسهم بتكوين الأسر الداعمة، وتُعزز الروابط بين أبناء الشعوب الإسلامية، وتُربِّي في الشباب روح التطوع والوقوف مع الضعفاء والمكروبين..

ولعل من الجميل أن تعلن نماذج ومبادرات من هذا القبيل، وتُصوَّر وتُنشَر في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، من باب تحريك الهمم وإيجاد القدوات المبادرة.

(المجموعة الداعمة)؛ ويمكن تطبيق الفكرة ذاتها بتعاون مجموعة من الشباب لا تربطهم أسرة، ويعملون بصفة شخصية، وبالتعاون مع معارفهم وأصدقائهم، فلا يحتاجون إلى جمع تبرعات عامة بل يخدمون أصدقاءهم الراغبين في التطوع، ويرتبون الأمر كما في النموذج الأول، ويعودون بالوثائق التي تعزز الثقة بعملهم.

وحيث اقترح عليَّ بعضهم أن أُطبِّق بنفسي، فقد بدأت فعلاً بتنسيقٍ متواضع مع بعض الأبناء والأصدقاء، وآمل أن يعلن كثيرون ذلك؛ تحفيزاً وتشجيعاً وإعذاراً.

(الثري الداعم)؛ ويمكن للثري الراغب المتردد المتحوِّط لنفسه من المساءلة أن يتعامل بالطريقة ذاتها، فيشتري من المصنع في تركيا أو السوق في الأردن، ويُنسِّق مع ناشطين هناك لاستلام البضائع وإرسالها.

لن يسألك أحد يوماً لماذا اشتريت طحيناً أو براً أو حذاءً.. ولكن سيسألك الله يوم توقف بين يديه: هل تألمت لمصاب أخيك؟ هل ساندته؟ هل أحسنت إليه كما أحسن الله إليك؟

{قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ} (17) سورة القصص

إنه لمن المؤلم أن تحاصر قنوات الدعم الخيري الإنساني في بلد يميزه الثراء والمال، ويتسم أهله بحب الخير والإحسان.. وعلينا أن لا نطيل الوقوف أمام الأبواب المغلقة والنياحة بل أن نبحث عن البدائل، ونضيء الشموع بدل سكب الدموع، ولنوقن بالخُلف من الله القائل في الحديث القدسي: « يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق