أحداث سيناء.. خداع شعب وتصدير أزمة
جابر بن ناصر المري
تعاني مصر هذه الفترة من تخبط سياسي داخلي وخارجي شديد وإعلام مسيس موجه، ونتيجة لذلك التخبط، واستعداء الانقلاب للشعب المصري بالقمع والاعتقال وغيره ليثبّت أركانه، شهدت سيناء تطورات وأحداثاً خطيرة، نُسبت كالعادة إلى جماعة الإخوان -المتحالفة سراً مع حركة حماس الفلسطينية- بحسب الاتهامات الرئاسية للانقلاب التي تبناها الإعلام المصري وأشاعها دون اللجوء حتى لتحقيقات أولية تثبت مصداقية هذه الاتهامات من عدمها!!
بل قام هذا الإعلام الساذج المعتوه بالدعوة للاحتراب الأهلي بعبارات أطلقتها أبواقه مثل (افرم، اذبح، اقتل، اعدم.. إلخ) توافقاً مع رؤية قائد الانقلاب التي اتضحت في خطابه عن أحداث سيناء.
كما ذهب هذا الإعلام المشوه المريض إلى التخيل أن «تمويلاً قطرياً» يمكن أن يكون وراء التفجيرات التي ضربت عمق سيناء والعريش، وأن حماس -التي ترتبط بعلاقات طيبة مع الدوحة- يمكن أن تكون الخلايا النائمة التي بدأت تنشط على الحدود المصرية لزعزعة أمنها، والأدهى من ذلك أن هذا الإعلام المأجور لم يتوقف عند هذا الحد، بل يروج أن مصر تتعرض لعدو خارجي متشعب ومتشبع بكراهية مصر، حتى يتم إسقاط كل أخطاء الانقلاب على عاتق هذا العدو الذي لم يستطيعوا تحديده حتى هذه اللحظة.
وكعادة الانقلاب في مصر يقوم ببراعة بالخداع للتنصل من فشله باصطناع أعداء حسب هواه، (فيجعل الشقيق عدواً والعدو شقيقاً)، فأعلن «قضاؤه المسيّس» أن كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية حماس- تنظيماً إرهابياً!!! لتعلن حماس أن «الحكم مسيّس»، وأنه يدل على أن الوسيط المصري لم يكن نزيهاً، فيحدث الشقاق بين شعبي غزة ومصر، وتناست سلطات الانقلاب أن إسرائيل تقف بقوة بين حدودهما، وهي العدو الحقيقي لمصر وغزة، لكنها اليوم وبفضل إعلام منحرف موجه أصبحت إسرائيل بعيدة عن دائرة الاتهام في أي أمر يتعلق بالحدود المصرية معها!!!!!
أصبحت عملية التضليل الإعلامي للمشاهد المصري جزءاً لا يتجزأ من سياسة الانقلاب لجمع أكبر شعبية له واللعب على أوتار العاطفة والوطنية، التي تتأجج غضباً يوماً بعد يوم في نفوس المواطنين المصريين الغيورين على كرامة بلدهم وأمنه، خاصة بعد انتشار التظاهرات المعترضة على سوء الأوضاع في مصر وتم خلالها قتل الكثيرين، من بينهم سندس أبو بكر وشيماء الصباغ -عضو التحالف الشعبي الاشتراكي- من جانب الانقلاب أمام أعين الجميع، وهو الآن يحاول التنصل من دمها وإلصاق التهمة كالعادة بأناس لم يرتكبوا أي جرم.
ما تشهده مصر من أحداث ما هي إلا عملية تمثيل وخداع للشعب، لإيهامه أن الجيش -الذي يجب أن يرابط على الحدود وفي ثكناته العسكرية لحماية البلد وليس في الميادين وقمع المتظاهرين- يموت في سيناء بسبب ما فعله الإخوان في مصر وما تفعله حماس ومعهم قطر!!
وذلك للتشويش وصرف النظر عن الفشل الداخلي والخارجي للانقلاب واستعدائه للشعب المصري بالقمع والاعتقال.. ومحاولة يائسة من الانقلاب ليلتف الشعب حوله والتوسل إليه بأن يحمي مصر من كل تهديد خارجي له، وهذا دأب كل حكومة تفقد مصداقيتها وتسرق كرسي الحكم من أصحابه الشرعيين، فتقوم بضرب الأمن الداخلي لإشغال المواطن المصري عن هموم رزقه وقوته وصحته وتعليمه والغلاء والتموين، إلى آخره من هذه الأمور التي بات المواطن يعاني منها بشكل يومي.
يستمر أبواق العلام بمصر في الإساءة لقطر ورموزها، ويحث على عدم التعاطي معها لحين التخلي عما أسماه بنصرة الإخوان المسلمين، وتسليم قيادييهم المتواجدين في الدوحة لمصر، ليمارس في حقهم (القضاء النزيه) لعبته التي بات معروفاً بها. فترفّع إعلامنا عن الرد عليهم، حتى لا ينزلق لهذا المستوى الوضيع الذي وصل إليه الإعلام في مصر، لأننا اعتدنا في قطر أن نتعالى عن توافه الأمور، وأن يظل إعلامنا بعيداً عن المهاترات والجدال وتخيل أمور في غير نصابها، وعن بذاءة اللسان وانعدام المنطق، ومحاولة تأجيج الرأي العام وتضليله بالطريقة «الساذجة الرخيصة» التي بات بعض إعلامي مصر يتفننون بها.
وفي الوقت نفسه لا يسمح إعلامنا بهذه التجاوزات، وعلى السلطات في مصر أن تلجم إعلامها وتكبح «قلة أدبه» في التطاول على قطر ورموزها وشعبها، ومنع أبواق شخصيات عسكرية من التصريح بما لا يليق بدورها.
السلطات المصرية الحالية تقود مصر إلى الهاوية وتحتاج إلى من يرشدها إلى الطريق الصحيح، وأتوافق في الرأي مع المحلل السياسي الأستاذ مهنا الحبيل الذي قال: «إن السلطات في مصر تحتاج إلى نصيحة من دولة محورية قوية كالمملكة العربية، توقظها من هذا التفجير والتشظي الذي تشعله في شارعها»، لأن الأمور تتفاقم بسرعة وخروجها عن السيطرة له تبعات إقليمية خطيرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق