الصفر برهامي ودرس لمهرجي الاصطفاف
آيات عرابي
في مزبلة التاريخ ركن صغير تتراكم فيه اكوام القمامة, في ذلك الركن البعيد الواقع في قعر مزبلة التاريخ يرقد حمدين بكل منجزاته القذافية, بدءاً من السبعة آلاف جنيه مروراً بعبارته (أغلبية قليلة و أكثرية قليلة) وانتهاءاً بحصوله على المركز الثالث بعد الأصوات الباطلة في مسرحية العسكر التي لم يحضرها أحد.
صباحي رغم كل ذلك لا يشعر بالوحدة, فرفاقه في ذلك الركن في مزبلة التاريخ يضفون على المكان جواً من البهجة, فهناك يرقد البرادعي باتفاقاته مع برناردينو ليون وبجولاته في أوربا (التي اعترف بها بنفسه) لاقناعهم بإسقاط الرئيس مرسي وبمنصبه كنائب طرطور بعد الانقلاب وكشريك سياسي وقانوني في دماء شهداء المجازر بدءاً من القائد ابراهيم والمنصة والحرس الجمهوري وانتهاءاً برابعة التي قال على قناة الحياة أنه سيتم فضها, ثم استقال كأي قطعة نفايات يتم سحبها لإعادة تدويرها في الوقت المناسب.
ومما يضفي البهجة على قلب حمدين والبرادعي, وجود الانقلابي الليبرالي الاسلامي, والذي يحلو لرافضي الانقلاب أن يسمونه (تتح) بعد أن خدعوا فيه.
(كنت واحدة ممن اعطوا أصواتهم للمدعو أبو الفتوح في الجولة الأولى للانتخابات ثم ذهب صوتي في الجولة الثانية للرئيس مرسي بطبيعة الحال) ويعتقد بعض الخبراء في شؤون مزبلة التاريخ أن الملل قد يصيب ثلاثتهم بعد فترة, وهو ما يبدو تحليلا واقعياً, الا أن العضو الجديد القديم الذي حصل مؤخراً على كارت عضوية في نادي (قعر المزبلة) بشكل رسمي, قد يقتل أي احتمالات للملل.
لم يصل برهامي لموقعه هذا بسهولة كما يظن البعض, فالرجل مزج بين عدة مدارس بطريقة تجعله رائدا من رواد علم التعريضولوجيا, فلعب دور مصطفى بكري ببراعة بل وتفوق عليه, وتقمص أحياناً شخصية علي جمعة بحرفية يفتقدها علي جمعة نفسه مع لمسات من أدوار حسن البارودي ونادية الجندي في فيلم خمسة باب.
وهناك ما يدفع للظن أن برهامي وحمدين سيكونان صديقين حميمين, فبرهامي حصل على ختم الصفر في انتخابات شارع الهرم, وحمدين جاء الثالث بعد الأصوات الباطلة.
وأعضاء النادي في نهاية الامر بشر, يصيبهم الملل, فتجد البرادعي يغرد على تويتر أو تجد حمدين يخرج بتصريح من تصريحاته القذافية.
ويبدو أنهم يثيرون شفقة البعض, فيمدون يدهم في قاع المزبلة, محاولين إخراج رفاقهم السابقين بدعوى الاصطفاف.
لأن العشرة في جبهة الانقاذ ما تهونش الا على ولاد الحرام.
ونحن نحترم ذلك الوفاء للرفاق القدامى وتكاد أعيننا تدمع لذلك الإخلاص, وتلتهب أيدينا بالتصفيق عندما يقول أحدهم أنه يقبل حمدين بشروط.
اوه لقد انتابتنا القشعريرة
واو ياللهول
اننا نحبس انفاسنا تأثراً
المشكلة الوحيدة في المشهد هي أن هؤلاء يتصورون أنفسهم متحدثين بإسم الثورة ويقبلون هذا أو لا يقبلون ذاك, على الرغم من أن احداً لم يعينهم.
هو نوع من الخيال أو أحلام اليقظة ولكنها لا تلزم الا اصحابها.
فالقادمون من قاع مزبلة التاريخ لم يستحموا من الرائحة العفنة ولم يغسلوا أيديهم من الدماء التي سُفكت ومن انهيار مصر والتي تحولت بسبب طمعهم السياسي وتآمرهم على أول رئيس منتخب, إلى ما يشبه الخرابة تنعق فيها (مُسَخ) العسكر.
المشكلة الأكبر هي أن من يبدأ اقامته في مزبلة التاريخ لا يصبح صالحا للاستخدام مرة أخرى ولا يمكن حتى إعادة تدويره.
الاصطفاف قائم منذ بداية الانقلاب تحت مظلة شرعية الرئيس مرسي وهدف القصاص للشهداء ويحتاج إلى تغذيته بكتل شعبية كتلك التي قاطعت انتخابات العسكر وليس بمجرمين معدومي الشعبية.
هؤلاء الذين يتحدثون عن الاصطفاف مع اشخاص عطلوا أي مجهود للدعوة لاصطفاف شعبي حقيقي, عن طريق محاولة وضع نفايات منتهية الصلاحية كعقبات في طريق الاصطفاف مع الكتل الشعبية التي خدعت قبيل الانقلاب, ليصبح لا حديث لنا الا عن مجرمين ملوثين بالدماء أمثال حمدين والبرادعي.
برهامي مثال جيد على ما أقصده, فبنفس منطق المصابين بالإسهال الاصطفافي, كان بوسعهم دعوة برهامي مثلا, بينما الأصوب (ان كانوا صادقين) أن يتم توجيه دعوة الاصطفاف إلى كتل السلفيين التي كانت تحسب على برهامي ثم قاطعت انتخابات شارع الهرم حتى اصبح برهامي صفراً وحصل على ختم عضوية قاع المزبلة.
بل بنفس منطقهم كان بوسعهم دعوة المخلوع مبارك الذي بايعوه واعتبروه مستقبلاً وافرطوا في نفاقه حتى دعوا “كغيرهم من المصريين للرئيس مبارك بطول البقاء والصحة واستمرار العطاء من أجل مصر وأمنها واستقرارها” اه وكتاب الله وبايعوا المخلوع بلافتات تأييدات ما تزال صورها تملأ المواقع الالكترونية, واسبغوا عليه صفات من نوعية (حكيم – لطيف الدعابة – تلقائي – صادق – صافي الذهن – دافيء .. الخ) حتى حولت (المياه السوداء التي جرت تحت السطح) وفوق موائد الاجتماعات, اولئك المبايعين الهاتفين بحياة الفرعون إلى شجعان.
وقد يكون هؤلاء قد تابوا عن مبايعة المخلوع ونفاقه والله اعلم بهم, وما يعنيني هو الموقف بعد الانقلاب, وما يهمني الآن هو ان تحديد معايير الاصطفاف وهو الاصطفاف الشعبي ومخاطبة الكتل الشعبية للوقوف معا تحت مظلة شرعية الرئيس مرسي لتحقيق اهداف الثورة.
اما إذا كان الاصطفاف في نظر البعض هو التقاط الصور امام الميكروفونات واصدار الوثائق والبيانات التي تشبه في لغتها اعلانات مساحيق الغسيل وتتجاهل عمداً شرعية الرئيس, فليتفضلوا !
فقط عليهم الا يصدعوا رؤوسنا بمصطلح اصطفاف وألا يبيعوا لنا بضاعتهم الكاسدة وأن يسموا ما يفعلونه بإسمه الحقيقي.
الثورة لن تقبل بطراطير يعينهم ملحق في سفارة او موظف بوزارة خارجية اوربية او امريكية.
لدينا رئيس انتخبه ملايين المصريين اسمه د. محمد مرسي وهناك دماء شهداء سنقتص لهم ان شاء الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق