حوار مع الرئيس التونسي السابق الدكتور منصف المرزوقي
المرزوقي: لم أتخذ قراري بعد بالترشح لرئاسة تونس
وهذا قرار جماعي يتطلب شيئا من الوقت
- الإمارات مخلب القط للمشروع الإسرائيلي في المنطقة العربية
- أتوقع اندلاع موجه ثورية جديدة قد تكون أعنف من سابقتها
- الصفقات المشبوهة مصيرها الفشل والانقلاب على من أبرمها
- لم أتخذ قرارا بعد بالترشح في الانتخابات الرئاسية التونسية المقبلة
أكد الرئيس التونسي السابق الدكتور منصف المرزوقي أن الإمارات العربية هي مخلب القط للمشروع الإسرائيلي في المنطقة العربية، وتجر خلفها المملكة العربية السعودية التي تتخذ إجراءات تدعي أنها إصلاحية، وهي في الأصل ارتجالية وعشوائية ستنقلب عليها لاحقا.
وأشار المرزوقي في مقابله خاصة مع "عربي21" إلى أن قطر وتركيا يدفعان ثمنا باهظا نتيجة دعمهما لثورات الربيع العربي، وأن الحصار ضد قطر ومحاولة النيل منها، وكذلك محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، تقف ورائها المخططات الإسرائيلية وبتمويل إماراتي.
وفي رسالة غير مباشرة لحركة النهضة التونسية، وللحركات الإسلامية، قال المرزوقي إن "كل صفقة مشبوهة مع الأنظمة القديمة مصيرها الفشل والانقلاب على من أبرمها" مضيفا: "الوضع في تونس وصل حد إعلان الطلاق بين الإسلاميين وبقايا النظام القديم".
وفي تعليقه على استطلاعات الرأي التونسية التي تطرح اسمه بقوة كرئيس مقبل للبلاد، أكد المرزوقي أنه لم يتخذ قراره بعد ووصفه بأنه قرار جماعي ويحتاج الوقت الكافي قبل الإعلان عنه.
وتوقع المرزوقي أن تواجه الأنظمة الحاكمة التي دعمت الثورات المضادة، جولة جديدة من ثورات الربيع العربي قد تكون أعنف من سابقتها، داعيا الشعوب العربية لإعادة المحاولة ولكن بثورات سلمية حتى تتمكن من تدشين أنظمة ديمقراطية وتحافظ على البلاد في المستقبل.
وفي ما يأتي تفاصيل المقابلة:
* تخيم روح اليأس والإحباط على شعوب دول الربيع العربي، بعد نجاح الثورات المضادة في تلك البلدان، ما هو تقييمك لتلك الحالة؟
** بالنسبة لي أرى أننا خسرنا معركة ولكننا سنربح الحرب، فشعوب الربيع العربي حملت رسالة مفادها: نحن نريد العدالة والحرية والكرامة ولا نريد الانتقام منكم ونريد أن نمر إلى مرحلة متقدمة من النظام السياسي العربي دون عنف ودون انتقام. ولكن للأسف الشديد، رفضت البرجوازية الفاسدة أو الجزء الفاسد من البرجوازية تلقي هذه الرسالة وقالت: نحن لا نريد إلا البقاء في السلطة كما هي، ونريد ممارسة تسلطنا عليكم كشعوب من الرعايا وسنعيدكم إلى بيت الطاعة بأقسى درجة من العنف. وهو ما رأيناه من عنف الثورات المضادة، في سوريا واليمن ومصر وليبيا، وبصفة أقل فظاعة في تونس ولكنه هو نفس المنظومة.
والمشكلة هو أن هؤلاء الناس يتصورون أن البركان العربي الذي نفذ حممه منذ 2011 انتهى، والحال أنهم يقومون دون أن يشعروا بإعادة شحن بركان الغضب والرفض لأنظمتهم الاستبدادية والديكتاتورية القمعية ويرتكبون نفس الأخطاء، وما أخشاه أن يكون الانفجار المقبل أقوى وأعنف. ويجب علينا أن نتعلم من أخطائنا السابقة، ونقنع الشعوب في الجولة المقبلة بأن تكون الثورة ديمقراطية وسلمية.
* كيف ترى الدور الذي تلعبه دولة الإمارات والسعودية في المنطقة عامة وفي دول الربيع العربي خاصة؟
** الإمارات هي مخلب القط للمخطط الإسرائيلي في المنطقة، وأيضا هي الممول للثورات المضادة، ولكنني أعتقد أن التفكير صهيوني في الأساس وأبعد بكثير عن أذهان قادة مثل هذه الدول التابعة. والأدوار المشبوهه التي تلعبها هذه الدول ما هي إلا تنفيذ لمخطط إسرائيلي في المنطقة العربية ككل وفي بلاد الربيع العربي على وجه الخصوص، فإسرائيل لا تقبل أبدا بدولة ديمقراطية في مصر، وهي تدرك أن الشعب المصري هو في صف الفلسطينيين، وحين يأتي نظام ديمقراطي في سدة الحكم في مصر فهذا يعني انتهاء قصة معاهدات أوسلو وكامب ديفيد وغيرها.
لذا فانني أعتقد أن إسرائيل لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تسمح أبدا بقيام دول ديمقراطية عربية وأنظمة حكم ديمقراطية مستقرة. وخشية السعودية من الثورات العربية مفهومة، والإصلاحات التي يدخلونها الآن بصفة عشوائية هي من تبعات الربيع العربي، وأرسل رسالة لهم بأنه لا بد من تغيير شيء ما، ولكنهم يغيرون بأسلوب هو ليس الأسلوب الأمثل وإنما باستعداء الشعوب العربية وهذا أيضا سيكون له تأثير كبير على السعودية في وقت من الأوقات.
* اعتقال رموز التيار الإسلامي المعتدل في السعودية، أمثال سلمان العودة وسفر الحوالي وبعض أئمة الحرم، إلى أين يأخذ المملكة في المستقبل المنظور؟
** المثير للسخرية، هو أن السعودية هي التي صدرت الفكر الوهابي الذي كان الغطاء النظري الأيديولوجي للدواعش وغيرهم من التنظيمات المتطرفة، وها هم اليوم يتنصلون من هذا البعبع الذي هم خلقوه، وبدلا من أن يستخدموا هؤلاء الدعاة الوسطيين لكي يصلحوا ما أفسدوه شيئا فشيئا، نهجوا استراتيجية خاطئة لأنهم ضربوا هذا وضربوا ذاك، والتغيير الآن لا ينتج عن تفكير وعن أيديولوجية وعن رؤية واضحة، ولكنه ينتج عن ردود فعل عشوائية ما يقوي التيار السلفي المتشدد داخل المملكة وليس العكس.
* الأزمة الخليجية ألقت بظلالها على بلاد الربيع العربي.. كيف ترى صناعة ودوافع وأهداف تلك الازمة؟
** الأزمة الخليجية هي من تبعات الربيع العربي، فنرى أن قطر وحتى تركيا يعاقبان على دعمهما للثورات العربية، والحصار ضد قطر لا يفهم بعيدا عن دور الجزيرة في إشاعة الأفكار، وعن دور دولة قطر في دعم الثورات العربية ودعم واستيعاب رموزها. وحتى محاولة الانقلاب الفاشلة التي حدثت في تركيا مرتبطة بهذا، لأن تركيا أيضا كانت القوة الوحيدة التي دعمت الثورات العربية، وأعلنت صراحة في وسائل الإعلام التركية أن دولة خليجية تمت تسميتها بأنها أبو ظبي مولت هذا الانقلاب الفاشل بثلاثة مليارات دولار.
* كيف ترى مغادرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أثناء كلمة ترامب في الأمم المتحدة؟
** طبعا هذه رسالة احتجاج واضحة ضد الطريقة التي يتعامل بها ترامب مع قضايا العرب والمسلمين، وخاصة مثل قضية اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهذا أمر لا يمكن أن يقبله زعيم إسلامي شريف، وللأسف نجد أن زعماء عرب آخرين لا يزعجهم ما فعله ترامب ويجتمعون معه وبعضهم يفتخر بذلك بينما هو فعل ما لم يفعله أحد غيره، وبالتالي أنا أقدر موقف الرئيس أردوغان، فهذه رسالة واضحة بأننا ما زال عندنا زعماء ينتصرون لقضايانا وخاصة قضية القدس الشريف.
* أظهرت استطلاعات الرأي التونسية تصدر اسم منصف المرزوقي قائمة المرشحين المحتملين لرئاسة تونس في المرحلة المقبلة.. فما صحة ذلك؟
** أنا لم أتخذ قراري بعد بالترشح لرئاسة تونس، وهذا قرار جماعي يتطلب شيئا من الوقت، ولكل حدث حديث.
* كلمة توجهها للإسلاميين في المجال السياسي في تونس ودول الربيع العربي بشكل عام؟
** أنا أعتقد أن أي صفقة مع المنظومة القديمة مآلها الفشل، والآن القضية الأساسية هي أن القوى التي قادت الثورة، هي التي يجب أن تعيد تونس إلى جادة الطريق، أما الصفقات المشبوهة مع النظام القديم بغية الاستمرار في الواجهة فهي مرشحة للفشل، إن لم تكن فشلت بالفعل والدليل على ذلك أنه أعلن الطلاق بالفعل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق