27 قاعدة لإدارة الوقت والتوفيق بين الاجتهاد الديني والأعمال الدنيوية
د. ليلى حمدان - 20 ديسمبر، 2018
إدارة الوقت، تلك الثروة التي يجهل الكثيرون حقيقة وجودها، تُعد لبنة أساسيةً في بناء حصن عطاء المسلم وقوة تأثيره. وبالتأمل في سِيَر من سبق، ثم اجتهادات من لحق، نجد أن إدارة الوقت عندهم تعتمد على محورين رئيسيين:
الأول: البركة، التي نحن بأمس الحاجة لها.
الثاني: التنظيم، الذي يجعل من الوقت موائمًا لأهدافنا.
وحول هذين المحورين يكون العطاء الأمثل لهذه الثروة الأهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مَغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ»، فهو الغبن بعينه أن يمتلك المرء الوقت والصحة، أي المساحة والقدرة، ثم يضيعان منه هدرًا بلا مبالاة بدل أن يستثمرهما فيما فيه الخير والصلاح للمرء نفسه، ولمن حوله أو تحت رعايته.
سؤال مُلِح
ولكن السؤال الذي يطرحه المدركون لقيمة الوقت هو ما الخطة الأنسب للتوفيق بين الاجتهاد الديني والأعمال الدنيوية في عالمٍ مكتظٍّ بالهموم؟، وكيف نسطّر أفضل جدول، سواءً كان صاحبه مرتبطًا بدوام بعينه، أو كانت ربّة بيت تؤدي وظائف الأم والمربية، وفي ذات الوقت تحمل همّ العبادة والمسابقة لنيل المراتب العُلى، ويزداد الأمر صعوبة لديها حين تكون عاملة خارج البيت، وغالبًا ما يشتكي كل طرف من ضيق الوقت، وعدم القدرة على الموازنة بين المطلبين الدنيوي والأخروي، ويحاول بعضهم التفريق بين كلا المطلبين وجعل وقت محدد لهذا أو ذاك. في حين أن الجمع بينهما هو الأفضل والأكثر بركة.
ولنلخص الآن في نقاط أبرز القواعد التي يمكننا عن طريقها إتقان فن استغلال أوقاتنا أحسن ما يكون:
فقه الأولويات: ويشمل كل فرض وواجب له الأولوية في برنامجنا. والأساس فيه هو الصلاة، التي هي عماد الدين، وكل ما يشترك في هذه الأولويات، ولكنها تزيد وتتغير بحسب اهتمامات المرء ومسئولياته.
تجارة الوقت: ويدخل في هذا المعنى شراء الوقت وعدم الاستهانة بالدقائق والثواني، لا فقط الساعات والأيام. مثال على ذلك اختصار الطرق للوصول إلى عنوان نريده، أو الاستعانة بسيارة سريعة بدل حافلة بطيئة، أو دفع الفواتير عن طريق الإنترنت بدل التحرك لمراكز الدفع والوقوف في الطوابير، وغيرها من أساليب شراء الوقت.
التفويض: وهنا يتم التخلص من عبء بعض النشاطات بتفويض من نثق فيه ليتمّها ويوفّر علينا جزءًا من وقتنا، كتفويض من يتولى شراء الحاجيات من السوق، أو المساعدة في تنظيف البيت بحسب الحاجة لذلك.
جمع المهام معًا: أو اصطياد عدة عصافير بحجرٍ واحدٍ، ويدخل في هذا المعنى أن نجمع المهام التي يمكننا القيام بها كلها في آن واحد. فمثلًا أن تشتري أغراضًا، وتنجز مكالمة هاتفية، وتستغفر الله مئة مرة، وتتصدق بصدقة خفيّة، وتصل رحمًا؛ كل هذا يمكن أن تقوم به خلال جولة واحدة. وأكثر العبادات التي يمكننا أن نجمعها مع الأعمال الدنيوية الأخرى هي عبادة الذكر، وللأسف يحرم الكثيرون أنفسهم من فضلها. فالأم حين تقوم بمهام البيت يمكنها أن تذكر الله آلاف المرات، وكم من مرة يمكن للراكب في طريقه والعامل في عمله والطالب في جامعته أن يردد “سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله”.
قاعدة الإقصاء: وفيها يدخل مفهوم تنحية الأمور التي تشغل وقتنا بلا فائدة، سواء بشكل مؤقت أو نهائيّ.
قاعدة التنويع: النفس البشرية مجبولة على حبّ التنويع وتمل بسرعة من “الروتين”، وعلى المرء أن يحسن تنويع اهتماماته، وفي بعض المرات نضطر لأن نفاضل بين برامجنا، تمامًا مثلما تُشعِرنا ألوان المعروف لذة في العطاء. فاليوم صدقة، وغدًا صلاة وقيام، وبعده مساعدة، وربما كفالة يتيم، أو صناعة تطوع، وتلك الأيام نتسابق فيها لنيل الأجر الكبير.
قاعدة الإلمام بالأهمّ: الظروف التي تمر بها الأمة الإسلامية تفرض على كل منا متابعة يومية لأحداثها والمساهمة في نهوضها، ولعل كتاب الشيخ إبراهيم السكران “الماجريات” يفيد أكثر في هذا الأمر.
قاعدة الاقتصاد: كل ما يمكننا تأجيله أو التخفيف منه في سبيل إيجاد متسع لما هو أهم يدخل في باب الاقتصاد، وتدخل فيه أيضًا المحافظة على ما لدينا من أدوات؛ حتى لا نضطر لمعاودة البذل لتحصيلها، فيصبح الوقت المستغرق فيها مضاعفًا.
قاعدة التعاون: يمكننا توظيف قاعدة التعاون حين نعلم أننا سننجز بشكل أسرع وأفضل، وليس على حساب أوقاتنا وإتقاننا.
قاعدة الاستدراك: كثيرة هي المهام التي نعجز عن تأديتها في وقتها، ولكن معنا الوقت لاستدراكها، وبحسب أهميتها يمكننا تعجيل أو تأخير هذا الاستدراك.
قاعدة التوفيق: وهي أن نُوفِّق بين الأخذ والعطاء في نفس الوقت. مثلًا أن نعمل عملًا وفي نفس الوقت نتعلمه، أو أن نُحفّظ طفلًا القرآن ونحفظ معه في آن واحد.
قاعدة حسن الصحبة: وجود بعض الأصحاب في حياتنا مغنم، فيوفرون علينا عناء البحث عن معلومةٍ أو خبر، أو أداء بعض المهام، أو يكفي أن تذكرنا رؤيتهم بالله، فيتصلون حين يكون التحفيز للمسابقة في الخيرات وحسن الاقتداء والنظام، وبالمثل يجب أن نكون بدورنا.
قاعدة الحزم: حين نجد أنفسنا قد تأخرنا كثيرًا، كأن يُمضي المرء أسبوعًا دون قراءة للقرآن أو ذكر أو أي تقرب من الله، فليحزم أمره وليقطع كل ما بيديه ويقتطع بالقوة وقتًا لهذه العبادة؛ فيختلي بنفسه لأداء ما عليه من ديون. والاختلاء مهمٌ جدًا للإنجاز، كأن يبعد عن الضوضاء، ويغلق هاتفه، ويفتح مصحفه ويقرأ ما شاء الله حتى يسكن قلبه، ونستعين بقاعدة الحزم أيضًا في كل مرة لاحظنا تهاونًا في أداء عباداتنا، أو حتى واجباتنا الدنيوية.
قاعدة ما لايُدرَك كلُّه، لا يُترَكْ جُلُّه: وتسمح هذه القاعدة بتحصيل أعلى قدر من الخير بدل الخير كله، وتُناسِب هذه القاعدة المريض أو المبتلى أو كل شخص يعوقه عائق عن الأداء الأمثل له.
قاعدة الوفاء: يدخل في نشاطاتنا اليومية الكثير من تأدية الأمانات والوفاء بالعهود، فلا تأخذ على نفسك حمل أمانة أو عهد دون التأكد من أنك ستؤديه حق التأدية.
قاعدة ﴿لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها﴾: مشكلة الكثيرين منا أنهم يريدون كل شيء أو لا شيء، كمن يريد أن يحفظ القرآن كله في شهر!، وللأسف لا يضع في حسبانه طاقته البشرية أو ظروفه أو تحديات الحياة، لهذا وجب أن نقدم بحسب قدرتنا، ولا نكلف أنفسنا أكثر من قدرتها. وكذلك كل الأعمال التي نقوم بها، نقدرها بحسب قدراتنا وليس بحسب رغباتنا الحالمة!
قاعدة الآن وليس غدًا: الكثير من الأعمال يمكننا إنجازها دون تسويف، وكلما ترفعنا عن التسويف كلما كان معدل إنجازاتنا مرتفعًا، والأجدر بنا أن نطبق قاعدة: «لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد».
قاعدة المحاسبة قبل النوم: بعض الأعمال يمكننا استدراكها قبل النوم، مثل ذكر الله بالاستغفار والتسبيح والحمد، وهي قاعدة تسمح بالمحاسبة لكل أدائنا اليومي، ومعرفة درجة إتمامنا لحقوق وواجبات تقع على كاهلنا. وحين نبصر تقصيرًا ما نعزم على تعويضه في الغد المشرق بالمسابقة.
قاعدة العقاب: فلا بد من عقاب للنفس حين تقصر كثيرًا في أمر، فحين يكون هناك الكثير من الغيبة أو الذنوب المتراكمة في هذا الأسبوع يكون العقاب بتكثيف العمل الخيري؛ كإخراج الصدقات أو الاستغفار المضاعف والإحسان لمن أسأنا إليه، وإيقاف أي نوع من اللهو ليدخل العقاب الإيجابي في برنامجنا اليومي كأولوية.
قاعدة المواسم: لا يمكن أن نفرّط في موسم عظيم كرمضان أو كالعشر الأوائل من ذي الحجة أو في عمرة أو حج أو أي موسم نلمس فيه تميزًا في الأجر. كذلك يدخل فيها العطل والإجازات التي يفضل أن نُحسن استثمارها أحسن استثمار.
قاعدة حسن الاختيار: قد نضطر للاختيار بين أمرين ،كأن نُخيَّر بين وجهة ووجهات، أو عمل من بين الأعمال، فلا بد من اختيار الأفضل دومًا، من ناحية المكان والجدوى والفائدة.
ويدخل في هذه القاعدة البدء بإنجاز الأعمال والواجبات التي لا تستغرق وقتًا كثيرًا بشكل سريع قبل الاستغراق في إتمام أخرى تستوجب وقتًا أطول. وهذا هو فن سرعة الإنجاز بتمرير السريع السهل؛ حتى لا يحرمنا الطويل الصعب لذة الإنجاز.
قاعدة أفضل أداء: حتى لا نضطر لأن نعيد العمل ونستهلك مجددًا وقتًا آخر لإنجازه، نحاول قدر المستطاع تقديم أفضل أعمالنا بإتقان، ونختصر بذلك الكثير من التكرار وإعادة المحاولة.
قاعدة الاستثناءات: لكل قاعدة استثناءات، فقد يقطع سيلَ العمل مرضٌ أو وفاةُ قريب، وهناك حالات كرب أو نوازل أو حرب وقصف، يختلف فيها أداء المرء، ولا يشغل جدوله إلا الأولويات ثم الحدث الذي هو فيه.
قاعدة انتهاز الفرص: كثيرًا ما تصادفنا فرصة لعمل خير أو ارتقاء دون تخطيط مسبق؛ لذلك، وهذا من فضل الله علينا، فعلينا أن ننتهز الفرص ونركب أمواجها، فهي ثمينة، وبمثل الكنز لمن صادفها في حياته. وحين نسمع عن فرصة أداء عمرة أو الالتحاق بدورة مميزة لا نفوّتها كياسةً.
قاعدة المرونة: في التعامل مع الوقت، لا يجب أن يكون اتباع البرنامج بشكل ملزم إجباريّ مع بعض المهام، بل يمكن تحريك محطاته بمرونة خلال محور الزمن، لكن بالحفاظ على نفس الأهداف.
قاعدة استراحة المقاتل: لا يمكن لأي نفس بشرية أن تقدم أفضل ما لديها دون أن تحصل على محطات استراحة تأتي بشكل يسمح لها بالانطلاق أقوى مما كانت عليه. وهي المحطات التي تتوقف فيها الانشغالات الدنيوية، لكن لا تنفك تتمسك بجيد السماء المتين من ذكر وقرب ووصال، بما يسكن النفس ويقوّيها.
قاعدة تحصيل البركة: حتى نستشعر البركة في أعمالنا؛ لا بد أولًا من جعل النيّة صالحةً، فحتى الأعمال الدنيوية يمكن أن تكون النية فيها دخول المرء في مفهوم حديث (اليد العليا خير من اليد السفلى)، وفي كل عمل إن رافقه ذكر لله أو صدقة أو مساعدة لأحد ما، كتفريج كربة مسلم أو أداء دين عنه وغيره، ستنعكس تلقائيًا بركة في حياته.
كذلك صلاة القيام، فركعتان قبيل الفجر لهما من الأثر الكبير في باقي اليوم لمن جرّب هذه العبادة العظيمة. وفي صلاة الضحى بركة وقت وصحة!، وكل من التزم ورده للقرآن تحدث عن بركة في الوقت عجيبة. وهنا يظهر فضل الله سبحانه مع من يكّد في يومه، وليله قد جعل عمله الدنيوي وحركاته وسكناته عبادةً، وبين من يلهث كأنه آلة. ورغم إتقانه فن التنظيم، إلا أنه يفتقد للبركة ويشكو ضيق الوقت.
قاعدة الاستعانة بالله والدعاء: فلولا معونة الله لنا ما كنا لننجز أيّ إنجاز في حياتنا، ولن نتمكن من إيفاء برامجنا اليومية حقها من الأداء توقيتًا وإتقانًا. لهذا لا بد من قاعدة ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾ قاعدة طلب المعونة من الله سبحانه في كل أمر يستعصي علينا أو حتى يسهل.
ختامًا يمكننا اعتماد هذه القواعد، بعضها أو كلها، أو التنويع بينها لتحقيق أفضل استغلال للوقت. ولا بد أن يكون جدولنا اليومي جدول السعداء لا الأشقياء، من خلال أداء مهامه كعباد لله لا عباد للدنيا
﴿قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له بذلك أمرت وأنا أول المسلمين﴾.
وفقنا الله وإياكم لخير ما يرضى.
إدارة الوقت، تلك الثروة التي يجهل الكثيرون حقيقة وجودها، تُعد لبنة أساسيةً في بناء حصن عطاء المسلم وقوة تأثيره. وبالتأمل في سِيَر من سبق، ثم اجتهادات من لحق، نجد أن إدارة الوقت عندهم تعتمد على محورين رئيسيين:
الأول: البركة، التي نحن بأمس الحاجة لها.
الثاني: التنظيم، الذي يجعل من الوقت موائمًا لأهدافنا.
وحول هذين المحورين يكون العطاء الأمثل لهذه الثروة الأهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مَغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ»، فهو الغبن بعينه أن يمتلك المرء الوقت والصحة، أي المساحة والقدرة، ثم يضيعان منه هدرًا بلا مبالاة بدل أن يستثمرهما فيما فيه الخير والصلاح للمرء نفسه، ولمن حوله أو تحت رعايته.
سؤال مُلِح
ولكن السؤال الذي يطرحه المدركون لقيمة الوقت هو ما الخطة الأنسب للتوفيق بين الاجتهاد الديني والأعمال الدنيوية في عالمٍ مكتظٍّ بالهموم؟، وكيف نسطّر أفضل جدول، سواءً كان صاحبه مرتبطًا بدوام بعينه، أو كانت ربّة بيت تؤدي وظائف الأم والمربية، وفي ذات الوقت تحمل همّ العبادة والمسابقة لنيل المراتب العُلى، ويزداد الأمر صعوبة لديها حين تكون عاملة خارج البيت، وغالبًا ما يشتكي كل طرف من ضيق الوقت، وعدم القدرة على الموازنة بين المطلبين الدنيوي والأخروي، ويحاول بعضهم التفريق بين كلا المطلبين وجعل وقت محدد لهذا أو ذاك. في حين أن الجمع بينهما هو الأفضل والأكثر بركة.
ولنلخص الآن في نقاط أبرز القواعد التي يمكننا عن طريقها إتقان فن استغلال أوقاتنا أحسن ما يكون:
فقه الأولويات: ويشمل كل فرض وواجب له الأولوية في برنامجنا. والأساس فيه هو الصلاة، التي هي عماد الدين، وكل ما يشترك في هذه الأولويات، ولكنها تزيد وتتغير بحسب اهتمامات المرء ومسئولياته.
تجارة الوقت: ويدخل في هذا المعنى شراء الوقت وعدم الاستهانة بالدقائق والثواني، لا فقط الساعات والأيام. مثال على ذلك اختصار الطرق للوصول إلى عنوان نريده، أو الاستعانة بسيارة سريعة بدل حافلة بطيئة، أو دفع الفواتير عن طريق الإنترنت بدل التحرك لمراكز الدفع والوقوف في الطوابير، وغيرها من أساليب شراء الوقت.
التفويض: وهنا يتم التخلص من عبء بعض النشاطات بتفويض من نثق فيه ليتمّها ويوفّر علينا جزءًا من وقتنا، كتفويض من يتولى شراء الحاجيات من السوق، أو المساعدة في تنظيف البيت بحسب الحاجة لذلك.
جمع المهام معًا: أو اصطياد عدة عصافير بحجرٍ واحدٍ، ويدخل في هذا المعنى أن نجمع المهام التي يمكننا القيام بها كلها في آن واحد. فمثلًا أن تشتري أغراضًا، وتنجز مكالمة هاتفية، وتستغفر الله مئة مرة، وتتصدق بصدقة خفيّة، وتصل رحمًا؛ كل هذا يمكن أن تقوم به خلال جولة واحدة. وأكثر العبادات التي يمكننا أن نجمعها مع الأعمال الدنيوية الأخرى هي عبادة الذكر، وللأسف يحرم الكثيرون أنفسهم من فضلها. فالأم حين تقوم بمهام البيت يمكنها أن تذكر الله آلاف المرات، وكم من مرة يمكن للراكب في طريقه والعامل في عمله والطالب في جامعته أن يردد “سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله”.
قاعدة الإقصاء: وفيها يدخل مفهوم تنحية الأمور التي تشغل وقتنا بلا فائدة، سواء بشكل مؤقت أو نهائيّ.
قاعدة التنويع: النفس البشرية مجبولة على حبّ التنويع وتمل بسرعة من “الروتين”، وعلى المرء أن يحسن تنويع اهتماماته، وفي بعض المرات نضطر لأن نفاضل بين برامجنا، تمامًا مثلما تُشعِرنا ألوان المعروف لذة في العطاء. فاليوم صدقة، وغدًا صلاة وقيام، وبعده مساعدة، وربما كفالة يتيم، أو صناعة تطوع، وتلك الأيام نتسابق فيها لنيل الأجر الكبير.
قاعدة الإلمام بالأهمّ: الظروف التي تمر بها الأمة الإسلامية تفرض على كل منا متابعة يومية لأحداثها والمساهمة في نهوضها، ولعل كتاب الشيخ إبراهيم السكران “الماجريات” يفيد أكثر في هذا الأمر.
قاعدة الاقتصاد: كل ما يمكننا تأجيله أو التخفيف منه في سبيل إيجاد متسع لما هو أهم يدخل في باب الاقتصاد، وتدخل فيه أيضًا المحافظة على ما لدينا من أدوات؛ حتى لا نضطر لمعاودة البذل لتحصيلها، فيصبح الوقت المستغرق فيها مضاعفًا.
قاعدة التعاون: يمكننا توظيف قاعدة التعاون حين نعلم أننا سننجز بشكل أسرع وأفضل، وليس على حساب أوقاتنا وإتقاننا.
قاعدة الاستدراك: كثيرة هي المهام التي نعجز عن تأديتها في وقتها، ولكن معنا الوقت لاستدراكها، وبحسب أهميتها يمكننا تعجيل أو تأخير هذا الاستدراك.
قاعدة التوفيق: وهي أن نُوفِّق بين الأخذ والعطاء في نفس الوقت. مثلًا أن نعمل عملًا وفي نفس الوقت نتعلمه، أو أن نُحفّظ طفلًا القرآن ونحفظ معه في آن واحد.
قاعدة حسن الصحبة: وجود بعض الأصحاب في حياتنا مغنم، فيوفرون علينا عناء البحث عن معلومةٍ أو خبر، أو أداء بعض المهام، أو يكفي أن تذكرنا رؤيتهم بالله، فيتصلون حين يكون التحفيز للمسابقة في الخيرات وحسن الاقتداء والنظام، وبالمثل يجب أن نكون بدورنا.
قاعدة الحزم: حين نجد أنفسنا قد تأخرنا كثيرًا، كأن يُمضي المرء أسبوعًا دون قراءة للقرآن أو ذكر أو أي تقرب من الله، فليحزم أمره وليقطع كل ما بيديه ويقتطع بالقوة وقتًا لهذه العبادة؛ فيختلي بنفسه لأداء ما عليه من ديون. والاختلاء مهمٌ جدًا للإنجاز، كأن يبعد عن الضوضاء، ويغلق هاتفه، ويفتح مصحفه ويقرأ ما شاء الله حتى يسكن قلبه، ونستعين بقاعدة الحزم أيضًا في كل مرة لاحظنا تهاونًا في أداء عباداتنا، أو حتى واجباتنا الدنيوية.
قاعدة ما لايُدرَك كلُّه، لا يُترَكْ جُلُّه: وتسمح هذه القاعدة بتحصيل أعلى قدر من الخير بدل الخير كله، وتُناسِب هذه القاعدة المريض أو المبتلى أو كل شخص يعوقه عائق عن الأداء الأمثل له.
قاعدة الوفاء: يدخل في نشاطاتنا اليومية الكثير من تأدية الأمانات والوفاء بالعهود، فلا تأخذ على نفسك حمل أمانة أو عهد دون التأكد من أنك ستؤديه حق التأدية.
قاعدة ﴿لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها﴾: مشكلة الكثيرين منا أنهم يريدون كل شيء أو لا شيء، كمن يريد أن يحفظ القرآن كله في شهر!، وللأسف لا يضع في حسبانه طاقته البشرية أو ظروفه أو تحديات الحياة، لهذا وجب أن نقدم بحسب قدرتنا، ولا نكلف أنفسنا أكثر من قدرتها. وكذلك كل الأعمال التي نقوم بها، نقدرها بحسب قدراتنا وليس بحسب رغباتنا الحالمة!
قاعدة الآن وليس غدًا: الكثير من الأعمال يمكننا إنجازها دون تسويف، وكلما ترفعنا عن التسويف كلما كان معدل إنجازاتنا مرتفعًا، والأجدر بنا أن نطبق قاعدة: «لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد».
قاعدة المحاسبة قبل النوم: بعض الأعمال يمكننا استدراكها قبل النوم، مثل ذكر الله بالاستغفار والتسبيح والحمد، وهي قاعدة تسمح بالمحاسبة لكل أدائنا اليومي، ومعرفة درجة إتمامنا لحقوق وواجبات تقع على كاهلنا. وحين نبصر تقصيرًا ما نعزم على تعويضه في الغد المشرق بالمسابقة.
قاعدة العقاب: فلا بد من عقاب للنفس حين تقصر كثيرًا في أمر، فحين يكون هناك الكثير من الغيبة أو الذنوب المتراكمة في هذا الأسبوع يكون العقاب بتكثيف العمل الخيري؛ كإخراج الصدقات أو الاستغفار المضاعف والإحسان لمن أسأنا إليه، وإيقاف أي نوع من اللهو ليدخل العقاب الإيجابي في برنامجنا اليومي كأولوية.
قاعدة المواسم: لا يمكن أن نفرّط في موسم عظيم كرمضان أو كالعشر الأوائل من ذي الحجة أو في عمرة أو حج أو أي موسم نلمس فيه تميزًا في الأجر. كذلك يدخل فيها العطل والإجازات التي يفضل أن نُحسن استثمارها أحسن استثمار.
قاعدة حسن الاختيار: قد نضطر للاختيار بين أمرين ،كأن نُخيَّر بين وجهة ووجهات، أو عمل من بين الأعمال، فلا بد من اختيار الأفضل دومًا، من ناحية المكان والجدوى والفائدة.
ويدخل في هذه القاعدة البدء بإنجاز الأعمال والواجبات التي لا تستغرق وقتًا كثيرًا بشكل سريع قبل الاستغراق في إتمام أخرى تستوجب وقتًا أطول. وهذا هو فن سرعة الإنجاز بتمرير السريع السهل؛ حتى لا يحرمنا الطويل الصعب لذة الإنجاز.
قاعدة أفضل أداء: حتى لا نضطر لأن نعيد العمل ونستهلك مجددًا وقتًا آخر لإنجازه، نحاول قدر المستطاع تقديم أفضل أعمالنا بإتقان، ونختصر بذلك الكثير من التكرار وإعادة المحاولة.
قاعدة الاستثناءات: لكل قاعدة استثناءات، فقد يقطع سيلَ العمل مرضٌ أو وفاةُ قريب، وهناك حالات كرب أو نوازل أو حرب وقصف، يختلف فيها أداء المرء، ولا يشغل جدوله إلا الأولويات ثم الحدث الذي هو فيه.
قاعدة انتهاز الفرص: كثيرًا ما تصادفنا فرصة لعمل خير أو ارتقاء دون تخطيط مسبق؛ لذلك، وهذا من فضل الله علينا، فعلينا أن ننتهز الفرص ونركب أمواجها، فهي ثمينة، وبمثل الكنز لمن صادفها في حياته. وحين نسمع عن فرصة أداء عمرة أو الالتحاق بدورة مميزة لا نفوّتها كياسةً.
قاعدة المرونة: في التعامل مع الوقت، لا يجب أن يكون اتباع البرنامج بشكل ملزم إجباريّ مع بعض المهام، بل يمكن تحريك محطاته بمرونة خلال محور الزمن، لكن بالحفاظ على نفس الأهداف.
قاعدة استراحة المقاتل: لا يمكن لأي نفس بشرية أن تقدم أفضل ما لديها دون أن تحصل على محطات استراحة تأتي بشكل يسمح لها بالانطلاق أقوى مما كانت عليه. وهي المحطات التي تتوقف فيها الانشغالات الدنيوية، لكن لا تنفك تتمسك بجيد السماء المتين من ذكر وقرب ووصال، بما يسكن النفس ويقوّيها.
قاعدة تحصيل البركة: حتى نستشعر البركة في أعمالنا؛ لا بد أولًا من جعل النيّة صالحةً، فحتى الأعمال الدنيوية يمكن أن تكون النية فيها دخول المرء في مفهوم حديث (اليد العليا خير من اليد السفلى)، وفي كل عمل إن رافقه ذكر لله أو صدقة أو مساعدة لأحد ما، كتفريج كربة مسلم أو أداء دين عنه وغيره، ستنعكس تلقائيًا بركة في حياته.
كذلك صلاة القيام، فركعتان قبيل الفجر لهما من الأثر الكبير في باقي اليوم لمن جرّب هذه العبادة العظيمة. وفي صلاة الضحى بركة وقت وصحة!، وكل من التزم ورده للقرآن تحدث عن بركة في الوقت عجيبة. وهنا يظهر فضل الله سبحانه مع من يكّد في يومه، وليله قد جعل عمله الدنيوي وحركاته وسكناته عبادةً، وبين من يلهث كأنه آلة. ورغم إتقانه فن التنظيم، إلا أنه يفتقد للبركة ويشكو ضيق الوقت.
قاعدة الاستعانة بالله والدعاء: فلولا معونة الله لنا ما كنا لننجز أيّ إنجاز في حياتنا، ولن نتمكن من إيفاء برامجنا اليومية حقها من الأداء توقيتًا وإتقانًا. لهذا لا بد من قاعدة ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾ قاعدة طلب المعونة من الله سبحانه في كل أمر يستعصي علينا أو حتى يسهل.
ختامًا يمكننا اعتماد هذه القواعد، بعضها أو كلها، أو التنويع بينها لتحقيق أفضل استغلال للوقت. ولا بد أن يكون جدولنا اليومي جدول السعداء لا الأشقياء، من خلال أداء مهامه كعباد لله لا عباد للدنيا
﴿قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له بذلك أمرت وأنا أول المسلمين﴾.
وفقنا الله وإياكم لخير ما يرضى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق