الأحد، 24 نوفمبر 2019

ضعفت همة البدايات… كيف نجدد عهدنا مع الطريق إلى الله؟

 ضعفت همة البدايات… 
كيف نجدد عهدنا مع الطريق إلى الله؟

 - 14 نوفمبر، 2018
عوّدتنا على الصمت والحياد السلبيّ و”مسالمة” جميع الخصوم، تلك هي سلطنة عُمان، التي لا تظهر في شريط الأخبار اليومي إلاّ ما ندَر، ومع ذلك كان الحدثُ العظيم والمصابُ الجلل، مع زيارة رئيس الوزراء الصهيوني “بنيامين نتنياهو” وزوجته وفريقٍ من إدارته للعاصمة العُمانية “مسقط” يدفع لكشف المزيد وتلبية الفضول حول ما تخفيه عُمان خلف هذه الزيارة وهو ما لخّصه الشيخ سفر الحوالي في كتابه “المسلمون والثقافة الغربية” بذاكرة مثقلة بالمعرفة والتأمل والمتابعة كشفت عن حقائق ستكون صادمة للكثيرين ممن يجهلون واقع السلطنة.

ولا شك أن هذه الزيارة من شخصيةٍ عفنةٍ صهيونيةٍ كشخصية نتنياهو ترافقه شخصياتٌ صهيونيةٌ أخرى لا تقِل نتانةً، كرئيس الموساد “يوسي كوهين”، ومستشار رئيس الوزراء لشؤون الأمن القومي، ورئيس هيئة الأمن القومي “مائير بن شبات” ستثير غضب الجماهير المسلمة بل وتدفع بجملة من الأسئلة حول موقع عُمان من الإعراب في مشهد الصراع وقضية فلسطين، وتطالب بتفسيراتٍ حاسمةٍ لسياساتها المريبة تحت ستار الصمت ثم فعلها الشّنيع باتجاه التّطبيع العلني الذي عكسته لقطات الترحيب الفاخر من “قابوس بن سعيد” بعصابة الصهاينة، وحرصِه على حسن ضيافتهم وإقامتهم، ثم خروجهم مسرورين تظهر في أعينهم المكيدة والمكر الذي يحمله عرقهم المغضوب عليه منذ الأزل. في وقت كانت تُقصف فيه غزة ويُسفك الدم الفلسطيني المسلم بصواريخ أمريكية وطعنات التطبيع العربية في أماكن أخرى.

ويجدر الذّكر أن زيارة نتنياهو تُعدّ الثالثة من مسئولٍ صهيونيٍّ يزور عُمان، حيث سبقه في زيارتها رئيس وزراء الكيان الصهيوني الهالك “شمعون بيريس” عام 1996م وخلفه الهالك “إسحق رابين” عام 1994م.

تكبير العدسة على مشهد زيارة الصهاينة



بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية فإن زيارة نتنياهو وفريقه الصهيوني لسلطنة عُمان جاءت ثمرة مفاوضات استمرت أربعة أشهر، على أمل أن تؤدي هذه الزيارة إلى عودة نوع من التمثيل الدبلوماسي بين البلدين [1]. وقد وصف أحد المسؤولين الصهاينة عُمان بأنها “دولة تظهر للغرب وجها ليبراليا وحديثا نسبيا في الخليج، ومتوافقا مع سياسات إدارة الولايات المتحدة” [2].

ولعل هذا الوصف يُفسر تعليق وزير الخارجية العُماني يوسف بن علوي بن عبد الله، عقب زيارة نتنياهو حين قال:
نحن لسنا حقيقةً وسطاء إطلاقًا، سيبقى في رأينا الدور الأمريكي هو الدور الرئيسي في مساعدة الطرفين ومساعدة دول المنطقة المحاذية لها في التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين والجميع، ويعطي المنطقة فرصة من الراحة بدل الخلافات والصراعات الموجودة، إنما نحن نقدم ما نسميه التيسير. [3]
وإن كان هذا التعليق يكشف عن درجة الثقة التي توليها سلطنة عُمان بإدارة ترامب التي ما فتِئت تُضيّق الخناق على القضية الفلسطينية وتسعى لتصفيتها بكل صفاقة ممكنة، فإن التعليق الذي كشفت عنه وثائق ويكيليكس المنشورة عام 2011 ، والذي تضمّن تصريح قابوس بنفسه، الذي يعرب فيه عن ثقته في التواجد الأمريكي في بلاده قائلًا:
لا بد لي من القول بأنه طالما أن الولايات المتحدة في الأفق، ليس لدينا ما نخشاه. [4]


فإن هذا التصريح يعتبر اعترافا صريحًا بثقة عُمان بالأمريكيين وبالتالي اتفاقها والسياسات الأمريكية المنحازة للكيان الصهيوني في المنطقة.

ثم بعد مثل هذه التصريحات نستطيع أن نفهم السرّ خلف تعليقات صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية التي تؤكد بأن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” بدأ ينظر لعُمان على أنها الشريك الفريد الذي يُمكنه من إعادة ترتيب سياسات الشرق الأوسط على خلاف الرياض، كما سبق لمسقط أن توسطت لدى إيران من أجل إطلاق سراح ثلاثة رحالة أمريكيين اتهمتهم إيران بالتجسس [5].
الباب الخلفي
وفي الواقع فقد أتقن قابوس فنّ الانحياز للجميع لا المحايدة. برغم تضاد الأطراف التي ينحاز إليها. وهذا ما يفسر حفاظ مسقط لعلاقات مع إيران وحزب الله ونظام بشار والحوثي وقطر في نفس الوقت حفاظها على علاقات مع الرياض وأبوظبي وواشنطن والكيان الصهيوني. وهو ما يكسب السلطنة وظيفة “الباب الخلفي” الذي تمرر من خلاله الصفقات والاتفاقيات بعيدا عن أنظار الجماهير.

ملامح الاتفاق على صفقة القرن

لا يختلف المتابعون لتطورات المنطقة في أن تحركات الكيان الصهيوني الأخيرة تأتي جميعًا لتمهيد الطريق أمام ما يسمى “صفقة القرن” لتصفية وليس لتسوية القضية الفلسطينية، وتبدو هذه الزيارة لمسقط أحد المراحل الساعية لهذا المشروع القذِر ـ الذي سيبيع أرض الإسراء والمعراج بثمن بخس، وبسياسة الترهيب والترغيب مع دول الجوار والخليج العربي.

فما لبث أن خرج نتنياهو من مسقط حتى رجع إليها وزير المواصلات والاستخبارات الصهيوني “يسرائيل كاتس” للمشاركة في مؤتمر دولي للمواصلات، وذلك لعرض خطته التي تحمل اسم ما يُسمى “سكك حديدية للسلام” التي من المقرر أن تربط دول الخليج بالبحر الأبيض المتوسط من خلال الكيان الصهيوني، ويكون الأردن محورها. وهي تماما أحد بنود “صفقة القرن” البائسة.

وهذا ما أكده تصريح لـ “جايسون غرينبلات” مبعوث ترامب للشرق الأوسط، حيث قال أن:
وزير الاستخبارات والمواصلات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في زيارة إلى سلطنة عُمان لحضور لقاء دولي. وسوف يقدم خطة لبناء خط سكة حديد بين إسرائيل والأردن والسعودية والخليج. دعونا نواصل الحوار. هذه الجهود تدعم جهودنا. [6]
وحتى ندرك درجة الرضا التي وصل إليها نتنياهو بعد زيارته لمسقط، لنتأمل تغريدة له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، تويتر، مباشرة بعد عودته من ضيافة قابوس، حيث قال:
في لقائي المطول مع السلطان بحثنا بشكل موسع التحديات التي يواجهها الشرق الأوسط. كانت هذه محادثات هامة لدولة إسرائيل ولأمنها. ستكون هناك المزيد من هذه المحادثات.




عدت يوم الجمعة من زيارة دبلوماسية تاريخية إلى سلطنة حيث التقيت الزعيم العماني السلطان بن سعيد. إنه زعيم صاحب خبرة طويلة ومبهر جدا. هذه هي الزيارة الأولى لإسرائيل في عُمان منذ 22 عاما وهي تأتي على خلفية جهود دبلوماسية بذلتها خلال السنوات الأخيرة إزاء الدول العربية.
وكذلك تغريداته الأخرى بشأن هذه الزيارة.

تصريحات جريئة وتطبيع

أما من جانب عُمان فقد وفّرت علينا تصريحات وزير خارجيتها الوقت والمسافة لتبيان نوايا القوم، حيث قال بن علي وبكل صراحة وتطبيع:
إسرائيل دولة موجودة بالمنطقة ونحن جميعًا ندرك هذا.. والعالم أيضا يدرك هذه الحقيقة وربما حان الوقت لمعاملة إسرائيل بالمثل وتحمّلها نفس الالتزامات. [7]
وأضاف بكل وقاحة في إطار التصريح بموافقة مسقط على “صفقة القرن” البائسة:
نشعر بتفاؤل شديد حيال هذا الاقتراح لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. سيكون الحل مفيدًا للإسرائيليين والفلسطينيين على حدٍّ سواء.
ولينهي التصريحات الخائنة بقوله:
التاريخ يقول إن التوراة رأت النور في الشرق الأوسط واليهود كانوا يعيشون في هذه المنطقة من العالم”. [8]
وبهذا لم يعد هناك من شك في أن مسقط قد مضت في طريق التطبيع لصالح الكيان الصهيوني بشكل علني صفيق، خاصة بعد تصريحات بن علوي الذي قال:
لا نقول إن الطريق سهل الآن ومفروش بالورود، لكن أولويتنا وضع نهاية للصراع والمضي نحو عالم جديد”، “وإنّ مسقط تعتمد على الولايات المتحدة ومساعي رئيسها دونالد ترامب في العمل في اتجاه (صفقة القرن).
ولابد أن يكون أول مرحّب بهذا التطبيع وهذه الخيانة هو المارد الأمريكي، ولذلك احتفت تصريحات جيسون جرينبلات، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، في تغريدات على “تويتر” بهذا التطبيع العلني، قال فيها أنه يرحب بـ”العلاقات المتقاربة والتعاون المتنامي بين أصدقائنا الإقليميين”، وموضّحًا بأن: “هذه خطوة مفيدة لجهودنا نحو السلام، وضرورية لتوفير مناخ من الاستقرار والأمن والازدهار بين الإسرائيليين والفلسطينيين وجيرانهم. أتطلع إلى اجتماعات أخرى مثل هذا”. [9] وبعد الزيارة الفاضحة، بدأت صحف الكيان الصهيوني تُسلّط الضوء على عُمان وتثمّن تاريخ العلاقات بين السلطنة والكيان الصهيوني. حيث قال “عاموس هارئيل” المحلل العسكري الإسرائيلي في صحيفة “هآرتس” الصهيونية: “العُمانيين يقيمون منذ عشرات السنين علاقات أمنية واقتصادية مع إسرائيل”، و أن ” سلطنة عُمان كانت وافقت على علاقات علنية في الفترة التي تبعت توقيع اتفاقيات أوسلو التي كان ينظر إليها حينها كفرصة للتوصل إلى سلام”. [10]

ماذا خلف هذا التطبيع؟

وبعد هذا السرد الوافي لتفاصيل الخيانة والتطبيع من قبل سلطنة قابوس مع الصهاينة، دعونا نقف مع فقرات بعينها استوقفتني في كتاب “المسلمون والحضارة الغربية” الذي كتبه الشيخ سفر الحوالي حين تناول الحديث عن عُمان بشكل خاص، تخفف من وطأة الصدمة وتبدد ضبابية الفهم والاستيعاب لموقف دولة محسوبة على العالم الإسلامي.
يقول الشيخ في وصف عُمان:
هي دولة يغلب عليها الفقر وفيها مناخ متنوع وأهلها شبيهون بأهل اليمن وفيها شيوعيون وملاحدة، وهي تساعد الحوثيين وهي عضو في مجلس التعاون الخليجي، وكانت تحكم أجزاء من شرق إفريقيا، وسلطنة عُمان تاريخيا لا تؤمن بما يسمى القومية العربية، ولها تاريخ حافل بالولاء لفرنسا، وقد أذنت للفرنسيين قديما بإنشاء مخازن للفحم فيها، وهم اليوم مع إيران والحوثيين وبشار. [11]
بكل هذه التناقضات وصف الشيخ سفر عُمان، ليعطينا فكرة مثيرة للاهتمام حول تركيبة هذه البلاد المحسوبة على أهل السنة في العالم.

شذوذ عقائدي

مع أن الشيخ سفر الحوالي أشار إلى أن في عُمان نسبة كبيرة من أهل السنة، تتوزع بين عدة قبائل منهم بنو تميم وبنو كعب وهم ليسوا قلّة. وأن التاريخ الانجليزي يحتفظ بهزيمة منكِرة للجيش الانجليزي على يد قريبة بني بو علي العُمانية. إلا أنه أكد بشدة على الشذوذ العقائدي والسياسي الذي تعاني السلطنة منهما:
فأما شذوذها العقائدي فهي الدولة الخارجية الوحيدة، وهي أيضا الدولة الوحيدة التي تنشر المذهب الأباضي الخارجي بين المسلمين، وهي ليست على مذهب الخوارج الغلاة كالأزارقة والنجدات ولكن عبد الله بن أباض التميمي مؤسس الأباضية، يؤيد الخوارج الغلاة.
وأضاف الشيخ:
كما أن الإباضية يسمون أنفسهم (جماعة المسلمين) أما دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فيسمونها “الفتنة الوهابية”، وقد عادوا من اتبع الدعوة كالشيخ صقر القاسمي ولا يزالون حتى اليوم يعادون المدرسين السعوديين الذين يذهبون إلى عُمان وينبزونهم بالوهابية.

شذوذ سياسي

أما عن الشذوذات السياسية القديمة والحديثة بحسب تعبير الشيخ سفر، فعُمان هي الدولة العربية الوحيدة التي لم توقع على ميثاق جامعة الدول العربية، ولم تدخل عضوًا فيها إلا بعد سنين من تأسيسها، كما أنها الدولة العربية الوحيدة التي أيّدت العدوان الثلاثي على مصر، وهي الدولة العربية الوحيدة أيضا التي اعترفت بزيارة السادات للقدس وتوقيعه لمعاهدة “كامب ديفيد “ذلك الحين، وهي الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تدخل في التحالف العربي لحرب الحوثيين بل لها علاقات تاريخية وطيدة بإيران (يقصد في بداية إعلانه وانطلاقته)، ولا تزال الشاحنات العُمانية تنقل السلاح برا إلى الحوثيين، ومن العجب أن يجتمع من يكفِّر علياً مع من يعبده في موقف سياسي واحد! ويتفقان في حرب ما يسميانه “الوهابية”.
وقد أراد لها الاستعمار أن تكون مخلب قط له في المنطقة، ولا تزال تقوم له بالوساطة بين إيران وأمريكا.

ومن شذوذها أيضا أن وزير خارجتها بن علوي زار بشار علانية وأيّد ما سمّاه الديموقراطية السورية ، وبذلك وقف ضد السعودية. ومع حجم المواقف المعادية للسعودية والإمارات ودول الخليج وانحيازها للمحور الإيراني الرافضي النصيري الحوثي ضد أهل السنة، إلا أن عُمان عضو في مجلس التعاون الخليجي.

وقفة تستحق النظر

ولعل من أكثر تعليقات الشيخ سفر لفتًا للانتباه، مقارنته بين تنظيم “الدولة الإسلامية” وسلطنة عُمان، حيث قال:
وعلى كل حال فإن اعتبار تنظيم الدولة خارجياً واعتبار سلطنة عُمان دولة صديقة تناقضٌ واضح، إذ هما يشتركان في العقيدة المتّهم بها، بل إن سلطنة عُمان أخطر من جهة أن لها وزارة خاصة تنشر الفكر الخارجي في كل دولة تشاء، والواجب هو ترتيب العداوة الترتيب الشرعي بحسب العقيدة.
وأضاف:
وإذا كانت عداوة داعش مشروعة، فعداوة سلطنة عُمان كذلك، إذ كلاهما على مذهب واحد، فكيف يصح محاربة أحدهما دون الآخر وكيف نحارب من ينفي أنه خارجي ونوالي من يقول بلسانه إنه إباضي؟!
لم يتوقف الشيخ عند هذا القياس بل ذهب إلى أبعد من ذلك فقال:
والخوارج أولى من الحوثيين بالعدواة وفقا للمعايير الشرعية، فالخوارج أشد غلوًا من الزيدية، نعم ليست عُمان مثل الأزارقة أو النجدات، لكنها أباضية تعتقد أن من لم يكن أباضيًا فهو كافر كفر نعمة، وليس كفر النعمة بالأمر الهين بل هو كبيرة صاحبها متوعد بالنار، قال تعالى: (ألم ترى إلى الذين بدّلوا نعمة الله كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار) [إبراهيم: 28].
وخلص الشيخ إلى القول أنّ:
الموقف من عُمان لا يصح لا عقيدة ولا سياسة. فسلطنة عُمان الإباضية تعاونت مع إيران الشيعية، وأقامت معها مناورات ورضيت أن تكون وسيطا علنيا للمباحثات بين أمريكا وإيران ولإمدادات إيران للحوثيين، بل إن الشاحنات العُمانية نفسها تحمل السلاح من عُمان إلى الحوثيين، لاسيما عبر طريق الغظية، وإذا حكمنا على دولة وطائفة بأنها من الخوارج، فالصحيح هو الإفادة مما فعله المهلب بن أبي صفرة معهم من المطاولة والمصابرة أملا في انشقاقهم إذ هذا هو النهاية الحتمية لكل الغلاة، وهكذا التعامل مع من كان دينه التبديع والتضليل والإخراج من السنة.
ومن يتأمل هذه الشذوذات التي سلط عليها الشيخ سفر الضوء يخفّ لديه الاستغراب من زيارة الصهاينة واستقبال قابوس لهم بحفاوة وكرم مع العلم أن الخوارج الأقحاح لم يكانوا يوالون اليهود والنصارى ولكنه عصر جديد بنكهة نفاق عالمي.

قابوس: غموضٌ وتطبيع
ولعل من أكثر تعليقات الشيخ سفر لفتًا للانتباه، مقارنته بين تنظيم “الدولة الإسلامية” وسلطنة عُمان، حيث قال:

وعلى كل حال فإن اعتبار تنظيم الدولة خارجياً واعتبار سلطنة عُمان دولة صديقة تناقضٌ واضح، إذ هما يشتركان في العقيدة المتّهم بها، بل إن سلطنة عُمان أخطر من جهة أن لها وزارة خاصة تنشر الفكر الخارجي في كل دولة تشاء، والواجب هو ترتيب العداوة الترتيب الشرعي بحسب العقيدة.
وأضاف:
وإذا كانت عداوة داعش مشروعة، فعداوة سلطنة عُمان كذلك، إذ كلاهما على مذهب واحد، فكيف يصح محاربة أحدهما دون الآخر وكيف نحارب من ينفي أنه خارجي ونوالي من يقول بلسانه إنه إباضي؟!
لم يتوقف الشيخ عند هذا القياس بل ذهب إلى أبعد من ذلك فقال:
والخوارج أولى من الحوثيين بالعدواة وفقا للمعايير الشرعية، فالخوارج أشد غلوًا من الزيدية، نعم ليست عُمان مثل الأزارقة أو النجدات، لكنها أباضية تعتقد أن من لم يكن أباضيًا فهو كافر كفر نعمة، وليس كفر النعمة بالأمر الهين بل هو كبيرة صاحبها متوعد بالنار، قال تعالى: (ألم ترى إلى الذين بدّلوا نعمة الله كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار) [إبراهيم: 28].
وخلص الشيخ إلى القول أنّ:
الموقف من عُمان لا يصح لا عقيدة ولا سياسة. فسلطنة عُمان الإباضية تعاونت مع إيران الشيعية، وأقامت معها مناورات ورضيت أن تكون وسيطا علنيا للمباحثات بين أمريكا وإيران ولإمدادات إيران للحوثيين، بل إن الشاحنات العُمانية نفسها تحمل السلاح من عُمان إلى الحوثيين، لاسيما عبر طريق الغظية، وإذا حكمنا على دولة وطائفة بأنها من الخوارج، فالصحيح هو الإفادة مما فعله المهلب بن أبي صفرة معهم من المطاولة والمصابرة أملا في انشقاقهم إذ هذا هو النهاية الحتمية لكل الغلاة، وهكذا التعامل مع من كان دينه التبديع والتضليل والإخراج من السنة.
ومن يتأمل هذه الشذوذات التي سلط عليها الشيخ سفر الضوء يخفّ لديه الاستغراب من زيارة الصهاينة واستقبال قابوس لهم بحفاوة وكرم مع العلم أن الخوارج الأقحاح لم يكانوا يوالون اليهود والنصارى ولكنه عصر جديد بنكهة نفاق عالمي.

قابوس: غموضٌ وتطبيع

ويذكر أن قابوس أقدم حاكم في المنطقة والبالغ من العمر 76 عاما والذي يعيش وحيدا بلا زوجة أو وريث ويحكم سلطنة عُمان بعد الانقلاب الذي حلّ بوالده واستلم هو من بعده الحكم، أصبح يمثل طرفًا مضمونًا في ما يسمى “صفقة القرن” رغم بُعد عُمان الجغرافي عن ديار بيت المقدس، إلا أن حجم التطبيع الذي أظهره قابوس وحجم الصفاقة التي كشفتها تصريحات وزير خارجيته، تُنذر بمرحلة حالكة ستمر بها القضية الفلسطينية والشعوب المسلمة لم يظهر بعد كم ستدوم!

وإلى حين يتبين لنا ما تخفيه خيوط التطبيع العلني من أنظمة عميلة، يبقى ما ذكرته مجلة فورين بوليسي” أن : “سلطنة عُمان اشترت التأمين الإسرائيلي لضمان مستقبل الحكم” يعكس حقيقة السياسة التي تمّ بها شراء الذمم لتمرير صفقة القرن البائسة.

وإن كانت هذه الحقائق صادمة للكثيرين فلابد أن ندرك أن إعلان الحكومات التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني لم يعد صادمًا، بل الصدمة كل الصدمة أن تقف الشعوب في مقاعد المتفرجين وتسمح بتمرير مثل هذه الخيانات والصفقات على حساب دماء الفلسطيين على أيدي أنجس البشر وكما تدين تُدان.
المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق