المقاومة الإسلامية في فلسطين وخمسة اعتذارات واجبة لها!
المقاومة الإسلامية في فلسطين وخمسة اعتذارات واجبة لها!
المقاومة الإسلامية في فلسطين عمومًا، وفي غزة خصوصًا، أصبحت تاج رأس الأمة، ومصدر فخرها وعزتها الوحيد في تاريخ الذل والعار والصغار، وكم أخطأت الأمة الإسلامية في حقها، بالكلام والفعل، فوجبت لها من الأمة الآن - في ظل معركتها التاريخية اليوم، معركة طوفان الأقصى - خمسة اعتذارات كبرى.
أولًا/ اعتذار عن الخذلان وعدم النصرة:
فإن الأمة العربية والإسلامية كلها آثمة، عندما تقف هذا الموقف المخزي من قضية القضايا (قضية فلسطين والمسجد الأقصى) ولا تمد المقاومة هناك بكل ما تحتاجه من المال والسلاح، بعد ما لم تمدها بالجيوش والرجال.
ولا يقولنَّ قائل: إن الأنظمة الحاكمة تستنكر وتشجب، فإن هذا الاستنكار وهذا الشجب لهو أخزى الخزي وأكثر أوجه العار عارًا، فكما قال الشاعر يومًا:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا :: مضر كوضع السيف في موضع الندى
فإننا نقول اليوم:
ووضع الكلام في موضع السيف بالعلا :: مُضرٌّ كوضع السيف في موضع الكلام
(نعتذر بالتأكيد عن عدم ضبط الوزن فيه)
الأمة العربية والإسلامية كلها آثمة، عندما تقف هذا الموقف المخزي من قضية القضايا (قضية فلسطين والمسجد الأقصى) ولا تمد المقاومة هناك بكل ما تحتاجه من المال والسلاح، بعد ما لم تمدها بالجيوش والرجال
وإن الصورة التي شاهدناها يوم أن انعقد مؤتمر السلام في القاهرة، وقد كانت شاشة التلفاز مقسومة نصفين، نصفٌ للمتحدثين في المؤتمر، يشجبون ويستنكرون، ونصفٌ للقصف الإسرائيلي على رؤوس العزل في غزة، والبث المباشر لكلا المشهدين قائم في ذات اللحظة، وقد مثل ذلك أبأس صورة معبرة عن واقعنا العربي والإسلامي المعاصر.
وإن ما في الصورة من بؤس لم يتوقف عند هذا الحد، بل ووصل إلى أن لم يتفق المؤتمرون على إدانة إسرائيل واستنكار ظلمها وجبروتها، بل واستنكر بعضهم المقاومة الفلسطينية، ورموها بالإرهاب.
وقد كان ذلك من عماية وجهل الداعين للمؤتمر، الذين دعوا الأوروبيين والأمريكان، أولئك الذين تغلغلت الصهيونية في تركيبهم العقدي والسياسي، حتى أصبحوا صهاينة أكثر من اليهود أنفسهم، ولعله لا يكون من العماية والجهالة، ويكون عن علم وقصد!
ثانيًا/ اعتذار عن التطبيع مع إسرائيل:
لم تكتف الأمة العربية والإسلامية بخذلان المقاومة الفلسطينية، وعدم إمدادها بالمال والسلاح، بل وبالغت في خذلانها هذا، بأن سارعت آحادًا وجماعاتٍ إلى التطبيع مع العدو الصهيوني، وإقامة علاقات سياسية ودبلوماسية كاملة.
وقد كنا نعيب في الماضي على الأنظمة التي بدأت بالمناداة بالسلام مع إسرائيل، مع أنها كانت تنادي بالسلام مع إعطاء الحقوق الفلسطينية كاملة لأهل فلسطين.
أما اليوم فقد ابتلينا بأنظمة تُطبِّعُ مع إسرائيل، ولا تضع في اعتبارها الحقوق الفلسطينية البتة، بل وتوالي الصهاينة الإسرائيليين، وتسميهم بالأصدقاء والحلفاء، وتعادي المقاومة الإسلامية في فلسطين، وتسميها بالإرهابية والمتطرفة.
فأي اعتذار يمكنه أن يمحو هذا العار؟!
ابتلينا بأنظمة تُطبِّعُ مع إسرائيل، ولا تضع في اعتبارها الحقوق الفلسطينية البتة، بل وتوالي الصهاينة الإسرائيليين، وتسميهم بالأصدقاء والحلفاء، وتعادي المقاومة الإسلامية في فلسطين، وتسميها بالإرهابية والمتطرفة
ثالثًا/ اعتذار عن اتهام المقاومة بالعمالة لإيران وحزب الله:
إن خذلان الأمة العربية والإسلامية، لم يتوقف عند حد عدم إمداد المقاومة بالمال والسلاح، والتطبيع الكامل مع العدو الصهيوني، بل وصل لرفض اليد الواحدة التي تمتد لها بالنصرة والمساعدة.
تتهم الأنظمة العربية والإسلامية المقاومة الفلسطينية بالعمالة لإيران وحزب الله، لا لشيء؛ إلا لأنهما الوحيدان اللذان يقدمان لها النصرة والعون.
وما على المقاومة من بأس، إن قبلت المدد والعون من أيّ كائنٍ كان، المهم أن لا تعطي في مقابل ما تأخذه أي تنازل من عقيدتها وأفكارها وممارساتها، والمقاومة بفضل الله لم تعط شيئًا من ذلك، بل ظلت مقاومة سنيّة، لا تنشغل إلا بقضيتها الفلسطينية، ولا تدخل نفسها في صراع إقليمي، مذهبيًا كان أو سياسيًا.
وقد خرجت من قبل من سوريا، رافعة رأسها، رافضة الخوض في الحرب الأهلية السورية، التي يتقاتل فيها الشيعة والسنة، مع أنها خسرت بذلك دعمها السوري، الذي كان كبيرًا، بل وكان حينها أكبر من الدعم الإيراني وأهم.
المقاومة الإسلامية في فلسطين هي أشرف مقاومة في تاريخ الأمة؛ أشرف مقاومة لشرف القضية، وأشرف مقاومة لشرف المقاومين، الذي يزداد ظهورًا ووضوحًا يومًا بعد يوم، والذي يجب أن تعتذر له الأمة كلها، وأنظمتها الحاكمة على وجه الخصوص.
وما على المقاومة من بأس، إن قبلت المدد والعون من أيّ كائنٍ كان، المهم أن لا تعطي في مقابل ما تأخذه أي تنازل من عقيدتها وأفكارها وممارساتها
رابعًا/ اعتذار عن اتهامها بالإرهاب، وإدخالها في الصراعات السياسية الداخلية للدول:
وقد أشرنا إلى أن بعض الأنظمة العربية والإسلامية قد اتهمت المقاومة الإسلامية في فلسطين بالإرهاب، وليتها وقفت عند هذا الحد من الكذب، بل وبالغت وأدخلت المقاومة الإسلامية الفلسطينية في صراعاتها السياسية الداخلية.
فعمدت بعض البلاد المتاخمة لفلسطين، إلى اتهام المقاومة الإسلامية فيها بأنها اقتحمت السجون في هذه البلاد المتاخمة، وأخرجت المسجونين السياسيين، عندما كانت الثورات الشعبية مشتعلة فيها، في ثورات الربيع العربي.
ولا تنسى الأنظمة العربية الحاكمة - بل والأنظمة الإسلامية كذلك - أن المقاومة الإسلامية في فلسطين جزء من الحركة الإسلامية الكبرى، التي توجد فروعها في هذه البلدان، وتنافس أنظمتها الحاكمة، وتدافعها من أجل الوصول للحكم.
والمقاومة الإسلامية في فلسطين - على الرغم من صحة ذلك - أعلنت وتعلن في كل حين، أنها لا تعمل إلا من أجل قضيتها الكبرى، قضية تحرير فلسطين، وتحرير مسجدها الأقصى، ولا تدخل نفسها في أي صراعات سياسية، إقليميةً كانت أو محليةً.
بل وإن الحركة الإسلامية الكبرى، تؤكد هي الأخرى، على أن المقاومة الإسلامية في فلسطين هي مقاومة فلسطينية خالصة، ليست لها غاية إلا تحرير أرضها ومقدساتها، وأنها مقاومة إسلامية، بنسبة انتمائها للأمة الإسلامية، قبل أن تكون مقاومة إسلامية، بنسبة انتمائها للحركة الإسلامية.
وقد كان على الأمة الإسلامية كلها، وعلى الأمة العربية خاصة، أن تتعامل مع المقاومة الفلسطينية على هذا الأساس، إن كانت أنظمة تنظر أو تعقل، وهي ليست كذلك بالطبع، وقد وجب عليها الاعتذار لذلك، ولن تعتذر بالطبع.
المقاومة الإسلامية في فلسطين هي أشرف مقاومة في تاريخ الأمة؛ أشرف مقاومة لشرف القضية، وأشرف مقاومة لشرف المقاومين، الذي يزداد ظهورًا ووضوحًا يومًا بعد يوم، والذي يجب أن تعتذر له الأمة كلها، وأنظمتها الحاكمة على وجه الخصوص
خامسًا/ اعتذار عن رميها المقاومة بترك المقاومة والسير على خطى حركة فتح:
كل الاعتذارات السابقة واجبة على الأنظمة الحاكمة خصوصًا، أما هذا الاعتذار فواجب على بعض أبناء الأمة، بل وعلى بعض الإسلاميين منهم، الذين رموا المقاومة بترك الجهاد، والركون إلى التفاوض، كما فعلت حركة فتح من قبلها.
ولا ضير أن نحذر المقاومة الإسلامية بين الحين والحين من ذلك؛ كي لا تسير في ذلك الطريق الذي سارت فيه فتح، ووصل بها إلى ما وصل من خنوع واستسلام وذلة وعار.
المقاومة الإسلامية مقاومة بشر غير معصومين، والفتنة لا تؤمن على حي، وليس مستحيلًا أن يتحول المقاومون المناضلون اليوم، إلى خانعين مستسلمين غدًا.
لكن، إن كان علينا أن نحذر، فليس علينا أن نقطع إلا بالبينة القاطعة، والمقاومة الإسلامية في فلسطين لم تترك سلاحها البتة، وقدمت في العشرين سنة الاخيرة كل قادتها الكبار تقريبًا شهداء، وتخوض الحروب مع إسرائيل حربًا بعد حرب، وهي المقاومة المحصورة من عدوها المخذولة من أمتها العربية والإسلامية.
المقاومة الإسلامية بما فعلته في السابع من أكتوبر، صفعت كل من اتهمها بالتخاذل والاستكانة على أقفيتهم، وأذهلتهم بيوم تاريخي في قصة المقاومة والأرض المقدسة.
وجب على هؤلاء الذين شككوا في المقاومة الإسلامية في فلسطين في الفترة الأخيرة أن يعتذروا، وألَّا يتوقفوا عن الإكبار والاعتذار، فإن الذي فعلته المقاومة أذهل الجميع، الأعداء والأصدقاء، المتشككين والواثقين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق