سؤال مشروع في مواجهة تخبط مهووس
هل نحر مزيد من أطفالنا سبب في هزيمة عدونا؟
فاجأني حتى الدهشة والمرارة حديث إحدى الشخصيات البارزة في قناة سويسرا العرب (الجزيرة) حين كتب قائلا إن تعاظم القتل في شعبنا الفلسطيني على يد السفاح الصهيوني وجيشه سيؤدي إلى تعرية العدو وانقلاب الشعوب الغربية ضده، الأمر الذي سيؤدي إلى هزيمته!
كلام ذو مرارة تتلف كبد من يستغرق التفكير فيه، حيث باتت هزيمة العدو ليست مرتبطة بتفوقنا عليه في خطة القتال وتمكنها من العدو، ولكنها آلت إلى الارتباط بحجم مآسينا وأنهار دمائنا والفظائع التي يرتكبها العدو في فلذات أكبادنا!
نسي الكاتب أو تناسى أن تاريخ أمتنا في القرن الأخير لم ينج فيه شعب من تلك الفظائع للدرجة التي وضعت فرنسا فيها جماجم الثوار الجزائريين الذين قتلتهم بشكل متوحش في متحف خاص يعرض همجيتها دون تردد ولا خجل ولا وجل!
غفل الكاتب أو تغافل عن مذابح الإدارة الأمريكية لأطفال ونساء العراق في الموصل والرمادي والبصرة وفي ملجأ العامرية وفي الفلوجة وكامل بغداد، وكذلك من قبل في أفغانستان وفي البوسنة والهرسك بمشاركة أوروبية!
لم يستدرك الكاتب حقيقة الرضا الأمريكي الأوروبي الإسرائيلي عن سفاح الشام حين قتل أهلها بعنف وشراسة وأحرق الأطفال بالكيماوي -بعد أن حصل على الضوء الاخضر-، للدرجة التي جعلت السيسي يقتدي به فيحرق الناس ويدهسهم في شوارع مصر ويهدم عليهم بيوتهم في القاهرة والإسكندرية وفي سيناء ليقتلهم ويدفنهم أحياء!
من قال إن شراسة القتل المستحرة في أبنائنا وبناتنا وشيوخنا وأطفالنا بغزة ستؤدي لهزيمة العدو وتراجعه عن مخططاته؟
وإذا كان هذا الكلام مقبولا لأنه صادر من شخصيات محسوبة على حركة ما وفي قناة ما.. فهل من المشروع أن يسأل أحد سؤالا جريئا حول أيهما أفضل لتحقيق التضامن الدولي والشعبي مع فلسطين وقضيتها وأهلها، انتفاضة الحجارة التي لم تؤد لهدم الحجر وحرق الشجر وقتل البشر أفواجا، أم الصواريخ الإيرانية -المدروسة والمحدودة- التي أدت لكل ما سبق، ثم تركت إيران أهلها يموتون أفواجا لتستثمر بدمائنا وتحسن تموضع مشروعها دون حراك سياسي عسكري يغير المعادلات القائمة في صالح قضيتنا؟
إن إصرار البعض على القفز عن النقد الواعي وتحديد جوانب الخطأ يعمق المشكلة ويزيد عذاباتنا، وينقلنا من مدح الفعل الإيجابي إلى التجاوب وتجميل ردات الفعل السلبية، ثم في لحظة ما نحيل كل ذلك إلى الغيب والقضاء والقدر، دون مراجعة واعية لخططنا وخطط العدو التي تجعل من أفعالنا أرضية لتحقيق مراده!
ولو بقينا نفكر بتلك العقلية فسوف ينتهي الشعب الفلسطيني كما انتهى الهنود الحمر قبل أن يتخذ المجتمع الدولي دوره الغائب منذ قرن ونصف!
نعيش اليوم في مرحلة تحتاج إلى هدي ابن الوليد خالد رضي الله عنه، وهو شرط لن يثمر حلا إذا بقي المسار مرتبطا بفرد تم تصويره على أنه رامبو فلسطين! فهل ستنتهي حكاية الفرد الملهم وتحل مكانه عقول الراشدين في الأمة والجماعة؟
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 20/3/2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق