ياعباد الله فاثبتوا..(١)
د.عبدالعزيز كامل
في أحلك الظروف التي يعايشها كل مسلم بالعالم مع مآسي إخوة الدين على أرض فلسطين، لابد أن نواسي أنفسنا ونواسيهم بقول الله لنا ولهم ولكل المستضعفين : { اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ۖ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف/١٢٨)..
نعم.. العاقبة للمتقين، ولستم أول المبتلين، ولا أول الموعودين المبشرين بحسن العاقبة ما استقمتم على الدين.
●..وقد كانت هناك بشارات عظمى فى ظروف نازلة وزلزلة كبرى، وقت الحصار الكبير في غزوة الخندق التى نزل بشأنها قول الله عز وجل : { إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11) } الأحزاب
●..في وسط هذه الزلزلة، وخلال هذا الحصار، وفي خضم ذاك الزيغ، وفي أثناء متاهات الظنون التي تسربت حتى إلى قلوب الثابتين من المؤمنين.. جاءت كلمات من الهدى على لسان من لاينطق عن الهوى. فرواها للأجيال رجل من خير الأجيال- وهو البراء بن عازب ، رضي الله عنه - حيث قال :
●.. ( لمَّا أمرَ النَّبيُّ بحَفرِ الخندقِ ، عَرضَت لَهُم صخرةٌ حالَت بينَهُم وبينَ الحفرِ ، فَقامَ رسولُ اللَّهِ ، وأخذَ المعولَ ، ووضعَ رداءَهُ ناحيةَ الخندَقِ ، وقالَ : تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا، لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، فَندرَ ثلثُ الحجرِ ( أي انفصل وسقط ) وسَلمانُ الفارسيُّ قائمٌ ينظرُ ، فبرَقَ معَ ضربةِ رسولِ اللَّهِ برقةٌ ، ثمَّ ضربَ الثَّانيةَ ، وقالَ : تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا، لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، فندرَ الثُّلثُ الآخرُ ، فبرقت برقةٌ فرآها سَلمانُ ، ثمَّ ضربَ الثَّالثةَ ، وقالَ : تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا، لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، فنذر الثُّلثُ الباقي ، وخرجَ رسولُ اللَّهِ ، فأخذَ رداءَهُ وجلَسَ ، قالَ سلمانُ : يا رسولَ اللَّهِ ، رأيتُكَ حينَ ضربتَ ، ما تضربُ ضربةً إلَّا كانت معَها بَرقةٌ ، قالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ : يا سَلمانُ ، رأيتَ ذلِكَ ؟ فقالَ : أي والَّذي بعثَكَ بالحقِّ يا رسولَ اللَّهِ ، قالَ : فإنِّي حينَ ضَربتُ الضَّربةَ الأولى رُفِعَت لي مدائنُ كِسرى وما حولَها ومدائنُ كثيرةٌ ، حتَّى رأيتُها بعينيَّ، قالَ لَهُ مَن حضره من أصحابِهِ : يا رسولَ اللَّهِ ، ادعُ اللَّهَ أن يفتحَها علَينا ويغنِّمَنا ديارَهُم ، ويخرِّبَ بأيدينا بلادَهُم ، فدعا رسولُ اللَّهِ بذلك ، ثمَّ ضَربتُ الضَّربةَ الثَّانيةَ ، فرُفِعت لي مدائنُ قيصرَ وما حولَها ، حتَّى رأيتُها بعينيَّ ، قالوا : يا رسولَ اللَّهِ ، ادعُ اللَّهَ أن يفتحَها علَينا ويغنِّمَنا ديارَهُم ، ويخرِّبَ بأَيدينا بلادَهُم ، فدعا رسولُ اللَّهِ بذلِكَ ، ثمَّ ضرَبتُ الثَّالثةَ ، فرُفِعَت لي مدائنُ الحبشةِ وما حولَها منَ القُرى ، حتَّى رأيتُها بعينيَّ )
أخرجه النسائي، وحسنه الألباني برقم (3176).
وقد صدق الله وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، وتحقق كل ما أخبر به الصادق الأمين بعد وفاته بقليل من السنين، ليتأكد للناس أن مسار النصر والتمكين هو قدر هذه الأمة ما استقامت على الحق وظلت على عهد الاعتصام بحبل الله المتين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق