زعماء العشائر يفشلون خطة الاحتلال لإدارة غزة
كلما حاول نتنياهو وقادة تحالف العدوان تحقيق أي إنجاز يمحو الانتصار في السابع من أكتوبر قوبلوا بنكسة أشد من التي قبلها بسبب الصمود الفلسطيني، وحتى الآن لم ينجحوا في كل خططهم التي وضعوها لكسر المقاومة والسيطرة على غزة، ولم يجدوا من يقبل التعاون معهم في محاولتهم الأخيرة لتعيين لجنة من العملاء لحكم القطاع يحميها الجيش الإسرائيلي.
وجه زعماء العشائر والمخاتير في غزة ضربة قاضية للخطة الصهيونية، لشق الصف الفلسطيني وصناعة طابور من المتعاونين يقوم بمهمة تسليم غزة بالخيانة، بعد فشل التدمير والتجويع في تفكيك الجبهة الداخلية، ولم تفلح دول عربية متورطة مع الاحتلال في إنجاح المكر الصهيوني بالمال والموظفين الذين تم إعدادهم للقيام بهذه المهمة الخسيسة، لعدم وجود شركاء في داخل غزة!
حتى خطة الميناء الأمريكي العائم في قلب البحر والرصيف البري التابع له، الذي حاولوا تسليمه للجان العملاء ودعمهم بالقوة العسكرية الإسرائيلية فشلت، بسبب إعلان المخاتير وزعماء العشائر رفضهم التعاون مع الاحتلال، وأكدت الهيئة العليا للعشائر الفلسطينية في غزة أنها لن تتعامل مع الإسرائيليين الذين حاولوا التواصل معهم، ولن يتعاملوا إلا مع حكومة حماس.
هذا الموقف المشرف من القيادات العشائرية يستحق التحية، ويؤكد أن المقاومة الفلسطينية ليست فرقة أو طائفة يمكن عزلها، أو وضع حواجز بينها وبين باقي الفلسطينيين، وإنما هي مجرد رأس الحربة الظاهر من شعب قوي العزيمة، صهرته الحروب فأصبح سبيكة صلبة يصعب كسرها أو اختراقها أوالتأثير عليها بالتخويف أو بالإغراء.
تجربة “روابط القرى”
الموقف الصلب لقادة العشائر الغزاوية أفشل المكر الصهيوني لإثارة الفتنة بين الفلسطينيين، وهو عمل بطولي لا يقل أهمية عن الانتصار العسكري، فالإسرائيليون يريدون استنساخ ما يسمى بـ “روابط القرى” التي أسسها الاحتلال في الضفة عام 1978 لتكون بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية لدعم اتفاقيات كامب ديفيد، وقد أفشلتها الانتفاضة الفلسطينية منذ عام 1981 وحتى عام 1987.
كانت روابط القرى شبكة من المتعاونين والعملاء للسيطرة على القاعدة الشعبية، مرتبطة بالاحتلال وليس بالقيادة الفلسطينية، وتمكن الجيش الإسرائيلي من إدارة الحياة اليومية للفلسطينيين، وتحريض القرويين في الريف ضد السياسيين المقاومين في المدن، وأسس الإسرائيليون شبكات من الجواسيس والمتعاونين، وسلحوا الكثير من هؤلاء العملاء وصنعوا ميليشيات تخدم المصالح الإسرائيلية.
وقد بدأت العمليات الفدائية في بداية الثمانينات ضد روابط القرى وزعمائهم لدورهم التخريبي وخياناتهم، حيث كان قادة الروابط المتصهينين يقومون بتزوير الأوراق لنقل ملكية الأراضي لبناء المستوطنات، وكانوا عيون المحتل، يشاركون في مطاردة المطلوبين من الشبان؛ مما تسبب في الاعتقالات الواسعة وإشعال الغضب في الضفة ضد الاحتلال والتابعين له.
صلابة غزة
وحدة الجبهة الداخلية وصلابتها هي التي تجعل غزة قوية في مواجهة الكيان وأكثر من 6 جيوش غربية، فكل مواطن فلسطيني يدرك أن الهدف من العدوان هو قتله وانتزاعه من أرضه وتهجيره، وتظهر المشاهد التي تبثها “قناة الجزيرة” على مدار الساعة كيف أن الفلسطيني يخرج من تحت الأنقاض ناجيا من الموت يسيل الدم على وجهه وفاقدا لأهله، يعلن بكل تحد أنه لن يترك غزة، وأنه يفضل الاستشهاد تحت بيته المهدم عن ترك أرضه.
هذه الصلابة هي التي تجعل القادة الأمريكيين والأوربيين الداعمين لـ “إسرائيل” في حيرة من أمرهم، ويقفون بعد 6 شهور من التدمير والقصف والإبادة بالقتل والتجويع عاجزين، لا يعرفون كيف يواجهون شعوبهم التي تتظاهر وتحتج في الشوارع والميادين تهتف ضدهم، وتلاحقهم في كل مكان وتطالبهم بوقف إطلاق النار الفوري.
التماسك خلف المقاومة حرم الاحتلال من الحصول على أي إنجاز يلملم به شتات المستوطنين، الذين يشعرون بانهيار مشروعهم واقتراب نهايتهم، كما أنه غير العالم وفضح حراس الإبادة الذين تخلوا عن إنسانيتهم، ويزيد من سقوطهم مشاركتهم في حصار غزة ومنع دخول المساعدات لمواجهة المجاعة التي تفتك بالفلسطينيين.
صمود فلسطيني وشلل وانهيار إسرائيلي
الصمود الفلسطيني أفقد قادة الاحتلال صوابهم، فجعلهم يقدمون على الانتحار أكثر فأكثر، فراحوا يخططون لاجتياح رفح بحثا عن نصر -ساحق ماحق كما يعلنون-، ولكن الفشل ينتظرهم كما حدث في شمال ووسط القطاع، فلن يحققوا أي مكسب غير تأكيد إجرامهم أمام العالم، وسيتواصل الاستنزاف في المعدات والجنود حتى يفقدوا وعيهم، ويهرب جنودهم من غزة هربا من الموت.
الكيان في حالة شلل، وقادته يتصارعون في العلن أمام الشاشات وليس في السر، ونصف سكانه نازحون تركوا بيوتهم في الجنوب والشمال، ومئات الآلاف هربوا وفروا إلى الخارج، ومن يقيمون في الوسط يعيشون في رعب وهلع حيث تحولت الضفة إلى جحيم والضرب بقوة في الخاصرة الإسرائيلية.
وفي أمريكا وأوروبا تزداد المعاناة مع استمرار العدوان حيث الملاحة في البحر الأحمر معطلة ولا حل إلا إذا توقفت الحرب، وتتراجع شعبية الحكومات المؤيدة لـ “إسرائيل”، أي أن المعاناة ليست فقط في الجانب الفلسطيني.
إن استمرار العدوان رغم معاناة الفلسطينيين لن يغير نتيجة الحرب، ولن ينتج عنه استسلام غزة، ولن يكسر حماس كما يتوهم الصهاينة المهزومون.. وستنتصر غزة في النهاية بإذن الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق