حدث سهم بن كنانة قال
حدّث #سهم_بن_كنانة قال: لقيتُ شيخَنا الفضل بن ميمون بعد التراويح، وقد أحاط به قومٌ كأنّ وجوهَهم المصابيح، يمتّعون أبصارَهم برؤياه، لاسيما ذلك الألق العجيب في محيّاه، ويشفون صدورهم بما يلفِظُ من دُرَر، ومن خبرٍ يقصُّه في إثر خبر، ولقد شدّني فيه ما شدّ القوم، وما عليّ في حبِّ الفضل من لوم، وكم روى لي مريدوه من عجائبِه، وكيف تتفجّر الحكمةُ من جوانبه، فلا يملُّه أنيس، ولا يشبع منه جليس.
قال سهم بن كنانة: وكان يتحدّث تلك الليلة عن شيوخ السلاطين، وكيف من أجلهم سوّغوا حتى الوقوف مع اليهود في فلسطين، وباعوا ليرضوهم الضمير، فما لهم في الشرف من قطمير، وروى في ذلك قصّة تقال، قد جرت مجرى الأمثال، وهي أنّ سلطاناً كانت له بغلة، قد ملكت قلبَه وعقله، وكان يدلّلها ولا يضربُها، وينتشي فرحاً إذا يركبها، ويحنو عليها حُنُوَّ الأب على ابنتِه، حتى حسَدَها قومٌ من رعيّتِه، غير أنها كانت مقطوعةَ الذيل، فكان الناسُ يضحكون إذا مرَّ موكبُ السلطان بصبحٍ أو ليل، فغضب فقهاءُ تلك البلدة، وكانوا يرون نقدَ السلطان ردّة، وأفتوا بأن السلطان ظلُّ الله في الأرض، وأنّ صونَ هيبتِه أولى من أداءِ الفرض، وما دام السلطانُ معظّماً ولا يجوز المساس بذاتِه، فكذلك يَحرُمُ التعرّض لشيءٍ من ممتلكاتِه، بل إن الضحكَ من بغلتِه، أشدُّ من نقض بيعتِه، وصعد كبير المفتين المنبر، وصاح بعد أن سمّى الله وكبّر، عليكم بالجماعة، ولا تنزعوا يداً من طاعة، واحذروا الضحك من البغلة، فإنه خروجٌ من الملّة!
قال سهم بن كنانة: وخرجتُ من مجلس الفضل، وأنا أحمدُ الله على العقل، وتمتمتُ في نفسي: كم جنى على الشعوب والأوطان، مشايخُ ذيل بغلةِ السلطان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق