الخميس، 15 مايو 2025

إسرائيل والدروز.. حماية مصطنعة واختراق خبيث لسوريا

 إسرائيل والدروز.. حماية مصطنعة واختراق خبيث لسوريا

لا تزال سوريا تعاني من كونها ساحة مكشوفة لحروب بالوكالة، تُستأنف فيها لعبة الأمم بأدوات الهوية وسيناريوهات الذاكرة والاحتياج، وكان آخر هذه السيناريوهات هو تقديم الطائفة الدرزية فجأة على أنها مستضعَفة تستدعي الحماية، في مشهد لا يخلو من الرمزية ولا من الخبث

لا شك أن محاولة إسرائيل المكشوفة بالتدخل عسكريًا في الجنوب السوري بذريعة الدفاع عن الدروز، لا تعدو كونها محاولة اختراق عمق وطني هش، واستثمار لحظة احتجاج لتحويلها إلى مدخل استراتيجي يعيد صياغة الجنوب السوري على إيقاع المصالح الإسرائيلية.

وبينما تقف الحكومة السورية الجديدة مكتوفة الأيدي أمام الغضب المتنامي في جبل العرب من جهة، وأمام التدخلات الإسرائيلية على الأرض من جهة أخرى، تفتح ذريعة الحماية الإسرائيلية نافذة خطيرة على خرائط التدخل والتفكيك، حيث لا تُفهم حماية الدروز خارج سياق الهندسة الطائفية التي تتقنها تل أبيب، ولا يُقرأ الموقف الدولي إلا في ضوء إعادة إنتاج تقسيم ناعم يُفرغ الوطن السوري من معناه، ويُعيد رسم الولاءات وفق معادلات مصالح القوى الكبرى والإقليمية.

الهامش الدرزي

يشكل الدروز أحد المكونات الديموغرافية في الجنوب السوري، يبلغ عددهم في سوريا اليوم نحو 700 ألف نسمة، يتوزعون في مناطق مختلفة من بينها السويداء والجولان، وبالقرب من دمشق وفي إدلب، حيث حافظوا تاريخيًا على خصوصية مذهبية وثقافية واجتماعية متجذّرة، تقوم على التماسك الداخلي، والانغلاق السياسي الذي غالبًا ما تجلى في الاكتفاء بالحياد النسبي، ورغم قلة عددهم مقارنة بالمكونات الأخرى، فإنّ حضورهم في الوجدان الوطني السوري لا يُستهان به، لاسيما وأنهم أسهموا في محطات مفصلية من التاريخ الحديث، بدءًا من الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش، وصولًا إلى مشاركات متباينة في الحراك السياسي المعاصر.

أما العلاقة بين دروز سوريا وإسرائيل، فهي علاقة مركّبة فقد بدأت فعليًا بعد نكسة عام 1967م واحتلال الجولان، حيث وجدت تل أبيب في الدروز، بحكم وجود شريحة منهم في الجولان المحتل، فرصة سانحة لبناء صلات ناعمة، قوامها الأمن والامتيازات مقابل التعاون، وقد استثمرت إسرائيل في هذا الخيط الطائفي كأداة اختراق بعيدة المدى، ونجحت في جذب دروز الجولان إلى صفها، لكن بقية الأغلبية الساحقة من دروز سوريا متمسكين بانتمائهم العربي ظاهريا.

في عهد حافظ الأسد، تبنّى النظام سياسة استيعاب ناعم للدروز، عبر ضمان الحضور الشكلي لبعض رموزهم في المؤسسات الرسمية، وتقديم وعود بالأمان مقابل الابتعاد عن السياسة، كان ذلك جزءًا من معادلة أوسع لإدارة التوازنات الطائفية داخل الدولة الأمنية التي قادها الأسد الأب، وبالفعل قد حظي الدروز بمكانة، دون أن تُترجم إلى سلطة فعلية أو حضور مؤثر في مراكز القرار. ومع وصول بشار الأسد إلى السلطة، استمرت هذه السياسة ولكن بقدر أكبر من التهميش، في ظل انشغال النظام بتعزيز هيمنة الحلقة العلوية الضيقة، وتراجع مفهوم التعددية الشكلية التي كانت تُستخدم كأداة دعائية إبان حكم والده.
 

هذه السردية الإسرائيلية تخدم أهدافًا مزدوجة: تبرير التدخل العسكري دوليًا، وإحداث شرخ داخلي في النسيج السوري، عبر توجيه رسائل للطوائف بأن الدولة لم تعد الضامن الوحيد للأمن

غير أن المشهد بدأ يتغير مع اندلاع الثورة السورية، إذ دخل الدروز، كغيرهم من مكونات المجتمع، في حالة من الحذر والانقسام، فقد آثر كثير منهم الوقوف على الحياد، بينما انخرط آخرون في الدفاع عن مناطقهم ضمن تشكيلات محلية، في وقت ظل النظام يتعامل معهم كورقة احتياطية أكثر من كونه حليفًا استراتيجيًا، ومع تصاعد الاحتجاجات في السويداء خلال السنوات الأخيرة، وانهيار الخدمات، وتراكم الشعور بالخذلان، بدأ جيل جديد من أبناء الطائفة في إعادة التفكير بموقعهم السياسي، متجاوزين خطاب الحياد، وطامحين لدور فاعل في بناء مصيرهم، ومع سقوط نظام الأسد وبروز حكومة سورية وطنية جديدة، قدّم الرئيس السوري أحمد الشرع خطابًا وطنيًا جامعًا يوازن بين الهوية المحلية والمطالب الوطنية لكل الطوائف،

لكن بالرغم من ذلك لم يظهر لدى بعض القوى الدرزية توجه نحو الاندماج الوطني الكامل في الدولة السورية الحديثة، بل سلكت خيار المواجهة المبكرة مع السلطة المركزية، حتى قبل أن تتضح معالم الدولة ومؤسساتها الفتية. هذا التوجه لم يقتصر على الصدام الداخلي، بل تجاوزه إلى محاولات متكررة لاستدعاء الخارج والتلويح به كحامٍ أو ضامن، في مواقف لا تستند إلى تهديد فعلي قائم، بل تنطلق من شعور دفين بالاستثناء والخصوصية، هنا أدركت تل أبيب أن الجنوب السوري، وبالأخص مناطق الطائفة الدرزية، تمثل ذريعة مناسبة للتدخل في الشأن السوري، وهو ما دفعها إلى تسريع تدخلاتها باسم حماية الدروز، محاولة اقتناص اللحظة وتقديم نفسها كحامٍ للمكوّن الدرزي، في مسعى خبيث لاختراق الداخل السوري من بوابة التذرّع الإنساني.

ذريعة الحماية

يقيم نحو 150 ألف درزي في إسرائيل، الغالبية منهم يعتبرون أنفسهم إسرائيليين بالفعل وقد اندمجوا بالفعل في المجتمع الصهيوني وينضم أبناؤهم لجيش الاحتلال، بينما يقيم 23 ألف درزي في الجزء الذي تحتله إسرائيل من هضبة الجولان، يرفض بعضهم الجنسية الإسرائيلية، وقد أعلنت حكومة بنيامين نتنياهو في مارس الماضي عن قرار يسمح لدروز سوريا بالدخول إلى الجولان، للعمل، قبل أن تتوالى تصريحات نتنياهو ووزرائه بأن الجيش الصهيوني لن يسمح للجيش السوري الجديد بدخول الأراضي الواقعة جنوب دمشق، في إشارة واضحة إلى خطوط حمراء ترسمها تل أبيب داخل العمق السوري، كما طالب نتنياهو بنزع السلاح الكامل من محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، ما يعكس نية إسرائيلية معلنة للتمدد في فرض قواعد اشتباك جديدة جنوب سوريا تحت غطاء حماية الأقليات، ولم يكتف نتنياهو برسم هذه الخطوط العسكرية، بل وجّه تحذيرًا صريحًا مما وصفه باستمرار تهديد المجتمع الدرزي وانتشار السلاح في جنوب البلاد، في محاولة لإبراز الدور الإسرائيلي كوصيّ على أمن الدروز.

بأي حال لا يمكن لعاقل أن يقبل بإعلان إسرائيل حول تدخلها لحماية الدروز على أنه موقف أخلاقي كما يُروّج له، فهي خطوة محسوبة ضمن إطار استراتيجي دقيق، حيث شنّت تل أبيب ضربات جوية استهدفت مواقع للنظام وحلفائه قرب دمشق، مدعية أن هناك خطرًا يهدد المجتمع الدرزي، وأن معلومات استخباراتية دفعتها للتحرك الاستباقي، ولم تكن هذه الضربات معزولة، بل سبقتها تمهيدات إعلامية، وتسريبات عن مشاورات مع زعامات درزية في الجولان والداخل. ولا شك أن ادعاء الحماية ليس جديدًا في الأدبيات الإسرائيلية، فقد سبق أن استُخدِمَ في لبنان مع بعض المسيحيين خلال الحرب الأهلية، ثم مع الأكراد في العراق، واليوم تُستنسخ ذات الحجة، لكن في جنوب سوريا، هذه السردية الإسرائيلية تخدم أهدافًا مزدوجة: تبرير التدخل العسكري دوليًا، وإحداث شرخ داخلي في النسيج السوري، عبر توجيه رسائل للطوائف بأن الدولة لم تعد الضامن الوحيد للأمن، لكن حين ترفع إسرائيل راية الحماية، فهي لا تفعل ذلك حبًا في الأقليات، بل لأربعة أهداف جوهرية:

1- تقويض الشرعية السيادية للحكومة السورية الجديدة أمام العالم.

2- اختبار قدرة النظام الجديد على السيطرة على الجنوب.

3- زرع بذور الشك بين المكونات المحلية وحكومة الشرع، مع إقناع الأقليات بأن إسرائيل أقرب من الدولة الأم.

4- فتح نافذة لاختراق سياسي وعسكري في سوريا بمظهر إنساني.

تستدعي إسرائيل من أرشيفها الإستراتيجي الورقة التي طالما وظفتها الولايات المتحدة من قبل في مناطق مختلفة من العالم؛ وهي ورقة الأقليات، تسعى إسرائيل اليوم لاحتضان الدروز في سوريا، أو على الأقل إيهامهم بذلك، والهدف ليس حماية طائفة، بل تفكيك وحدة الأرض والقرار السوري، وتمرير مخططات جيوسياسية تحت غطاء الحماية، وهذا التكتيك يتكئ على سرديات غربية جاهزة، تتحدث عن فشل الدول العربية في احتضان مكوناتها الدينية والعرقية، وهو ما يسمح لإسرائيل أن تظهر بمظهر الدولة الديمقراطية المدافعة عن الحريات، رغم أن سجلها مع الفلسطينيين وسكان الجولان المحتل، ينضح بعكس ذلك تمامًا.

مأزق الدروز

عانى الدروز من تهميش وفقر في ظل نظام الأسد السابق، ومع ذلك روضوا لأنفسهم أن يكونوا ورقة تفاوض وتدخل من قبل أطراف خارجية لا ترى فيهم سوى أداة لتنفيذ أجنداتها، الأصوات درزية الأعلى والأكثر ترى في إسرائيل حاميًا اضطراريًا، لكن هذا المسار يشكل خطرًا بالغًا، لا سيما وأن الانجرار خلفه سيؤدي إلى: تفكيك الروابط الوطنية بين الدروز وبقية السوريين، وإعادة إنتاج النموذج اللبناني بميليشيات طائفية لها مرجعية خارجية، وفتح ثغرات أمنية لإسرائيل في العمق السوري باسم الحماية.

لقد تجلّت النزعة الانفصالية لدى دروز سوريا مؤخرًا في تصريحات الزعيم الروحي للطائفة في السويداء، الشيخ حكمت الهجري، الذي خرج بموقف علني مثير للجدل حين دعا إلى "تدخل دولي في سوريا لحماية الدروز"، مؤكّدًا في الوقت ذاته أن "إسرائيل ليست عدوا"، هذا التصريح الصادم، لم يكن زلّة لسان أو موقفًا معزولًا، بل يعكس تيارًا داخل الطائفة بات ينظر إلى الدولة السورية بعين الارتياب، وإلى الخارج – حتى العدو التاريخي – كخيار ممكن في لحظة ما من اختلال الموازين.

اليوم؛ تجد الطائفة، التي كانت نموذجًا في التماسك والخصوصية، نفسها أمام مفترق طرق حاسم، إما أن تعيد توطيد علاقتها بالحكومة السورية الجديدة مع إصلاح داخلي جذري، أو أن يتم جرّها إلى مشروع تقسيم ناعم، يشرّع الاحتلال باسم الأمن والحماية، ومن المؤسف أن المسار الثاني هو الأقرب للتحقق، خاصة بعد الكشف مؤخرًا عن زيارة غير مسبوقة ضمت 60 رجل دين درزي من جنوب سوريا إلى إسرائيل، تلبيةً لدعوة الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في إسرائيل، وقد أثارت الزيارة جدلًا واسعًا في ظل محاولات الاستقطاب الإسرائيلي للدروز والانقسامات بين مشايخ العقل لديهم.

سيناريوهات مرتقبة

ما يجري في جنوب سوريا اليوم لا يمكن عزله عن مسار إقليمي معقّد، تتقاطع فيه أطماع إسرائيل الأمنية مع ضعف الحكومة المركزية التي تحاول ترميم البيت السوري وتحوّلات المزاج الشعبي في السويداء ومحيطها. إذ إنّ إسرائيل، التي تراقب عن كثب ما يحدث في سوريا، تُدرك أن الزمن لم يعد لصالح سياسة الانتظار والاحتواء البطيء، بل بات يُحتِّم عليها تسريع أدوات الاختراق تحت أي غطاء، ومن هنا، يمكن قراءة التصعيد الإسرائيلي الأخير على أنه محاولة استباقية لإعادة التموضع داخل الجنوب السوري، سواء من خلال عمليات جوية تستهدف خطوط إمداد خصومها، أو عبر رسائل رمزية مفادها أن أمن الدروز سيكون بوابة عبورها الشرعي إلى الداخل السوري.

والسيناريو الأنسب أن يستيقظ عقلاء الطائفة ويبحثوا لها عن قارب نجاة بعيدا عن عواصف العواطف الطائفية الهوجاء ولن يكون ذلك إلا بالتوافق مع أبناء جلدتهم ووطنهم.

نحن في انتظار أهم اجتماع في العالم

نحن في انتظار أهم اجتماع في العالم

كاتب وصحفي تركي

في إسطنبول، وعلى ضفتَي البوسفور، كان يتم التحضير في موقعَين مختلفَين لأحد أهم الاجتماعات في العالم.
أحدهما في الجانب الأوروبي، في مكتب العمل الرئاسي بجانب قصر دولما بهتشه، والآخر في الجانب الآسيوي في قصر فهد الدين، وهو أيضًا مكتب عمل رئاسي.

كلا الموقعَين كانا يُجهزان من أجل محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا. ولكن، لماذا موقعان مختلفان؟

لأنه في حال حضر بوتين وترامب، فسيتم استقبالهما في قصر فهد الدين في الجانب الآسيوي. أما إذا لم يأتيا، فستُعقد المحادثات بين وفدَي البلدين، كما حصل من قبل، في مكتب دولما بهتشه.
وكان المسؤولون والموظفون يُنهون الاستعدادات الأخيرة في كلا المكتبين بحالة من النشاط المكثف.

تصريح زيلينسكي المفاجئ
كل شيء بدأ بعد أن قال بوتين: "يمكننا إجراء محادثات السلام مع أوكرانيا في إسطنبول".
وبعد هذا التصريح، اتصل بالرئيس أردوغان ليسأله إن كان بإمكان تركيا استضافة المحادثات. وأبلغه أردوغان- بسرور- بأن تركيا ستقوم بالاستضافة. وهكذا، كما حصل في عام 2023، تم تحديد إسطنبول كموقع للقاء من أجل إنهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا.

في الواقع، كانت المحادثات مقررة بين وفدي البلدين فقط. ولكن زيلينسكي أدلى بتصريح مفاجئ قائلًا: "سأنتظر بوتين في إسطنبول من أجل اللقاء به". 
أثار هذا التصريح دهشة المسؤولين في تركيا، لكن المفاجأة الكبرى جاءت من الولايات المتحدة. 
ما جعل هذا المسار برمّته استثنائيًا هو تصريح ترامب الذي قال: "إذا جاء بوتين إلى تركيا، فسآتي أنا أيضًا"، ما حول كل الأنظار فورًا نحو الاجتماع في إسطنبول.

ومع احتمال مجيء ترامب، بدأ القادة الأوروبيون أيضًا يعلنون نيتهم الحضور. الرئيس الفرنسي ماكرون، المعروف بعدم تفويته لمثل هذه اللقاءات، ورئيسا وزراء بريطانيا وألمانيا قالوا إنهم سيحضرون إلى إسطنبول.

ما هي اعتراضات بوتين؟

عقب تصريحات ترامب والقادة الأوروبيين، تسارعت التحضيرات في مكتب عمل قصر فهد الدين بعد مكتب دولما بهتشه. لكن بوتين كان يُصرّ على عدم الحضور. اتصل به الرئيس أردوغان ليدعوه شخصيًا، لكن كانت لدى بوتين اعتراضات.

ففي اللقاء الذي جرى مع القادة الأوروبيين وترامب، تم الاتفاق على هدنة لمدة 30 يومًا، وكان ترامب يريد أن تُوقّع الاتفاقية في إسطنبول وعلى مستوى القادة، وبحضوره شخصيًا.
أما بوتين، فكان يرى أن التوقيع على مستوى القادة يجب أن يتم من أجل سلام دائم، لكن الوضع الحالي غير مناسب لذلك.

وفي الواقع، كان بوتين منزعجًا من تصرّف زيلينسكي الذي فرض اللقاء عليه بشكل مفاجئ.
غير أن ترامب، الذي بات مهووسًا بإنهاء الحرب الروسية- الأوكرانية، أصرّ على لقاء إسطنبول.
وأثناء زيارته السعودية ومنها إلى قطر، واصل تكرار قوله: "إذا جاء بوتين، فسآتي إلى إسطنبول".
في الواقع، كان ترامب يضغط على بوتين من أجل إبرام سلام دائم، وكان بوتين يعلم ذلك ولهذا لم يكن يريد المجيء.

هذه المرّة، أراد ترامب أن يجرّب ذلك بالاستعانة بأقرب أصدقاء بوتين، وهو أردوغان.
لكن في صباح 15 مايو/ أيار، أعلن مسؤولون في موسكو أن بوتين لن يأتي إلى إسطنبول، وأوقف المسؤولون في قصر فهد الدين استعداداتهم المحمومة.

بوتين يملك اليد الأقوى، وزيلينسكي يبحث عن فرصة
يعرف بوتين أنه في موقع قوي للغاية أمام زيلينسكي، الذي أُذلّ في البيت الأبيض من قبل الرئيس ونائبه.
وبينما يتوق ترامب لأن يُسجَّل في التاريخ بوصفه الرجل الذي أنهى هذه الحرب، ويطمع في معادن أوكرانيا الثمينة، يعرف بوتين أيضًا أن هذه فرصة لا تُعوض بالنسبة له.

على الأرض، في ظل تراجع حماس الولايات المتحدة لتقديم المساعدات العسكرية، وعجز أوروبا – التي باتت بلا قيادة – عن تقديم الدعم الكافي، فإن الكفة لا تزال تميل لصالح بوتين.

يعرف ترامب أنه إذا فرض عقوبات مفرطة على بوتين وأغضبه، فقد يتجه نحو الصين. ولهذا فإن بوتين لا يستعجل، وسيواصل موقفه الحالي بإصراره المعروف حتى يحصل على ما يريد.

أما زيلينسكي، فحتى وإن لم يُحقق نتيجة من مبادرته المفاجئة، إلا أنه يحاول إنقاذ الموقف من خلال ظهوره إلى جانب أردوغان في أنقرة.

أثناء كتابتي هذا المقال، كان مئات الصحفيين في مكتب عمل دولما بهتشه على ضفة البوسفور الأخرى ينتظرون وصول الوفود، لكن الضبابية كانت لا تزال سيدة الموقف.
وعندما رفعت رأسي نحو شاشة التلفاز، كانت الأخبار العاجلة تنقل تصريح ترامب:
"إذا لزم الأمر، سأحضر إلى إسطنبول يوم الجمعة. قلت لكم، إن لم آتِ، فلن يأتي بوتين".

كما ترون، فإن الحماسة في البوسفور لم تنتهِ بعد.

عندما تحرم الأمة من مجاهديها وعلمائها ..

 عندما تحرم الأمة من مجاهديها وعلمائها ..

عبدالعزيز الطريفي

يمر علماء الأمة وأفذاذها بمحنة شديدة أيامنا هذه، فمن تصدى لبيان الحق وإنكار الباطل والانحراف وحذر الأمة من عواقب ما يراد بها تسلط عليه الظالمون، ل

حكمة يعملها الله.
علامة فارقة
التعريف والنشأةطلبه العلم
نصرته لرسول الله وبيان حكم التعرض له
الشيخ الطريفي في قلب الأحداثومما قال عن ما يحدث في مصر
وفي ليبيا
وعن سوريا
الطريفي والإعلام
من أقواله فرَّج الله كربه آثار الشيخ العلمية
لماذا سجنوه
هوامش:
المصادر

علامة فارقة

الحمد لله الذي رفع قدر أهل العلم بقوله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾. والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل: «العلماء ورثة الأنبياء». (١) وغيره أما بعد:

فإن العلماء مصابيح الدجى، وأعلام الهدى. قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى:

“الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم؛ يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يُحيون بكتاب الله الموتى، ويُبصّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيلٍ لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائهٍ قد هدوه فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم ، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين..”.

فالشيخ “عبد العزيز الطريفي” هو أحد العلامات الفارقة في زمننا هذا، خاصة مع سقوط الكثير من الرموز الدينية والسياسية والإعلامية، الذين فضحت مأساة المسلمين في الشام والعراق ومصر وغيرها عوارهم وجُبنهم وتخاذلهم؛ فهو من القِلة القليلة النادرة التي لم تنفصل عن الواقع، ولم تتقوقع في برج عاجي؛ بل كان دائم التفاعل مع قضايا أمته، فيتطرق إليها ناصحا من غير مبالغة ولا إسفاف.. بحرًا في العلم، متقد الذهن ذكيًا ونبيهًا، عقله أكبر منه بكثير، يأتي بالنقولات كما هي في الكتب، يفهم ما يقول فهمًا متقنًا، خبر مسائل الفقه والحديث، مع سمت وأدب وأخلاق واحترام لمن يجالسه.

التعريف والنشأة

أبو عمر وأبو يوسف؛ عبد العزيز بن مرزوق الطَريفي، ولد في دولة الكويت، في السابع من ذي الحجة سنة (ستٍ وتسعين وثلاثمائة وألف) من هجرة المصطفى (٧ ذو الحجة ١٣٩٦ هـ)، عُرِف بطلب العلم مبكراً، بالإضافة إلى البحث وسعة الاطلاع في شتى الفنون، والعناية الفائقة بكتب السنة النبوية حفظاً، ودراية، وإدمان النظر فيها. بدأ بحفظ المتون العلمية في سن مبكرة، تقريباً في سن (الثالثة عشرة) من عمره، وكان أول متن حفظه هو متن المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث.

 

وأما الدراسة الجامعية فأنهياها من كلية الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود في مدينة الرياض.

وأما العمل فباحث علمي في وزارة الشئون الإسلامية، ثم مديراً لإدارة البحوث والدراسات في مركز البحوث والدراسات، ثم باحثاً علمياً فيها.

طلبه العلم

يقول الشيخ:

“أذكر أني ابتدأت حفظ المتون العلمية في سن الثالثة عشرة، وكان أول متن حفظته هو “البيقونية” في المصطلح، وكانت الطريقة في بداية الأمر غير منضبطة، ولكن بدأت بالقراءة والحفظ والقراءة الكثيفة في سن الخامسة عشرة، وأذكر أني قرأت حينها عشرات المجلدات؛ كـ”تفسير ابن كثير” و”زاد المعاد” و”سيرة ابن هشام” و”فتاوى ابن تيمية” ـ المرة الأولى ـ وغيرها وكان هناك حضور متفرق لبعض طلاب العلم، في سن البلوغ وبعده بقليل.

وما قرأته من كتب السنة جلها؛ كسنن البيهقي، وسنن سعيد بن منصور، وصحيحي ابن خزيمة وابن حبان، ومصنفي ابن أبي شيبة وعبد الرزاق ـ أكثر من مرة ـ والمحلى لابن حزم ـ عدة مرات ـ والأوسط لابن المنذر، ومعرفة السنن والآثار للبيهقي، وسنن الدارقطني، و”المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية”، وأكثر الأجزاء الحديثية المسندة وغيرها.. وكثير من فقه السلف فيها محل العناية.

ويلحق في هذا كتب العلل؛ كشرح علل الترمذي لابن رجب، وعلل الدارقطني، وعلل ابن أبي حاتم، وعلل ابن المديني، وعلل ابن معين، وعلل الخلال، وعلل أحمد وغيرها.

وفي الفقه كثير؛ كالتمهيد، والاستذكار لابن عبد البر، والمدونة، والمقدمات، وجملة من شروح الرسالة وغيرها في فقه مالك.

وفي فقه أبي حنيفة: الحجة على أهل المدينة، والآثار لأبي يوسف ومحمد بن الحسن، وحاشية ابن عابدين.

وفي فقه أحمد: جميع مسائل أحمد فيما أعلم التي وقفت عليها؛ كمسائل أحمد برواية عبد الله، ومسائل صالح، ومسائل ابن هانيء، ومسائل مهنا، ومسائل الخلال، ومسائل أبي داود، ومسائل الخلال، ومسائل الكوسج. ويلحق في هذا ما ينقل عن أحمد في غير المسائل كطبقات الحنابلة وغيرها. ومن الكتب في فقه أحمد شرح الزركشي على مختصر الخرقي، والشرح الكبير، وكشاف القناع، ومنار السبيل “مراراً” وغيرها..

وفي فقه الشافعي: الأم، والمجموع، والشرح الكبير، وغيرها..

وأما التفسير: فالذي يغلب على الظن قراءة جل التفاسير المسندة كتفسير ابن جرير وتفسير ابن أبي حاتم وتفسير البغوي. وكذلك تفسير ابن المنذر فقد قرأت الموجود منه “مخطوطاً” قبل أن يطبع، وكذلك تفسير عبد بن حميد قرأت قطعته مخطوطة والموجودة في حاشية تفسير ابن المنذر، وقرأت تفسير ابن كثير، بل اختصرت فوائده.

ولي قراءات متفاوته في تفسير القرطبي وابن عطية والزمخشري والثعلبي وغيرها..

وأما التاريخ : فقرأت كتب الطبقات وتاريخ الإسلام للذهبي وأجزاء من شذرات الذهب وتاريخ دمشق لابن عساكر والبداية والنهاية”

.مشائخه

فهم يتفاوتون زمناً في طول التلقي، وقدر الاستفادة؛ ولكن سأذكر جملة منهم:

  • الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز.
  • محمد عبد الله الصومالي “المكي” رحمه الله شيئاً يسيراً.
  • الأستاذ حسن الأثيوبي في النحو والصرف.
  • الدكتور الأديب محمد أجمل الإصلاحي.
  • الشيخ صفي الرحمن المباركفوري. رحمه الله.
  • الشيخ محمد البرني الهندي في “فتح الباري”.
  • الشيخ عبد الله بن عقيل حفظه الله رئيس اللجنة الدائمة في “مجلس القضاء”.
  • الشيخ عبد الرحمن البراك. شهور يسيرة في الاعتقاد للبيهقي .
  • الشيخ عبد الكريم الخضير. قرأت عليه “الباعث الحثيث” فقط، عام ١٤١٨هـ .
  • الشيخ صالح آل الشيخ قرأت عليه في مجالس يسيرة من “مفردات غرائب القرآن” للراغب الأصفهاني و “سنن أبي داود” عام ١٤١٨ هـ تقريباً.

نصرته لرسول الله وبيان حكم التعرض له

إن أمة الإسلام، وولاة أمور المسلمين والعلماء إذا رأوا من استهزأ برسول الله، صلى الله عليه وسلم، أو وقع في عرضه أو تنقص منه، أو لمزه في نسبه أو في هيئته أو في قوله أو في مطعمه ومشربه عليه الصلاة والسلام؛ فإنه يجب أن يدخل ذلك كله في دائرة الاستهزاء وحكمه واحد، وهو الكفر والقتل على قول عامة العلماء؛ بل حكى بعض العلماء من المتقدمين الإجماع على قتل من استهزأ برسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يستتاب.

إن الله عز وجل لم يجعل مقام النبي، عليه الصلاة والسلام، لأحد، وإنما هو حق مشاع لهذه الأمة عليها أن تحفظه، ولا يملك أحد من هذه الأمة إسقاط الحق؛ ولهذا نقول: “إن من كفر بالله عز وجل فليس لأحد أن يسقط حق الله عز وجل في ذلك”.

وحق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا يملكه أحد من ذريته عليه الصلاة والسلام ممن يرجع إلى آل البيت، ولا يملكه سلطان، ولا يملكه عالم، ولا يملكه أحد من المسلمين، فإذا كان النبي، صلى الله عليه وسلم، جعل اللهُ حقه في زمنه لأمة الإسلام، وليس له عليه الصلاة والسلام أن يسقط حقه في الوقيعة فيه؛ فإن مَن بعده من باب أولى؛ ولهذا من أعظم مهام الولاية ومن أعظم أسباب البقاء حفظ مقام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإنكار ما يستهزأ برسول الله، صلى الله عليه وسلم، من ذوات أو من معانٍ أو غير ذلك؛ لهذا صيانتها وحمايتها وبيان فضله عليه الصلاة والسلام ومقامه عند من يجهل منزلته من عامة الناس أو كذلك أيضاً من المنافقين وإظهار ذلك في وسائل الإعلام من الأمور المهمة.

الشيخ الطريفي في قلب الأحداث

هذه عبارة تختصر لنا أن الشيخ الطريفي مزج العلم بالعمل، فليس هو من المشائخ المنزوين جانبًا والذين يؤثرون السلامة طلبًا لرياسة أو خوفاً من سلطان أو إيثارًا للسلامة، بل هو في قلب الحدث، تجده يتصدى للرافضة في سوريا والعراق، ويقف سدًا منيعًا أمام حملات التغريب هنا في هذه البلاد المباركة، صادعًا بالحجة والبرهان دون خوف من أحد أو كلل أو ملل، بل تجده يعيش عصره لحظة بلحظة، فما من حدث أو هجمة على الدين إلا وتجد الشيخ حاضرًا يصدها ويجليها بحكمته ومنطقه، مستغلاً الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي والتي سخرها تسخيرًا بديعًا لتذب عن حياض هذا الدين وتجلي اللبس عند الناس، فلله دره وهنيئًا له مزج العلم بالعمل.

لقد كان الزنديق ينال من هذا الدين فيصمت الجميع إلا من رحم الله، لأسباب؛ فيتكلم الشيخ الطريفي لوحده، فقد كان أمة وحده، وما شرق العلمانيون والليبراليون بأحد مثل ما شرقوا من ردود الشيخ الطريفي عليهم وتعريتهم.

ومما قال عن ما يحدث في مصر

عند سؤاله عن السيسي، قال: السيسي ليس حاكما متغلبا، بل ظالم يجب أن ينتصر منه للمظلومين، وما يحدث في مصر حرب على الإسلام .

من عرف الفريقين بمصر القالب والمقلوب، ومسافة كل واحد منهم من الحق والباطل، عرف أن ما حدث صراع بين إسلام وكفر ونفاق.

وفي ليبيا

أظهر وجوه النصرة لإخواننا في ليبيا:

أولاً: إظهار حق المظلوم بالتظلم والانتصار ودفع الأذى عن نفسه بما لا يُفسد ما استطاع معه دماً أو مالاً أو ينتهك عرضاً.

ثانياً: بيان ظلم الظالم وصنوفه، ليعلم العالم البعيد عن الساحة الليبية حالهم مع الظلم وطول أمده، وجرأة الظالم على الخالق والمخلوق، وصبرهم عقودا عليه، فإن اتضاح ذلك للناس دعوة للعذر، وتثبيتاً للمظلوم أن ينتصر ويصبر ويثبت وأنه على الحق حياً وعلى الشهادة ميتاً إن صدق في نيته، ودعوة للمخذِل أن يقف عن خذلانه.

وإن المشاهِد للدماء التي تُراق بلا تمييز في ليبيا لا يملك إلا أن يقول: اللهم اسمع واشهد، وكن حسيب الظالم، واحكم بينه وبين المظلوم يا خير حاكم.

وعن سوريا

إذا نظرنا إلى أزمات  المسلمين أو الأزمة السورية على سبيل الخصوص على أنها أزمة قُطر أو أزمة بلد أو أزمة عِرق.. إن هذه النظرة هي جزء من الخلل في هذه القضية وفي معالجاتها، فإذا لم نعرف الداء لم نعرف الدواء، فيجب أن نعلم أن هذه القضية هي حرب على الإسلام والتآمر في ذلك هو تآمر عالمي ودولي، وأن مخاطبات المنظمات أو الهيئات أو الجمعيات أو غير ذلك من المنظمات الإنسانية بلغة إنسانية هو مخاطبة عدو من جهة الحقيقة، لا مخاطبة صديق.

لما حوصر “اليزيديّون” أسقطوا عليهم الطعام بالطائرات، ولما وُجد كثير من الكوارث لغير المسلمين يبادرون بإغاثتهم وإنقاذهم؛ ولكن ما يتعلق بالمسلمين لا في سوريا ولا في العراق ولا في اليمن ولا في بورما وغيرها وكأن هؤلاء ليسوا من الجنس البشري.

 

يجب أن نعلم أن القضية قضية حرب على الإسلام وليست قضية إنسانية بحتة أو قضية قُطر أو بلد لهذا يجب على المسلمين أن يتكاتفوا ويعرفوا العدو وإن اختلفت الأيدي في ذلك.

الطريفي والإعلام

ولعل أجمل ما قيل في الإعلام الأصفر المعادي للأمة والعقيدة هو ما قاله الشيخ في العربية التي تعتبر خنجراً مسموما في ظهر الأمة حيث قال:

“لو كانت (قناة العربية) في زمن النبوة ما اجتمع المنافقون إلا فيها، ولا أُنفقت أموال بني قريظة إلا عليها”.

وقال أيضا:

“العقل يتأثر بكثرة نقده كما يتأثر الجسد بكثرة ضربه، فيستسلم، تُضرب العقول بسياط الإعلام؛ فإذا خضعت قالوا هذا اختياره وحريته وهذه الديمقراطية”.

كما قال حفظه الله:

“الغرب أشغل العالم بحرب الاستبداد على الأبدان وتسلل من تحته لاستبداد العقول وجَلْدها بالإعلام لتذعن لفكره، وهل الأبدان إلا جُثث تسوقها العقول؟!”.

“ما تفعله كثيرٌ من وسائل الإعلام من عرض المنكرات وسوسةٌ وتشجيع للنفوس بالمنكر كوسوسة إبليس لآدم بأكل الشجرة ولو تركه ما فكر بها”.

من أقواله فرَّج الله كربه

“دستور الأمة: القرآن، وحامله رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعلماء ورثة الأنبياء، والعلماء باقون ما بقي الإسلام إلى قيام الساعة، فالأمة ظاهرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها”.

“يظن بعض الحكام أن تنازله عن بعض دينه إرضاء للكفار سيوقف ضغوطهم! وكلما نزل درجة دفعوه أخرى. الثبات واحد والضغط واحد. فغايتهم حتى تتبع ملتهم”.

“الحرية أكثر معاني اليوم تشويها؛ أناس تسمي عبودية الهوى حرية، وأناس تجعل عبودية البشر خيرا من الحرية. ومن عبَد الله حق العبودية صح له ميزان الحرية”.

“لا يُعفى أحد من العلماء من بيان المظالم للناس وخطرها، ووجوب رفعها عن المظلوم، وعاقبة الظالم، في العاجل أو الآجل”.
“أخطر أعداء الأمة منافقوها، ينشغلون بتشويه مصلحيها ليُضعفوهم ويسكتون عن مفسديها ليُقوّوهم، كانوا يسخرون من الصحابة ويسكتون عن يهود المدينة”.

“من قرأ كلام اليهود بالعبرية، وجد أنه يُشابه كلام المنافقين بالعربية. والفرق اختلاف اللغة. خفايا القلوب تُخرجها الشدائد والمحن”.

آثار الشيخ العلمية

  • التحجيل في تخريج ما لم يخرج من الأحاديث والآثار في إرواء الغليل.
    وقد كان هذا العمل أفضل عمل علمي لعام (١٤٢٢هـ) في المملكة. كما نشرت ذلك مجلة الدعوة في عددها (١٨٥٦) في مسابقتها السنوية، فكان أفضل عمل علمي (التحجيل).
  • زوائد سنن أبي داود على الصحيحين والكلام على علل بعض حديثه.
  • شرح حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي صلى الله وسلم.
  • الإعلام بتوضيح نواقض الإسلام.
  • توحيد الكلمة على كلمة التوحيد “رسالة”.
  • العلماء والميثاق.
  • الغناء في الميزان.
  • المعتزلة في القديم والحديث.
  • أسانيد التفسير.
  • صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
  • تعظيم الله تعالى .. وحكم شاتمه.
  • تعظيم النبي وحكم التعرض.
  • واجبنا اتجاه هجوم العلمانية والليبرالية.
  • العقلية الليبرالية.

لماذا سجنوه

سرعان ما تلْقى تلك النماذج الناجحة والفذة في أمتنا الإسلامية مواجهة شرسة من الحكام؛ فقد كان مصير “الطريفي” هو السجن بعدما انتقد قرار الحكومة في تقليص صلاحيات “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.

نسأل الله تعالى أن يفرج كرب الشيخ وسجنه، هو وسائر علماء المسلمين، العاملين المبلغين عن نبيهم، والحريصين على أمتهم.


هوامش:

  1. رواه الإمام أحمد.

المصادر

  • صفحات من حياة الشيخ عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي، صالح بن عبدالعزيز الثويني.
  • عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي، موقع مداد.
  • الشيخ عبدالعزيز الطريفي الذي رأيت، عبدالعزيز الحويطان.
  • الشابان الألمعيان: الطريفي والسكران رواد الدعوة في الجيل الجديد، بشرى جلال
  • مقالات الشيخ فك الله أسره، موقع طريق الإسلام.
  • كتاب “تعظيم النبي وحكم التعرض” للشيخ حفظه الله.

باريس أمام حالة عربية معقّدة

باريس أمام حالة عربية معقّدة

محمد هنيد

قد يكون للمقيم في فرنسا رأي مختلف عن رأي غيره من المقيمين في الحواضر العربية بشأن الموقف الفرنسي المرتبك من هذه الحالة، خاصة ما تعلق منها بالقضية الفلسطينية. صحيح أن الموقف الفرنسي ليس موقفا واحدا، فالموقف الرسمي يختلف عن موقف المعارضة، وهو كذلك مختلف عن موقف النخب يمينا ويسارا لكن يبقى لتعبيرات النظام الحاكم والمنصات الإعلامية المرتبطة به الوزن الأكبر في الإخبار عن موقف البلاد من القضايا الخارجية.

فرنسا الرسمية لا تُخفي تحالفها الوثيق مع المشروع الصهيوني سواء عبر التغطية على جرائم الاحتلال أو من خلال الدعم العسكري المباشر أو بقمع الأصوات المناهضة للمذبحة. كما أن المواقف المناهضة للمشروع الصهيوني ليست مواقف داعمة للعرب أو المسلمين بقدر ما تدخل عادة في جدول صراع حزبي أو انتخابي.

هذا الموقف الفرنسي يكاد يتماهى مع أغلب المواقف الغربية والأوروبية (باستثناء الموقف الإيرلندي) وهو، في نظرنا، موقف لا ينبع من داخل القناعة الفرنسية أو الأوروبية بقدر ما ينبع من طبيعة الحالة العربية نفسها. الحالة العربية السياسية والحضارية هي التي أمْلت في الحقيقة شروط المواقف الخارجية من قضايا العرب والمسلمين وكذلك من القضية الفلسطينية.

فباريس مستعمِر سابق كأغلب الدول الغربية وقد احتلت بلاد العرب طوال قرون وصاغت قبل خروجها الهيكل السياسي والحضاري لكل البلدان التي احتلتها وهو المنوال الذي لا يزال ساريا إلى اليوم. لكن رغم عقود من «الاستقلال» خاصة في المستعمرات الفرنسية القديمة فقد فشلت الدولة الوطنية في بناء سيادة حقيقية أو تشكيل موقف سياسي موحّد ولو في حدّه الأدنى. بل إن دولا عربية كثيرة لا تزال تسبح في الفساد والتخلف وغياب المقومات الأساسية للبنية التحتية التي تحقق شروط المواطنة والسلم الاجتماعي.

ليس من الضروري التذكير بالتواطؤ العلني لعدد من الأنظمة العربية مع مشاريع الاحتلال خاصة في فلسطين وسعيها إلى خنق المقاومة وحصارها ومنع دخول المساعدات إليها. وهي مع غيرها أدلة واضحة على تشرذم الحالة الإقليمية وعجزها عن دفع القوى العالمية إلى تبني موقف داعم أو على الأقل محايد من الملفات العربية الحارقة.

إنّ اصطفاف باريس وأوروبا بشكل عام ضد قضايا العرب والمسلمين غير نابع من خيارات ذاتية بقدر ما هو استجابة موضوعية لطبيعة الحالة العربية. لن تعدّل باريس ولا القوى الخارجية من بوصلتها ما دامت هذه الحالة قائمة وهو ما يؤكد مرة أخرى أن المشكل يكمن داخل الدائرة العربية نفسها لا خارجها.

هل ستنجح أمريكا في الشام؟

 هل ستنجح أمريكا في الشام؟

نجحت بريطانيا في نجد والحجاز قبل أكثر من مائة عام


مضر أبو الهيجاء 

تذكرة مفتوحة للأخ الرئيس السوري أحمد الشرع وفريقه الصلب لإعادة قراءة مقالي الذي كتبته قبل تحرير سوريا بثلاثة أشهر -بتاريخ 24/9/2024 وهو منشور على قناتي التلجرام-، مستشرفا الجنوح الأمريكي نحو أرض الشام، ومتخوفا من إعادة بناء النموذج السعودي في الحكم، والذي صاغته بريطانيا معتمدة على أداتين متوفرتين في جغرافيا الحجاز ونجد وهما المكون السياسي والمكون الديني المتقدم آنذاك.

إن دعوتي للسيد أحمد الشرع اليوم ليس فيها تراجع عن مسار التغيير والتحرير والبناء، بل يقظة وفهم ونظر وتدبر واجب أمام أكبر شياطين الأرض ومشاريعها وأدواتها الفاعلة والساحرة، وأقصد حكام أمريكا -العرق الأبيض-، والتي لن تقبل بأن يحيا إسلامنا وينبت القمح ويظهر الياسمين في أرض الشام.

إن الحذر والفهم والدهاء والمكر مطلوب وواجب تجاه أي لقاء بين حكام الشام الجدد وبين رؤوس مشاريع الباطل التي تؤسس للباطل والظلم والقهر والعدوان على وجه البسيطة ( لقاء الشرع-ترامب).

إن كل ما نعتبره فضيلة هو في وعي المشروع الأمريكي رذيلة، كما أن كل ما نعتقد أنه رذيلة يراه المشروع الأمريكي فضيلة، وإن ما نقبل الموت لأجل تحقيقه، يقتلنا الأمريكان لأجل منع تجسيده.

وإذا كان واقع الحال يضطرنا للالتقاء بشياطين الإنس من الفاعلين والمتحكمين في واقع الدنيا بأسرها -وذلك بهدف استبعاد الشرور أو تقليلها في المرحلة الحالية-، فإننا يجب أن نتحلى بإيمان وفهم ورسالية وذكاء ودهاء الصحابي الجليل كاتب الوحي معاوية رضي الله عنه وجميع الصحابة الكرام.

اللهم نسألك أن تسدد إخواننا في أرض الشام، اللهم وإن كانت عندك دعوة مقبولة منا فنسألك يا ربنا أن تسدد مسار القائمين على التجربة الإسلامية الواعدة في أرض الشام المباركة.


سورة الفاتحة.. والصراع العالمي من باكستان إلى غزة

 سورة الفاتحة.. والصراع العالمي من باكستان إلى غزة

عبد المنعم إسماعيل
كاتب وباحث في الشئون الإسلامية



جاءت سورة الفاتحة والسبع المثاني والقرآن العظيم بوضع خريطة التدافع العالمي بعد بيان قاعدة النجاة ثم قاعدة الاتفاق والافتراق فكان التعرف على الله رب العالمين صاحب الأسماء الحسنى والصفات العلى هي أصل الأصول ومجمع الثوابت العقدية للبشرية إذا أرادت النجاة يوم الدين الذي كان الأصل الثاني وكان عبارة عن نتيجة طبيعية وحقيقية لمن يؤمن بالأصل الأول وهو توحيد رب العالمين سبحانه توحيدا يخالف ما عليه المخالفين من أهواء يهود بصفتهم الأمة الغضبية والنصارى بصفتهم أمة الضلالة ويمضي المجتمع البشري إذا أراد النجاة نحو الاستسلام لعبودية رب العالمين سبحانه  ودلالة هذه العبودية هي لزوم صراط الذين أنعم الله عليهم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وتمام المنة في لزوم هذا الصراط  بالولاء تكمن في شمولية البراء من أهل الغضب اليهود والضلال النصارى لأنهم قاعدة الشر على الأرض ومجمع الفتن على الأمة العربية والإسلامية فحيثما كانت فتنة ففتش عن اليهود والصهيونية والنصارى والصليبية تجدهم أو تجد مشتقاتهم وخلل قلوبهم ومكر نفوسهم.


كل صراع على الأرض منذ فجر التاريخ جاءت معالم تقييمه  في سورة الفاتحة لذا جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم شرطا في صحة الصلاة حيث يجب على كل مسلم قراءتها في اليوم والليلة لا يقل عن سبعة عشر مرة في صلاة الفرض فقط بخلاف اثنى عشر مرة في صلاة السنن الراتبة وهذا ليؤسس في قلب وعقل المسلم المعاصر الثوابت العقدية التي تصون الفرد المسلم والأسرة والمجتمع والدولة المسلمة سواء كانت عربية أو تنتسب إلى العجم قواعد وأصول النجاة من أصحاب الجحيم اليهود والصهيونية والنصارى والصليبية وما نتج عن مشتقاتهم الغضبية أو الضالة سواء كانت باطنية أو علمانية أو طائفية مدمرة للكيان الجامع والنواة الصلبة للأمة العربية والإسلامية.


الوثنية والصهيو صليبية

عدو واحد ووجوه متعددة خرجت من رحم الشيطان الرجيم


أعلنت الحرب على الإسلام يوم بدر والأحزاب وحطين وعين جالوت  وحروب التفكيك والتقسيم سايكس بيكو لإسقاط الخلافة والقادسية الأولى  وحرب 1948على الأمة الإسلامية في فلسطين ثم الحرب على العراق عام 1979و2003 والحرب على الشام عن طريق طاغية النصيرية واليمن بطاغية الحوثية والباكستان ببقر الهندوس المقدس عام 2025 والحرب على مصر بمخطط الافقار المتعمد واستلاب عقول الشباب المصري لأنهم يدركون أن التحول الفكري في عقلية الشباب والأمة المصرية هو الذي بفضل الله تعالى يصنع الفارق والتاريخ يشهد كما صنعوها مرة في عين جالوت ومع صلاح الدين ويوم السادس من أكتوبر 1973 بعون الله تعالى يستطيعوا فعلها بالإسلام والسنة والصحابة والأمة كل مرة شرط الإخلاص والبراء من الجاهلية سواء كانت علمانية أو باطنية صوفية فاطمية شيعية أو غريقة في تيه الأنا والذاتية المدمرة حول خلافات متنوعة لن تنتهي إلا في عقول عصمها الاعتصام وأقام مفاهيمها العقل الجمعي المدرك لحقيقة العبودية والفاهم لقدر تنوع زوايا الرؤية نتيجة مرور الزمن أو تغير أحوال العقول والنفوس حسب آليات التقييم أو أدوات التقويم المتوافقة مع السنن الربانية البعيدة كل البعد عن حيل الاستهلاك أو علل التفرق والاختلاف حول النقير والقطمير.


الخلاصة:

الخصم واحد أمام الأمة الإسلامية وهم في مركب واحد وإن تعددت حيل تلاعبهم ومكرهم بالمسلمين.

اليهود في فلسطين والحرب على غزة هم واليهود في قم المدنسة بشيطان القرن الخميني والخامنئي والحوثي والنصيرية والدروز والحوثية والهندوس وعصابات المد الكنسي في افريقيا الوسطى وثعالب بورما ووثنية الصين في تركستان عدو واحد وإن تعددت وإن تغيرت الجغرافيا وعلى رأس العداء يقف دونالد ترامب ووكلاء مخطط التطبيع مع العدو الصهيوني الذي يسعى نحو مكر المسخ العقدي والفكري والأخلاقي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي لأجيال أمة الإسلام.


خلاصة الخلاصة:

نحن نصلي تعبدا لله رب العالمين ونقرا الفاتحة لنعيش حقيقة التوافق مع الحق والصراع والتدافع مع أصحاب الجحيم على تنوعهم العقدي والفكري الوثني أو الجاهلي بشكل عام.


لسنا من دعاة تدجين العقول أو صناعة دراويش الفكر والأخلاق المنسلخين من حقيقة الفهم لطبيعة الخطر الداهم على الأمة أو الهدف النبيل الساعي نحو حقيقة الوعي الشامل الموازي لموروث الدين وحقيقة المسؤولية الربانية للمسلم المعاصر وأمة الإسلام.


غزّة في انتظار المعجزة

غزّة في انتظار المعجزة

مقالات  حلمي الأسمر

بين الشيخَين، عزّ الدين القسّام وعمر المختار، حبلٌ متينٌ لا ينفصم، يربط بين شرق الوطن الكبير وغربه. الأوّل قالها: "إنه جهاد نصر أو استشهاد". والثاني قالها بالطريقة نفسها، وإن اختلفت المفردات: "نحن لا نستسلم ننتصر أو نموت"، وهذا "كود" أو كلمة سرّ أدركها الأعداء مبكّراً، فحاولوا "تذويب" هذا الإكسير في محلول يفسده بشكل كامل، وارتكبوا في سبيل تحقيق هذا الهدف الأفاعيل، وتبعهم من قومنا (جهلاً أو تواطؤاً) خلق كثير، ورغم هذا لم يستطيعوا محو هذا النقش الذي يُزيّن روح الأمّة، وجريمة غزّة التي لا تُغتفر أنها نفضتْ الغبار عن هذا المعتقد الراسخ وحوّلته كائناً حيّاً يُطلّ بأفعاله المذهلة صباح مساء عبر نشرات الأخبار، و"تغريدات" الإعلام الشعبي، حتى صار أهزوجةً تثغو بها أفواه الصغار، و"يدبك" على أنغامها الكبار.

في الجانب الآخر، المعادلة لها شكل آخر، وتعبير مختلف في مفرداته، لكنّ المقاربة واحدة تقريباً، فـ"إسرائيل" هي "دولة" الهزيمة الواحدة، ولا تستطيع أن تعيش إلا مع نصر كامل، أمّا الهزيمة الكاملة فهي معركتها الأخيرة، فهي مبنية على مشروع لا يقبل إلا النصر "الساحق"، بتعبيرهم. 

أمّا المعركة التي تنهزم بها، فهي ستكون المعركة الأخيرة التي تخوضها. 

صحيح أن استمرار الحرب يخدم مصالح بنيامين نتنياهو، وطائفة من الذين معه، ولكن الصحيح أيضاً أن لهذا الاستمرار وجهاً آخر يعبّر عن أحد أكثر خصوصيات مشروعهم الاستعماري أهميةً. 

أصيب هذا المشروع في مقتل، فقد تمكّنت المقاومة من الوصول إلى ما يشبه حجر سنمار، الذي إن اجتُثّ من البناء تهاوى القصر كلّه، والحقيقة أن هذا الحجر تزعزع وتحرّك من مكانه وأصيب بأضرار بالغة، وكلّ ما يحاوله العدو اليوم ليس إعادة تثبيت الحجر في مكانه فقط، بل قطع اليد التي امتدّت إليه، كي لا يجرؤ أحد ما على ارتكاب الفعل ذاته، وهو حتى الآن يفشل في كلتا المهمَّتين.

والخلاصة، ثمّة لقاء تاريخي وحاسم وفاصل بين نموت أو ننتصر، وننتصر أو نتلاشى وننتهي، ولأن موازين القوى بين المشروعَين والمفهومَين لا مقارنة بينهما، فالكفّة تميل من حيث القوّة المادية لمصلحة العدو، وشبه انعدام للقوة "الروحية"، أمّا مشروع القسّام ـ المختار فلديه "فقر"، ومحدودية في القوّة المادية، وغنىً بلا حدود في القوة الروحية، ولا مقارنةَ هنا بين "مجاهد" و "قاتل" مأجور يدافع، ليس عن مشروع استعماري فحسب، بل عن مصالح مدنية (أو حضارة إن شئت) غربية كاملة. 

هزيمة المشروع تعني بداية رحيل الغرب إلى "جحوره"، وصعود الشرق واستعادة صولجان قيادة العالم، وهذه معركة تستحقّ من الغرب وحلفائه أن يضعوا كلّ ما يملكون من قوة ودعم وذخيرة ولوجستيات في جعبة شريكهم أو مندوبهم "الإسرائيلي"، ليس لهزيمة غزّة فقط، بل لاجتثاث "ننتصر أو نموت"، أو "إنه جهاد نصر أو استشهاد".

ثمّة لقاء تاريخي وحاسم وفاصل بين نموت أو ننتصر، وننتصر أو نتلاشى وننتهي

أيقظت غزّة مفهوماً اجتهد الغرب كلّه بقواه الاستعمارية والفكرية والثقافية، وبقوة ما يسمّى "القانون الدولي"، لتجريم الجهاد، وحسبوا لوهلة أنهم تمكّنوا منه ومن أهله، لتأتي غزّة وتنفض عنه الغبار، وتعيد له ألقه ولألاءه، ليصبح مقاتل "القسّام" من بعد هو "البطل" الذي كان يحلم برؤيته الضمير الجمعي للأمّة، فتتعلّق به قلوب الصغار، وتترنّم بمنجزاته عقول الكبار، وتلك خطيئة غزّة الكُبرى، لهذا وجب مسحها من الخريطة (إن استطاعوا)، ولهذا أعطيت "إسرائيل" شيكاً على بياض لإتمام المهمة، ومصيبتهم هنا، أن التفويض المفتوح لا يمكن أن يبقى مفتوحاً إلى ما لا نهاية، ليس خوفاً على أهل غزّة، ولا تعاطفاً معهم، بل لأن الطرف الذي أُوكل بالمهمّة لم يستطع أن يتمّها، حتى بعد تمديد الوقت المُعطى له، الأمر الذي أوقع من فوّضه بالحرج الشديد أمام شعوبهم، ومع هذا لم يجرؤ أحد حتى الآن ممّن فوّضوا القاتل أن يرفع يده عن دعمه، أو أن يصف حقيقة ما يجري ويسمّيه باسمه: إبادة جماعية، وتطهير عرقي، ومحارق نازية بثوب صهيوني، وإن بدا أن هناك بعض التصدّع في جبهة داعمي المشروع الإجرامي الصهيوني، لكنّ التفويض لم يزل قائماً، وفي الوقت الذي ينتهي هذا التفويض، فلن يكون هناك شيء اسمه "إسرائيل"، فهي مشروع يستمدّ قوّته ليس من ذاته، بل ممّن تبنّاه وموّله، ومع صمود المقاومة، وقربها من تحقيق انتصار لا لبس فيه، فلن يكون هناك تفويض من بعد، وتلك لحظة فارقة في التاريخ البشري كلّه، بدا أن بشائرها بدأت تلوح في الأفق.

وفق موازين القوى المادّية، وبحسابات الأرض، فهذا النصر لم يزل بعيداً جدّاً، وتلك حقيقة تؤكّدها جملة وقائع تبعث في النفس غصّةً كبيرةً، ليس لأن الغرب يدعم هذا المشروع الإجرامي، بل لأنه (الغرب) تمكّن من حشد مؤيّدين وأنصار له من الشرق، من أبناء جلدتنا، أفهموهم ضلاًلاً وكذباً أن نجاح مشروع المقاومة يشكّل خطراً وجودياً عليهم، وتلك فرية تحوّلت مجهوداً حربياً ولوجستياً يحمي ظهر العدو، ويمدّه بأسباب القوّة، كلّ هذا وما زلنا في دائرة موازين القوّة المادّية.

التخنّثُ الفقهي وأصحاب اللِّحَى البلاستيك

 التخنّثُ الفقهي وأصحاب اللِّحَى البلاستيك

يسري الخطيب
- شاعر وباحث ومترجم- مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات



1- ما من طاغيةٍ أو فاسدٍ يموت؛ إلا خرج علينا فريق المطبطباتية، والحِـنـيّة الكيوت، وجحافل المنافقين، وأصحاب اللّحَى البلاستيك (وما أكثرهم على الفيس) بنفس الكلمات التي لا تتغير: (لا تسبّوه، ربما يكون قد تاب قبل موته) والطريف أنهم لا يقولون ذلك إلا في موت الفاسدين والطغاة فقط، وهم الذين يسبون ويكـفّـرون رجال الإسلام في حياتهم ومماتهم، لمجرد اختلاف الأيديولوجيات ولعبة النفاق والسياسة.

2- يقول ابن كثير، عن ابن عباس (رضي الله عنه) في تفسير آية : (لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا)

لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد، إلا أن يكون مظلوما، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه، وذلك قوله: (إلا من ظُلِم)

3- أما حديث (اذكروا محاسن موتاكم) الذي يصدّعونا به بعد هلاك كل ظالم وطاغية، فهو حديث ضعيف، و”محاسن” تلك خالة هؤلاء جميعا…

قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث غريب، سمعت محمدًا – يعني البخاري رحمه الله – يقول: عمران بن أنس المكي منكر الحديث، والحديث حكمَ عليه الشيخ الألباني (رحمه الله) بالضعف.. وقال الشيخ الحويني: (حديث ضعيف)

والله أعلم.

4- تقول القاعدة الإسلامية الذهبية: (ما تطـرّق إليه الاحتمال؛ سقط به الاستدلال)

لو أحدهم قال لي: ربما تاب (فلان) وعاد إلى الله قبل موته، سأقولُ له: وربما كـفـرَ والدك وارتدّ قبل موته…

5- لقد فرحَ المسلمون بموت الحجاج بن يوسف الثقفي، ونقلت لنا كتب التاريخ سجود الحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، شكرًا لله على موته، ولما أُخبِرَ إبراهيم النخعي بموته بكى من الفرح، ولما بُشِّرَ “طاووس” بموته فرحَ وتلا قول الله تعالى: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 45 الأنعام.

(طاووس بن كيسان اليماني، فقيه، وراوي حديث، وتابعي من كبار فقهاء التابعين، كان من تلاميذ ابن عباس، وعُرف بتقشّفه في العيش، وجرأته في وعظ الخلفاء والولاة)

6- جاء في الصحيحين، عن أنس بن مالك رضي الله عنهما، قال: مَرُّوا بجَنَازَةٍ، فأَثْنَوْا عليها خيراً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَجَبَتْ» ثم مَرُّوا بأخرى، فأَثْنَوْا عليها شراً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَجَبَتْ»، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما وَجَبَتْ؟ فقال: (هذا أَثْنَيْتُمْ عليه خيراً، فوَجَبَتْ له الجنة، وهذا أَثْنَيْتُم عليه شراً، فوَجَبَتْ له النار، أنتم شُهَدَاءُ الله في الأرض)

7- معظم المصريين يعانون من مرض السَّهْـوَكة الفقهية (التخنّث الفقهي)، ويكيلون بمكيالين متناقضين، والعامة في مصر ينطقونها بتلقائية، ومن دون خجل: (مُحن شرعي!)