أوضاع خاطئة فى القضاء
فراج إسماعيل
لا يجوز لأى هيئة من هيئات القضاء أن تحول دون ممارسة السلطة التشريعية لاختصاصاتها فى وضع القوانين، ولا أن تمارس استعلاء عليها بأسلوب نادى القضاة الذى أرسل إنذارًا لمجلس الشورى يحذره من مناقشة تعديلات قانون السلطة القضائية المقدم من حزب الوسط.
ليس لنادى القضاة سلطة على المجلس التشريعي، لكنه للأسف يتجاوز الحدود معتديًا على دستور 2012، الذى منح مجلس الشورى سلطات مجلس النواب، وأهم ما فيها تشريع القوانين.
والمشكلة أن إنذار نادى القضاة يتجاوز السلطات القضائية الأهم، والمعنية بذلك الشأن، وأولها مجلس القضاء الأعلى.
هذه ليست المرة الأولى، فنادى القضاة أثار ضجة أيضًا، عندما حاول مجلس الشعب المنحل الاقتراب من قانون السلطة القضائية، لجعله متوائمًا مع متغيرات الثورة ومحاكمة رموزالنظام السابق، وكان من نتائج ذلك تعطيل تشريعات مهمة، لو أتت فى وقتها لمنعت مهرجان البراءة للجميع، الذى يكاد يقضى على الثورة ويعيد مصر لنظام مخلوع اعتقدنا أنه ولّى بغير رجعة.
يوم الأربعاء القادم سيعقد نادى القضاة جمعية عمومية، لتصعيد حربه على مجلس الشورى، فى محاولة لإرهابه، حتى لا يقترب من قانون وضعه النظام السابق لخدمة أهدافه، يسانده إعلام وقوى حليفة تروج لفزاعات "أخونة" القضاء والمذبحة التى ستطال 3500 قاض فى حالة تخفيض سن التقاعد.
ما أتمناه ألا يخضع مجلس الشورى لإرهاب نادى القضاة، وأن يمضى فى ممارسة واجباته التشريعية التى منحها له الشعب مؤقتًا بمقتضى الدستور إلى حين انتخاب مجلس النواب.
وأتمنى أيضًا ألا تتدخل السلطة تحت أي مواءمات سياسية أو خشية تبعات ما يسمى بمذبحة القضاء، التى لا أراها حقيقة، وإنما محاولة لتضليل الرأى العام، فالتقاعد سيطال شيوخًا زادوا عن الستين عامًا، السن الطبيعى المعمول به عالميًا للإحالة إلى المعاش، ومعظمهم اقتربوا من السبعين عامًا، فى حين يبقى مثل عددهم تقريبًا من أوائل خريجى الحقوق والشريعة والقانون خارج المنظومة القضائية، بسبب عدم إخلاء أماكن لهم من قبل هؤلاء الذين يمتد بهم العمل إلى مرحلة الشيخوخة المتأخرة (70 عامًا).. فيما يتاح فقط لمن تقف وراءهم الوساطات ليشغلوا الأماكن المتبقية، وهؤلاء فى الغالب من أبناء القضاة والمستشارين.
حوالى 2500 من خريجى الحقوق والشريعة والقانون حصلوا على تقديرات تؤهلهم لسلك القضاة فى الفترة من عام 2000 حتى 2010، لم يتح لهم ذلك، بسبب التقاعد عند سن السبعين، وشغل أبناء القضاة والمستشارين وأصحاب الوساطات الأماكن المتبقية رغم حصولهم على درجات أقل وتأخرهم فى الترتيب، بعضهم رسب أثناء سنوات الدراسة، وقد صدر حكم قضائي من محكمة القضاء الإدارى فى عام 2005 يشير إلى ذلك الوضع الخطير، الذى أدى إلى تدهور مستوى القضاة.
المقابلات الشخصية التى تجرى للخريجين تتدخل فيها الوساطة والقرابة، والمفترض أن يتم الاختيار بالترتيب بدءًا من أعلى التقديرات الدراسية، ما عدا الثابت ضدهم جرائم أو سلوكيات مخلة.
النتيجة أن أبناء الطبقة المتوسطة والفقراء حرموا من دخول سلك القضاة، فقد أفرزت الثلاثين سنة الماضية قضاة من بيوت القضاة أنفسهم.
هنا نفهم سر الحملة على أى قانون أو تعديلات تعالج تلك الأوضاع الخاطئة.
farrag.ismail@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق