خديجة بن قنة ومرسى
فراج إسماعيل
هو الأفضل من جميع حوارات مرسي السابقة والفضل لمذيعة متمكنة ومحترفة، تسأل دون صراخ وتنتزع ما تريد من إجابات بمهنية عالية..
تفصل بين عملها كصحفية ومذيعة وبين ما يقع فيه آخرون من مظنة أنهم سلطة تحقيق تجلد بلسان حاد وأسئلة تعجيزية للإيقاع بالشخصية التي تحاورها.
أسئلة خديجة بن قنة العميقة والتي تندرج في خانة السهل الممتنع مع ابتسامة ذكية، قدمت لنا إجابات وافية من الرئيس مرسي تميزت هي الأخرى بالعمق والذكاء في طرقه للقضايا التي سئل عنها.
لم يفلت منه تعبير، ولم يبد أنه يناور حتى وهو يستخدم كلمات دبلوماسية في وصفه لعلاقات بلاده مع بعض الدول.
ثلاثة أرباع نجاح أي حوار يعود لشخصية المذيع أو الصحفي وتعمقه في القضايا التي يسأل عنها.
لابد أن يقرأ كثيرًا عن شخصية ضيفه، طريقة حديثه، حواراته وخطبه السابقة، الحالة العامة لمزاجه، وتأثره بما يحيطه من أحداث، والأهم أن يتخلص المحاور من الصورة النمطية والتوجهات المعلبة التي تؤثر في حيادية بعض الإعلاميين ومن ثم على التزامهم بالقواعد المهنية.
حققت خديجة الأرباع الثلاثة بتميزها فقدم مرسي الربع الأخير بأفضل ما عنده رغم أن الحديث جرى بعد عودته من رحلة إلى روسيا استمرت يومين كانت زاخرة بالعمل وإنهاك السفر، استقبلته القاهرة بعدها بتوتر بالغ بين السلطة القضائية ومتظاهرين يدعون لتطهيرها، وانتهى الأمر بهجوم عليهم شنه مجهولون في ميدان عبدالمنعم رياض وشارع رمسيس.
والحق أن مفاتيح محمد مرسي الحوارية صعبة، فهو متأثر إلى حد ما بالخطبة الدينية التي تتميز بالتطويل والشرح والتفسير والوعظ والإرشاد، ولذلك لم تشبع حواراته التليفزيونية السابقة نهم الكثيرين، لأن المحاورين فشلوا في حل شفرة تلك المفاتيح، وهو ما نجحت فيه مذيعة قناة الجزيرة، والمحصلة أننا خرجنا بانطباعات ومعلومات واضحة وبإيجاز غير مخل.
مرسي ظهر واثقًا من نفسه، أكثر خبرة من ذي قبل، وقادرًا أن يشدك إلى الاستماع أكثر بعد أن تسرب إلى نفسك أنه سيفصح أكثر عن معلومات جديدة.
سئل عن شعوره عندما يشاهد السخرية والإهانة اللتين يتعرض لهما من الإعلام، جاءت إجابته السريعة بدون تزويق أو تجميل أنه إنسان، وبالفطرة سيغضب من الإساءة، لكنه لم يهدد أحدًا راجيًا من الذين يهينونه أن يحاسبوا أنفسهم.
أي إنسان سليم يغضب من الإهانة والتشويه المتعمد لشخصه الذي ينهال مثله على مرسي عدة ساعات يوميًا، ومع ذلك فالبعض يشكو من تقييد الرأي والحريات الإعلامية ولا أعلم أين يحدث ذلك؟!!.
معظم الصحفيين في مصر يشتمون رئيس الجمهورية ويهينونه ويفتخرون بذلك فلا ينالهم أذًى، على العكس البعض يخشى من البلطجية إذا مدح رئيس الجمهورية ويتقي شرهم فيواصل إهانته في أحاديثه وكتاباته وتدويناته على مواقع التواصل الاجتماعي.
عشرات الصحف والقنوات التليفزيونية أطلقت منذ مطلع عام 2012 وما زال المزيد يهل علينا من غير تصريح أمن الدولة كما كان الحال سابقًا.
الكل يكتب ما يريد بدون رقابة. فإذا غضب البعض ورفع دعاوى قضائية يعتبرونه تقييدًا على حرية الرأي، مع أن من يشتكي صحفيًا أو مذيعًا، لجأ للقانون وليس لإجراءات استثنائية.
فلماذا نخشى معشر الإعلاميين من القانون؟ وهل نحن كائنات مرخص لها أن تفعل ما تريد فلا يقاضيها المتضرر على أخطاء القذف والسب والتشهير؟!
farrag.ismail@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق