الخط الأمريكي الأحمر.. نقل المكان أم لعبة الألوان؟!
منذ بضعة أشهر، تعمد البيت الأبيض أن يداري تواطؤه مع جرائم نيرون الشام بشار الأسد، فاختار أن يرسم لصبيه مصاص الدماء المتوحش خطاً أحمر وحيداً، هو استعمال الأسلحة الكيميائية، وهو استعمال ادعى أوباما أنه سوف يُغَيّر "قواعد اللعبة"!! طبعاً ينبغي لكل عاقل ملاحظة تشبث القوم بوصفهم شلالات الدم المتدفقة من أبناء الشعب السوري، بأنه لعبة!!
وإيغالاً منهم في الخداع، لم يحددوا أي شروط تفصيلية، فأوحوا للمغفلين أن أي استخدام من عصابات المجوس الجدد لعنصر كيميائي أو أكثر، سوف يجعلهم يبدلون سياستهم القائمة على مشاهدة المذابح باستمتاع، مع إطلاق كلام بات أخف حدة عن ضرورة تنحي الإرهابي المجرم عن كرسيه!!
وها هي الأدلة تتواتر على استخدام القتلة السلاح الكيميائي ذا القدرة على القتل الشامل أربع مرات في الأقل، وجاءت الأدلة من أقرب حلفاء أمريكا: لندن وباريس، ناهيكم عن الأدلة الثابتة التي سلمتها أجهزة الاستخبارات الأمريكية ذاتها لرئيس جمهوريتها المستمر في غيه لإبادة الشعب السوري!
شعر أوباما أنه محشور في زاوية ضيقة، فكلمته أصبحت في الميزان، فإما أنها هذر ولغو تافه، وإما أنها موضع احترامه هو نفسه قبل شعبه والشعوب الأخرى، لكنه بدأ على الفور بالتلاعب بالكلمات، حتى إنه "تبرع" لصبيه بشار بأعذار واهنة لم تأتِ في بال ذاك الأبله المعتوه، فالأخير اعترف بلسان أبواقه الرسمية باستخدام السلاح الكيميائي في خان العسل بالقرب من حلب، وإن كان قد اتهم الثوار بجريمته كما هو متوقع.
فأوباما لدى استقباله ملك الأردن عبد الله الثاني أخذ يتفلسف زاعماً أن هنالك " مؤشرات ترجح استخدام الكيميائي في سوريا لكن لا نعرف من الذي استخدمه ولماذا وكيف؟"!
ثم أكد الحاجة إلى إجراء تحقيق قوي –وهو يقيناً يعني: إجراء تحقيق طويل ومطاط-.
ثم تطوع شبيحة البيت الأبيض الذين يؤثرون إطلاق صفة "محللين سياسيين وخبراء إستراتيجيين"، ليفسروا لنا نفاق البيت الأبيض زاعمين أنه "متردد" بسبب تنوع الاحتمالات:
فهناك احتمال أن قائداً محلياً استخدم السلاح الفتاك بلا أوامر من قادته، وهم يعلمون استحالة ذلك في جيوش محترمة فكيف في عصابة كعصابة بشار شديدة المركزية؟
وأضافوا في معرض تهريجهم:ثمة احتمال أن عبوة انكسرت فانطلقت الغازات القاتلة، وكأن سلاحاً بهذه الخطورة يشبه قوارير عطر يحملها الجنود بمزاجهم!!
وهنالك احتمال بأن الثوار استعملوا الكيميائي لجرجرة أمريكا للتدخل، وهي لا تريد تكرار تجربتها الكارثية في العراق .....
منطق سقيم يستحيي الأطفال أن يتبنوه، وإلا فإن القضية جلية للغاية:
أمريكا تحتل العراق بلا سبب فقط لتسليمه لعملائها الصفويين-أعدائها اللفظيين!!
وترفض التدخل في سوريا بالرغم من وجود ثورة شعبية ومجازر جماعية يومية يقترفها الطاغية ضد المدنيين العزل!! بل إن أمريكا تكذب وتعلم أننا نعلم أنها تكذب، فما من سوري يتوقع منها التدخل بينما تحمي الإبادة الجماعية!!
واشنطن لولا حقدها على السوريين لما منعتهم من التسلح بأسلحة دفاعية لحماية أنفسهم من الموت الجماعي!!
وما من ريب في أن خط أوباما الأحمر هو جملة وتفصيلاً خط حقير لأنه يعني أن البراميل والصواريخ البالستية حلال وهذا هو المستمر فعلاً!!
فهل يريد أوباما أن نمضي وراءعصابة الأسد التي تقترح بوقاحة قيام روسيا بالتحقيق ونحن نقترح أن تكلف واشنطن عصابة بشار نفسها بالتحقيق!!!
إن هذه المماطلة البشعة تطرح أسئلة:
إذا كان الحسم العسكري للثوار نقيض مصالحها مع عميلها بشار فهل مضادات الطيران الضرورية لحماية المدنيين تحسم معركة؟ وهل من تفسير لمنعها غير مواصلة الدجال قتل شعبه ضمن الخطوط الخضر؟
وماذا عن نائب وزير خارجية الجزار المدعو فيصل المقداد الذي يتوعد ببوسطن ثانية؟
وفي الوقت ذاته يؤكد نظامه أنه لن يستخدم الكيميائي ضد تل أبيب، وهذا تهريج آخر فهو لا يطلق على سادته رصاصاً عادياً فمن العبث أي حديث عن استعماله سلاح قتل شامل ضدهم.
إن القصة باختصار تجزم بأن الخط الأحمر حقيقي لكنه بحسب التقية الأمريكية وليس وفق الثرثرة المجانية، فليس الخط الأحمر استعمال الكيميائي ضد الصهاينة فذاك مستحيل مثل الغول والعنقاء لكن الممنوع استخدامه بكثرة وقريباً من الجولان لئلا يصل إلى اليهود بالغلط....
والغرب المجرم لا يكترث بالإبادة الجماعية للسوريين فإذا ألغينا عقولنا تماماً وصدقنا دجل واشنطن الكلامي فإن المشكلة عند الغرب فقط في وسيلة القتل فلا تنسوا أن لدى القوم ثقافة وضيعة وغير أخلاقية اسمها القتل الرحيم مع فرق جوهري ففي قتلهم الرحيم يطلب المريض اليائس الذي لا يرجو لله وقاراً يطلب قتله أما الشعب السوري فخرج يطلب الحياة مع أنه مستعد للموت من أجلها!!لكنه لا يطلب الموت لذاته.
فإذا غُلِبَتِ الروم وتقرر في النهاية القيام بتدخل عسكري ما، فمن المرجح دخول قوات أمريكية خاصة للسيطرة على الأسلحة الكيميائية الأسدية وليس وضع حد لمعاناة الشعب السوري.
وهنا قد يتساءل بعضهم ببراءة مصطنعة:
ما الذي يمنع عصابات بشار من تسليم أسلحة القتل الشامل إلى سادته في واشنطن بيده بديلاً من اضطرارهم إلى عملية محرجة لهم لأنها تكمل فضيحتهم بأنهم يتدخلون لحساباتهم الذاتية ويتركون الشعب السوري للذبح الجماعي؟
الحقيقة أن القوم ما زالوا في حاجة إلى أسطورة "الممانعة"و"المقاومة" فكيف ينسفونها عمداً؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق