شفيق بديلا للسلطة والمعارضة معا
وائل قنديل
عندما تترك الساحة خالية أمام خصمك السياسى لا تلومه إن هو انتهز الفرصة وملأ الفراغ، لذلك يبدو غريبا هذا الصراخ من «الأخونة» مع إعلان التعديل الوزارى الجديد، فالحاصل أن كل الأطراف أعلنت استنكافها وتأففها من فكرة المشاركة فى التركيبة الحكومية بعد التعديل، ولجأت إلى الارتفاع بالسقف إلى الحد الأقصى وهى تتمنى رفض مطالبها كى تواصل استمتاعها بهواية التمنع والمقاطعة.
وبهذا المنظور يمكنك أن تعتبر أن العنصر الأهم فى تحقيق مشروع التمكين الإخوانى هو «جبهة لا» التى تحول قاموسها السياسى فى معظمه إلى غابة كثيفة من أدوات النفى ومفردات الانسحاب.
وفى المقابل لا يمكن إنكار أن معسكر الإخوان هو الآخر لم يقدم ما يكفى لإنقاذ «الإنقاذ» من الاستسلام التام للوقوع فى جب « لا» دون تفكير أو تقدير موضوعى لحسابات المكسب والخسارة السياسية.
وفى المجمل يبدو وكأن الجانبان قد اتفقا بلا وعى على استمرار هذه الحالة من العدمية والصراع الذى لا يفضى إلى نتيجة محسومة لصالح أى طرف، بينما الخاسر الوحيد هو مصر وثورتها المتعثرة.
إن الجميع غارقون حتى الأذقان فى هذا الاشتباك العبثى بينما المعسكر المضاد للثورة ينتزع مساحات بلغت بواحد مثل جنرال الثورة المضادة يتوهم أنه ليس فقط البديل للحكم الحالى، بل وأيضا هو البديل للمعارضة التى تمثلها «جبهة الإنقاذ» بل ويعمل معسكره على تسريب أخبار مسمومة تتحدث عن استقطاب أسماء معروفة مواقفها المنحازة لهذه الثورة منذ اليوم الأول مثل المهندس إبراهيم المعلم للسقوط فى جبهة جديدة برعاية العائش فى أوهام دبى لسحب البساط من تحت أقدام جبهة الإنقاذ.
ومن المؤسف أن كل الأطراف المحسوبة على الثورة تتشارك فى إشعال النار فى فرص إدارة عملية سياسية فى مصر، لتبقى هكذا دولة عرجاء تسير على نصف ساق تشريعية، بمجلس شورى معلوم للكافة أنه ابن الصدفة والأمر الواقع، وكأنهم توافقوا على الفرار من إجراء انتخابات برلمانية تنتهى بتشكيل مجلس نواب يعفينا من هذه المتاهة التشريعية المخيفة.
لقد طلبت من نائب رئيس الحكومة التركية بشير أطلاى فى لقاء أمس أن يقدم نصيحة للإخوان فى مصر على اعتبار أن أنقرة مرت بتجربة شبيهة بما يجرى فى مصر فاعتبر الرجل أن السؤال محرج وحساس، غير أنه قال فى اقتضاب إن المطلوب هو احتضان أكبر قدر ممكن من أطياف الشعب من قبل من يمثلون السلطة الحاكمة، مشيرا إلى أن حزب «العدالة والتنمية» فى بداية تجربته فى حكم تركيا واجه حالة من القلق العلمانى المتوتر من تجربتهم، لكنه نجح فى احتوائها من خلال إعلاء قيمة الحرية تقوم على الثقة فى المجتمع التركى كله واستدعائه للمشاركة فى صياغة المستقبل.
وقال الرجل أيضا من ضمن ما قال إنه من المهم فى مصر اتخاذ سياسات لتليين الوضع واتباع آليات عاجلة لتحقيق تنفيس للاحتقان السياسى الحاصل.. فهل من يستمع ويعى؟
السؤال من عندى وليس من الأتراك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق