الجمعة، 27 نوفمبر 2015

أبو وضاح

أبو وضاح
آيات عـرابي

شاب نحيل بلحية قصيرة يقود سيارة، ينحرف بها يمينا ويسارا، على بعد أمتار يلمح حاجزا عسكريا، يقف خلفه مجموعة من الجنود المتأهبين.

كم يبغض تلك الوجوه، لمعت في وجهه نظرة انتقام عنيفة لا تخطئها العين.

لحظات وتسقط فوهات البنادق المصوبة في اتجاه المارة .

لحظات ويتحول الحاجز العسكري إلى عجين وتتناثر واجهة المبنى.

لحظات ويغادر ذلك العالم الذي يتحول فيه طيار أباتشي لا يجيد شيئا في الحياة سوى قصف عشش المدنيين الفقراء في سيناء، وتصويب قذائفه على أجساد الأطفال الرخوة إلى خير أجناد الأرض.

لحظات ويغادر ذلك العالم الذي لا يحتقر نفسه حين يهتف لشاويش لا يجيد حتى تركيب جملة عربية سليمة.

أفكار ربما دارت في ذهن الشاب قبل أن يفجر سيارته.
ضغط بقدمه على دواسة البنزين وضغط زرا ما.
فتحول الحاجز إلى فتات.
صوت انفجار ضخم وأجساد الجنود والضباط تتناثر. 
وصوت طنين صامت يعم المكان للحظات.
ثم يبدأ من تبقوا على قيد الحياة في رصد الفوضى. 
واجهة مبنى تهدمت، صوت رصاصات. 
سيارة تحولت إلى عجينة بيتزا كان يقودها منذ لحظات شاب نحيل بلحية خفيفة.
صحف الانقلاب تكتب عن الهجوم. 
لكن لا أحد يتذكر كيف كان أبو وضاح منذ ما يزيد عن السنتين.
شاب في العشرينيات من عمره شارك في الثورة.

كان من النشطين في حملة البرادعي، وربما كان من بين مستقبليه في المطار عندما هبط على مصر بالباراشوت في بدايات عام 2010 .

تحولات فكرية ؟

خذ عندك أيضا تحول نفسي كامل جعله ينسلخ من بيئته.

يقول من يعرفون الشاب أبو وضاح إن والده ضابط بجيش المعونة الأمريكية وأن شقيقه يعمل كضابط في الداخلية.

لا ريب أن الشاب قبل هذا التحول كان من بين من يعتقدون أن البرادعي (سابقهم بـ 500 سنة ضوئية). 

وربما كتب عنه على صفحته بالـ"فيسبوك" أنه رئيس جمهورية الضمير.

يقولون أيضا إنه كان شديد العداء للإسلاميين، ربما كان يطلق عليهم ذلك اللفظ المحبب لغير الإسلاميين (متأسلمين).

ربما تشاجر في تعليقاته مع شباب الإخوان المسلمين متهما جماعة الإخوان بالاستبداد والرغبة في التكويش أو الفاشية الدينية .. الخ. 

تصور كل ما يمكن أن يقوله شاب مؤيد للبرادعي وكان عضوا نشطا بحملته.

المؤكد أنه تعرض لصدمة سحقت مجموعة المفاهيم التي كونها في سنوات ما قبل الثورة والتي اعتقد أنه صقلها خلال فترة العمل السياسي الخصبة بعدها.

ولا شك أنه واحد من بين مئات الآلاف من الشباب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق