فاطمة ناعوت والقفل والرزّة
عبد الحكيم حيدر
منذ شهرين، كان حكم أول محكمة جزئية على الكاتبة المصرية، فاطمة ناعوت، بالسجن ثلاث سنوات، فقالت الكاتبة، في ثبات ورويّة، إنها تحترم القضاء ولا معقّب لحكمه، وإنها ترى السجن مناسبة طيبة جداً للتأمل والقراءة، وإنها بالفعل في طريقها لتجهيز الإلياذة والأوديسة ودائرة المعارف البريطانية وبعض السيّر العالمية للقديسين، ليكونوا أُنسها في سجنها.
ثم صدر تأييد الحكم، والشاعرة في كندا تُدلي بتصريحاتها عن عودتها في ثبات وتؤدة ورويّة أيضاً.
واشتعلت المواقع دفاعاً عن الشاعرة، التي كان الرئيس المصري نفسه قد رشّحها في اتحاد الكتاب، لكي تجدد للمسلمين أمور دينهم، وهي في فستانها الأحمر (أسوة بالحميراء).
عموماً، ليس من ذنوب لاعب الثلاث ورقات أن الطبيعة وهبته خفة اليد، ولا حتى الدكتور أحمد زويل كان بعيدا عن تراب مصر الذي يفوح بالمسك والأمانة، حينما وصل إلى قسم كلية العلوم في الولايات المتحدة، واستلم أدواته وأجهزته العلمية. وبسرعة البرق، ركّب على درج مكتبه في المعمل قفلاً ورزة، فضحك رئيس القسم على تلك النادرة التي جاءت مع عالم من الشرق يخاف على أدواته العلمية من السرقة، فأعاد درجه مفتوحاً كما كان.
كما ستعود فاطمة إلى أرض الوطن، وتكتب القصائد عن حفيد مبارك (صاحب تسريبات بنما وملياراته)، وعن قديسها (الآسر) الذي أشعل المدى بالنرجس وجمر الثورة وصفاء القديسين في 30 -6، وأعاد الكتابة ثانيةً إلى أحضان العدل، وأزهار شم النسيم وسعفه، وعبق الـسبعة آلاف سنة من التناغم ما بين قمة الهرم والشعب الطيب المعجون بحكمة الشعر ومكره الحميد، مثل سفينةٍ أنقذها ربّانها من خطر الشطط، إلا أن الوضع بات صعباً في اتحاد الكتاب، خصوصاً بعدما تعارك الرئيس الحالي، الدكتور علاء عبد الهادي، مع نصف الاتحاد من المستقيلين، فدخلوا في عركةٍ إبداعية جامدة بكل أدوات التأويل النصّية والدلالية والبنيوية، كان من نتائجها أن أتى عبد الهادي (تسلم أياديه) بنجارٍ، لكي يكسر الباب، ويركّب عليه قفلاً ورزة جديدة، ليزاول عمله النصّي والدلالي، إلا أن مشادّة وقعت بينه وبين الأعضاء الخصوم، وصلت إلى حد الاشتباك بالأيدي، وتأجل موضوع القفل والرزة إلى ما بعد انتخابات الجمعية العمومية في 8 أبريل/ نيسان الحالي.
المهم أن مصر انقلبت رأساً على عقب، بعد الحكم على فاطمة ناعوت، وقد نسي القفل والرزة وتفرّغ لفاطمة وزنزانتها، وفاطمة في كندا باعتبارها ناشطة سياسية ضد التمييز والقهر.
وقطعاً ستعود إلى أرض الوطن، وقد اكتملت مراجعها، وقد أكملت باقي مخطوطاتها مع باقي دوائر المعارف الأخرى، لتكون أنيستها مع السهروردي.
وحتما الكاميرات في انتظارها في المطار، مع خمسين محاميا من الست قارات مع رئيس اتحاد الكتاب المغلق، ونائبته سلوى بكر وأمين صندوقه الجديد، وسيكون خصومه هناك ومعهم نائبه، الدكتور جمال التلاوي، وأمين صندوقه، الأمير أباظة، ومن غير المستبعد أن يكون هناك وزير الثقافة، حلمي النمنم، الذي صرّح أن كل القضايا المثارة بين يدي الرئيس، ليصدر فيها قراراً بالعفو الرئاسي.
تنتظر الست الحميراء من كندا الانتهاء الأخير من قرارات الرئيس، في صورتها النهائية والنقية، حتى تتأكد وتغيّر عدسات نظارتها، والشنابر أيضاً. وبعد ذلك تعود، ويكون العفو على باب المطار، وستسقط الدموع منها غصباً عنها بالطبع.
ويبكي أحمد موسى دمعاً على سماحة الريس وطيبة قلبه ورعايته الإبداع والمبدعين. وسيعود الجميع بالورد والياسمين، وقد طوّقوا به عنق الشاعرة، التي عانت كثيراً في منفاها، حتى سقط عنها الحبس الأليم، لكنها ستعاود البكاء أيضاً على حرمانها من الخلوة، التي حرمها منها سيادة الريس، بإلغاء الحكم عنها، مع السهروردي والحلاج والقديس أوغسطين والأم تريز وعاتكة الخزرجية والطحلب الكعبري في أحدث تحقيق لديوانه الوحيد.
أما أمر القفل والرزة واتحاد الكتاب المصري فأمره تُرك للجمعية العمومية، وهو حاجة بسيطة وتافهة، وسينهيها سيادة الرئيس بجرّة قلم في حديقة اتحاد الكتّاب في حضور الشاعرة، بعد حفلة شاي بسيطة على شرف نجاة الشاعرة من ظلمة الزنازين، لتغني لهم الست أم صباح المنياوية: "على ورق الورد دلعني". وحينئذٍ، يتصالح المتخاصمون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق