"عارنا في الجزائر"
بقلم: محمد الهادي الحسني / كاتب ومفكر جزائري
هذا عنوان كتاب للكاتب الفرنسي جان بول سارتر، وبعض الناس ينفون أن يكون هناك كتاب بهذا العنوان لجان بول سارتر، وسواء علينا أكان ذلك صحيحا أم هو اجتهاد من المترجم فإنه صوّر الوجود الفرنسي في الجزائر ولخصه، فأحسن صورَه وتلخيصه..
وهذا العار لا تغسله جميع المياه ما ظهر منها وما بطن...
إن مجرد ذكر فرنسا ولو بـ"الخير" يسبب لي ارتفاع الضغط، فما بالك إذا كان ذكرها مقرونا بالسوء، وقد نصحني بعض الأطباء بالابتعاد عن كل ما يثير أعصابي، ويوتّر نفسي، وأنّى لي ذلك؟
فلا يمر يوم ليس فيه جريمة فرنسية في الجزائر، ولا يمر يوم دون أن أرى أو أسمع أحد "أراذلنا" الحريصين على مصالح فرنسا هنا ومصالحهم هناك وها هو الثامن ماي يعود ليذكر الناسين منا، وليظهر لهم عنصر الفرنسيين، الذين لا وجود لكلمة "مروءة" في نفسياتهم وأدبياتهم...
لقد ارتكب الفرنسيون مجازر الثامن ماي ضد شعب مات كثير من أبنائه من أجل فرنسا، وما يزال آنذاك كثير من أبنائه في جبهات القتال يدافعون عن أطفال فرنسا ونسائها، بل وحتى عن ذكورها...
وليتذكر من نسي أن هذه المجازر قد وقعت في عهد من يعتبره أكثر الفرنسيين من "أنبلهم" وهو الجنرال دوغول، فإذا كانت هذه هي أفعال "أنبلهم" فكيف تكون أفعال أخسائهم وما أكثرنّهم.
وليتذكر من نسي أن بعض تلك المجازر أمر بها من يدّعي الإنسانية بفمه ويدوسها بقدمه، وهو الشيوعي شارل تيّون، وزير الطيران الفرنسي الذي أمر الطائرات بقصف "القرابة"، وقد بلغت طلعاتها (300) طلعة جوية في اليوم، ضد شعب لا يملك حتى بنادق الصيد؟ وأين كنت ياتيون وطيرانك يوم اجتاح الألمان – ذوو الرؤوس المربّعة –كما تسمونهم– باريس؟ لقد ملئت أنت وطرانك منهم رعبا، ووليت منهم فرارا. أية "رجولة" هذه؟
لو لم ترتكب فرنسا في الجزائر إلا جريمة 8 مايو لكانت كافية لكي يتوارى كل فرنسي عن العالم، فكيف وأيام فرنسا في الجزائر كلها أيام نحسات.. وصدق المجاهد الأميرعبد القادر الذي قال "السلطان أبوليون راجل، الفرنسيس لخرين الكلّ كلاب". "هاينريش، فون مالتس: ثلاث سنوات في شمال غربي إفريقيا.ج1. ص 261.
والمقصود بـ "أبوليون" هو نابوليون الثالث، الذي أطلق سراح الأمير عبد القادر، بعدما خانت فرنسا عهدها –إن كان لها عهد– معه، ومع خدّامها الآن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق