البابا فرانسيس وشركاه

البابا فرانسيس وشركاه أ. د. زينب عبد العزيز أستاذة الحضارة الفرنسية

ومرة أخري أتناول موضوع مسجد آيا صوفيا!! 
ان الموقف الغربي برمته، بدأً من البابا والصحافة أو المواقع، خاصة التابعة له، مرورا برئيسة اليونان، يبدو أنهم جميعا ينفخون في النار لزيادة اشتعالها! فكل مقال جديد ينقل أهم جملة أو عدة جُمل يريدون توصيلها، والتي يكون قد تكرر تكرارها، ليعيدوها مرة أخري وقد ازدادت انتفاخا، وجميعهم يغفل واقعة المتحف التي امتدت 86 عاما!

وآخر هذه المحاولات مقال تم نشره يوم 29/7/2020 على موقع "لا- كروا.كوم" التابع للفاتيكان، مشيرا الي ثلاثة مثقفين ينتمون لأتاتورك، و"يرفضون قرار الرئيس أردوغان وتحويله القديسة صوفيا الي مسجد". 

وقد تغافل الخبر الاشارة الي مرحلة كونها كانت متحفا، معتبرين هذا التصرف "خطأً جسيما وغير مقبول". 

ثم يقوم ذلك الثلاثي بتحذير الحكومة من خطر "إهانة غير المسلمين وتقوية العداء ضد الإسلام"!!

لذلك أجدني هنا مضطرة لتوضيح: ان العداء ضد الإسلام يُمارس منذ أدركت الكنيسة أنه ليس بهرطقة من الهرطقات المائة التي اعترضت بدايات طريقها، وإنما هو تنزيل إلهي، أنزله المولي عز وجل لتصويب كل الانفلاتات التي قامت بها الرسالتين التوحيديتين السابقتين. 

وتكفي الاشارة سخرية إلى قرار مجمع الفاتيكان الثاني (1965)، الذي نص على تنصير العالم، وهو قرار لا نقاش ولا رجعة فيه.. وهو ما يعني: اقتلاع الإسلام.

ولمَ كل ذلك السعير الذي يتأجج في أوروبا ويفوح منه الافتعال؟ لماذا التعامل بمعيارين ومقياسين، ولماذا كل تلك الكراهية الراسخة ضد كل ما هو مسلم أو مسلمون؟! 

لقد قام البطريرك ببيع البازليكا وتحولت الي مسجد لأكثر من خمسة قرون تقريبا. وبلعبة سياسية دولية متعصبة تم تحويلها الي "متحف للإنسانية" لمدة 86 عاما. وبعد هذا الاحتيال والتحايل الذي امتد 86 سنة، قام رئيس دولة ذات سيادة بتصويب ذلك الاحتيال الذي امتد 86 عاما، وأعاد المبني الي أصله مسجدا. فأين المأساة التي يهلل لها أوليك القوم؟! أنها دولة مسلمة تتكون من ملايين المسلمين، والمسيحيون بها يشكلون بها %0,1، نعم، أقل من صفر واحد بالمائة من التعداد! من الواضح إذن ان رد الفعل الفاتيكاني والأوروبي ليس فقط تجريديا وإنما هو بالفعل قبيح العنصرية.

والسؤال لكل تلك المجموعة المتأججة: هل يمكن معرفة ما الذي قمتم به أيها الفاتيكانيون والأوروبيون؟ ما الذي فعلتموه بالمساجد حين أبدتم المسلمين أو طردتموهم من بلدانكم؟ ولا أذكر سوي إسبانيا، واليونان وصربيا وغيرها كثير؟! لو لم تفتقروا إلى الأمانة: أعيدوا المساجد الكبرى للإسلام في قرطبة وأشبيليه وأثينا وفي كل عواصم أوروبا الأخرى. أعيدوها مثلما كانت عند استيلائكم عليها: نظيفة متألقة، فيا لبؤس حضارتكم، قد تحول بعضها الي زرائب! فقبل المطالبة بالحقوق أو بشيء ليس من حقكم، لأن السيد البطريرك قد تسلم ثمن البازليكا، وبعدها بيومين تم تسجيل مسجد آيا صوفيا ضمن التراث التركي وأوقافه. وما قام به السيد رئيس تركيا منذ أسابيع من حقه قانونا، وسياسيا، وإسلاميا، وإنسانيا.

فلما كل ذلك الهوس المفتعل لاختلاق مأزق يدعو لحرب تعدون لها بالفعل؟ كيف يمكن لليونان، التي أطاحت بأربعة آلاف مبني إسلامي ما بين مسجد ومدرسة وسبيل وحمامات، كيف تجرؤ على رفع صوتها خاصة بعد تصرفها العنصري هذا؟ لقد كان هناك تحت معبد الأكروبول ثلاثة أحياء مسلمة، أين هي؟!

بأي حق يعلن البطريرك الأرثوذكسي قائلا: "إن تحويل بازليكا القديسة صوفيا إلى مسجد سيدفع بآلاف المسيحيين لمعاداة الإسلام"، متناسيا هو أيضا أنها لم تكن بازليكا وإنما متحفا لمدة 86 سنة! ثم يطالعنا سفير فخري بطلب دعوة المسيحيين للصلاة كل يوم أحد في "ركن من البازليكا"، وبعد يومين يليه آخر مزايدا: "ترك اليهود والمسيحيين والمسلمين يقيمون صلواتهم في هذه البازليكا"! وإن لم يتم تفعيل هذا النفاق المغرض يلوّحون بحرب قادمة!

وهنا لا بد من قولها عالية مدويّة: هل ألفا عام من الحروب فيما بينكم أيها المسيحيون لم تكفيكم لتدركوا أنكم على خطأ؟ ألم تكفيكم أربعة عشر قرنا من الحروب التي قمتم بها عمدا ضد الإسلام والمسلمين لتدركوا منها انكم فاقدوا البصر والبصيرة من كراهيتكم العتيدة ضد الإسلام والمسلمين وأنه آن لكم أن تنتزعوها من قلوبكم ووقف هذه المجازر ضد المسلمين؟

لقد قمتم بكل شيء يمكنه تجريم الإسلام، خاصة بعد تلك المسرحية المصنّعة محليا وتُدعي 9/11، في الوقت الذي تعد فيه المسيحية أكبر ديانة إجرامية في التاريخ. وإن كنتم قد نسيتم الصفحات السود للمسيحية فاسمحوا لي أن أذكركم ببعض منها على سبيل المثال:

- "معاداة السامية ؛ العبودية وتجارة العبيد ؛ الحروب الإلهية فيما بينكم ؛ حرب الهراطقة ؛ الحروب الدينية المقدسة، ولا أذكر منها إلا إبادة شعوب الكاثار، والألبيچوا، والڤودوا ، والبوجوميل ؛ محاكم التفتيش، التي لا تزال قائمة وإن تغيّر اسمها ب"لجنة عقيدة الإيمان" في مجمع الفاتيكان الثاني (أي أنها لم تلغ) ؛ قتل الساحرات، وقد تعدي المليون ؛ الحروب الدينية بين دول مسيحية ومنها حرب الثلاثون عاما ؛ الحرمان واللعنة لمن يخالف الكنيسة (وذلك يعني أنه يُحرم من كل شيء حتي الدفن!) ؛ الحروب الصليبية ضد الإسلام والمسلمين ؛ حروب الاستعمار لأمريكا وإفريقيا ؛ الحربان العالميتان المدفوعتان بمساعي البروتستانت والكاثوليك: نصف قرن من المجازر وستون مليونا من الضحايا ؛ إبادة المسلمين في البوسنة تحت رقابة الخوذات الزرقاء؛ مجزرة رواندا: مليون ضحية في ثلاثة أشهر وتورط فيها قساوسة وراهبات (وتمت محاكمتهم)؛ ملايين ضحايا الشذوذ بينما البابوات يحمون القساوسة المعتدين، خاصة بعد المجمع الفاتيكاني ؛ ملايين الأطفال والشبان والشابات الذين راحوا ضحية هذا الانفلات ؛ وكلها جرائم تمس مستويات مبني الفاتيكان من قاعدته إلى أعلي قمته! صفحات سود تتواصل بلا توقف عبر التاريخ والزمن بإصرار أسود ودأب لا يكل ولا يهدأ؛ لكيلا أضيف الاختلاسات المالية وغسيل الأموال وتجارة الأعضاء، والتعامل مع المافيا، وغيرها جد كثير.."

- ثم يجرؤ البابا ليقول بمناسبة آيا صوفيا: "أنه مكروب جدا" !.

ويا للجَور..

زينب عبد العزيز

5 أغسطس 2020

Le Pape François et Cie. !