2750 طنّا من الإحباط
أسامة جاويش
لحظة انتهاء العاصفة لن تتذكر كيف نجوت منها، لن تتذكر كيف تدبرت أمرك لتنجو ولن تدرك هل انتهت العاصفة أم لا.. ستكون متيقنا من أمر واحد فقط.. حين تخرج من العاصفة لن تكون الشخص الذي كان بداخلها، ولهذا السبب وحده كانت العاصفة.
في شهر تشرين أول (أكتوبر) من عام 2013، أبحرت سفينة شحن كبرى اسمها "إم في روسوس"، تحمل علم مولدوفيا من ميناء باتومي في جورجيا متجهة إلى بييرا في موزمبيق وكانت تحمل ما يقارب 2750 طنا من نترات الأمونيوم وهي مادة شديدة الانفجار، دخلت هذه السفينة إلى مرفأ بيروت بهذه الحمولة الكارثية إما لأسباب تقنية وإما للتزود بالوقود، ليتم تفتيشها بشكل دقيق من قبل السلطات اللبنانية وفور اكتشاف حمولة السفينة من نترات الأمونيوم تم احتجاز السفينة بأكملها واعتقال كامل طاقمها وهم قبطان يحمل الجنسية الروسية وبقية الطاقم من مهندسين وعاملين وفنيين يحملون الجنسية الأوكرانية، أما صاحب ومالك هذه السفينة الكبيرة فهو غريشوشكين إيغور وهو روسي الجنسية ويقيم في قبرص توقف عن دفع رواتب العاملين أو التدخل في هذه الأزمة لأسباب غير معلومة.
اللافت أن الحكومة اللبنانية حولت حمولة السفينة إلى المخزن رقم 12 في مرفأ بيروت وذلك منذ عام 2014، أرسلت إدارة الجمارك في لبنان عدة خطابات إلى قاضي الأمور المستعجلة في بيروت كان آخرها في عام 2017، من أجل التخلص من أو تصدير هذه المواد شديدة الانفجار ولكن لا حياة لمن تنادي لتنفجر تلك المواد في وجه لبنان بهذه الطريقة المروعة.
في شهر تشرين أول (أكتوبر) من عام 2013، أبحرت سفينة شحن كبرى اسمها "إم في روسوس"، تحمل علم مولدوفيا من ميناء باتومي في جورجيا متجهة إلى بييرا في موزمبيق وكانت تحمل ما يقارب 2750 طنا من نترات الأمونيوم وهي مادة شديدة الانفجار، دخلت هذه السفينة إلى مرفأ بيروت بهذه الحمولة الكارثية إما لأسباب تقنية وإما للتزود بالوقود، ليتم تفتيشها بشكل دقيق من قبل السلطات اللبنانية وفور اكتشاف حمولة السفينة من نترات الأمونيوم تم احتجاز السفينة بأكملها واعتقال كامل طاقمها وهم قبطان يحمل الجنسية الروسية وبقية الطاقم من مهندسين وعاملين وفنيين يحملون الجنسية الأوكرانية، أما صاحب ومالك هذه السفينة الكبيرة فهو غريشوشكين إيغور وهو روسي الجنسية ويقيم في قبرص توقف عن دفع رواتب العاملين أو التدخل في هذه الأزمة لأسباب غير معلومة.
اللافت أن الحكومة اللبنانية حولت حمولة السفينة إلى المخزن رقم 12 في مرفأ بيروت وذلك منذ عام 2014، أرسلت إدارة الجمارك في لبنان عدة خطابات إلى قاضي الأمور المستعجلة في بيروت كان آخرها في عام 2017، من أجل التخلص من أو تصدير هذه المواد شديدة الانفجار ولكن لا حياة لمن تنادي لتنفجر تلك المواد في وجه لبنان بهذه الطريقة المروعة.
2750 طن من الإحباط وربما أكثر، انفجروا في وجوهنا جميعا عبر سنواتنا العشر العجاف الماضية، كان لدينا حلم بدول يسودها العدل وأنظمة تحكمها الديمقراطية ومؤسسات تراقب وتحاسب الحكومات والرؤساء، فانفجرت نترات الأمونيوم العسكرية في وجوهنا،
لبنان بانقساماته وفساد حكوماته وتنازع ساسته وتفرقه لطوائف دينية كل ينتمي إلى محور إقليمي، بات يمثل مرآة للواقع المرير الذي نعيشه في عالمنا العربي تحت حكومات أقل ما توصف به أنها جاءت من أجل بقائها على الكراسي حتى ولو أبيدت شعوبهم بأكملها وخربت بلدانهم بكل مقدراتها ولم يبق لهم مورد أو مواطن يحكمونه طالما أن هناك أنظمة عربية ودولية قررت دعمهم بالمال والسلاح والتأييد السياسي.
2750 طنا من الإحباط وربما أكثر، انفجرت في وجوهنا جميعا عبر سنواتنا العشر العجاف الماضية، كان لدينا حلم بدول يسودها العدل وأنظمة تحكمها الديمقراطية ومؤسسات تراقب وتحاسب الحكومات والرؤساء، فانفجرت نترات الأمونيوم العسكرية في وجوهنا، وخلفت أموال السعودية والإمارات تفريغا للهواء في وجه أحلامنا يشبه هذا الذي تمثل في سحابة عش الغراب التي دمرت الأخضر واليابس في بيروت المنكوبة.
يبكي الناشط اللبناني شادي حنوش على الهواء مباشرة في مداخلة تلفزيونية وهو يصف حالنا قبل أن يصف حال لبنان وأهلها عندما قال: "نحن لسنا رخيصين لهذا الحد، لدينا كرامة، نحن لا نستحق الموت، ولا نريد الموت قبل أن نعرف المسؤول عن قتلنا"، تماما نفس الكلمات والتمتمات والبكاء الذي خنق العبارات في حلق الناجين من مذبحة رابعة العدوية في مصر وهم ينظرون خلفهم للخراب والدمار وتفحم جثث أصدقائهم يوم المجزرة، هو نفس البكاء والغصة التي شعر بها كل من شارك في ثورة 25 من يناير وهو يفر بنفسه وروحه وماله تاركا وراءه وطنا ممزقا مقسما على يد السيسي.
عبد الباسط الساروت في سوريا لم يكن يستحق الموت وهو يغني يا الله مالنا غيرك يا الله، ولم يكن يريد الموت قبل محاسبة بشار وهو يغني أمامه يلا إرحل يا بشار، ولكنها نفس الأنظمة التي قامت بتخزين نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت لستة أعوام كاملة، أنظمة عربية تصنع لشعوبها ومن شعوبها قنابل موقوتة لتنفجر في وجه البسطاء في لحظة مواتية دون اعتبار لمئات الآلاف من المنكوبين في لبنان أو المهجرين في سوريا أو اللاجئين في شتى بقاع الأرض أو المعتقلين في سجون السيسي في مصر.
خرجت علينا مادلين طبر الفنانة اللبنانية لتقول إن لبنان كانت تحتاج قائدا مثل عبد الفتاح السيسي يحافظ على مؤسساتها ويحفظها من الضياع، ثم نشرت صفحة قناة "أون تي في" المقربة من النظام المصري منشورا عبر حسابها على فيسبوك يتغنى بقدرة السيسي الفريدة على الحفاظ على مصر من الانزلاق لمصير لبنان، وما لبثت أن فاجأتنا فنانة لبنانية أخرى هي مايا دياب بطلب النجدة من رجل واحد فقط هو السيد منشار العظم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والسؤال هنا: في أي مجال نجح السيسي أو ابن سلمان كي تضرب بهم الأمثال في كارثة بيروت؟
بعيدا عن انهيارات السيسي الاقتصادية والأرقام تتحدث عن نفسها، وبعيدا أيضا عن فشله في أزمة سد النهضة وتنازله عن الأرض المصرية في تيران وصنافير، وإذا ما تجاهلنا القمع والتنكيل وآلاف المعتقلين السياسيين، فلتخبرنا مادلين طبر عن فشل السيسي في التعاطي مع ضحايا حوادث القطارات، فلتنعش ذاكرتها بمشاهد المصريين وهم يموتون حرقا في محطة مصر للقطارات، فلتخبرنا طبر عن انهيار العقارات فوق رؤوس ساكنيها وسقوط الكباري التي أنشأتها الهيئة الهندسية للجيش وغرق المحافظات في كل عام أمام أمطار الشتاء والموت صعقا بالكهرباء في الشوارع نتيجة تلك الأمطار.
أما السيد منشار العظم فلا ولن ولم يذكر العالم له بعد تشرين أول (أكتوبر) 2018 إلا قتله ونشره وإخفاءه لجثة جمال خاشقجي.
لبنان هو نبض العالم العربي وللأسف هذا النبض يضعف يوما بعد الآخر، وبات علينا أن نعي أن الدول لا تنهض بالقوة أو العسكر أو الفساد والطائفية وإنما لها طريق واحد هو الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وقبلها أو بعدها الديمقراطية.
2750 طنا من الإحباط وربما أكثر، انفجرت في وجوهنا جميعا عبر سنواتنا العشر العجاف الماضية، كان لدينا حلم بدول يسودها العدل وأنظمة تحكمها الديمقراطية ومؤسسات تراقب وتحاسب الحكومات والرؤساء، فانفجرت نترات الأمونيوم العسكرية في وجوهنا، وخلفت أموال السعودية والإمارات تفريغا للهواء في وجه أحلامنا يشبه هذا الذي تمثل في سحابة عش الغراب التي دمرت الأخضر واليابس في بيروت المنكوبة.
يبكي الناشط اللبناني شادي حنوش على الهواء مباشرة في مداخلة تلفزيونية وهو يصف حالنا قبل أن يصف حال لبنان وأهلها عندما قال: "نحن لسنا رخيصين لهذا الحد، لدينا كرامة، نحن لا نستحق الموت، ولا نريد الموت قبل أن نعرف المسؤول عن قتلنا"، تماما نفس الكلمات والتمتمات والبكاء الذي خنق العبارات في حلق الناجين من مذبحة رابعة العدوية في مصر وهم ينظرون خلفهم للخراب والدمار وتفحم جثث أصدقائهم يوم المجزرة، هو نفس البكاء والغصة التي شعر بها كل من شارك في ثورة 25 من يناير وهو يفر بنفسه وروحه وماله تاركا وراءه وطنا ممزقا مقسما على يد السيسي.
عبد الباسط الساروت في سوريا لم يكن يستحق الموت وهو يغني يا الله مالنا غيرك يا الله، ولم يكن يريد الموت قبل محاسبة بشار وهو يغني أمامه يلا إرحل يا بشار، ولكنها نفس الأنظمة التي قامت بتخزين نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت لستة أعوام كاملة، أنظمة عربية تصنع لشعوبها ومن شعوبها قنابل موقوتة لتنفجر في وجه البسطاء في لحظة مواتية دون اعتبار لمئات الآلاف من المنكوبين في لبنان أو المهجرين في سوريا أو اللاجئين في شتى بقاع الأرض أو المعتقلين في سجون السيسي في مصر.
خرجت علينا مادلين طبر الفنانة اللبنانية لتقول إن لبنان كانت تحتاج قائدا مثل عبد الفتاح السيسي يحافظ على مؤسساتها ويحفظها من الضياع، ثم نشرت صفحة قناة "أون تي في" المقربة من النظام المصري منشورا عبر حسابها على فيسبوك يتغنى بقدرة السيسي الفريدة على الحفاظ على مصر من الانزلاق لمصير لبنان، وما لبثت أن فاجأتنا فنانة لبنانية أخرى هي مايا دياب بطلب النجدة من رجل واحد فقط هو السيد منشار العظم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والسؤال هنا: في أي مجال نجح السيسي أو ابن سلمان كي تضرب بهم الأمثال في كارثة بيروت؟
بعيدا عن انهيارات السيسي الاقتصادية والأرقام تتحدث عن نفسها، وبعيدا أيضا عن فشله في أزمة سد النهضة وتنازله عن الأرض المصرية في تيران وصنافير، وإذا ما تجاهلنا القمع والتنكيل وآلاف المعتقلين السياسيين، فلتخبرنا مادلين طبر عن فشل السيسي في التعاطي مع ضحايا حوادث القطارات، فلتنعش ذاكرتها بمشاهد المصريين وهم يموتون حرقا في محطة مصر للقطارات، فلتخبرنا طبر عن انهيار العقارات فوق رؤوس ساكنيها وسقوط الكباري التي أنشأتها الهيئة الهندسية للجيش وغرق المحافظات في كل عام أمام أمطار الشتاء والموت صعقا بالكهرباء في الشوارع نتيجة تلك الأمطار.
أما السيد منشار العظم فلا ولن ولم يذكر العالم له بعد تشرين أول (أكتوبر) 2018 إلا قتله ونشره وإخفاءه لجثة جمال خاشقجي.
لبنان هو نبض العالم العربي وللأسف هذا النبض يضعف يوما بعد الآخر، وبات علينا أن نعي أن الدول لا تنهض بالقوة أو العسكر أو الفساد والطائفية وإنما لها طريق واحد هو الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وقبلها أو بعدها الديمقراطية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق