قلت لك هو بالروح فقط من الله.
قلت: ألسنا كلنا كذلك كما تقولون: "أبناء الله".
قالت: يسوع بالذات كان روح في امرأة طاهرة دون جنس أو جماع, تلك المرأة حرمت نفسها من الجنس. من الجنس ألا تفهم!!! و بذلك صارت بجدارة "أم الإله".
قلت: ولكنكم تقولون أنها حين ولدت يسوع لم تتجاوز الاثنتي عشرة من الأعوام! وكان لها خطيب تسكن عنده استعدادا للزواج[4]!! ثم إذا كانت علة الألوهية عندكم هي امتناع طفلة عن الجنس, ولادة طفل من دون جماع, فلا ريب أن آدم كان أكثر من إله, فقد جاء دون شُبهة جنس أو جماع, و لم يكن له من ام و لا أب.
قالت: كان لا بد من وجود أول الخلق, ولا تنسى أنه هو من جر علينا الخطيئة الأصلية بنهمه للتفاح[5].
قلت: وماذا عن حواء التي خُلقت من دون أم أصلا ناهيك عن الجنس والجماع, هل أضحت بذلك عندكم أيضاً ربةً من الأرباب؟!
قالت: كف عن التهكم, فأنت لن تفهم معنى ابن الله.
قلت: إن فهمت أنت ففيضي علي ببعض ما أنعم عليك به "الآباء"[6]. فهل هو إله كما تقولون في تقليدكم[7]؟ أم ابن الله كما تقولون في كتابكم؟! أم إله من إله و نور من نور كما تقولون في قانون الإيمان؟!!
قالت: إلى متى تظلون في جهالتكم يا معشر العبيد لا العُبَّاد؟! إنه إنسان وليس إله, حاول أن تفهم إنه في الروح فقط من الإله.
قلت: ولكنكم تقولون أنه إله من إله, و ليس إنسان من إله. وأنت, إن لم أكن مخطئا, إنسان من إنسان. وأعرف أن الحيوان يولد من حيوان, ولم أسمع عن حيوان من إنسان, أو ابن إنسان. والآن أسألك مرة أخرى: هل هو إنسان من إله أم إله من إله؟ هل هو جسد من نور, أم نور من نور؟
قالت: يا لهذا الفجور؛ إنك تستهين بالله رب الأرباب.
قلت لها: حيرتموني! ألم تقولين للتو أنه ليس أصلا بإله! قالت: إن الله مجزأ لأب و ابن و روح الأقداس.
قلت: ذلك الابن هو ابن الأب إذن, وليس ابن الثلاثة أجزاء!!!
قالت: ألا تفهم؟! هو ذاته جزء من "الأقانيم الثلاثة"[8] التي تسميها أجزاء.
قلت: بل أنت من سميتها, ولكن, إن كان هو جزء منها و ليس ابنها, وهي الثلاثة كما تقولون تكون الله, فكيف يكون المسيح وحده إذن هو ابن الله؟ وكيف يكون الأب بالذات هو الله؟! وما محل الروح القدس من الإعراب؟!! وماذا يفعل الاثنان من غير روح عندما تَحلُ على الآباء؟!!! لا تنسي أنها روح واحدة يتبادلها الاثنان, وهما عليها بـ"قرار كَنَسّي أعلى" مُقدمان, و"يهرطق"[9] من لا يلتزم بذلك "الترتيب المقدس للثالوث", مع أن الثلاثة واحد, وهم متساويان!!! ثم ما ذنب الخَليقة كل تلك الملايين من الأعوام؟ عندما كان الآب وحده يحتكر الألوهية في الأذهان! قد أفهم ذلك بالنسبة للابن؛ فقد كان مختبئاً, ينتظر تَكَون شعب اليهود و امبراطورية الرومان, كي ينزل و يُصلب, بعد أن يضرب و يبصق عليه و يهان. ولكن ماذا عن الروح القدس؟ ألم يكن يُكلم كل الرسل و الأنبياء؟! بل و يمتلئ منه القديسين و الآباء! كيف لم يَسُر لهم بأنه جزء من الأجزاء؟! كيف رضي أن يهمله جزء أخر, هو معه سيان؟!! إن لم تشرحي لي كما شرحوا لك, فسأظل عبدا لله, و لن أستطيع أن أتحرر من العبودية مثلك, وأنشئ مع الثلاثة علاقة حب شأن بقية الأحرار. قالت: ستظل عبداً و لن تَخلُص؛ ما دمت لا تعرف قيمة الأجزاء, أما أنا فقَبلت يسوع الذي كان يحوم حولي منذ الصغر, وأخيرا فتحت له الباب, هو يحبني وتحمل كل العذاب والإهانة لأجلي, ومات على الصليب ليخلصني من الخطيئة الأصلية للإنسان.
قلت لها: ألا تقولون أنه قد قام من الموت بعد ثلاثة أيام؟! قالت: بالطبع.
فقلت: لقد استرد إذن ثمن الفداء!!! وبالتالي لم ترفع عنكم بَعد خطيئة التفاح!
قالت: و هل كنت تريد أن يظل لله إلى الأبد بين الأموات؟! إنه إله, و يفعل ما يشاء.
قلت: و ما حاجة الإله للموت إذن, إن كان يقدر أن يخلصكم دون أن يموت, ناهيك على أن يُعرض نفسه للضرب وللبصاق.
قالت: لقد فعل ذلك لأنه يحبنا, ويريد أن يخلصنا من خطيئة آدم الفجعان.
قلت: لقد وسوس لآدم الشيطان, فلماذا لم يدفع الثمن هو أصلا؟! بدل يسوع الذي ليس له ذنب بالأمر و لم يكن بالحسبان!!
قالت: و لكن هكذا ذنب لا يغفره إلا إله ابن الله.
قلت: قد قال بولس في كتابكم أن "الشيطان هو إله هذا الدهر"[10], وقال أيوب أنه "من أبناء الله"[11].
قالت: تلك أمور قد أُضيفت إلى الكتاب المقدس, تماما كما أضيف بظلم على لسان "القديس بولس الرسول" ما يفيد أنه عدو للنساء.
قلت: إذن أنتم في كتابكم تعترفون بالزيادة و النقصان. قالت: بلى, فلسنا متحجري العقل و لا الفؤاد.
فقلت: وماذا عما قاله "يوحنا" في رؤياه[12]؛ عن الضربات وشطب النصيب من "شجرة الحياة"[13], لمن يزيد أو ينقص حرفا من الكتاب!!! كم من الآباء يا ترى سيحمل وزر تلك اللعنات و النكبات؟! ويُحرَم من "المدينة المقدسة"[14] الوارد ذكرها في رؤياه!!! ثم تخيلي معي, لو أنني أستاذ, وأنت تدرسين كتابي, ولكنك تعلمين أن نسختك قد غيروا فيها وزادوا وأنقصوا من الكلمات و النصوص بل والأسفار, ولست متأكدة أي من ذلك كلامي فعلا, وأيهُ من خطأ النُساخ, أو بعمد من الشيطان. وجاءتك أسئلة, وجدت في نسختك عليها إجابات متناقضة, أو لم تجدي لبعضها إجابة على الإطلاق! فما أنت فاعلة بالامتحان الذي سيتوقف عليه مستقبلك و تخرجك إلى الحياة؟!!!
قالت: أختار أصح إجابة, وأبحث عن الباقي في ما يقول لي الأساتذة الآباء.
قلت: وإن عرفتي أنني وحدي أنا الأستاذ, ولن أقبل إجابة مبنية على قول المقلدين والنُساخ, ومن يفعل ذلك في امتحاني النهائي, أُسقطه, بل وأطرده من مدرسة الحياة. قالت: مثالك ضدك ليس ضدي, فمدارسكم كذلك فعلا معشر الإسلام, أما أنا فقد درست منذ الصغر في مدرسة مسيحية, وشتان في أسلوب التعليم و الجزاء بين الاثنان.
تساءلت: أليس أبواك مُسلمان؟!!!
قالت: بلى, ولكن تلك المدرسة أرخص من مثيلاتها, رغم أنها للرُقي و لللغة الإنجليزية عنوان.
قلت بحسرة شديدة: ليس حبا بالعلم يا مسكينة, ولكن تغريباً و غسل دماغ. من يدفع الفرق يا فهيمة؟ أليس مجلس الكنائس العالمي أو الفاتيكان؟! ها قد تعلمت الإنجليزية وحياة الأكابر, فيا لفرحة أهلك بالمقابل.
قالت: هذه حياتي الشخصية, و يكفي أنهم قد فرضوا علي الاسم والهوية, أما الدين فأنا من أختاره؛ فقد علموني في الكنيسة حقوقي, وأذاقوني حتى الثمالة من طعمة الحرية. لا أزال أجد حلاوتها على لساني, رغم الصداع الشديد بعد أن استيقظت من نومتي الهنية. لقد حرروني من كل قيودي وأغلالي, وتَفتح ذهني, ولم أعُد تلك الغبية. أنا اليوم أملك قراري, وقد قررت أن أدوس على كل أسمالكم البَلية. لا أعني الحجاب فقط؛ بل وأيضاً... خرقة العُذرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق