الخميس، 14 مارس 2024

فضيحة “التسريبات الألمانية” كشفت مخططات الناتو وموسكو تتوعد!

فضيحة “التسريبات الألمانية” كشفت مخططات الناتو وموسكو تتوعد!

محادثة حساسة استمرت 38 دقيقة، لكنها كشفت عن الكثير من القصور الأمني الألماني، ولا يعرف أحد حتى الآن كيف تسربت المحادثة إلى الروس؟ لذلك دعت الحكومة الألمانية إلى إجراء مراجعة شاملة للتجهيزات الأمنية من أجل حماية أفضل لأمن ألمانيا.

وجه الروس انتقادات حادة إلى ألمانيا على إثر المحادثة، فهي تضع ألمانيا مباشرة في مواجهة مع الروس. لقد قال: أحد الضباط “إن الأمر يحتاج إلى 20 صاروخًا مبرمجًا لقصف الجسر”، ورأى آخر أن تدريب الأوكرانيين على استخدام صواريخ “تاوروس” التي يبلغ مداها 500 كيلومتر سيكون أمرًا ممكنًا في أوكرانيا، كما كشف التسريب عن وجود مستشارين بريطانيين في أوكرانيا لتدريب الجنود عندما قال قائد القوات الجوية الألمانية إن بريطانيا “لديها عدد قليل من الأشخاص على الأرض الأوكرانية يمكن عدهم على أصابع اليد”، وهي إشارة إلى انتشار وحدات من الناتو في عمق أوكرانيا.

وزير الخارجية الروسي ينتقد عداء ألمانيا

التسريبات عرضتها قناة “روسيا اليوم” في الأول من شهر مارس الحالي، ومنذ نشرها وحتى الآن فإن أضرارا أصابت ألمانيا جراء كشف تلك المخططات، فالتسريب يتحدث عن خطط عدائية للدولة الروسية وهو ما علق عليه وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” بأن الخطط العسكرية الألمانية أصبحت واضحة اليوم أكثر من أي وقت مضى، فهي معادية لروسيا.

استاء الروس كثيرًا، فلديهم دليل لا يقبل الطعن على تورط الناتو في الحرب، هكذا يفسر المسؤولون الروس ما استمعوا إليه في  تلك المحادثة، لهذا عاد الخطاب الروسي يشتعل بالتهديد والوعيد من جديد باستخدام الأسلحة النووية، لكن المتحدث باسم الحكومة الألمانية “فولفجانج بوشنرت” حاول التخفيف من ردّ روسيا وادعائها استعداد ألمانيا للحرب ضدها قائلا إن ذلك “دعاية سخيفة”، أما وزير الدفاع الألماني “بوريس بستوريوس” فوصف الحملة المعادية لألمانيا بأنها حرب معلومات تقودها روسيا، وأنهم يحاولون زرع الانقسام السياسي داخل البلاد.

المستشار الألماني أولاف شولتز من جهته تعهد بسرعة تقديم توضيحات بشأن الواقعة، وأكد تشكيل لجنة للبحث في الأمر، وأن الاستخبارات العسكرية الألمانية شرعت هي الأخرى في اتخاذ كل الإجراءات الضرورية، ثم عاد المستشار ليؤكد ويطمئن الشعب الألماني على أنه لن يسمح بإرسال صواريخ “تاوروس” إلى أوكرانيا، لأن هذا الأمر يتطلب وجودا عسكريا ألمانيا على الأراضي الأوكرانية، وألمانيا لن تفعل ذلك.

يحاول المحللون تفسير رصد هذه المحادثة، وكيف تمت؟ خاصة أن أحد الضباط كان موجودًا في سنغافورة وقتها وتحدث عن المشاهد الرائعة التي يراها من شرفة الفندق، وهذا يعني أن الروس ربما قد تمكنوا من زرع أجهزة تجسس في غرفة الفندق، وقد يؤشر هذا إلى أن هناك اختراقات أخرى كثيرة وتجسس فعّال من قبل الروس على ألمانيا في قطاعات أخرى، فالروس يرون ألمانيا الحلقة الأسهل اختراقا في الناتو، وأن سلوكها المعادي لروسيا هو حماقة وفقًا لصحيفة التليغراف البريطانية.

حتمية المواجهة

بغض النظر عن الجدل الدائر الآن عن استعداد ألمانيا للدخول في الحرب أم لا، فإن التصنيف العملي للجيش الألماني يصنفه بأنه ضعيف رغم الإنتاج العسكري الهائل لألمانيا، ومعروف أن ضعف الجيش كان قرارًا اتُّخذ بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، لكن تغير الأحوال وغزو روسيا لأوكرانيا منح ألمانيا الضوء الأخضر أوروبيًّا وأمريكيًّا من أجل تأسيس جيش قوي لحماية أوروبا، وهذا ما كشف عنه المستشار شولتز في بداية حكمه عندما قال: إنه خصص ميزانية 100 مليار يورو لتحديث الجيش لكن الأمر سيستغرق عدة سنوات.

إن تداعيات هذه التسريبات تذهب بنا إلى توقع إمكانية اندلاع حرب عالمية ثالثة، وسط كل هذه الأنباء المتواترة عن الحشود العسكرية في أوكرانيا، وكان الرئيس الفرنسي ماكرون قد دعا صراحة إلى إرسال قوات من حلف الناتو إلى أوكرانيا؛ مما دفع الناطق باسم الكرملين إلى التحذير بأن إرسال قوات إلى أوكرانيا “لن يكون في مصلحة” الغرب، لأنه يعني ببساطة أن حتمية المواجهة مع الغرب ستصبح مؤكدة.

لا شك في أن روسيا تسعى إلى تحييد دور ألمانيا في الحرب الأوكرانية، وأن ألمانيا خائفة من انتصار روسيا في الحرب الأوكرانية وفتح شهية بوتين لغزو دول البلطيق وبولندا، وهو سيناريو لا يمكن استبعاده؛ فالمتحدث باسم الكرملين “ديمتري بيسكوف” يعتقد أن منطقة كالينينغراد الروسية الواقعة بين ليتوانيا وبولندا هي معرضة لخطر الناتو بسبب الوجود المكثف للناتو في دول البلطيق الثلاث ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا.

لهذا لا تريد ألمانيا أن تنتصر روسيا في الحرب الأوكرانية، وهي تترجم ذلك عمليًّا في شكل المساعدات الهائلة التي ترسلها إلى إليها، فألمانيا تأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة فيما يتعلق بالدعم العسكري والاقتصادي لأوكرانيا منذ بداية الحرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق