عن "حبيب الصهاينة" العائد من "أبوظبي"
الترجمة:خدمة العصر
نشرت صحيفة "معاريف" العبرية بتاريخ 1/5/2015م للكاتبة "سارة ليفوفيتش" تتحدث فيه عن حملة دحلان للترشح للانتخابات الرئاسية في رام الله وعلاقاته الراسخة بالدوائر الصهيونية في تل أبيب.
نقلت الصحيفة عن المحامي الإسرائيلي، جلعاد شير، الذي اشترك في المفاوضات مع الفلسطينيين أثناء حكم ايهود باراك، ويعرف دحلان جيدا، قوله: "يبدو أن دحلان المرشح السياسي الأقوى اليوم وتؤيده العديد من الأنظمة".
يوجد الكثير من المعارف الإسرائيليين لدحلان، يتابعون باهتمام كبير محاولاته العودة إلى المناطق واستلام السلطة، كان ابو فادي أو النمر كما يسميه الفلسطينيون، مُرحبا به في إسرائيل.
الإسرائيليون الذين جلسوا معه في محادثات السلام أطلقوا عليه اسم "الجميل"، وكان مطلوبا للحوار والمحاضرات، المئات سمعوا له في جامعة تل أبيب.
والتقى مع وزراء شاس ومستوطنين، وكان صديقا مقربا لـ"امنون ليفكين شاحك"، يوسي غينوسار، دوف فايسغلاس وحاييم رامون، واستضافه "عيزر فايتسمان" عندما كان رئيسا للكيان العبري.
يعتبره أحد أصدقائه الإسرائيليين السابقين "سياسيا استثنائيا"، ولا يريد الكشف عن اسمه من أجل عدم إلحاق الضرر بفرصة فوز دحلان في منافسته على الرئاسة. "يكفي أن يظهر اسمه في صحيفة إسرائيلية مع أصدقاء إسرائيليين وهذا سوف يضر به، الأمور معقدة هناك".
كشخصية مقبولة في إسرائيل كانت له عداوات كثيرة، في انتخابات 1996 مثلا تمنى أن ينتخب شمعون بيرس وبدلا من ذلك جاء نتنياهو، حيث اعتبره دحلان مراوغا ولا يريد عملية السلام و"بطل كبير في التلفاز"، ولكن يبدو أن الحياة أقوى من التلفاز، ونشر قبل عام ونصف أن مبعوث رئيس الحكومة نتنياهو اسحق مولخو، التقى في دبي سرا مع دحلان.
دحلان لم يتعرض لأي أذى في إسرائيل، بل كان يسهر ويأكل بأفخم الفنادق والمطاعم في تل أبيب.
يلبس دحلان ملابس مصممة جيدا ويحب بشكل خاص ملابس "أرماني"، يركب مرسيدس فخمة، يتحدث العبرية والانجليزية بطلاقة بعد أن تعلم في دورة في بريطانيا. واعتبر في حينه القائد الفلسطيني من النوع الجديد، ثري، ذكي، مراوغ.
ظهر على أنه مكروه من الشعب لكنه مقرب من الأوروبيين والأمريكيين وصديق مقرب من رئيس السي.اي.ايه جورج تينيت.
الرئيس الأمريكي جورج بوش قال عنه "زعيم جيد ومتين"، واشترك دحلان في منتدى "سبان" وابتكر خطة سلام مع توني بلير.
في كامب ديفيد، جلس كل مساء إسرائيليون وفلسطينيون ومن بينهم دحلان، شربوا الويسكي ودخنوا السيجار وأكلوا الفستق وتبادلوا النكات، هذا ما يقوله مارتين اينديك في كتابه "سلام أمريكي".
كل ذلك تبخر قبل أربع سنوات، أُقيل دحلان من فتح وفقد حصانته البرلمانية بسبب الشبهات بالفساد، وانتقل إلى العيش في ابو ظبي وخرج في زيارات مطولة إلى سويسرا. قيل في الصحافة العربية إنه هرب، ولم يستطع مواجهة معارضيه وبدلا من المواجهة اختار الهرب.
وصدر ضده أمر اعتقال وقرار محكمة بالسجن لمدة عامين بعد أن أُدين في السنة الماضية بدعوى الإساءة عندما قال في إحدى المقابلات إن قوات الأمن الفلسطينية تساعد المستوطنين. لائحة اتهام أخرى حول سرقة 17 مليون دولار حولت للسلطة الفلسطينية قدمت ضده في الآونة الأخيرة.
أُلغيت الاتهامات في الأسبوع الماضي وهكذا انفتحت طريقه من جديد للسياسة الفلسطينية. "أعيش هنا حياة جيدة، ولكن قلبي هناك"، قال دحلان في الآونة الأخيرة لـمجلة "نيوزويك" من بيته الفاخر في ابو ظبي.
يوزع دحلان أموالا في الضفة وغزة. وأغلبها ليست له وإنما تصل من دول الخليج التي ترسل التبرعات إلى المناطق عن طريقه. ودحلان نفسه لا ينقصه المال. تقدر أمواله بأكثر من 100 مليون دولار، قام بتجميعها كما ادعى في السابق عندما كان مسؤولا عن عبور البضاعة من إسرائيل إلى قطاع غزة.
في الوقت الذي عانى شعبه من الفقر بنى دحلان فيلا فاخرة في حي الرمال في غزة ،وكان مالكا لقرية سياحية كبيرة ومشاريع أخرى بمجالات مختلفة. وفي السنوات الأخيرة عمل مستشارا أمنيا للأمير محمد بن زايد ولي العهد لابو ظبي، ومستشارا اقتصاديا لشركات مختلفة في أوروبا والعالم العربي. والاستثمارات السخية التي أدخلها كوسيط إلى صربيا منحته في الآونة الأخيرة جنسية صربية.
مع كل الغنى، تقول الصحيفة العبرية، يعرف دحلان أن النقود ليست كل شيء، من أجل الوصول للمقاطعة هو يحتاج إلى علاقات متشعبة في الأماكن الصحيحة. في مصر هو مقرب من الرئيس عبدالفتاح السيسي وأقنعه بفتح معبر رفح لعدة أيام لتمكين حركة الناس والبضائع.
ويواظب في الأشهر الأخيرة على نسج علاقات مع حماس في غزة. وبالتعاون مع حماس أقام دحلان في غزة لجنة المساعدة المتبادلة، والبعض هناك يؤيد تجديد العلاقة مع الابن الضال الذي هرب من قطاع غزة قبل سبع سنوات عندما صعدت حماس للسلطة، وفي الأيام الحاسمة عندما حدثت معارك بين حماس وفتح في شوارع غزة كان دحلان في ألمانيا يجري عملية جراحية سريعة في ركبته ومن هناك انتقل ليتعافى في القاهرة ولم يعد إلى القطاع. قال دحلان إن الاصابة في الركبة حدثت بسبب السجن الإسرائيلي، ولم يقتنع معارضوه من هذه القصة.
تقرير خاص لابو مازن حمل مسؤولية الانقلاب في غزة لدحلان الذي حصل على 25 مليون دولار لتطوير الأجهزة الأمنية، لكن الأموال لم تصل إلى هدفها حسب ما جاء في التقرير.
لا يوجد شخص كان مكروها على حماس في غزة مثل دحلان، على ما يبدو، فإن الأمن الوقائي في غزة قد عذب واعتقل المسلحين في غزة، واقترح احتلال الجامعة الإسلامية في غزة معقل قوة حماس.
وموقع دحلان الذي بناه الأمريكيون في غزة يسميه الحمساويون "الباستيل الفرنسي".
وادعى زعماء حماس أن دحلان ساعد إسرائيل في الرصاص المصبوب. وعندما ترك غزة عام 2007 حولت حماس بيته الفاخر إلى موقع عسكري.
لكن الدم الفاسد الذي فاض في غزة قد جف. "هذا هو تخصصه، إنه براغماتي جدا، يعرف خفايا السياسة بكل معنى الكلمة"، يقول صديقه الإسرائيلي المقرب. "شخص سلس أيضا بالمعنى الايجابي وبالمعنى السلبي. ذكي جدا ويعرف كيف يبقى. سيكون من الأفضل لإسرائيل إذا قام دحلان باستبدال ابو مازن".
"كان دحلان أحد رجال المفاوضات البارزين"، كما يقول المحامي شير، ويضيف: "وعمل معنا مئات الساعات في جولات الحوار، بعضها سري وبعضها علني، ويعرف جيدا المجتمع الإسرائيلي والثقافة والسياسة الإسرائيلية، وهو مفاوض ملفت، لديه استيعاب سريع، ويتكلم بشكل قاطع. رغم أن لغته العبرية جيدة، فانه يتحدث بالعربية عندما يريد الدقة. في المفاوضات حول الحل النهائي كان طرفا معتدلا ودفع باتجاه حلول وسط من الجانب الفلسطيني من اجل التوصل لاتفاق. وكان تأثيره على الوفد الفلسطيني إيجابي ومحفز".
وقد اشترك دحلان في معظم مؤتمرات السلام المهمة، كان في الوفد الفلسطيني في كامب ديفيد ومفاوضات طابا واشترك في مفاوضات الحل الدائم عام 1999 و2000. وفي الوفد الإسرائيلي للمفاوضات اعتبر طرفا معتدلا، وقال إن الفلسطينيين سيتنازلون عن حق العودة.
كتب جلعاد شير في كتابه "على مرمى لمسة" أنه في احد اللقاءات مع دحلان، كان قلقا من مصير عملية السلام ووعد أن الفلسطينيين لن يخيبوا أمل ايهود باراك.
عام 1996 التقى مع ممثلي المستوطنين. يوسي الفر الذي كان رئيس لجنة اليهود الأمريكيين ويتذكر دحلان كـ"شخصية محببة". وتابع: "أجلست دحلان في لقاءات مع رؤساء المستوطنين، وقد تحدثوا وأكلوا الفاكهة. وفي الاستراحات كان يتحاور مع اوري اليتسور، تحدثوا عن الحياة، عن الأولاد، وقد طلب تفاصيل الأدوات المكتبية التي لدي، وقال إنه سيشتري أدوات مشابهة لمكتبه في غزة. هذا هو دحلان". ولكن توجد لدحلان عدة أوجه، كما يقول رئيس الشاباك السابق آفي ديختر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق