"سندس عاصم"
ترد على حكم إعدامها بمقال في
"واشنطن بوست"
مفكرة الإسلام : كتبت الناشطة المصرية سندس عاصم، منسقة العلاقات الخارجية والإعلام الأجنبي في إدارة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، مقالًا في صحيفة "واشنطن بوست"، ردًّا على حكم الإعدام الصادر بحقها والرئيس السابق مرسي.
وعبرت عاصم في مقالها، عن استمرارها في الدفاع عن مبادئ الثورة المصرية، ورفضت الحكم باعتباره مسيسًا يهدف لقتل شباب الثورة ونشطائها، بحسب عربي 21.
وفيما يلي نص المقال:
استقبلت غير مصدقة الأخبار التي قالت يوم 16 أيار/ مايو: إن محكمة مصرية حكمت علي بالإعدام، إلى جانب الرئيس السابق محمد مرسي، وعدد من مساعديه، إضافة إلى عدد من الشخصيات العامة المحترمة، بينهم العالم المشهور عماد شاهين.
والاتهامات الموجهة لي مثل التي وجهت للرئيس مرسي، فهي زائفة بشكل كامل وسياسية. ويعرف العالم اليوم طبيعة المحاكم المصرية التعسفية التي تجرى للمعارضين السياسيين، وتصفها منظمات حقوق الإنسان الدولية بالمهزلة، وتفتقد المعايير القانونية، وتنتهك القانونين المصري والدولي.
شاركت في 25 كانون الثاني/ يناير 2011، مثل ملايين الشباب المصريين، في التظاهرات التي خرجت ضد الرئيس في حينه حسني مبارك، وحكمه الشمولي، الذي حصّن الفساد والظلم في مصر لأكثر من ثلاثة عقود.
اعتصمنا في ميدان التحرير، وهتفنا للحرية والعدالة الاجتماعية، وطالبنا بتنحية الرئيس الذي لم يعرف الكثير منا غيره. وكان عدونا الأول ولا يزال الطغيان والمحسوبية في أشكالها كلها.
بعد سقوط نظام مبارك، تأثرت بمستوى النشاط السياسي والوطنية والفخر القومي الذي وحدنا جميعًا، رغم خلافاتنا السياسية وانتماءاتنا. وامتلأت بالأمل بحياة أفضل، وحلمت بالذهاب إلى صندوق الاقتراع، مدركة أن صوتي سيكون له أثر، مثل بقية الناس في المجتمعات الديمقراطية.
أنتمي إلى مدرسة من التيار الإسلامي المعتدل، الذي لا يرى تناقضًا بين الإسلام والديمقراطية. وفي الحقيقة يقف الإسلام وبقوة ضد الظلم وانتهاك حقوق الإنسان والاضطهاد، خاصة اضطهاد المرأة. وطالما آمنت بالديمقراطية والتغيير السلمي، ودافعت عن حقوق الإنسان للناس كلهم. ولهذا تطوعت للعمل في حملة مرسي (في انتخابات الرئاسة)، منسقة للاتصالات والإعلام الأجنبي، وعينت بالمركز ذاته في مكتب الرئيس، بعد انتخابه رئيسًا في انتخابات حرة ونزيهة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي كان بإمكاننا نحن المصريين المشاركة في انتخابات كهذه، وكانت بشكل مثير لحظة قوة لا تصدق.
ثم جاء الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو 2013، فلم أكن أتخيل أن يؤدي دعمي للديمقراطية أو خدمتي في إدارة أول رئيس منتخب ديمقراطيًّا بي إلى السجن، أو أن يستخدما ضدي كونهما جريمة تستدعي الحكم علي بالموت.
وأجد الآن نفسي محاكمة على كل شيء تطلعت له وعملت من أجله، وهو نشر القيم ذاتها التي قاتل ومات الكثيرون من إخواني المصريين، من الانتماءات السياسية كافة، من أجلها.
ومع أن الحكم الصادر علي هو في قضية التآمر الكبرى المزعومة، فإن النظام المصري يرغب بإنهاء حياتي لا لسبب، إلا لأنني متعلمة وناشطة سياسيًّا وامرأة مستقلة بآراء إسلامية تمثل التيار الرئيس. وقد سافرت كثيرًا حول العالم، واستفدت من تعليمي وتدريبي للتواصل مع الناس من الثقافات والأديان المختلفة، وأقمت جسورًا أيديولوجية، وشاركت في الحوار مع الآخرين، مثلًا زميلة في تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، وقد أعطاني هذا تكريمًا مشبوهًا؛ لكوني أول امرأة في تاريخ مصر الحديث يصدر عليها حكم بالإعدام لأسباب سياسية.
بشكل واضح أنتمي لجيل من الشباب المصري، رجالًا ونساء، ليبراليين ومحافظين ويساريين ومسلمين ومسيحيين وملحدين، الذين يخافهم النظام، ويعدهم العدو رقم (1)؛ لأننا نمثل المستقبل والأمل للتغيير.
يريد النظام قتل حلم الديمقراطية والحرية في قلوب الشباب المصري، ولا يريد أن يعرف العالم حقيقة ما يجري في مصر، لكنه لن ينتصر، فهناك أمر ما تغير في الوعي الجمعي المصري، حتى ولو أعدم النظام الآلاف، فلدى المصريين الكثير ليقدموه، وسيأتي اليوم كي ينعم هذا البلد بالحرية والعدالة.
الحمد لله أنني وعلى خلاف عشرات الآلاف من الأبرياء المصريين الذين يعانون في السجون، أو يعذبون أو قتلوا في الشوارع أو أعدموا، فأنا خارج البلاد أواصل تعليمي في مجال السياسة العامة في بريطانيا، وقررت أن أواصل طريقًا عمليًّا وأكاديميًّا مستقلًّا؛ من أجل الحصول على التجربة والمهارات التي تجعلني قادرة على خدمة وطني مصر، البلد الذي نشأت فيه وأعتز به.
مع أن شعوري بالفراق عن أهلي وأصدقائي وأحبائي يقطع قلبي، إلا أن حكم الإعدام لن يكسر إرادتي أو عزيمتي. بل على العكس فإنه سيعطيني القوة من أجل الدفاع عن مبادئ الثورة المصرية وقيمها، التي أتطلع لها أنا ومعظم المصريين: كرامه وحرية وعدالة.
"واشنطن بوست"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق