الخميس، 21 يوليو 2016

العلمانية والدين

العلمانية والدين


محمد عمارة


يكذب المتغربون عندما يدلسون علينا فيقولون: إن العلمانية ليست خطراً على الدين، وإنها محايدة في الموقف من  كل الأديان.. 
نعم.. إنهم - في هذا القول - كاذبون ومدلسون.

لقد كان الشرق هو قلب العالم المسيحي قبل ظهور الإسلام، فلما تحول الشرق إلى قلب العالم الإسلامي، بعد الفتوحات التي حررت الشرق والشرقيين من القهر الروماني، أصبحت أوربا هي قلب العالم المسيحي.

ولقد استمر ذلك حتى ظهرت العلمانية، التي عزلت السماء عن الأرض، وأحلت الدين الطبيعي محل الدين السماوي.. وجعلت العالم مستقلا بذاته، غير محتاج إلى إله يدبره، والإنسان مستقلا بذاته، ليس في حاجة إلى شريعة إلهية تأتيه من وراء الطبيعة لتدبير مجتمعاته، فكانت نتيجة هذه العلمانية - بلغة الأرقام:

- إن الذين يؤمنون في أوربا بوجود إله، حتى ولو لم يعبدوه، هم أقل من 14% من الذين يصنفون أنفسهم مسيحيين!.

- وفي فرنسا- أكبر بلاد الكاثوليكية - لا يذهب إلى قداس الأحد إلا أقل من 3% من السكان!.

- وفي إيطاليا - حيث الفاتيكان - يوافق 70% من الكاثوليك على ممارسة الجنس قبل الزواج، ويتطرف 74% من عموم الكاثوليك في المسائل الأخلاقية على عكس تعاليم المسيحية والكنيسة!، وغنت المطربة الأمريكية "مادونا" في كنيسة تاريخية، بعد أن تحولت إلى مطعم، وتحول المذبح إلى فرن للبيتزا"!... 

- وفي ألمانيا توقف القداس في نحو ثلث الكنائس في أبرشية "أيس" بسبب قلة الزوار، وهناك عشرة آلاف كنيسة مرشحة للإغلاق وللبيع لأغراض أخرى!، وتفقد الكنائس الألمانية - الإنجيلية والكاثوليكية - سنويا أكثر من مائة ألف من أتباعها!.

- وفي إنجلترا - ذات العلمانية المخففة والتي ترأس الملكة كنيستها الإنجليكانية - لا يحضر القداس الأسبوعي سوى أقل من مليون مواطن!، ولقد صنفت 10% من كنائسها رسميا باعتبارها زائدة عن الحاجة ومرشحة للبيع مطاعم وملاهي وحتى علب ليل!، وأعلن الكاردينال "كورمك ميرفي" رئيس الكنيسة الكاثوليكية في إنجلترا وويلز، أن "المسيحية أوشكت على الانحسار في بريطانيا، وأن الدين لم يعد مؤثرا في حياة الناس"!، ورغم صعود موجات الإسلاموفوبيا، وتشبيه الإسلام بالشيطان والنازية والشيوعية، تتحدث الدراسات الإحصائية أن السنوات القليلة المقبلة ستشهد زيادة المسلمين الإنجليز الملتزمين على نسبة المسيحيين الإنجليز الملتزمين!.

- وفي الدنمارك، بلد الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، والمظاهرات والأقلام التي تخوف وتحذر من "أسلمة أوربا" - عرضت عشر كنائس للبيع!، وصرح "كاي بولمان" الأمين العام للكنائس في الدنمارك بأنه "إذا لم تستعمل الكنيسة للعبادة، فالأجدر أن تستعمل كحظيرة للخنازير"، في محاولة لحظر بيعها مساجد للمسلمين الدنماركيين!.

- وفي أمريكا، وهي الأكثر تدينا عن أوربا، انخفض حضور قداس الأحد الكاثوليكي 40% عن خمسينيات القرن العشرين!.

فهل بعد هذه النماذج من الأرقام يجوز التدليس بأن العلمانية محايدة بين الأديان؟!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق