كيف نُكبِر الله تكبيرا...؟
التكبير شعار المؤمنين في الأيام المعلومات؛ أيام العشر ولياليها التي أقسم الله بها في قوله تعالى: (والفجر وليالٍ عشر).
والله تعالى أمرنا أمرًا عامًا أن نكبره تكبيرًا؛ فقال : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ) الإسراء /111
وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يكبره عند دعوته وعبادته، فقال: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ* وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ*وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)(المدثر/ 1- 5)
وإذا كان الله تعالى قد دعانا الله أن ندعوه بأسمائه الحسنى في قوله: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) فإن من أجل أسمائه عز وجل : (الكبير) ومن أسمائه : (الأكبر)و(المتكبر) وقد وصف نفسه بأنه (له الكبرياء في السموات والأرض).
وقد كان الصحابة يقولون في تكبيرات الأيام المعلومات : (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا) ومعنى اسم الله (الكبير) فسره أهل العلم – كابن جرير الطبري بأنه : " العظيم الذي كل شيء دونه، ولا أعظم منه" . وقال الخطابي: " (الكبير) هو: الموصوف بالجلال وكبر الشأن، فصغُر دون جلاله كلُ كبير".
ويبين ابن القيم معنى اسم الله (الكبير) فيقول : " فالله سبحانه أكبر من كل شيء، ذاتًا وقدرًا وعزة وجلالة، فهو أكبر من كل شيء في ذاته ، وصفاته ، وأفعاله ، كما هو فوق كل شيء ، وعال على كل شيء ، وأعظم من كل شيء , وأجل من كل شيء،في ذاته وصفاته وأفعاله." (كتاب الصواعق المرسلة - 4/1379).
وصفة الكبرياء لله تعالى تقترن دائما في القرآن بالعُلو، لأن الكبير سبحانه لا تكتمل كبرياؤه إلا أن يكون أعلى مَنْ كل من دونه، كما يوضحه قوله عز وجل :(فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) النساء /34.
وقوله: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ) الرعد/9 وقوله:( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) الحج/62.
وقوله :(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (لقمان)30 وقوله : (قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) سبأ/ 23 وقوله : ( ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ( غافر _12)
ونحن مأمورون أن نكبر الله في عبادات كثيرة، ومعنى التكبير يبينه ابن تيمية – رحمه الله – فيقول: " في قول "الله أكبر" إثبات عظمته، فإن الكبرياء يتضمن العظمة، ولكن الكبرياء أكمل، ولهذا جاءت الألفاظ المشروعة في الصلاة والأذان بقول "الله أكبر" فإن ذلك أكمل من قول : الله أعظم" ويوضح ابن القيم معنى التكبير فيقول: " فالله سبحانه أكبر من كل شيء، ذاتًا وقدرًا وعزة وجلالة، فهو أكبر من كل شيء في ذاته وصفاته وأفعاله كما هو فوق كل شيء وعال على كل شيء ، وأعظم من كل شيء ,وأجل من كل شيء في ذاته وصفاته وأفعاله . » كتاب الصواعق المرسلة 1/ 1379
ولجلال معاني التكبير؛ كان الدخول في أفضل الأعمال - وهي الصلاة - بقول « الله أكبر» فتحريمها التكبير، ويتكرر التكبير للانتقال من ركن إلى ركن في الصلاة.ويشرع الاتيان به في الأذان والإقامة في أولها وآخرها وبصورة مكررة. ويشرع مع التسبيح والتحميد عقب صلاة الفريضة، وعند الشروع في الطواف حول الكعبة،وعند محاذاة الحجر الأسود في كل شوط، وعند الصفا والمروة في السعي بينهما ، وعند رمي الجمرات في الحج، وعند ركوب الدابة في السفر، وعند الارتفاع على كل شرف من الأرض.
ويشرع مع التسبيح والتحميد عند النوم.ومع التسبيح والتحميد عندما يتعارّ الإنسان من نومه.و عند رؤية الهلال في أول الشهر.ومع الذكر المطلق بالتكبير والتحميد والتسبيح والتهليل، ويشرع قول «بسم الله والله أكبر»عند ذبح الأضحية والهدي،والذبح عمومًا.
ويشرع التكبير في الجهاد في سبيل الله تعالى، وله أثره العظيم في رعب الأعداء ، كما يشرع التكبيرعند رؤية آيات الله عـز وجـل، وعند التعجـب وعند تعظـيم الله سبحانه.
والأعمال الصالحة في العشر والتشريق تجمل وتكمل باستحضار معاني التكبير في تلك المواضع ، وفي التكبير المطلق والمقيد، و يبين شـيخ الإسـلام ابن تيمية - رحمه الله- سر التكبير في هذه المواضع فيقول : (هذا كله يبين أن التكبير مشروع في المواضع الكبار، لكثرة الجَمع، أو لعظمة الفعل، أو لقوة الحال، أو نحو ذلك من الأمور الكبيرة ، ليبين أن الله أكبر، وتستولي كبرياؤه في القلوب على كبرياء تلك الأمور الكبار؛ فيكون الدين كله لله، ويكون العباد له مكبرين، فيحصل لهم مقصودان: مقصود العبادة بتكبير قلوبهم لله، ومقصود الاستعانة بانقياد الطالب لكبريائه»( مجموع الفتاوى 4/229
فلنقل من قلوبنا وبأرواحنا قبل ألسنتنا :
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله، والله أكبر، والله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق