الجمعة، 17 مايو 2019

ذاكرة الامة

             أيمن حسن..بطل من ذاكرة مصر                     


مرت مصر بحروب كثيرة مع الكيان الصهيوني سواء منذ نكبة فلسطين وحتى عام 1973م حيث توجت إتفاقية كامب ديفيد عام 1978م مرحلة جديدة للسلام بين نظام الحكم في الكيان وبين حكومة أنور السادات، ورغم محاولات مصر كدولة الحفاظ على هذه الحالة إلا أن كراهية الإستعمار كتجربة مرت فيها شعوب العالم الإسلامي لتزال لصيقة المواطن البسيط سواء كان ذلك بصفة دينية أو عرقية أو أمنية..

في عام 1990م وعلى مدار 46 يوماً من التخطيط نفذ الجندي المصري، أيمن حسن، هجوماً على قافلة عسكرية صهيونية قتل خلال الهجوم 21 جندياً و أصاب 20 آخرين في نقطة تماس على الحدود بين شمال سيناء وفلسطين المحتلة.

كانت تلك الحالة تجربة رفض جديدة لإتفاق السلام مع الكيان الصهيوني لكنها لم تكن تعبر عن وجهة نظر الحكومة المصرية بل المجتمع المصري، فقد رفض الجندي المصري الذي يؤدي خدمته على الحدود أن يرى جندي صهيوني يمسح حذاءه بعلم مصر واعتبر أن الدفاع عن كرامة بلاده جزء من هويته الدينية، وتلك التجربة تؤكد أن فكرة ترويض الشعب المصري عبر إتفاقية السلام لم تكن فكرة صحية، وليس ذلك فقط لأن هناك ذاكرة مليئة بالجرائم التي إرتكبها الإستعمار من قبل توجها الجرائم الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل لأن الهوية الدينية والقومية العربية ترفض الإستسلام والقبول بالركوع أمام الكيان الصهيوني الغاصب للأرض العربية.
حينما يَستعرض أيمن حسن تفاصيل الهجوم يمكن التقين بأن ما يجتهد البعض لإخفاءه حول ضياع هوية الأمة وقبولها بكون "إسرائيل" جزء من حقيقتها هو مجرد هرطقات جوفاء لترويض الأجيال القادمة وأن الصراع الحقيقي يتعلق فقط بالهوية الدينية.

يقول حسن في برنامج تلفزيوني نشرته قناة (المحور) المصرية في أبريل عام 2011، أي عقب ثورة 25 يناير، " استقبلت من قبل الضباط في الجيش استقبال الأبطال وتم الإعتناء بي جيداً حتى من قبل لواءات في الجيش).. تلك الحقيقة قد تكون مخالفة للواقع السياسي كونها قد تسبب أزمة لمصر تتعلق بوهم عملية السلام مع الكيان الصهيوني.. يضيف حسن" في الحرب والسلم لم نرى من اليهود سوى كل شيء سيء.. كنت أخطط فقط لقتل جندي صهيوني رأيته يمسح حذاءه بالعلم المصري.. لكن بعد مذبحة الأقصى التي وقعت في تلك الأيام غيرت خطتي للإنتقام لعزة العرب والمسلمين وكرامة أقصانا"..

حكمت السلطات المصرية عام 1991م على، أيمن حسن، بالسجن 12 عاماً لقتله 21 جندياً صهيونياً وإصابة 20 آخرين وإتلاف سيارات عسكرية صهيونية.. 
يقول زارني الشيخ محمد الغزالي للإدلاء بشهادته حول ما صنعته خلال المحاكمة فسألته:" لقد نويت الشهادة في العمل فلماذا لم يصطفيني الله من الشهداء.. فرد شيخ قائلا: ربما يذخرك لشيء أكبر من ذلك"..

لم يكن خلال حديثه يرى حسن بأن الصراع في فلسطين صراعاً سياسياً على الأرض بل صراعاً دينياً لا يمكن أن يتم تجاوزه، فهو يستذكر دائماً السيرة العطرة لمن استشهدوا في حروب مصر مع الكيان الصهيوني ويتحدث بلغة التعميم والهم المشتركة للأمة الإسلامية في عداء هذا الكيان الغاصب.. 
يقول:" الكثير من ضباط الجيش كانوا فخورين بما صنعته لدرجة أن بعضهم إلتقط صور شخصية معي، لكنهم يرفضون التصريح بذلك خوفاً لكونهم لا يزالون في خدمتهم العسكرية!".

ماذا تصنع اليوم يا بطل؟! 
منذ خروجي من السجن وأنا أحاول الحصول على عمل لكن خلال 10 سنوات من خروجي من السجن وهم يحاولون التضييق علي، و دفعي بإتجاه الجريمة وتجارة المخدرات!. لقد رفضوا اعطائي سجل "فيش وتشبيه" نظيف حتى لا أحصل على وظيفة... لقد جعلوني من أصحاب السوابق !. من يقوم بذلك؟! الأمن وبعض الجهات التي لا تريد أن يبقى الجندي المصري (أيمن حسن) قدوة للأجيال القادمة.

قد يكون المشهد المصري مختلف قليلاً بالنسبة للسلام مع الكيان الصهيوني لكن ذلك لم يغير شيء في عقيدة الإنسان المصري الذي يؤمن بأن الصراع مع اليهود هو نفس الصراع بين نبي الله موسى عليه السلام وآل فرعون.. فات البطل حسن سن التعيين ويحاول كسب عيشه من مهن بسيطة ليعيل ثلاثة من أبنائه.. لكنه ترك للذاكرة مصرية درساً في البطولة لا يزال يدرس منذ عام 1991م وإلى يومنا هذا في الأكاديميات العسكرية التابعة للجيش المصري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق