الأربعاء، 5 أغسطس 2020

إلى أولياء الكتابة «المبتدئين»!

إلى أولياء الكتابة «المبتدئين»!

خواطر صعلوك
    محمد ناصر العطوان

إن أهم ما يفعله الصحافي في بداية حياته المهنية هو أن يجد كاتباً كبيراً يقلده، ولكن ينبغي ألا يستمر هذا التقليد إلا لفترة محدودة حتى يمتلك الصحافي أو الكاتب أدواته، ويستطيع صياغة أسلوبه الخاص، ويختار طريقاً لا يسير فيه أحد سواه، هذا ما فعلته مع توفيق الحكيم، فقد كنت أحفظ مفرداته لدرجة أنني كنت أحفظ مقاطع من كتبه، وظللت كذلك حتى ابتكرت أسلوبي الخاص الذي لا يشبه أحداً، ولكن هذا الأسلوب صنعته قراءة واعية، فالكاتب الجيد ينبغي أن يكون قارئاً جيداً جداً.

كانت النصيحة السابقة عزيزي القارئ هي نصيحة الكاتب الكبير أحمد بهجت لأولياء الكتابة الصالحين، وربما يختلف البعض مع هذه النصيحة معتقدين أن الكاتب الجيد يُولد ومعه أسلوبه الخاص، من دون أن يتأثر بأحد، ولن نناقش هذا الرأي لأن «سبونج بوب» نفسه لا يمكن أن يوافق عليها.

إن واقع تجربتي كوني من أولياء الكتابة «المبتدئين» يقول إنني تأثرت بأسلوب أكثر من كاتب، وما زلت أبحث عن أسلوبي الخاص الذي لا يشبه أحداً، كما أني اتفق بشدة مع المقولة التي توضح أن الكاتب الجيد يجب أن يكون قارئاً جيداً.

وقد تأثرت في حياتي بأسلوب أكثر من كاتب وحاولت أن أجاريهم وأقلدهم من دون أن أشعر بالحرج من ذلك، وكنت وما زلت أعلم أن الوعي بالكتابة وتطويع الكلمة يجعلانك في بحث دائم عن أحسن القول وأفضل الحبر وأرقى المعنى، وأن الكتابة الجيدة في أرقى صورها هي استغناء عن تكرار الأداء، وأن على الكاتب الجيد أن يبذل من الجهد من أجل اجتذاب قارئ واحد، بالمقدار نفسه كما لو أنه يسعى لجذب ملايين منهم.

ومن باب الامتنان والشكر والعرفان أريد أن أشكر كل كاتب تأثرت به وتعلمت منه، ومنهم الأموات عليهم رحمة الله ومنهم الأحياء أطال الله في أعمارهم وبارك فيهم.

فشكراً لمولانا كامل النابلسي ومولانا محمد أحمد الرياحي.
وشكراً لعبدالحق منصف وجلال أمين وإبراهيم أصلان وعباس العقاد وجلال عامر والصادق النيهوم وعبدالوهاب المسيري وأحمد خالد توفيق، أسلوب غازي مختار طليمات في ترجمته لوول ديورنت، الرائع دستويفسكي والمبدع ونيكوس كازانتزاكيس والمُكثف إدواردو غاليانو، صاحبي الأسلوب الممتع بلال فضل وعمر طاهر.
الأستاذ الجميل مدحت علام الذي يجعل كل ما أكتب متماسكاً، لكي يظهر للقارئ من دون تراقص في المعنى، وينصح ويوجه من دون ملل أو كلل.
عزيزي القارئ إن أسوأ الكُتاب هو المنغلق على ذاته، والانغلاق على الذات لا يجعل الكاتب يرى كلمة «أهم» لأنه لا يرى أصلاً كلمة «هم»... فهو منغلق على ذاته ومشاعره وأحاسيسه... فيتكلم عن منظور واحد وبُعد واحد فيتحول إلى إنسان ذي بُعد واحد مسطح، انحصرت دائرة تعاطفه لتشمل فئات أقل من الناس، فيتكلم عن منظور «الأنا» وليس من تشكيل وتفاعل الـ«هم»... فهناك فرق بين «الأنا» وبين «الأهم».
هم... أهم... هذا ما تعنيه كلمة أهم... هم... أهم.
لأن الألف حرف الاستقامة وتقويم المعنى. فهو ما بدأ به اسم الله... وهو الذي وضع قبل هم فأصبحت أهم.
والانغلاق على الذات يجعل الإنسان فاقداً لقيمة التوحيد كونها في أساسها توحيداً لما تفرق وتشتت وتذويب الأنا في «الهو» والهو في الـ«هم»... 
وكل ما لم يذكر فيه اسم الله... أبتر.


قصة قصيرة:
كل من تقابله هو بوذا محتمل!

@moh1alatwan

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق