التوبة بين الكمال الممدوح والنقص المذموم!
- بواسطة مضر أبو الهيجاء
- تصويبات عقدية فكرية
إن المحن التي تمس الفرد والجماعة تقربه إلى الله وتستدعي توبة نصوحا.
وكما أن التوبة تمس القلب فتعيد شحنه بالمعاني العظيمة، فإنها تنعكس على السلوك فتحدث فيه سوية مشهودة.
لكنها تبقى توبة عوراء منقوصة إذا تجاوزت العقل ولم تحدث فيه ترشيدا للوعي !
إن إشارة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بقوله لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، دلالة واضحة على نقص الايمان أو كماله المتعلق مباشرة بوعيه الذي يمنعه من السقوط مرتين.
إن التوقف في التعامل مع مفهوم التوبة عند أعمال القلوب واعتبار السلوك، دون الإنتباه لدلالة التوبة في ترشيد الوعي العقلي، هو عطب في التعامل مع التوبة بمفهومها القرآني الذي يقوم على معاني التوحيد، والتي تتجلى في كل جانب، وأحدها ومن أهمها جانب الوعي والعقل والرشد.
أما إن لم تظهر معاني ودلالات التوبة في الوعي والجانب العقلي، وبقيت محصورة في الجانب القلبي، فحينها تنقلب المحنة إلى عقوبة، ويكون توحيد المرء أو الجماعة منقوصا.
إن سنن الله وقوانينه غلابة، وإن الله -جل جلاله- لا يستعجل وان استعجل عباده.
وحتى لا تكون توبتنا المطلوبة في معركة طوفان الأقصى قاصرة وعوراء، فينبغي أن نبحث ونسعى لتحقيقها في وعينا ونظرياتنا وعقولنا ومناهجنا، حتى نكون حقا صادقين في التوبة لله، وحتى لا تصبح محنتنا عقوبة جديدة من الله.
إن الخطاب الإسلامي الذي يبثه علماء وقيادات وشخصيات طيبة وصادقة ومخلصة ومؤمنة ومجاهدة -ولا نزكي على الله أحدا- لا ينبغي أن يبقى محصورا بالطرح الدعوي الإصلاحي التقليدي الذي لا يتجاوز أعمال القلوب وتقويم السلوك دون ترشيد العقول عبر مراجعات جريئة عميقة وجادة، تنطلق من معاني التوحيد ولا تخشى في الله ابتزاز المبتزين، وهو شرط ليصلح الله حالنا وينصر قضايانا وكل قضايا المسلمين.
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 8/12/2023