الانتشار الأمريكي الجديد
مقدمة: إخفاقات
يعرف المثقفون أن الدولة هي أرض وشعب وحكومة، والحقيقة أن ما يعنونه هو السلطة فهذا آت من الذاكرة المعرفية والتي تعتبر مقدسة نتيجة اختلال في تعاريف أخرى، كالحضارة والمدنية مثلا، ومعنى المقدس وتشابك الأفكار المنقولة من الماضي تقليدا مع الحاضر؛ حفظا وتقليدا وأسلوب إملاء وليس التدقيق والتمحيص.. كل هذه تجعلنا أمام حالة فشل دائم في استقراء البديهيات أو تشكيل العلاقات الندية، بل ومعنى الندية نفسه وتحويله إلى سلوك كغيره من المصطلحات والمفاهيم.
سلطة الجهل في قلب الأمة ما زالت تعرف القلب أنه المضخة في الجوف، بينما فكرها الأساس الذي لم تبنَ عليه مدنية صافية يعرفه أنه في الصدر (مقدمة الرأس أو الناصية)، وأنه أداة التفكير.
يعرف المثقفون أن الدولة هي أرض وشعب وحكومة، والحقيقة أن ما يعنونه هو السلطة فهذا آت من الذاكرة المعرفية والتي تعتبر مقدسة نتيجة اختلال في تعاريف أخرى، كالحضارة والمدنية مثلا، ومعنى المقدس وتشابك الأفكار المنقولة من الماضي تقليدا مع الحاضر؛ حفظا وتقليدا وأسلوب إملاء وليس التدقيق والتمحيص.. كل هذه تجعلنا أمام حالة فشل دائم في استقراء البديهيات أو تشكيل العلاقات الندية، بل ومعنى الندية نفسه وتحويله إلى سلوك كغيره من المصطلحات والمفاهيم.
سلطة الجهل في قلب الأمة ما زالت تعرف القلب أنه المضخة في الجوف، بينما فكرها الأساس الذي لم تبنَ عليه مدنية صافية يعرفه أنه في الصدر (مقدمة الرأس أو الناصية)، وأنه أداة التفكير.
يقولون صالح لكل زمان ومكان ويحرّمون التفكير، بينما عقيدتهم ترفض التقليد وأخذ الأمور بظواهرها وسطحيتها.
ولا أدري كيف سيصلح لكل زمان ويأتي أناس يديرون دولة بعقلية الماضي السحيق أو بجمود عند فكرة تبث الجهل وتحرك العقل الجمعي، فينشأ "الفساد السلوكي" الذي يسطح الأخلاق والقيم ويكون الفساد ليس مقتصرا على المال والجريمة بأنواعها وإنما في كل مناحي الحياة، بل المجتمع يتبنى حالة مزدوجة غير متجانسة بين الحداثة بلا مقوماتها وآلياتها وفكرها؛ وبين المتوارث من العادات والتقاليد والأفكار الجامدة التي تستعمر الغريزة بها المنظومة العقلية فتشلها تماما وتفقدها الكينونة بفقدان الشخصية السوية.
فالبشر ماكينة تجمع المتناقضات كمحرك تعمل أجزاؤه بشكل متخالف فلا تبنى ثقافة ولا تفاهم بين الناس ولا غيرها من مقومات الأمة، ولا تتكون أمة وبالتالي لا تتكون دولة. فلا حضارة فكرية ولا تطور مدنيا نابعا من المشاركة المدنية للعالم وربما يُكتفى باستيراده للاستخدام، فترى مظهرا وعقلية مشوهة لا هي متمدنة ولا هي متحضرة ولا لها وضوح ثقافي اللهم إلا إن اعتبرت هذه التناقضات ثقافة الأمم الهامشية.
وهذا واقع مجموعتنا البشرية وهو واقع كثير من دول العالم المتخلفة وإن اختلفت بالتفاصيل، وهنا لست أشخص فالحلول دوما مطروحة لكن عاجزة عن إيجاد البيئة وسط تجهيل لا يقابله تعليم صحيح وإنما يدعم الجهل بتضاده، ويدعم الفساد بتفاصيله ويؤسس للفشل الذي لا يحتاج إلى جهد لينتشر، وعندما تتكلم أحاسيس ترفض التخلف تتوجه إلى تآمر الآخرين وكأن المؤامرة قدر مقدور وليست أكثر من واقع خطط الآخرون للاستفادة منه، وأغنام لا صاحب لها فوجد شخص حاجته في حلبها، وعندما يفكرون بالتطور يحلبون أنفسهم ويقدمونه لهذا المستغل أو ذاك، وبدل أن يبنوا شخصيتهم وثقافتهم يمارسون التقليد للمستغل بشكل ممجوج من الضحالة السلوكية أمام قوى تخطّط وتدبّر وتنظّر وتنفّذ ما يصل إليه مفكروها بمتعدد توجهاتهم وبناء استراتيجيات كالتي نحن بصدد إحداها.
التحشيد والأهداف فالغاية:
الولايات المتحدة دولة حديثة بمعنى الدولة التي هي كل شيء ومسؤولة عن إدارة كل شيء ضمن نظام رأسمالي لتحقيق أهداف أصحاب المصالح. الرأسماليين. الدولة لها قيمة واحدة هي النفعية. ولست هنا بصدد شرح لتفصيل معنى الدولة الحديثة فكل ما نراه مما نفهم أو لا نفهم مما نقبل أو نستنكر هو مخرجات الدولة الحديثة، فدولة كهذه لا تتحرك بالأهواء ولا يقودها شخص واحد. قد تتأجل الغايات بها بتغييرات التكتيك في الأهداف تطول أو تقصر وكلها وفق مخرجات الدراسة والخطط المتعددة المسارات، لكن ما نراه اليوم من تحشيد هو ضمن خطة تنمو كما ينمو الجنين في بطن أمه؛ لا تبدو ملامحه إلا في الولادة وتتغير صورته وحركته إلى أن يبلغ وينجز مهمته.
هذا التصوير هو نوع من المبالغة الواجبة كتكبير الصورة لتفهم، فالعراق بدأ احتواؤه بعد إزالة العهد الملكي، وتابعوا كم من تغييرات وتغييرات مضادة برد الفعل جرت إلى أن وصلنا إلى 2003 لتنتشر الخطة على المنطقة ويجري إفراغ وتشويه "الإسلام السياسي" بخيارات وولادات قبل أوانها أو ولادات ميتة أصلا؛ فيدير البلد أموات يسيرون كما يسمونهم الزومبي الذين لا همّ لهم إلا عض وأكل لحوم الأصّحاء.
في التكتيك كما الاستراتيجية هنالك حمل أي تخطيط وتحشيد وأهداف وغايات، الغايات لا تعلم من الميداني وإنما من ركائز السياسة، فالميداني مهمته ميدانية ولا يعلم أكثر فكل مسؤول عن جزء في صناعة الحدث. القوات اليوم هي في مرحلة التحشيد، واسأل من تسأل فلن يعرف الأهداف الأولية بتسلسلها والتي بتراكمها وتصاعدها ستصل الحملة إلى الغاية، ولكن مع كل هدف سيخرج محلل يقول ألم أقل إن الغاية كذا؟ لكنها محض مرحلة في حياة الجنين، هكذا سارت الأمور مذ عرفنا من اللاعب في أرضنا فالغاية لن تُعرف إلا عندما تنتهي المرحلة إن كانت هذه هي نهاية مخطط دام طويلا وربما التحشيد ضمن استراتيجية أخرى وما يحصل هو تأمين الأطراف.
لماذا نتقبل الأمور كقدر؟
معظم من سيقرأ سيتخذ ما كتبته ضمن السرديات القدرية، لكنها ليست قدرية، كل ما في الأمر أن اللغة مختلفة بيننا وبين الغرب، فنحن نقدم حقوق بقايا الأمة مع فنجان قهوة في مضيفنا، أو نعبر عن مشاعر الود والعرفان كما يريد محتل أرضنا وقد تركنا نعبث ونحن في السقوط الحر والانفصال التام عن الجمهور والعجز عن إنشاء أمة ونشاط غرائزنا من حب التملك والسيادة والأنا الإبليسية التي تدفع للظلم بوهم التمكين فيسهل التقدم في الأهداف نحو الغاية.
هو فهم خاطئ عندما يعبر قائد عربي عن الود والطاعة ورعاية المصالح ولا يطلب أي شيء كثمن لهذا إلا بقاءه في سلطة أصلا هو موضوع فيها ضمن المطلوب، إن من يسمعه سينظر إليه باستخفاف تام بل يمعن في إذلاله فهو لا يبدو له مؤهلا عقليا، هو وحش؛ وقد تربي وحوشا لكنك تضع اللجام عليها فإن أرادت التجاوز عن طول الحبل سُحبت وربما ضُربت ولن تقتل حتى تسوية العمليات، لكنها ستفهم أنها أمام سيدها وأن حركتها محددة بما يسمح لها.. لن يُقتل من يفهم اللغة وإن كان صلبا رافضا بعقل، وأعاد تنظيم بلده وتحالفاته وسدد منظماته وجمع النخبة الواعية ووضع الخطط، ونزع اللجام وإن بقي الرسن بيد من كان سيده.
الخلاصة أننا أمة متى وُجد لنا قادة حقيقيون وليسوا أناسا متسلطين، فعندها سنصنع نموذج الند ونكون شركاء مدنية نعين داعمين وليس تابعين لا نصد طغيانا ولا نفعل إلا زيادة الضعف الفكري ونخر الكينونة فنكون وحشا بيد المحتلين؛ وخططهم قدر مقدور نتبعها وننفذها صاغرين فسلطاتنا لم تتعلم أن تأخذ بنصح ودراسات أبناء الأرض، لكن هم يأخذون حتى بكلامي هذا.
فالبشر ماكينة تجمع المتناقضات كمحرك تعمل أجزاؤه بشكل متخالف فلا تبنى ثقافة ولا تفاهم بين الناس ولا غيرها من مقومات الأمة، ولا تتكون أمة وبالتالي لا تتكون دولة. فلا حضارة فكرية ولا تطور مدنيا نابعا من المشاركة المدنية للعالم وربما يُكتفى باستيراده للاستخدام، فترى مظهرا وعقلية مشوهة لا هي متمدنة ولا هي متحضرة ولا لها وضوح ثقافي اللهم إلا إن اعتبرت هذه التناقضات ثقافة الأمم الهامشية.
وهذا واقع مجموعتنا البشرية وهو واقع كثير من دول العالم المتخلفة وإن اختلفت بالتفاصيل، وهنا لست أشخص فالحلول دوما مطروحة لكن عاجزة عن إيجاد البيئة وسط تجهيل لا يقابله تعليم صحيح وإنما يدعم الجهل بتضاده، ويدعم الفساد بتفاصيله ويؤسس للفشل الذي لا يحتاج إلى جهد لينتشر، وعندما تتكلم أحاسيس ترفض التخلف تتوجه إلى تآمر الآخرين وكأن المؤامرة قدر مقدور وليست أكثر من واقع خطط الآخرون للاستفادة منه، وأغنام لا صاحب لها فوجد شخص حاجته في حلبها، وعندما يفكرون بالتطور يحلبون أنفسهم ويقدمونه لهذا المستغل أو ذاك، وبدل أن يبنوا شخصيتهم وثقافتهم يمارسون التقليد للمستغل بشكل ممجوج من الضحالة السلوكية أمام قوى تخطّط وتدبّر وتنظّر وتنفّذ ما يصل إليه مفكروها بمتعدد توجهاتهم وبناء استراتيجيات كالتي نحن بصدد إحداها.
التحشيد والأهداف فالغاية:
الولايات المتحدة دولة حديثة بمعنى الدولة التي هي كل شيء ومسؤولة عن إدارة كل شيء ضمن نظام رأسمالي لتحقيق أهداف أصحاب المصالح. الرأسماليين. الدولة لها قيمة واحدة هي النفعية. ولست هنا بصدد شرح لتفصيل معنى الدولة الحديثة فكل ما نراه مما نفهم أو لا نفهم مما نقبل أو نستنكر هو مخرجات الدولة الحديثة، فدولة كهذه لا تتحرك بالأهواء ولا يقودها شخص واحد. قد تتأجل الغايات بها بتغييرات التكتيك في الأهداف تطول أو تقصر وكلها وفق مخرجات الدراسة والخطط المتعددة المسارات، لكن ما نراه اليوم من تحشيد هو ضمن خطة تنمو كما ينمو الجنين في بطن أمه؛ لا تبدو ملامحه إلا في الولادة وتتغير صورته وحركته إلى أن يبلغ وينجز مهمته.
هذا التصوير هو نوع من المبالغة الواجبة كتكبير الصورة لتفهم، فالعراق بدأ احتواؤه بعد إزالة العهد الملكي، وتابعوا كم من تغييرات وتغييرات مضادة برد الفعل جرت إلى أن وصلنا إلى 2003 لتنتشر الخطة على المنطقة ويجري إفراغ وتشويه "الإسلام السياسي" بخيارات وولادات قبل أوانها أو ولادات ميتة أصلا؛ فيدير البلد أموات يسيرون كما يسمونهم الزومبي الذين لا همّ لهم إلا عض وأكل لحوم الأصّحاء.
في التكتيك كما الاستراتيجية هنالك حمل أي تخطيط وتحشيد وأهداف وغايات، الغايات لا تعلم من الميداني وإنما من ركائز السياسة، فالميداني مهمته ميدانية ولا يعلم أكثر فكل مسؤول عن جزء في صناعة الحدث. القوات اليوم هي في مرحلة التحشيد، واسأل من تسأل فلن يعرف الأهداف الأولية بتسلسلها والتي بتراكمها وتصاعدها ستصل الحملة إلى الغاية، ولكن مع كل هدف سيخرج محلل يقول ألم أقل إن الغاية كذا؟ لكنها محض مرحلة في حياة الجنين، هكذا سارت الأمور مذ عرفنا من اللاعب في أرضنا فالغاية لن تُعرف إلا عندما تنتهي المرحلة إن كانت هذه هي نهاية مخطط دام طويلا وربما التحشيد ضمن استراتيجية أخرى وما يحصل هو تأمين الأطراف.
لماذا نتقبل الأمور كقدر؟
معظم من سيقرأ سيتخذ ما كتبته ضمن السرديات القدرية، لكنها ليست قدرية، كل ما في الأمر أن اللغة مختلفة بيننا وبين الغرب، فنحن نقدم حقوق بقايا الأمة مع فنجان قهوة في مضيفنا، أو نعبر عن مشاعر الود والعرفان كما يريد محتل أرضنا وقد تركنا نعبث ونحن في السقوط الحر والانفصال التام عن الجمهور والعجز عن إنشاء أمة ونشاط غرائزنا من حب التملك والسيادة والأنا الإبليسية التي تدفع للظلم بوهم التمكين فيسهل التقدم في الأهداف نحو الغاية.
هو فهم خاطئ عندما يعبر قائد عربي عن الود والطاعة ورعاية المصالح ولا يطلب أي شيء كثمن لهذا إلا بقاءه في سلطة أصلا هو موضوع فيها ضمن المطلوب، إن من يسمعه سينظر إليه باستخفاف تام بل يمعن في إذلاله فهو لا يبدو له مؤهلا عقليا، هو وحش؛ وقد تربي وحوشا لكنك تضع اللجام عليها فإن أرادت التجاوز عن طول الحبل سُحبت وربما ضُربت ولن تقتل حتى تسوية العمليات، لكنها ستفهم أنها أمام سيدها وأن حركتها محددة بما يسمح لها.. لن يُقتل من يفهم اللغة وإن كان صلبا رافضا بعقل، وأعاد تنظيم بلده وتحالفاته وسدد منظماته وجمع النخبة الواعية ووضع الخطط، ونزع اللجام وإن بقي الرسن بيد من كان سيده.
الخلاصة أننا أمة متى وُجد لنا قادة حقيقيون وليسوا أناسا متسلطين، فعندها سنصنع نموذج الند ونكون شركاء مدنية نعين داعمين وليس تابعين لا نصد طغيانا ولا نفعل إلا زيادة الضعف الفكري ونخر الكينونة فنكون وحشا بيد المحتلين؛ وخططهم قدر مقدور نتبعها وننفذها صاغرين فسلطاتنا لم تتعلم أن تأخذ بنصح ودراسات أبناء الأرض، لكن هم يأخذون حتى بكلامي هذا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق