فتق نتنياهو
نور الدين العلوي
تناهى إلينا إصابة نتنياهو بفتق في مكان ما من جسده فحمدنا الله من قهر أصابنا من شره المستطير وتمنينا هلاكه وقالت القلوب اللهم اجعلها القاضية لكنه عاد وواصل أذية العالم وينالنا من أذاه القسط الوفير. وقال العقل لا يكون النصر بالتمني ولكن الفتق الجسدي لم يخف عنا الفتق الأكبر الذي أصابه والذي سنتخذه هنا موضوعا فنحن نرى نهاية الرجل والسياسي ونرى في نهايته نهاية الكيان ونطلب من الله الصبر الطويل. هذا السياسي أودى ببلده وبشعبه إلى التهلكة وكان الطوفان ضربة فاتقة.
خبط العشواء
يبحث هذا العدو عن صورة نصر لم يظفر به في غزة فيضرب في كل مكان شأن مفترس جريج أصيب في عينيه فلا يدري أين ينشب مخالبه. لم تدخر أنظمة عربية تهادنه على حساب الحق الفلسطيني فتزود جنوده بالأغذية عسى أن يقيم أودهم في معركة لم يفلحوا في الخروج منها سالمين. لم يدخر نظام عباس والتنسيق الأمني المقدس فأطلق قطعان المستوطنين تحرجه بالاقتحامات والقتل وتضطره إلى التنسيق معها ضد شعبه المقاوم فيجد الفلسطيني نفسه يقتل أخاه من أجل بقاء الكيان وبلا ثمن غير راتب هزيل. لم يدخر نظام دولة عربية خياني رغم إغلاق المعبر وقطع المدد الغذائي والطبي عن غزة ففضحه على رؤوس الأشهاد. ولم يدخر نظام بشار الخائن لشعبه فضربه في عاصمته ففضح هوانه وعجزه. لقد فتَّق العدو مشروع التطبيع تفتيقا.
محارب أعمى ومهزوم ولا يرى أبعد من أنفه المكسور. وما الفتق في جنبه إلا بعض من هزيمة مست الجسد بعد أن مست الروح العدوانية فهزمتها وهل للقتلة روح؟ كنا نود أن لا نكتب شامتين في مرض أو مصيبة حتى في جسد عدو ولكن لم يترك لنا هذا العدو فجوة أخلاقية نعدل بها اللفظ ليكون نبيلا. لسنا نحارب عدوا نبيلا بل قاتلا يتمتع بعذابات الأطفال ويتفرج جنوده في الكلاب تتغذى على أشلاء الشهداء فيحتفلون.
الانتصار الأخلاقي للإعلام المقاوم
نتابع قناة المقاومة. الجزيرة التي تحارب وحدها في جبهة الإعلام كما تحارب غزة في جبهة القتال. جبهة الإعلام التي حرفها المال الإماراتي الفاسد فساهمت في القتل ووصل رصاصها إلى الجزيرة. تفردت الجزيرة بنشر الوثيقة التاريخية التي لن تبلى حتى تشهد على القتلة. الجزيرة الشاهد أثبتت قوة المقاومة الأخلاقية قبل قوتها العسكرية. فندت الجزيرة كل التهم التي روجها العدو عن المقاومة الشريفة وأبرزت صمودها في وجه عدو أعمى يقتل بمتعة.
قوة المقاومة الإعلامية تتجلى في كشف الصمود الأسطوري للمقاوم مند نصف سنة حيث لا يزال يثخن في عدوه وأثبتت صمود الشعب المقاوم الحاضن للمقاوم المسلح.
لم تتعرض وسيلة إعلامية للقصف مثل ما تعرضت الجزيرة إذا لم يكتف العدو بقتل مراسليها واستهداف أسرهم المقاومة معهم بل ضاق صدره بها نهائيا فكشف هزيمته أمام قوة الصورة والكلمة المقاومة بإغلاقها.
ضربة أخرى عشوائية من مفترس جريح أعمى يخبط خبط عشواء. لقد علق دون أن يعلم أوسمة عظيمة على صدر القناة وفتيانها وفتح لها المزيد من بيوت العرب الواقفين بقلوبهم وعيونهم مع غزة، وحول القناة إلى وسيلة إثبات على عماه. ولقد جعل لتقارير الجزيرة وصورها مكانة في سجل إدانته أمام المحاكم الدولية وبالخصوص أمام محكمة التاريخ. وأغلق بالمناسبة أفواه عرب كثر كانوا يحاربون القناة بدعوى الترويج للعدو. والتقى أخيرا مع كل نظام عربي خان غزة وخان المقاومة وخان شعبه فحرمه حرية المشاركة في معركة شرف. إن قانون الجزيرة كما صار يسمى في دولة الكيان هو علامة هزيمة لا شك فيها.
لكنه يواصل القتل بلا هوادة
نمجد نصرا ونحسب عدد الشهداء فكيف يستقيم الحديث. نعم إن الثمن البشري موجع ولا يمكن ترميمه بسهولة مثله مثل خراب العمران الغزاوي البسيط والذي بني بالدموع والشقاء لكن وجب أن نذكر دوما بأن الحرب غير المتكافئة (غير المتناظرة بلفظ الدويري) أثبتت قوة المقاوم وقوة حاضنته الصابرة وهذا نصر في ذاته وجب أن لا نستهين به أو نقلل من أهميته الإستراتيجية باسم الشفقة على الناس. خاصة أن حديث الشفقة يصدر عن أعداء المقاومة والحاضنة الشعبية نفسها تستهين به وتقدم المزيد من الأدلة على استعداداها للمزيد قائلة للمشفقين المزيفين نحن نموت بفعل المساعدات التي تقدمون للعدو. وبلغة أخرى توقفوا عن مساعدته وتغذيته فنحن كفيلون بدحره.
ندخل الشهر السابع ونشرف على خمسين ألف شهيد غير المصابين ولكننا نرى جولات المفاوض الفلسطيني المسنود شعبيا يفرض شروطه ونرى العدو يتراجع وهذه انتصارات أصابت العدو بفتق لن يرتق. فتق أكبر من فتق في صفاق بل فتق في وجود دولة ومشروع عدواني تأسس ليذل شعبا ومنطقة وأمة لها تاريخ ودين وعقيدة ثابتة فلم يصمد رغم القتل.
لقد بينت غزة الطريق وهذا قول نكرره عامدين إذا كان شعب غزة القليل قد فعل بالعدو ما فعله وفتقه تفتيقا فإن الطريق صارت بعد غزة أوضح، هذا العدو أضعف من أن يصمد أمام أمة لا تموت وإن ضعفت. قالت غزة وقولها الصدق أن الأنظمة التي خانت غزة قد خانت شعوبها قبل غزة وإذا تحرك التاريخ في نفس اتجاه غزة وهو حتما يتحرك قدما فإن الدور قادم على هذه الأنظمة مهما نالها من سخاء الغرب. ولا بد للخونة من جردة حساب أمام شعوبهم.
متى يكون ذلك؟ الخامة التي جعلت غزة تصمد نصف سنة وتواصل في النصف الثاني كامنة في الشعوب المقهورة ربما تجد هذه الشعوب عسرا في لحظتها وبعض عذرها مقبول فآلة القمع عمياء مثل نتنياهو ولكن مثلما انفجرت غزة فجأة بالسلاح ستنفجر هذه الشعوب وتشعل الأرض تحت إقدام الخونة.
نعم نتفاءل رغم القتل وعدد الشهداء ونقول غزة فتقت نتنياهو وفتقت الكيان ومزقت صفاقه ووضعت السؤال الاستراتيجي العظيم على طاولة العالم ما فائدة الكيان لداعميه بعد حرب غزة وسيكون لهذا السؤال أثر عظيم. فتق نتنياهو علامة نهاية ونحتاج بعض الصبر للوصول إلى احتفال عظيم بنصر لا يقل عن نصر صلاح الدين ذات قدس محررة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق