جرائم النصيرية وحزب البعث وعائلة الأسد في سوريا!
بقلم: د. محمود القاعود
في سوريا تبرز ظلالٌ ثقيلةٌ تمتد عبر العقود.. تحكي قصة شعبٍ أُرهق بين مطرقة الطائفية وسندان الديكتاتورية. هذه ليست مجرد سردية تاريخية، إنها رحلةٌ إلى قلب الظُلمة التي صنعتها طائفة النصيرية القرمطية الباطنية الإجرامية، وحزب البعث الفاشي، وعائلة الأسد – حافظ وبشار – في مواجهة شعبٍ كان حلمه الحرية والإنسانية وكرامة العيش.في جذور هذا المشهد، نجد النصيرية.. تلك الطائفة الباطنية التي تفرعت من الفرق الشيطانية، حاملةً في طياتها أسرارًا عقائدية غامضة وممارساتٍ إجرامية ضد الإسلام والمسلمين.
ليست النصيرية هنا مجرد دين أو مذهب، بل رمزٌ لتحول العقيدة إلى أداة سياسية، حيث استغلت الطائفة القرمطية الباطنية النصيرية موقعها في سوريا للانقضاض على السلطة تحت قناع حزب البعث. لم تكن النية يومًا نشر معتقداتها الشيطانية – فهي مغلقة بطبيعتها – بل استغلال الأغلبية السنية التي شكلت نحو 85% مِن السكان عند صعود حافظ الأسد عام 1970م، لترسيخ هيمنةٍ طائفية تُخفي وجهها الحقيقي خلف شعارات القومية العربية.
إذا نظرنا إلى الفلسفة يُمكننا أن نرى في هذا السلوك تجسيدًا لفكرة نيتشه عن «إرادة القوة»، حيث تتجاوز الطائفة حدودها الدينية لتصبح كيانًا سياسيًا يسعى للهيمنة بأي ثمن.
تُظهر الدراسات الاجتماعية أن الأقليات الطائفية، عندما تتولى السلطة في ظل غياب التوازن الديمقراطي، تميل إلى تعزيز هياكل القمع لضمان بقائها، وهو ما فعلته النصيرية القرمطية الباطنية في سوريا مِن المجازر الطائفية الوحشية في حماة عام 1982م إلى السيطرة على مفاصل الجيش والأمن، كانت الطائفة أداةً لتحقيق أحلام السلطة الديكتاتورية التي تمارس التطهير العرقي ضد المسلمين في سوريا.
أما حزب البعث فهو الوجه الآخر لهذه المأساة، حيث بدأ الخداع كحلمٍ عربيٍ بالوحدة والتقدم، لكنه تحول سريعًا إلى أداة فاشية تُكرّس الاستبداد والأحقاد.
منذ انقلاب 8 مارس 1963م، أصبح الحزب جسمًا موازيًا للدولة، يُحكم قبضته على المجتمع عبر منظومات مثل «طلائع البعث» التي غرست أفكار الطاعة العمياء في أذهان الأطفال. لم يكن البعث مجرد حزب سياسي، بل نظامٌ شمولي استلهم من الفاشية الأوروبية أساليب القمع والتخويف، مستخدمًا القومية كغطاءٍ لتبرير جرائمه.
في هذا السياق، يمكننا استحضار الفيلسوفة الألمانية «حنة آرنت» ومفهومها عن «تفاهة الشر»، حيث أصبحت الجرائم في ظل البعث روتينًا إداريًا يُنفَّذ بلا تردد أو شعور بالذنب. وهو ما تجلى في سوريا عبر التعذيب الممنهج وسجون مثل تدمر وصيدنايا والمخابرات الجوية، التي تحولت إلى مصانع للإبادة البطيئة.
ثم يأتي حافظ الأسد، الديكتاتور الذي جمع بين طائفية النصيرية القرمطية الباطنية وفاشية البعث ليبني إمبراطورية خوفٍ دامت ثلاثة عقود. تولى السلطة عام 1970م بانقلابٍ داخلي، وسرعان ما أحكم قبضته على البلاد عبر سياساتٍ ظالمة استهدفت الأغلبية السنية المسلمة، معتمدًا على ضباط نصيريين قرمطيين لقيادة الجيش والمخابرات. يكفي التأمل في مجزرة حماة 1982م – التي قُتل فيها عشرات الآلاف من المسلمين – لم تكن مجرد رد على تمرد حركات إسلامية كما أشاع الديكتاتور البائد، بل رسالةٌ واضحة: أي مقاومة للحكم النصيري القرمطي ستُقابل بالإبادة.
يُمكن قراءة المقبور حافظ الأسد كتجسيد لماكيافيللي في أقصى تجلياته، حيث «الغاية تبرر الوسيلة»، والغاية هنا هي البقاء في السلطة مهما كان الثمن وممارسة التطهير العرقي ضد المسلمين.
تُظهر الإحصاءات أن عهده شهد اختفاءً قسريًا لعشرات الآلاف، وتعذيبًا ممنهجًا وصل إلى حد الجرائم ضد الإنسانية.
وورث الجربوع المخلوع بشار الأسد موظف الاستخبارات الأمريكية، هذا الإرث المظلم عام 2000م، لكنه أضاف إليه بعدًا جديدًا من الوحشية الرهيبة حين واجه الثورة السورية عام 2011م. بدلًا مِن الإصلاح، اختار القمع الشامل: قصف المدن، حصار الأحياء، استخدام السلاح الكيميائي وخراطيم النابلم، اغتصاب آلاف السيدات المسلمات، ومجازر مثل التضامن وبانياس والحولة وداريا والغوطة التي قُتل فيها آلاف المدنيين الأبرياء المسلمين. وجاء تحالفه مع إيران وحزب الله وروسيا ليُعطى الصراع طابعًا طائفيًا أكثر وضوحًا، مما زاد من معاناة الشعب السوري.
يبقى الشعب السوري هو الضحية الأولى والأخيرة لهذه الثلاثية المشؤومة: النصيرية القرمطية الباطنية التي حوّلت الطائفة إلى أداة هيمنة وإبادة، وحزب البعث النازي الذي جعل الفاشية نظامًا، وعائلة الأسد التي صنعت من الديكتاتورية فنًا للقهر والاستعباد والتطهير العرقي.
رسالتي إلى أهلنا في سوريا:
يا شعب سوريا.. اصبروا على حكومتكم الجديدة، فالحرية ثمرة لا تُقطف بين ليلة وضحاها. لا تعودوا إلى ظُلمة القهر والفساد التي خنقت أنفاسكم أيام عبدة الشيطان حافظ وبشار وجنودهما، ولا تُصغوا لأصوات المغرضين الذين يشوّشون بنقيق الكهرباء والأسعار والمطالب الفئوية، وهم صامتون كالأموات في زمن الطغيان. كونوا كالجبل، ثابتين، صابرين، فإنَّ لكم في الحرية حياة، وفي الصبر نصرًا.
لا تخذلوا المسلمين الذين يبتهلون لله تعالى أن يُتم عليكم نعمة الإيمان والحرية والكرامة.
في 21 فبراير 2025م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق