الخميس، 27 فبراير 2025

بإسم من يتحدّث "عماد الدين ويتكوف"؟

 بإسم من يتحدّث "عماد الدين ويتكوف"؟

وائل قنديل


لم تُصدر القمّة الأخوية الودّية غير الرسمية العربية، التي انعقدت في الرياض الأسبوع الماضي، بياناً يقول للناس لماذا انعقدت قبل أيام من أخرى طارئة في القاهرة الأسبوع المقبل، غير أن المجتمعين في الرياض دفعوا بالوعاء المعلوماتي الضخم عماد الدين أديب، صاحب الولاء الكامل للنظامَين السعودي والمصري، لكي يتحدّث عن مخرجات الاجتماع في الشاشة الناطقة من الإمارات ولها.

عماد الدين أديب، العائد من تلّ أبيب، تحدّث باعتباره المطّلع الأوحد على ما انتهى إليه الاجتماع، فبدا وكأنه يعلن قراراتٍ غير قابلة للنقاش أو الأخذ والردّ: 
"لسنا 911 أو جمعية خيرية، لذلك التعمير من دون تهجير مرتبط أساساً بأن يكون لنا كلمة سياسية في مستقبل غزّة، وأي منطقة سوف نعمّرها سواء في جنوب لبنان أو في الضاحية"، 
ثمّ يلقي مزيداً من القرارات والإملاءات: 
"حماس بسلاحها غير مرغوبة دولياً ولا حتى عربياً. دعني أكون صريحا معك... بوجودها أصبحت عبئاً على القضية الفلسطينية".

لو حذفت اسم المتحدّث، ودقّقت في فحوى الحديث، ستشعر للوهلة الأولى أن هذه القرارات المشدّدة يلقيها مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وقد يلفت نظرك أن لهجة الأميركي أقلّ حدّة من عماد الدين أديب، إذ يقول ويتكوف: 
"لا يمكن أن يكون هناك وجود لحماس في غزّة أو الضفة الغربية مستقبلاً، وأفعالها تظهر عدم استحقاقها ذلك". 
المضمون نفسه يعلنه أديب هكذا: 
"أقول لك معلومة، حماس إذا أصرّت على سلاحها لا تعمير في غزّة، وحزب الله إذا أصرّ على سلاحه لا تعمير ولا إعادة النازحين في لبنان"، 
ثم يفصّل: 
"المطلوب بين 45 و65 مليار دولار لتعمير غزّة، إذا استطاعت حماس أن تأتي بهذا المبلغ من المرشد الأعلى خامئني فلتتفضّل، ولتقوم هي بالإعمار وتتولّى قيادة غزّة، من يتولّى غزّة عليه أن يتحمّل مسؤوليتها، لا يمكن أن تتّخذ أنت قراراً وأدفع أنا الفاتورة، لا يمكن أن تذهب أنت وتتناول طعام الغداء بطلب كلّ ما تريد وتختار أغلى الأثمان، ثمّ تطلب ان أدفع لك فاتورتك، أنا لم أدعك لهذه الفاتورة. أنت استقبلت أو وافقت على الدعوة الإيرانية. دع الإيراني يدفعها لك، لكن إذا أردتُ أن أتدخّل وأحميك وأدافع عنك وأمنع مشروع ترامب، الذي يقوم على فكرة تحويل غزّة إلى ريفييرا أخرى".
مجدّداً، من حقّنا أن نعرف هل يتحدّث عماد الدين أديب بلسان "الجرسون" أم "الشيف" أم صاحب المطعم، سيّما أن "عماد الدين ويتكوف" يشدّد في حديثه الطويل على أن ما يقوله هو خلاصة ما جرى في الرياض، استباقاً للقمة العربية الطارئة المُعلَن انعقادها بالقاهرة في الرابع من مارس/ آذار المقبل، وقيل إنها من أجل إعلان الصمود والتصدّي أمام خطّة دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزّة، وهي الخطة التي تراجع عنها، مرحلياً، شريطة إنهاء وجود المقاومة الفلسطينية في غزّة، واقتلاع "حماس" منها، وهو الطرح الذي يلتقي فيه متحدّث القمة الأخوية، عماد الدين أديب، مع مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن "الأخوية"، إن صح أن ثرثرة أديب تعبّر عنها، جاءت تساوقاً مع الرؤية، أو الإرادة الأميركية، وهو ما سوف ينعكس كذلك على "الطارئة" المتوقّعة في الرابع من الشهر المقبل.
المعلومات شحيحة بشأن ما سوف تسفر عنه قمّة القاهرة، غير أن تقارير عديدة ومصادر متنوّعة تؤكّد أن ثمّة انقساماً عربياً بشأن مستقبل قطاع غزّة، الذي اقترح يائير ليبيد أن تتولّى مصر إدارته في مقابل حزمة مالية معتبرة، وإن ثمّة خلاف بين فريقَين، أحدهما تلعب الإمارات دور رأس الحربة فيه، ويتطابق تماماً مع الرغبة الإسرائيلية والإرادة الأميركية في إنهاء وجود "حماس" في قطاع غزّة، وتحويله منطقةً منزوعة السلاح، بعد تجريد المقاومة من سلاحها، فيما يرى فريق آخر استحالة استئصال "حماس" من غزّة، ونزع سلاحها، 
وهذا الموقف الإماراتي يشرحه بوضوح عماد الدين أديب في "سكاي نيوز" الإماراتية كالتالي: "هناك دولة اسمها الإمارات تعمل منذ سنة ونصف على دراسة عميقة جدّاً على كيفية ليس تغيير الحجر، وإنما تغيير البشر، لأن "حماس" حالة سيطرت منذ عشرين سنة على المدارس والمساجد والكنائس والزوايا والمراكز الثقافية، وفي يدها المؤسّسات كلّها، ومفاصل الدولة كلّها 
"احنا عاوزين نعمل دولة طبيعية لا تعشق فكرة الموت، فكرة فلسفة عشق الموت، احنا عاوزين ناس تعشق فلسفة الحياة، تستطيع أن تبني مجتمعاً طبيعياً عادياً تقليدياً، من الممكن أن يكون مناسباً لدخول محادثات سلام لإقامة دولة مستقلة".
 مرّة أخيرة: باسم من يتحدّث هذا الوعاء الضخم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق