الجمعة، 12 أبريل 2013

من داخل الإخوان المسلمين.. حقيقة أقوى الجماعات الإسلامية السياسية في العالم


من داخل الإخوان المسلمين.. حقيقة أقوى الجماعات الإسلامية السياسية في العالم

يوسف ندا - دوجلاس تومسون

الكتاب:
من داخل الإخوان المسلمين..
"حقيقة أقوى الجماعات الإسلامية السياسية في العالم"
المؤلف:
يوسف ندا، ودوجلاس تومسون
ترجمة:
الدكتور محمد فريد الشيال
الطبعة:
الأولى - 2013م
عدد الصفحات:
382 صفحة من القطع المتوسط
الناشر:
دار الشروق - القاهرة – مصر
عرض:
نادية سعد معوض


صدر حديثًا عن دار الشروق المصرية كتاب تحت عنوان: "من داخل الإخوان المسلمين.. حقيقة أقوى الجماعات الإسلامية السياسية في العالم"، للعضو السابق في جماعة الإخوان المسلمين "يوسف ندا"، شاركه في تأليفه دوجلاس تومسون، وقام بترجمة الكتاب إلى العربية الدكتور محمد فريد الشيال.
والكتاب عبارة عن سيرة ذاتية ليوسف ندا المعروف بكونه مبعوث السياسة الخارجية للإخوان المسلمين، والعارف بالمسكوت عنه من قصة ما يفوق عن نصف قرن من الغضب والثورة، وهو لمحة هامة على تجربة شخصية سياسية مثيرة للجدل، ولكنه أيضًا إطلالة على أكثر من نصف قرن من التحولات من خلال الحرب، والإرهاب العالمي، والأزمات الدولية المعقدة. وكان يوسف ندا شاهد عِيان وفيًّا للتاريخ، ووسيطًا للسلطة، مشاركًا في الأحداث التي شكلتها.
وهذه السيرة الذاتية توضح نظرته القوية الواضحة والشفافة، مبرزة رأيه في ما يتعلق بعدة مواضيع، مثل: هول لوكربي في اسكتلندا، والتحضيرات لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، وتفجيرات لندن، إلى جانب قضية "إيران-كونترا"، واختطاف "تيري ويت" في بيروت، وغيرها من الفواجع التي تؤثر في دول بأكملها. دون الوعد بأية إجابات، يقدم ندا حلولاً ممكنة من خلال أفكاره وفلسفته كسفير للعقل، وكصانع سلام، وكوزير خارجية واقعي للإخوان المسلمين.
طريق ندا إلى الإخوان
عن دخوله الإخوان يقول ندا: كنت أعرف عن الإخوان من مركزهم القريب من بيتنا، ومن النشاطات التي كانوا يحيون بها المناسبات الدينية، سمعنا الأذان ينبعث من المسجد، واتخذ جميع المصلين صفوفهم خلف الإمام الذي أمَّ جماعتهم. وعقب الصلاة توجه إليهم بحديثه، فاختار آيات تتحدث عن الأخوة والرحمة وحسن معاملة الآخرين، وتجنب الاقتتال بين المسلمين، وكانت هذه البداية. ذهبت إلى المركز حيث تحدث معي اثنان أو ثلاثة من الإخوان.
وعندما كان عمره عشرين عامًا، انخرط يوسف في أعمال المقاومة المنظمة؛ ففي عام 1951م كانت مصر تطالب بجلاء القوات البريطانية عن أراضيها، وعمت المظاهرات والاشتباكات العنيفة بين الشرطة وبين الجيش البريطاني. كانت المواجهة شرسة واندلعت المظاهرات في جميع الجامعات.
وفى الجامعات بدأ بعض قواد الجيش المصري يدربون الطلاب. وفى جامعة الإسكندرية، تلقيت تدريبًا عسكريًّا كاملاً على استخدام الأسلحة، وكان معظم من سارعوا لتلقى التدريب من الإخوان المسلمين، تمامًا كما حدث من قبل عندما سمع المتطوعون بأن اليهود يَفِدون من كل مكان في العالم ليستوطنوا فلسطين -التي كانت بلادًا للمسلمين والعرب- تداعَوا من دول المنطقة كلها ليقفوا إلى جانب الفلسطينيين.
ويبين انضمام الإخوان المسلمين إلى صفوف مقاومة الغزو الصهيوني، وأن قلوب الناس جميعًا كانت مع الفلسطينيين، حتى أعضاء الحكومة المصرية كانوا ضد الاستيطان، لكنهم لم يكونوا مستعدين للدخول في المتاعب، كانوا يرغبون في السلام، وكانوا يريدون العيش في هدوء، ولم يودوا أن تكون بينهم وبين البريطانيين مشكلات.
وفى 25 من يناير 1952م، ارتكبت القوات البريطانية المرابطة في منطقة قناة السويس عملاً انتقاميًّا رهيبًا، عندما هاجمت مبنى قيادة الشرطة المصرية في الإسماعيلية، فقتلت مائة وجرحت 49 من رجال الشرطة المصريين، فاشتعلت الاضطرابات، وزحفت جموع الغاضبين بتشجيع من الضباط الأحرار، وانضم إليهم عدة آلاف من الجمهور في شوارع القاهرة، مهددين كل مبنى أو متجر أو شخص له علاقة بالبريطانيين، واشتعلت النيران، واستشاط الملك فاروق غضبًا، وفشل السياسيون في إنهاء ذلك الشتاء الغاضب المهلِك.
واستمر اشتعال حريق القاهرة، وإن كان على سبيل المجاز، في عناوين الصحف العالمية، إلى أن وقع الانقلاب العسكري في يوليو 1952م، بقيادة اللواء محمد نجيب، الذي سرعان ما أطاح به "البكباشي" جمال عبد الناصر مستولِيًا على السلطة، وخَلَف "محمد نجيب" في مناصبه. وكان عبد الناصر قد وعد الإخوان بأنه -شخصيًّا- لن يسمح بأي عمل يخالف الدين أو يخالف الإسلام، وبهذا حصل على تأييدنا التام.
الجماعة وعنف الأربعينيات
في نوفمبر 1948م، بدأ رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي باشا حملة صارمة ضد الإخوان المسلمين، متهمًا إياهم بالعنف السياسي وتفجير القنابل وتدبير الاغتيالات، وأعلن أنه -بناء على تحقيقات الشرطة- تم الكشف عن متفجرات تكفي لنسف نصف القاهرة، مع خطط لتفجير القنابل في مؤسسات أجنبية ومصرية في المدينة، وفى الإسكندرية المدينة الساحلية. وأصدر الإخوان بيانات تنفي كل ذلك، وقالوا: إنها مكائد مدبَّرة ضدهم. وبعد ذلك بأسبوعين، أصدر النقراشي -بصفته الحاكم العسكري، وبتشجيع قوى من مستشارين بريطانيين- قرارًا بحل جماعة الإخوان. ولأول مرة، تُوجه الحكومة اتهامًا رسميًّا للإخوان بالسعي للاستيلاء على السلطة، والإطاحة بالنظام القائم في البلاد. وأعلن رئيس الوزراء حالة الطوارئ في جميع أنحاء المملكة المصرية، واستولت الشرطة على المقر العام للإخوان المسلمين في القاهرة.
وذكرت الحكومة أن الجماعة كانت تستهدف بدعوتها الجميع؛ من الطلبة إلى الموظفين الرسميين. وحظر قرار الحل على الإخوان الاستمرار في أي نشاط أو الاشتراك في انتخابات أو تكوين منظمات مماثلة. ثم جاء مَن ورَّط الإخوان في براثن هذا الاتهام الباطل بقتل النقراشي باشا بعد عشرين يومًا فقط من إصداره قرار الحل.
وقع اغتيال النقراشي في صباح يوم 28 من ديسمبر 1948م، عندما دخل رئيس الوزراء مبنى وزارة الداخلية بالقاهرة، فلما دلف النقراشي إلى البهو، وقف ذلك الشاب مؤديًا له التحية، ثم تبعه إطلاق ست طلقات، أصابت خمسًا منها النقراشي باشا فقتلته. ثم صوب القاتل مسدسه باتجاه رأسه هو، لكن الحرس تكاثروا حوله وقبضوا عليه، وأمكن التعرف على شخصيته؛ عبد المجيد أحمد حسن، عمره 21 عامًا، طالب بكلية الطب البيطري، وعضو في جماعة الإخوان.
 وعلى الفور بادر حسن البنا مؤسس الجماعة ومرشدها بإدانة الاغتيال، معلنًا أن الإسلام لا يقبل الإرهاب. ورغم ذلك، تم القبض على الآلاف في أعقاب مقتل النقراشي، وافتُتِح معسكران لاعتقال أعضاء جماعة الإخوان. وأُرسل كثير منهم إلى سجون أبو زعبل والفيوم والقلعة والخارجة وهايكستب، وكلها تعتبر في عداد معسكرات الاعتقال، وإن كانت تسمى بغير ذلك.
وانتقامًا لمصرع النقراشي وأخذًا بثأره، تواصلت إراقة الدماء؛ ففي 12 من فبراير 1949م، اغتيل حسن البنا مرشد الإخوان المسلمين؛ إذ أُطلقت عليه خمس رصاصات وهو يغادر المقر الرئيسي لجمعية الشبان المسلمين في القاهرة. وقد ذهب البنا إلى هناك للقاء مع زكى على باشا وزير الدولة، لكن الوزير لم يحضر.
الإخوان وانقلاب يوليو
وحول دور الإخوان في ثورة يوليو -أو الانقلاب كما يصفه ندا- يقول: وصلَنا إخطار مسبق بوقوع انقلاب وشيك. وأُمِرنا بحماية السفارات الأجنبية والبنوك والمباني الحكومية، باعتبارها أهدافًا محتملة للمخرِّبين، كانت مهمتي صعبة؛ إذ كلفوني بالمساعدة في حراسة القنصلية البريطانية في الإسكندرية، وهي أحد الأهداف الرئيسية. لم يكن مر سوى شهور قليلة على حريق القاهرة، فكانت المخاوف عظيمة. كان الإخوان يخشون أن يقع التخريب في أي مكان في مصر، فتدمر الممتلكات ويقتل الناس.
ويواصل ندا كلامه قائلاً: وعقب نجاح الانقلاب، أُطلق سراح مَن تبقى من الإخوان في السجون منذ عام 1948م، ونزلوا إلى الشوارع ليشاركوا في الإعداد لبداية عهد جديد. كانت أصواتنا عالية في تلك الفترة، وكان تأييد الناس لنا حماسيًّا، كان على جمال عبد الناصر وزملائه ألا يفسدوا على الإخوان سعادتهم، فقد كان يومًا ما من الإخوان وعاش مع مجموعة منهم بقيادة محمود لبيب، وكانوا يظنون فيه شدة الوفاء، لكنه انقلب عليهم.
 وبدأت المفاوضات بين عبد الناصر والبريطانيين، وطلب أحد المفاوضين البريطانيين -واسمه "إيفانز"- مقابلة الإخوان، لكن الإخوان لم يرغبوا في القيام بأية تحركات سرية، أو أن يعقدوا صفقات من وراء ظهر الحكومة، فأخبروا عبد الناصر بما يريده "إيفانز".
ونصح عبد الناصر الإخوان بمقابلة الرجل على أساس أن البريطانيين سوف يعرفون موقفنا بالكامل، وسوف يقوي هذا مركزنا في المفاوضات.
 ويواصل يوسف ندا روايته قائلاً: اجتمع الإخوان مع "إيفانز"، ولكن عندما خانهم عبد الناصر بعد ذلك، قال: إن الإخوان كانوا يتجسسون، وإنهم كانوا على صلة بعملاء بريطانيا السريين، واتهم الإخوان بأنهم خونة؛ كانت تهمة العمل مع البريطانيين من الكبائر، فقد عانى المصريون كثيرًا من الاحتلال.
حادث المنشية.. رؤية إخوانية
كان عبد الناصر يُلقي خطابًا في ميدان المنشية بمدينة الإسكندرية؛ احتفالاً بتوقيع اتفاقية جلاء البريطانيين عن مصر، عندما انطلقت نحوه الرصاصات. لم تصب الطلقات عبد الناصر، وارتفعت الصرخات والصيحات؛ لتصنع صخبًا من العويل المفعم بالخوف، غطى على كل من حاول أن يقول شيئًا.
لقد ربح عبد الناصر أصوات الشعب -إن كانت الأصوات تهم- وكانت لحظة فارقة في التاريخ المصري، لكن الحادثة كلها كانت تمثيلية؛ هذا ما كشفه محمد حسن التهامي، نائب رئيس الوزراء في عهد السادات، والذي كان همزة الوصل مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، ورئيسًا للمخابرات المصرية في عهد جمال عبد الناصر من قبل.
 لم يقتنع يوسف ندا بإنكار الإخوان لأعمال العنف في أواخر الأربعينيات، لكنه لا يشك في أن حادثة المنشية كانت مكيدة مدبرة للخلاص من الإخوان.
يقول ندا: وعد عبد الناصر الإخوان بأشياء كثيرة، لكنه عندما وصل إلى السلطة أخذ يهاجمهم ويستبعدهم. لقد قال عبد الناصر مرة: إنه يستطيع أن يضغط على زِر فيفعل جميع المصريين ما يريده إلا الإخوان، وما كان الإخوان ليرضوا بذلك. وقال عبد الناصر: كان يجب على أن أُزيح الإخوان من طريقي.
ويوضح يوسف ندا الأمر بقوله: لقد استغل أحداث الماضي المتهورة، وبنى عليها خطته لسحق الإخوان باتهامهم بمحاولة قتله. وكلما وقع في محنة، كان يتهم الإخوان بالعنف من أجل أن يتمكن من مواصلة سياساته. نعم، شهدت أربعينيات القرن الماضي أعمال عنف، ولا أتفق تمام الاتفاق مع تفسير الإخوان لمقتل رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي باشا، ولا مقتل القاضي الخازندار. قال الإخوان: إن من ارتكب العمليتين ليسوا إخوانًا، وإن ما فعلوه كان مخالفًا للإسلام. بل إن حسن البنا نفسه قال: إنهم لم يكونوا إخوانًا. لكنهم كانوا من الإخوان ولم يكن يعرفهم، كانوا شبابًا ملتهب المشاعر، انساقوا وراء عواطفهم متعجلين. لقد تلقى رئيس الوزراء تعليمات من سلطات الاحتلال البريطاني بحَلِّ جماعة الإخوان المسلمين، فقامت هذه المجموعة المتمردة من الإخوان بقتله. أما القاضي فكان قد أصدر أحكامًا قاسية على بعض الإخوان في جرائم لم يرتكبوها؛ فأحكامه لم تكن سليمة، وإنما كانت متأثرة بضغوط سياسية، ولكن هذا لا يعني أن تذهب فتقتله.
ويرى ندا أن الإخوان لم يقوموا بأي من أعمال العنف منذ ذلك التاريخ في 1948م. يقول الحكام: إن دعاة العنف من أمثال أتباع أسامة بن لادن قد خرجوا من عباءة الإخوان، وإنهم كانوا من الإخوان ثم تركوهم ليُنشِئوا فصائلَ أخرى. والحقيقة كما يصفها ندا أن من فعل ذلك كانوا أفرادًا، ولم تكن كل الجماعة قد فعلته؛ لم تكن جماعة الإخوان كلها هي التي فعلت ذلك؛ مجرد فرد أو فردين من بين مئات الألوف.
ويواصل ندا كلامه قائلاً: اكتمل نضج الإخوان، وبدأت أعدادهم تتزايد في الجامعات وبين فئات المتعلمين. وتجذرت الجماعة داخل المجتمع كما ينمو الإنسان، فيمر بمرحلة المراهقة، ثم الفتوة، فإن الجماعات البشرية تمر بنفس مراحل نضج الإنسان. ولا بد أن تتوقع الأخطاء في هذه المراحل، كان الإخوان أقوياء، فلكي يزيحهم عبد الناصر من طريقه كان عليه أن يقدم مبررًا لذلك، فردد ما قالته عنهم الحكومات السابقة التي أرادت استئصالهم إرضاء للمستعمر البريطاني، وقال: إنهم دعاة عنف، وقتلة، يحاولون اغتياله، وقام حسن التهامي بترتيب هذه العملية لصالح عبد الناصر، وبعد وفاة عبد الناصر اعترف حسن التهامي بأنه هو الذي لفق خطة اغتيال عبد الناصر في الإسكندرية بموافقة من عبد الناصر.
عبد الناصر وسيد قطب
حاول عبد الناصر أن يرشو سيد قطب؛ الذي كان ضمن المسجونين عقب حادثة المنشية، وكان عبد الناصر مؤسس تنظيم الضباط الأحرار السرى يسعى لكسب سيد قطب إلى صفه قبل انقلاب 1952م، وفى الوقت نفسه كان يتعامل سرًّا مع الإخوان المسلمين.
 لم تُثِرْ خطة عبد الناصر ريبة سيد قطب في البداية، فالتقى به عدة ساعات في يوم ليناقشا معًا شكل الحكومة المصرية بعد رحيل الملك فاروق، وبعد فترة فَهِم سيد ماذا يرمي إليه عبد الناصر، وأنه يخدعه، فابتعد عنه.
 ورجاه عبد الناصر، ثم حاول أن يرشوه بكل أنواع الرشوة، عارضًا عليه كل منصب في البلاد، عدا عرش الملك، لكن سيد قطب رفض كل هذا؛ كان رجلاً شديد الاعتداد بنفسه.
كان عبد الناصر ذكيًّا؛ إذ حاول تجنيد سيد قطب؛ لأن سيد كان عالِمًا، وقد شهِدت بعضًا من ذلك عندما التحق سيد بالإخوان عام 1952م، عقب الانقلاب، وتجادل مع عبد الناصر حول الديكتاتورية.
 وعندما كنت في السجن كان الأستاذ سيد قطب نزيل الزنزانة المجاورة، كان معتلَّ الصحة، وعانى معاناة شديدة من جراء التعذيب، كان فيلسوفًا وعالِمًا إسلاميًّا، كما كان شاعرًا في الوقت ذاته، وقد عَبَّر عن تفوقه في هذه الجوانب الثلاثة: الفلسفة والإسلام والشعر في 24 كتابًا قيمًا.
 ويتضح من كتبه أنه أدرك آثار الظلم الذي رآه بعينيه ووقع على شخصه، ولأن حياته كانت نظيفة فقد أغضبه ما استشرى في البلد حوله من فساد اعتقد أنه سوف يدمر الجيل الجديد، فبدأ يهاجم هذا الفساد في كتاباته، ويعارض الديكتاتورية، وانتقد سيد المجتمع الذي تقبل الفساد الأخلاقي والحكومي والسياسي.
كان سيد قطب رجلاً صادقًا مع نفسه وفيما يكتبه، لكنه بدأ يبتعد، ولم يستطع الإخوان، وأنا معهم أن نتقبل أفكاره الأخيرة، مع كل الاحترام له ولعلمه؛ لقد هاجم عبد الناصر واستبداده وحكم العسكر، لكنهم في النهاية أعدموه عام 1966م، وأعدموا معه ستة من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، كان رجلاً مخلصًا، لكنه لم يؤثِّر فيَّ شخصيًّا.
والحقيقة أن الكثير من الرؤى التي يطرحها يوسف ندا في كتابه هذا, سواء ما كان يتعلق بتنظيم القاعدة، أم تحليله لدوافع سيد قطب في وصم المجتمع المعاصر بالجاهلية، أم قضايا أخرى كثيرة ستثير جدلاً كبيرًا حين نضع في الاعتبار أنها آراء تخص أحد القيادات الكبرى في جماعة الإخوان المسلمين التي تتوسد سدة الحكم في مصر الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق