تواضروس والمسيحيين وخلط الدين بالسياسية
المستشار وليد شرابي
لم تعرف مصر على مدى تاريخها حالة من الإستقطاب السياسي للمسيحيين كتلك التي أحدثها تحالف تواضروس مع العسكر للمساعدة في قيام نظام عسكري إنقلابي وإزاحة نظام ديمقراطي من الحكم ،وقد إستغل تواضروس في هذا الإنقلاب حالة من المصداقية فرضتها مكانته الدينية لدى عموم المسيحيين في مصر بوصفه بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تلك المكانة جعلت الدعم الذي يقدمه المسيحيون للسيسي دعم منطلق من عقيدة دينية ،وجعلت عدد كبير من المسيحيين يتصور أن بقاء السيسي في السلطة يمثل نجاح للمشروع الباباوي في مصر
وأصبح أيضاً فشل إنقلابه يمثل هزيمة لمشروع ديني صوره تواضروس في أذهان المسيحيين ،وتحت وطأة هذا الضغط الديني والأوامر الباباوية في دعم اللص الذي تولى عرش مصر أصبح المواطن المصري المسيحي مطالب بأن يرى إنهيار بلده أمام عينيه دون أن يملك حق الإعتراض بل وأصبح مطلوب منه أن يسرقه عبد الفتاح السيسي ليلاً ونهاراً بفواتير الكهرباء والغاز والمياه وهو لا حول له ولا قوة
وإذا إفتعل السيسي الأزمات وسرق منه الدولارات أصبح مطلوباً من المواطن المصري المسيحي أن يهتف بأعلى صوته تحيا مصر وينشد مستمتعاً تسلم الأيادي
وفي كل الأحوال إذا نما إلى علم المواطن المصري المسيحي أن دولاً خليجية مانحة قد أمدت اللص المنقلب بعشرات المليارات من الدولارات ولم تحصل مصر منها على شئ ولم يصله هو كمواطن منها شئ ففي هذه الحالة لا يملك ان يطلب محاسبة اللص على سرقته لأن اللص يحمل حصانة باباوية أو إن شئت فقل الحصانة التواضروسية .
بلا أدنى شك ان تواضروس قد وضع نسبة كبيرة من المسيحيين في صراع نفسي كبير فالمسيحي من جانب يعلم أن السيسي يمثل سلطة فاسدة ويترأس عصابة وصلت إلى السلطة بقوة السلاح بعدما قتلت الألاف وشردت عشرات الألاف واعتقلت كل خصومها ثم تفرغت بعد ذلك إلى سرقة المصريين والإستيلاء عل مدخراتهم فأفقرت الشعب المصري ككل والمسيحيين في القلب من هذا الشعب ،ومن جانب أخر فالمواطن المصري المسيحي يعلم أيضاً أن أباهم الذي في الكنيسة قد منح اللص حصانتة وطلب من أتباع الكنيسة دعم زعيم العصابة حتى لو كان ذلك على حساب مصالحهم وأرزاقهم وأقواتهم ومستقبل الأجيال القادمة من المصريين المسيحيين .
الأزمة الحقيقة التي يجب أن يلتفت إليها الجميع أن هذه الحالة من التناغم بين تواضروس ودعمه للص بلا شك قد أساءت إلى سمعة الكنيسة التي يمثلها تواضروس بسبب راعيتة لنظام لم يعد يخفى على أحد مدى فساده وإستبداده .
هذه الحالة تتشابه إلى حد كبير مع مقدمات الثورة الفرنسية فمع انتشار الفساد في المجتمع الفرنسي، وسيطرة ما سمي بطبقة النبلاء على السلطة والثروة ،وسوء الأداء الديني للكنيسة الكاثوليكية آنذاك وتحالفها مع هذه الطبقة الفاسدة بما أضر بالطبقات الشعبية الكبيرة في المجتمع الفرنسي فهذا الأمر قد جعل الكنيسة نفسها في مرمى الإستهداف من الثورة الفرنسية لما تشكلة من حصانة دينية لصالح الطبقة الفاسدة المتحكمة في السلطة والثروة ولما تكن العقيدة الدينية المسيحية التي يعتنقها الفرنسيين شفيعاً للكنيسة في مواجهة الثورة الفرنسية ،ومع تلاحق أحداث الثورة الفرنسية ونجاحها في تحقيق كامل أهدافها تم إقصاء الكنيسة عن أي دور سياسي لها داخل المجتمع الفرنسي بسبب تاريخها الأسود مع الفرنسيين في تحالفها مع الفساد. يجب أن يعي كل المسيحيين في مصر أن الثورة المصرية ليست عدواً بل هي نضال شعبي واجب لمصلحة المصريين وهم في القلب منهم ،وأن مصر هي وطننا جميعاً مسلمين ومسيحيين وأن الخير الذي نوده أن يعم مصر سيصل إليهم دون أي إمتيازات لأحد أو تفرقة بسبب الدين أو العرق أو الطائفة .
أما حالة الفساد والإفقار التي أصابت مصر وأضرت بالمسيحيين وبنا فهي من صنع تواضروس والسيسي ولا أبرئ أخرين من مثل الطيب شيخ الأزهر فدوره في المؤامرة والتحالف مع الفساد لا يقل سوءاً عن دور تواضروس .
المستشار #وليد_شرابي
نائب رئيس المجلس الثوري المصري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق