الجمعة، 18 نوفمبر 2016

وجاء دَوْرُ المجوسِ- الأبعادُ التَّاريخيَّةُ والعقائِديَّةُ والسِّياسيَّة

وجاء دَوْرُ المجوسِ- الأبعادُ التَّاريخيَّةُ والعقائِديَّةُ والسِّياسيَّة



محمَّد سرور زَيْن العابدين

عنوان الكتاب: وجاء دَوْرُ المجوسِ- الأبعادُ التَّاريخيَّةُ والعقائِديَّةُ والسِّياسيَّة
للثَّوْرَةِ الإيرانِيَّةِ
اسـم المؤلف: محمَّد سرور زَيْن العابدين
الطبعة: العاشرة
سنة الطبع: 1430هـ
عدد الصفحات: 360

التعريفُ بموضوعِ الكِتاب:
الثَّوْرةُ الإيرانيَّةُ المدعوَّةُ بالثَّوْرةِ الإسلاميَّةِ، هي ثورةٌ نَشَبت سنة 1979م؛ وحَوَّلَتْ إيرانَ من نظامٍ مَلَكيٍّ، تحت حُكْمِ الشَّاه محمد رضا بهلوي، لتُصْبِحَ جمهوريةً- تزعم أنَّها- إسلاميَّة عن طريق الاستفتاء، ويُعَدُّ مؤسِّسُ "الجُمْهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة" هو آية الله أو الإمام، كما هو معروفٌ في إيرانَ، روح الله الخُميني، وقد حاول العَمَل على مدِّ الثَّوْرة أو ما سُمِّي تصدير الثَّورَة إلى المناطِقِ المُجاوِرَة، ويرى البَعْضُ أنَّ قيامَ الحَرَب العراقيَّةِ الإيرانيَّةِ كان من نتائِجِ تلك السِّياسةِ، وكذلك الحَرْبُ الأهليَّةُ الأفغانيَّةُ.
كان الظَّاهِرُ من الشِّعاراتِ التي صاحَبَتِ الثورةَ آنذاك، ومن خِطاباتِ زُعمائِها أنَّها ذاتُ طابَعٍ إسلاميٍّ، يَسعى لإعادةِ مَجْدِ الأمَّة الإسلاميَّةِ، ويَسْعى لتحريرِها من التَّبَعيَّةِ للكُفَّارِ، ويُظْهِر نُصْرتَها للقَضِيَّة الفلسطينيَّةِ، وعداوَتَه المُعْلَنَة لليَهودِ ولدَوْلَتِهم إسرائيلَ.

تِلك الشِّعاراتُ البرَّاقَةُ والخِطاباتُ الرَّنانَةُ بَهَرَتِ النَّاسَ في الأقطارِ الإسلاميَّةِ حينَها، وانْطَلَتْ تلك البهْرَجَةُ على الكَثيرِ حتَّى على بَعْضِ التَّيَّاراتِ الإسلاميَّة السُّنِّيَّةِ، خصوصًا أنَّ النَّاسَ كانوا يَنْتَظرونَ بَصيصَ أَمَلٍ يُنقِذُهم ممَّا يَجْثِم على صُدورِهم مِنِ الاستعمارٍ، أو مخلَّفاتِه من الطُّغَاة والأفكار، ويَنْتَشِلُهم مِن وَحْلِ الهَوانِ الذي كانوا فيه، ويَكُفُّ تَسَلُّطَ أعدائِهم عنهم، فكَأنَّهم وجدوا في نُشوءِ تلك الثَّوْرَة ما قد يكون هو الطَّريقَ للعَوْدَةِ إلى المجدِ المَنْشودِ والمأمولِ.
لم يكُنْ أغلَبُ النَّاسِ يَعْلَمون وَقْتَ قيامِ تلك الثَّوْرَةِ سِوى أنَّ الخُمينيَّ وأنصارَه من عُلَماء الشِّيعَة وطلَّابِهم أطاحوا بعَرْشِ شاه إيران محمَّد رضا بهلوي الذي جرَحَ مشاعِرَ الأمَّةِ الإسلاميَّةِ عندما أقام أوْثَقَ العَلاقاتِ مع النِّظامِ الصِّهْيَونِيِّ في فِلسطين، وأَعْلَن عداوَتَه للعَربِ، شأنُه في ذلك كشَأْنِ سَلَفِه مِنَ الفُرْس المَجُوسِ الذين كانوا يَطْمَعونَ في الأراضي العربيَّةِ.
أمَّا الخُمِينيُّ وثُوَّارُه فهم يُنادونَ بالشِّعاراتِ التي يَنْشُدُها النَّاسُ؛ يُنادونَ بتَحْريرِ فِلسْطينَ والقُدْس، وحتى يدلِّلوا على حُسْنِ نواياهم فقد طَرَدوا البَعْثَةَ الدُّبلوماسيَّةَ لإِسْرائيلَ، وسَلَّموا المَبْنى الذي كانت تُقيمُ فيه؛ ليكونَ مَقَرًّا لمُنَظَّمَةِ التَّحريرِ الفلسْطِينيَّةِ، فكان دافعًا لتَأييدِ ثَوْرَتِهم ومُبارَكتِها.

لكنَّ عُقَلاءَ الأمَّةِ وعُلماءَها في ذلك الوَقْتِ نَظَروا للأُمورِ مِنْ مَنْظُورها الصَّحِيح، ووَزَنوها بِميزانِها الشَّرْعِيِّ، وظَهَرَ لهم أنَّ تِلك الشِّعاراتِ ظَاهِرُها الرَّحْمةُ، وباطِنُها اللُّؤْمُ والمَكْرُ والخَديعةُ والحِقْدُ.
وكِتابُ هذا الأسبوعِ جاءَ ليُجلِّي حقيقةَ هذه الثورةِ، وقدْ ظهَر بعد الثَّوْرَةِ بقُرابَةِ عامَيْنِ فقط، وكانت الطبعة الأولى منه عام 1402 أي قبل 34 عامًا من الآن وكأنَّه يتحدث عن أحداث الساعة، وهو للشَّيْخِ: محمد سرور زَيْن العابدين، ولكن في أوَّلِ ظُهُورٍ له كان باسمٍ مُسْتعارٍ وهو: عبد الله محمد الغريب، وكان الدَّاعي للتَّسَتُّر وراءَ الاسْمِ المستعارِ أمورًا أهمُّها كما ذكر المؤلفُ بعدُ:
أولًا: أنَّ المؤلِّفَ أصدرَ هذا الكتابَ في وَقْتٍ كان من يُصْدِرُ مثلَ هذا الكتابِ فَهُو كَمَنْ يُلْقي بنَفْسِه للمَوْتِ المُحَقَّق.

وثانيًا: كان أغلبُ النَّاسِ حين صُدورِ الكتابِ يُسَبِّحونَ بِحَمدِ الثَّورةِ الخُمينيَّة، ويَرْفَعون ويَهُزُّونَ رُؤوسَهُم تَبْجيلًا, وغابتِ اللُّغَةُ العِلْمِيَّة الرَّصينَةُ المُسْتَنِدَةُ إلى مَنْهَجِ السَّلَفِ في الجَرْح والتَّعديلِ, وحَلَّ مَحَلَّها إعجابٌ كبيرٌ مَخْدوع بترديدِ الآياتِ والملالي أنَّهُم لا يُريدونَ إلَّا عَوْدَةَ الإسلامِ, مع ما صاحَبَ ذلك من أخطاءٍ كُبْرى من جماعاتٍ كبرى أصدَرَتْ بياناتِها مُؤَيِّدةً للثَّورةِ الفارسِيَّة, وهي أخطاءٌ لَيْسَتْ صادرةً عن عَمالَةٍ أو خيانةٍ, بل صادِرَةٌ عن العاطِفَةِ التي تُوَجِّه تصرُّفاتِ الكثيرِ ومواقِفَهم بدلًا مِنَ الوَحْيَينِ.

وهذا الكتابُ مِنْ أَوَّلِه إلى آخِرِه يؤكِّدُ للنَّاسِ أنَّ الخُمينيَّ وثُوَّارَهُ أخْبَثُ مِنَ الشَّاه، وقد كَشَفَ فيه الشَّيْخُ خديعةَ الرَّافِضَة وأطماعَهم مِنْ وَجْهٍ سياسيٍّ واجتماعيٍّ وتاريخيٍّ بتوثيقٍ مُتَمَيِّز، وَحِقْدَ المجوسِ مِنْ روافِضِ الفُرْسِ على الدِّينِ الإسلاميِّ عامَّةً، وعلى العَرَبِ خاصَّةً، وقد أَظْهَرتِ الأيَّامُ أنَّ مقاصِدَهم تُخالِفُ شِعاراتِهِم المُضَلِّلةَ.

فالكتابُ قديمٌ كما بَيَّنَّا، لكنَّه يكتَسِبُ أهمِّيَّةً كبرى مُنْذُ صدورِه إلى هذا اليَوْمِ؛ لسَبَبَينِ:
الأوَّل: كَوْنُه كتابًا مُوَثَّقًا يَسْتَنِدُ إلى حقائِقَ تاريخيَّةٍ وشواهِدَ واقِعِيَّةٍ.
والثَّاني: كَوْنُ الأحداث- من حين إصدارِ هذا الكتابِ إلى يَوْمِنا هذا- تُثْبِتُ مَدى مصداقِيَّةِ هذا الكتابِ وصِحَّةِ ما فيه.
ولأهَمِّيَّة الكتاب يُذْكَرُ أنَّ الشَّيخَ ابْنَ بازٍ قامَ بشراءِ ثلاثةِ آلافِ نُسْخَةٍ من الكتاب، وقام بتَوْزِيعها على نُخَبٍ مِمَّنْ يُهِمُّه اطِّلاعُهُم على ما فيه.
ومِمَّا يجعلُ للكتابِ ثِقَلًا أنَّ الكتابَ صَدَرَ بعد عِشْرينَ عامًا من تَتَبُّعِ المؤلِّفِ لأَنْشِطَة الرَّافِضَة ومُخطَّطاتِهم في العالَم الإسلاميِّ؛ فهذا الكتابُ جاء بناءً على خِبْرةٍ طويلةٍ في هذا المجالِ الذي كُتِبَ فيه.
وقد بدأ المؤلِّفُ كتابَه بمُقدِّمةٍ بَيَّنَ فيها أهمِّيَّةَ الحديثِ في هذا الموضوع، وما الأسبابُ التي دَعَتْه إلى الخَوْض فيه.

وجاءَ الكتابُ في ثلاثةِ أبوابٍ رَئيسيَّةٍ:
البابُ الأوَّلُ: أسماه المؤلِّفُ: نَظَرات في تاريخ إيرانَ.
وذَكَرَ مُقدِّمةً لهذا البابِ تحت عنوان: لماذا نُقَدِّمُ هذه الدِّراسَةَ التاريخيَّة، وذكر أنَّه مِنْ أَجْل ألَّا يُعِيدَ التَّاريخُ نَفْسَه رأى أنْ يَتقدَّمَ بهذه الدِّراسةِ التاريخيَّةِ ليربِطَ الحاضِرَ بالماضي؛ إذْ لا يَصِحُّ لِمَن يَتَصدَّى لدِراسةِ حَركةٍ وتقويمِها أنْ يَغْفُل عن تاريخِ هذه الحرَكَة؛ فإنَّ في العالَم الإسلاميِّ حركاتٍ باطنيَّةً رهيبةً؛ كالرَّافِضَة والنُّصَيريَّة والدرزيَّة والبهائيَّة والإسماعيليَّة، تقوم على أساسٍ طائفيٍّ، ويتوارى قادَتُها خَلْفَ شعاراتٍ حديثةٍ برَّاقةٍ؛ كالقَوْمِيَّة والدِّيمقراطيَّة والاشتراكيَّة، وهي تُهَدِّدُ في حقيقتِها واقِعَ الدَّعْوةِ الإسلاميَّة ومُسْتقبَلَها، ويَضْرِبُ مِثالًا بالقرامِطَة والعَبْدِيِّين الذين رفَعوا في بدايةِ أَمْرِهم شعاراتٍ إسلاميَّةً، وعندما مَلَكوا أَهْلَكوا الحَرْثَ والنَّسْل، ونَشَروا الكُفْرَ والإباحِيَّة.
وَلَفَتَ النَّظَرَ في حديثِه في هذه المقَدِّمَة إلى نُقْطَةٍ مُهِمَّةٍ؛ وهي أنَّه يَنبغي التَّفْريقُ بين الفُرْس المجوسِ الذين كادوا للإسلامِ، وبين الفُرْسِ الذين دَخَلوا في دِين اللهِ، وحَسُنَ إسلامُهُم وذَادُوا عن الإسلامِ بِسُيوفِهم وعِلْمِهم ومالِهم، وأنَّ الحديثَ هنا في هذه الدِّراسَةِ عن الفُرْس المجوسِ، وأمَّا الفُرْس المُسْلِمون فَهُم إخوانُنا وسَلَفُنا وأعلامُنا.

وجاءَ هذا البابُ في أربعةِ فُصُولٍ تَحَدَّث المؤلِّفُ في الفصل الأوَّل: عن إيرانَ قبل الإسلام؛ مَهَّدَ بذِكْر أنَّ بلادَ فارِس كانتْ مَهْدَ حضاراتٍ مُمْتَدَّةٍ في شعابِ الزَّمَنِ إلى قرون مَضَت قبل ميلاد المسيحِ، وذَكَر شيئًا من مبالَغَةِ الفُرْس في تَمْجيدِ تاريخِهِم والتَّعَصُّب لعِرْقِهم، وتَعَرَّض لمكانَةِ الدِّين عِنْدَهم ومَدى اهتمامِهم به، ولَمَّا كان الدِّينُ أهَمَّ إنتاجٍ حَضارِيٍّ ابتَكرَه الفُرْس- كما يَزْعُمون- وكانت الفِرَقُ الباطِنِيَّةُ التي تُهَدِّدُ المسلمينَ اليومَ مُرْتَبِطَةً أشَدَّ الارتباطِ بعقائِدِ الفُرْس القديمةِ اسْتَعرضَ المؤَلِّفُ أَهَمَّ أديانِ الفُرْسِ، فذَكَرَ منها (مزدا) و(الزُّرادِشْتيَّة) و(المانويَّة) و(المزكيَّة).
وخَلَصَ من ذلك بنتائِجَ مُهِمَّةٍ يَتبيَّنُ من النَّظَر فيها الارتباطُ الوثيقُ بين الحركاتِ الباطِنِيَّة والرَّفْضِ من جِهَةٍ، وبينَ الأديانِ الفارسيَّةِ القديمةِ من جِهَةٍ أخرى.
وبإمكانِنا تلخيصُ تلك النتائِجِ في الآتي: أنَّ الفُرْسَ عَبَدوا قُوَى الطَّبيعَة والأجرام السَّماوِيَّة، وآلِهَةً تُمَثِّلُ قوًى أخلاقيَّةً، أو آراءً معنويَّة مُجَسّمة، وأنَّ دِياناتِ الفُرْس تأثَّرَتْ باليهودِ والنَّصارى والبُوذِيين، وأنَّ الزَّعامَة الدِّينيَّةَ في بلادِ فارِس كانَتْ تتمَثَّلُ في قبيلةٍ من القبائلِ، وأنَّ السِّرِّيَّة أصلٌ من أصولِ عَقائِدِ المجوسِ.

وفي الفصل الثاني من الكتاب: ذَكَرَ المؤلِّفُ مَوْقِفَ الفُرْسِ من الإسلام، تحدَّثَ أوَّلًا فيه عن كِسْرى، وكيف جدَّدَ فُتُوَّةَ الإمبراطوريَّةِ الفارِسيَّةِ، ثم تطَرَّقَ لتمزيقِ كِسْرى لكتابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وذَكَرَ حِوارَ يزدجر مع النُّعْمان بن مُقَرِّن.

وفي الفصل الثَّالِثِ: ذكَر مُؤامَراتِ الفُرْس بعدَ الفَتْحِ الإسلاميِّ، ومن خلال ما استَعْرَضَه المؤلِّفُ يَتَّضِحُ مدَى الحِقْدِ الذي يَكُنُّه المجوسُ الفُرْسُ للإسلامِ والعَرَبِ، ومدى ما يُظْهِرونه مِنْ خُبْثٍ في حالَةِ تَسَلُّطِهم وتَمَلُّكِهم، فتحَدَّث عن اغتيالِ الفاروقِ.

ثمَّ في فَصْلٍ غايةٍ في الأهمِّيَّة تحدَّث عنْ (ماذا وراء تشيُّعِ المجوس لآل البَيْتِ)، وأبْرَزُ ما ذكره مُجيبًا عن هذا السُّؤَالِ: مَعْرِفَتُهم أنَّ الدَّعوةَ لآلِ البَيْتِ وَرَقَةٌ رابحةٌ تَجِدُ رَواجًا لدَى جميعِ النَّاسِ وخاصَّةً عند العامَّة، ومَنْ ذا الذي لا يُحِبُّ آلَ بَيْتِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، كما أنَّهم يُريدونَ تحقيقَ أهدافٍ مِن وراءِ ذلك؛ أهمُّها: أنَّ مِن عقائِدِهم المجوسِيَّةِ أنَّه لا بُدَّ مِنْ عائلةٍ مُقَدَّسةٍ تتولَّى شُؤونَ الدِّينَ، وفي تَشَيُّعِهم لآلِ البيتِ إحياءٌ لعقائِدِ زردشت ومانو ومزدك، كذلك كان وُقوفُهم مع الحُسَيْنِ بدافعٍ عِرْقِيٍّ؛ إذ تَزَوَّجَ الحُسَينُ بْنُ عليٍّ رضي الله عنهما (شهربانو) ابنَة يزدجرد ملك إيرانَ بعدما جاءَتْ مع الأَسْرى، وكان هذا الزَّواجُ مِنَ الأسبابِ التي ساعَدَتْ على وُقوفِ الإيرانِيِّينَ مع الحُسَيْنِ بالذَّاتِ؛ لأنَّهم رأَوْا أنَّ الدَّمَ الذي يَجْري في عُروقِ عَلِيِّ بن الحُسَينِ وفي أولاده دَمٌ إيرانيٌّ.

كما تَحَدَّث عن بعض دَسائِسِهم في العَصْرَينِ الأُمويِّ والعباسيِّ. 
وعَرَّجَ الكاتبُ على دُوَيْلاتِ المجوس مُنذُ القَرنِ الثَّالِث، فذَكَرَ القَرامِطةَ، والبُوَيْهيِّينَ، والعُبَيديِّينَ.
وتحت عنوان (عادوا من جديدٍ) تحدَّثَ عن عَوْدَتِهم من جديد، فذَكَرَ الصَّفَوِيِّين، والبهائِيَّة، والنُّصَيْريَّة، والدروز.

وفي الفَصْلِ الرَّابِعِ كان الحديثُ عن إيرانَ في عَهْدِ آل بهلوي.
بناءً على هذه الدِّراسَةِ التَّاريخيَّة خَلَصَ المؤلِّفُ إلى أنَّه بالإمكانِ القَوْلُ: إنَّ جَوْهَرَ الحَرَكاتِ الباطِنِيَّة المجوسِيَّة واحِدٌ على مدارِ التَّاريخِ.

ثمَّ كان البابُ الثاني تحت عُنوانِ: (دراسَةٌ في عقائِدِ الشِّيعَة)، واشتمل على فَصْلَيْنِ:

الفصل الأوَّل: عقائِدُ الشِّيعَةِ بينَ القَدِيمِ والحديثِ، واشتمَل هذا الفَصْلُ على أبحاثٍ مُهِمَّةٍ، كالآتي:

المبحث الأوَّل: لَمَحَات عن الثَّوْرَةِ الإيرانيَّةِ ومَوْقِفِ الإسلامِيِّينَ منها.
وفي هذا المَبْحَثِ ذَكَرَ على عُجَالَةٍ كيف قامَتِ الثَّوْرَةُ الإيرانِيَّةُ على نظامِ الشَّاه، وتحدَّثَ عن مَوْقِفِ الإسلامِيِّين، وكيف خُدِعَ الكثيرُ بهذه الثَّوْرَة، وتحدَّثَ عن بعضِ صُوَرِ التَّأييدِ الذي حَظِيَتْ به الثَّورةُ مِن بَعْض المَخْدوعينَ مِنَ الإِسْلاميِّينَ، وبناءً على ذلك كان ذِكْرُه للمباحِثِ التَّالِيَة لإيضاحِ الخِلافِ مع الشِّيعَةِ
والمبحث الثَّاني: كان عن خِلافَنا مع الرَّافِضَة وأنَّه في أصولِ الدِّينِ وفُرُوعِه.
والمبحث الثَّالث: (ما قاله عُلَماءُ الجَرْحِ والتَّعْديلِ في الرَّافِضَة).
ثُمَّ بَيَّنَ في المبحث الرَّابِعِ: أنَّ شِيعَةَ اليومِ أَخْطَرُ على الإسلامِ من شِيعَةِ الأَمْسِ.
والمَبْحَث الخامِس: (الخُميني زَعيمٌ شِيعِيٌّ مُتَعَصِّبٌ).
وفي المبحث السَّادس: ذَكَر ما قاله عُلماؤُنا المُحْدَثُون في الشِّيعَة.
المبحث السَّابع: (وهل بعد هذا من لقاءٍ؟!) وخُلاصَتُه أنَّه لا يُمْكِنُ أنْ يكونَ هناكَ لِقاءٌ ووَحْدَةٌ مع هؤلاء الرَّافِضَة بعدَما اتَّضَحَ بجلاءٍ مَضْمونُ المباحثِ التي عُقِدَت مِنْ قَبْلِ هذا المَبْحَثِ.

وأمَّا الفَصْل الثَّاني من هذا البابِ فهو عن الخُمِيني بينَ التَّطَرُّفِ والاعتدالِ.
وفي سِتَّةَ عَشَرَ مَبحثًا بَيَّنَ المؤَلِّفُ- بما لا يَدَعُ مجالًا للشَّكِّ، وبالأدلَّة- ما يُثْبِتُ فَسادَ عَقِيدَةِ الخُمِيني وسوءَ هُويَّتِه، وأنَّه عَدُوٌّ للإسلامِ والمسلِمينَ.

وختَمَ المؤلِّفُ كِتابَه بالبابِ الثَّالث، وأخَذَ من مساحةِ الكتابِ أكثرَ مِن نِصْفِه، وكان عن (الثَّورة الإيرانيَّة في بُعدِها السِّياسيِّ).
وكان الحديثُ في هذا البابِ في ثلاثةِ فصولٍ:
الفصل الأَوَّل: الولايات المتَّحِدةُ الأمريكيَّةُ والثَّورَة الإيرانيَّة، ويَشملُ أربعَةَ مباحِثَ:
المبحَثُ الأَوَّل: أصولٌ لا بُدَّ من مَعْرِفتِها، وتَطَرَّقَ فيها لأُصولٍ مُهِمَّةٍ توضِّحُ واقِعَ الرَّافِضَة وسائِرِ الفِرَقِ الباطِنِيَّةِ، وما هو الأُسلوبُ الذي يَعتمدونَ عليه في سياسَةِ أُمورِهم، وكان العُمْدَةُ في تحديدها تاريخَهم، وعقائِدَهم، وخِبْرةَ المؤلِّفِ الخاصَّة من خلال رَصْدِه لأخبارهم، وأَهَمُّ تِلك الأصولِ:
الأَوَّل: أنَّ مَركزَ قِيادَةِ الشِّيعَةِ والفِرَق الباطِنِيَّة المتفَرِّعَة عنها في مُخْتَلِف أنحاءِ العالَم إيرانُ.
والثَّاني: ليس لخلافاتِ الشَّاه المخلوعِ مع الخُمِيني أثَرٌ كبيرٌ عند أبناء الطَّائِفَة خارِجَ إيرانَ؛ فالمُهِمُّ ولاءُ الطَّائِفَة وأنصارِها للقيادَةِ السِّياسِيَّة والزَّعامَة الدِّينيَّة في إيرانَ معًا.
الثَّالث: مُعظَم الفِرَق الباطِنِيَّة المتفَرِّعَة عن الشِّيعَة لها جُذورٌ فارِسِيَّة.
الرَّابِعُ: الخِلافاتُ التي كانت- وما زالت- قائمَةً بين زُعَماءِ الأَحْزابِ السياسِيَّة، وأُسْرَة بهلوي، وسادَة الحَوْزات العِلْمِيَّة في (قُم) و(مَشْهد) وغيرهما، ليس لها أيُّ تأثيرٍ في سياسَةِ إيرانَ الخارجِيَّة، وأطماع الفُرْسِ في عَدَدٍ من الدُّولِ المجاوِرَة.
الخامس: أنَّ الشِّيعَة والنُّصَيْرِيين وسائِرَ الفِرَق الباطِنِيَّة التي تتفَرَّعُ عن الشِّيعَة يَعتمِدونَ إصدارَ التَّصْريحاتِ المتَضارِبَة، ويَفْتَعِلونَ الخِلافاتِ.
السَّادس: يَنظر الباطنِيُّونَ الرَّافِضَة إلى المُسْلمينَ العَربِ بمنظارِ الحِقْدِ والكراهِيَة.
السَّابع: للباطنِيِّينَ الرَّافِضَةِ جُذورٌ اشتراكِيَّةٌ قديمةٌ.
الثَّامِنُ: ليس في عقيدَتِهم أصولٌ تَمْنَعُهم من المُحَرَّمات أو تَرْدَعُهم عن فِعْل المُنْكَرات.

وأمَّا عنوانُ المَبْحَث الثاني مِن هذا الفَصْل: إيرانُ إلى أين؟! 
وأمَّا المبحث الثالث: فكان عن الولاياتِ المتَّحِدَة الأمريكيَّة والثَّورَة الإيرانيَّة، وأَوْضَحَ فيه أنَّ الصُّراخَ الذي مَلَأ به الخُمِينيُّ الدُّنيا من معاداةٍ لأمريكا، وتَوَعُّدَه من تقليمِ أَظافِرِها إنَّما هو جَعْجَعَةٌ ليس وراءَها طِحْنٌ، فبَعْدَ أنْ قامَتِ الجُمْهوريَّة فُوجئَ النَّاسُ بمواقِفَ مُغايِرَةٍ لِمَا كان الثُّوارُ يَتَحَدَّثون عنه؛ فالولاياتُ الأمريكيَّةُ كانت في طليعَةِ الدُّوَلِ التي سارَعَتْ في الاعترافِ بالنِّظَامِ الجديدِ، ولم تُغْلِق سِفَارَتَها في طِهْرانَ، وعاد النِّفْطُ الإيرانيُّ للتَّدَفُّق إلى مُستودَعاتِ التَّخْزينِ في الوِلاياتِ المتَّحِدَةِ الأمريكيَّة، وذَكَرَ كذلك أدِلَّةً كثيرةً على أنَّ العَلاقَةَ بينَ هَؤلاء المجوسِ وأَمْريكا على أَحْسَنِ حالٍ، وإنْ كان ظِاهِرُها الخِلافَ والنِّزَاعَ.
والمَبحثُ الأخيرُ في هذا الفَصْلِ، هو (مِنْ أَفْواههم نُدِينُهم) وهو- كما يتَّضِحُ من العنوان- نَقْلُ شَهاداتٍ عن القِياداتِ الإيرانِيَّةِ تُثْبِتُ العَلاقةَ الوَثيقَةَ بين المَجوسِ والوِلايات المتَّحِدَة الأمريكيَّة.

أمَّا الفصل الثَّاني: فبَيَّنَ فيه المؤلِّفُ (أطماع الرَّافِضَة في الخليج).
وفي هذا الفَصْل يتحَدَّثُ المؤلِّفُ عمَّا يُريدُه الرَّافِضَةُ من الخليجِ العَربيِّ، وعن أطماعِهِم الاستعماريَّةِ في الاستحواذِ عليه، وذَكَرَ تصاريحَهم عن أنَّ البَحْرَينَ مُحافَظةٌ إيرانيَّة، وتحدَّثَ عن الأحوازِ وشَطِّ العَرَب، وتحدَّثَ كيف تَئِنُّ الأحوازُ العربيَّة تَحْتَ نِيرِ الاستعمارِ الفارسِيِّ، وكيف يُحارِبونَ اللُّغَةَ العَربيَّةَ، ويَنشرونَ التَّشَيُّعَ، ويُضَيِّقونَ على السُّنَّةِ منهم، وكيف يَعيشُ السُّكَّانُ العَربُ حياةَ الحِرْمانِ والفَقْرِ والبُؤْسِ، عِلْمًا بأنَّ المَوردَ الرَّئيسيَّ للاقتصادِ الإيرانيِّ البترولُ الذي تَدَفَّقَ في الأحواز، وتَحَدَّثَ عنِ احْتِلالِهم للجُزُر الثَّلاثِ العَرَبِيَّة، وبَيَّنَ أنَّ الشُّعُورَ السَّائِدَ لدَى جميعِ الحكوماتِ الفارِسِيَّة المُتَعاقِبَةِ أنَّ الخليجَ الفارِسِيَّ- من بدايةِ شَطِّ العَربِ إلى مَسْقَطٍ بجميعِ جُزُرِهِ وموانيهِ بدون استثناءٍ- يَنْتَمي إلى فارِس؛ بدليلِ أنَّه خليجٌ فارسيٌّ وليس عَربيًّا.

وذَكَرَ خُطَّتَهُم خلالَ نِصْفِ قَرْنٍ مِنْ أَجْل تحقيقِ أَهْدافِهم، وكيف يَعْملونَ في الخليجِ وَفْقَ عَمَلٍ مُنَظَّمٍ وخَطيرٍ، تَظهر نتائجُه الآنَ، وذَكَرَ بالأرقامِ والنِّسَبِ كيفَ انْتَشَروا في الخليجِ وأَصْبَحَت أعدادُهم تُمَثِّلُ نِسْبَةً لا يُسْتهانُ بها.
بعدَ ذلك ذَكَرَ أَطْماعَ الرَّافِضَة في العراق في المَبْحَث الأوَّل، وبيَّنَ الأهميَّةَ التي تُمَثِّلُها العراقُ لإيرانَ، وما هي الأسبابُ التي جَعَلَت للعراقِ عندهم خُصوصِيَّةً، وأَهَمُّ ما ذكَره:
أولًا: أنَّ تاريخَ العِراقِ مُتَداخِلٌ مع تاريخِ الفُرْسِ؛ لأنَّ الأكاسِرَة كانوا يَعْتَقِدون أنَّ العِراقَ امتدادٌ طبيعيٌّ لبلادِهم، ويَرَوْن أنَّ العَربَ ضِعافٌ أَذِلَّةٌ لم يَخْلُقْهم اللهُ إلَّا لخِدمةِ الفُرس.
ثانيًا: يَعْتَقِدُ شيعةُ اليَوْمِ أنَّ نِسْبَةَ الشِّيعَةِ في العراق أكثَرُ من 70%، ومع ذلك فهم مَحْرومون في ظِلِّ البَعْثِ والأَنْظِمَة التي كانتْ قبل حِزْبِ البَعْث، وعلى شِيعَةِ العِراقِ أنْ يَتَحَرَّروا من القِيادَةِ السُّنِّيَّة التي تتحكَّمُ بهم منذ عصور طويلةٍ.
ثالثًا: أنَّ في جنوب العراقِ مَزاراتٍ وأماكِنَ مُقَدَّسةً شيعيَّةً، يَشُدُّون إليها الرِّحالَ من مُخْتَلِف بُلدانِ العالَم الإسلاميِّ.
رابعًا: أنَّه إذا بَقِيَتِ العراقُ خارجَ نُفوذِ إيرانَ فستكون مَصْدَرَ قلاقِلَ واضطراباتٍ لها؛ لأنَّ الأهوازَ جُزءٌ لا يتجَزَّأ من العِراقِ، وستَبقى العِراقُ مَركزَ قُوَّةٍ لأهلِ الأَهْواز.

وفي المبحث الثاني: ذكَر لماذا تَبَرَّأ الخُمينيُّون من تصريحاتِ رُوحاني؟
وفي الفَصْلِ الثَّالِث: ماذا وراءَ تقارُبِ الرَّافِضَة مع النُّصَيْريِّين؟ وتحدَّثَ فيه عن أَوْجُه التَّقارُبِ بين الرَّافِضَة والنُّصَيْريِّين، والأسباب التي أدَّتْ إلى التَّقارُب، واشتمل هذا الفَصْلُ على مَبْحَثَينِ:
المبحثُ الأوَّل: صفحة جديدة في العَلاقاتِ الإيرانيَّة السُّوريَّة.
المبحث الثَّاني: ظاهِرَةُ الصَدَّرِ والحَرْب اللبنانيَّة.

وفي الفصل الرابع: تَحَدَّثَ المؤَلِّفُ عن أوكارِهم في العالَمِ الإسلاميِّ.

وفي الفصل الخامس: كان الكلامُ عن سُوءِ الأَوْضاعِ الدَّاخِلِيَّة وهِجْرَة الأَدْمِغَة. 
واشتَمَل على تِسْعَةِ مباحِثَ، على النَّحْو التالي:
المبحث الأوَّل: الثَّوْرَة والوَضْع الداخلي.
المبحث الثَّاني: الانهيارُ الخُلُقِيُّ قبل الثورة وبَعْدَه.
المبحث الثَّالث: أَحْوالُ المسلمينَ في إيرانَ.
المبحث الرَّابع: زعيمُ الشِّيعَةِ يَجِبُ أن يكون إيرانيًّا.
المبحث الخامس: لماذا تنازَلَ الفارِسيُّ؟
المبحث السَّادس: قياداتٌ زائِفَةٌ.
المبحث السَّابِع: الخاقاني يُنادِي بالوَلاء للخُميني.
المبحث الثَّامِن: شريعتمداري يتبَرَّأُ مِن حِزْبه.
المبحث التَّاسِع: الخُميني والثَّوْراتُ الدَّاخليَّة.

والكتابُ مُهمٌّ ومفيدٌ في بابِه ورغم أنه طبع قبل أكثر من 34 عاما إلا أن كثيرًا مما فيه ظهر وتحقق خلال هذه المدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق