الأحد، 10 ديسمبر 2023

“ولعت “.. الوسم الأشرف في سماء العرب

 “ولعت “.. الوسم الأشرف في سماء العرب

“ولعت” خرجت من قلب الفتى المجاهد الذي تربص بعدوه، وهندس مكان صاروخه المحمول على كتفه، وظهر وهو يحمله بيده في تحليقه البديع والملهم، ومن مكانه سدد نحو ميركافا الكيان الصهيوني فأصابها، فاحترقت، وعاد ببساطة ليدخل إلى مكانه الذي انتظر فيه شهرا أو أكثر بتعبير “الملثم” أبو عبيدة.

“ولعت” هو التعبير الأجمل عن هذه المعارك الشرسة القوية التي تخوضها المقاومة في غزة والضفة الغربية بعد العودة من الهدنة الإنسانية التي استمرت ثمانية أيام.

كانت الهدنة فرصة للمقاومة لإعادة تموضع الرجال، واحترمها الرجال ولكن الكيان الذي لا يعرف اتفاقا، ولا عهدا خرقها مرات كثيرة، بل قل إنه لم يتوقف عن القصف والقتل، لكن رجال المقاومة الذين يعرفون العهد ويصدقون فيما يقولون احترموا الهدنة، واستعدوا لجولة أكثر شراسة في الشجاعية، خان يونس، ومخيم جاليا، وجنين، فأصبحت السيطرة على الأرض لهم.

” ولعت” هي التعبير الأمثل عن بسالة الرجال في كتائب المقاومة التي كبدت الكيان الصهيوني خلال 96 ساعة نحو 156 آلية عسكرية ليقترب عدد الآليات الصهيونية التي أصيبت كليا أو جزئيا من 700 آلية ما بين دبابة، سيارات مدرعة، وناقلة جند، رقم في العلوم العسكرية كبير جدا.

خسائر جيش الكيان اقتربت من 500 قتيل، و1000 جريح حسب المصادر الإسرائيلية، بينما هناك تقديرات أخرى إعلامية ولخبراء عسكريين توصلهم إلى 3000 قتيل و8000 مصاب من العسكريين، وقد نقل الإعلام العبري عن مصادر من المستشفيات إصابة خمسة آلاف جندي، بينهم ألفان بعاهات مستديمة.

هذا التعبير البسيط الذي أطلقه المقاوم الشاب وطار يغرد به يعبر عن السيطرة على الأرض للمقاومة الفلسطينية وكتائبها، صار وسما عربيا عالميا يتداوله الأحرار في الأمة العربية والإسلامية وفي العالم هو تعبير عن ما يواجهه الكيان الصهيوني الآن في الأراضي الفلسطينية من قطاع غزة إلى الضفة الغربية..
تلك المواجهة التي ذكرتني بجملة الشاب الفلسطيني “عمر” الذي قابلته قبل أسبوعين في وسائل المواصلات في إسطنبول فأشاع الطمأنينة في قلبي حين قال: “مازال لدينا الكثير.. انتظر حتى يدخلوا الشجاعية، وأحياء وسط غزة” وها هو الإعلام العبري يقول: “معارك شرسة في جباليا، الجنود يطلبون الإنقاذ، وأطلقوا عبارات النجدة عدة مرات، وفرق الإنقاذ لا تستطيع الهبوط”.

الجنون الصهيوني

لقد أصابت المقاومة الفلسطينية البطلة والصمود الفلسطيني على الأرض الكيان الصهيوني بالجنون الذي تخيل أنه قادر على هزيمة المقاومة والاستيلاء على غزة سريعا، فإذ به يقف عاجزا عن تحقيق أي لقطة انتصار بعد 65 يوما من حربه على غزة.

رغم كل المجازر البشرية التي يقترفها جنوده، والقصف الذي لا يتوقف على الأحياء بما فيها مدارس، مساجد، كنائس، مستشفيات، حتى تجريف الطرق والشوارع لا يستطيع أن يعلن انتصاره سوى في أفلام، ومشاهد مزيفة كتلك المشاهد التي قيل إنها لمخزن أسلحة لحماس، وكانت فضيحة لهم في العالم حينما اكتشف أنها نماذج لأسلحة بلاستيكية، والعديد من المشاهد التي حاولوا تزيفيها، وحينما أراد رئيس وزراء الكيان التقاط لقطة له في وسط غزة تعبيرا عن سيطرته، ردت المقاومة بتسليم أسراه في وسط غزة في رد ساحق على الكيان الصهيوني وقياداته أن السيطرة لنا وستكون دائما لنا.

سلوك عصابات

كل ما يحدث على الأرض أصاب قيادات الجيش الصهيوني، ومجلس حربه بالجنون العصبي، فصاروا يقومون بممارسات البلطجة في بعض الأحياء التي ينزلون فيها بريا. إنهم يعودون إلى أصل نشأة كيانهم إثر حرب عصابات صهيونية ارتكبت المذابح وسرقت الأرض، فها هم الآن يسرقون المحلات التجارية في بعض أماكن غزة يأخذون البضائع الموجودة فيها، هذا المشهد الذي يقوده جندي صهيوني داخل إحدى المكتبات التي يخربها إنما هو سلوك عصابة تقوم بسرقة أهل الأرض وأصحاب المنازل، لكن إلى أين ستهربون؟

كان المشهد اللإنساني الذي حاول الجيش الصهيوني أن يقدمه مع مجموعة من النازحين في إحدى المدراس حينما دخلها وأخذوا حوالي 100 نازح من بينهم: العالم، الإعلامي، الأكاديمي، المدرس، وغيرهم من الفئات، ثم اقتادوهم وقاموا بخلع ملابسهم، وصوروهم عراة أمام حفرة كبيرة، قمة الجنون الصهيوني، وقمة العجز.

هذا المشهد يعبر عن هزيمة هذا الكيان اللقيط حتى الآن وعجزه عن تحقيق أي لقطة تمحو هزيمته في السابع من أكتوبر وعلى مدار 65 يوما، ولا جديد في السلوك العصاباتي للكيان وأفراده، فتلك مشاهد نتذكرها جيدا لجنودنا في سيناء بعد حرب يونيو/ حزيران 1967.

أما على الأرض في الميدان الفلسطيني فقد تجاوز المقاومون فكرة المجازر التي يقوم بها الصهاينة يقولون “المجزرة حدثت ولا مجال للحديث عنها، الحديث الآن أن يتحول كل إنسان على أرض فلسطين إلى مقاتل، مقاوم لا يتخلى عن أرضه ولا يقبل بهوان السكون، بل يدافع عن الأرض حتى يحقق النصر وينسحب الكيان الصهيوني من غزة والضفة الغربية، وكل الأرض الفلسطينية المحتلة.

في بيان لمروان البرغوتي القائد الفلسطيني الأسير من داخل محبسه الذي نشره السبت لأول مرة حيث كان ممنوعا من الزيارة بحسب أسرته، قال البرغوتي: “إننا مطالبون بالوقوف صفا واحدا للدفاع والهجوم بكل ما نملك من قوة وإمكانيات لردع الاحتلال، لنثبت للعالم أننا قوة لا يمكن كسرها”.

أخيرا

يبدو أن عقدتي فيتنام وكوبا لا تزالان تسيطران على الوجدان النفسي للولايات المتحدة الأمريكية وتحركها، إذ تتبدى لها العقدة الفيتنامية في معركة غزة، فما زالت أمريكا وكل قياداتها ومخازن أسلحتها تخوض معركة غزة بهذه العقدة التاريخية.

رغم انكسار السلاح الأمريكي وجسوره الجوية أمام المقاومة الفلسطينية، إلا أن الولايات المتحدة تستخدم حق الفيتو في مجلس الأمن لتعرقل مشروع قرار المجلس بوقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية في تأكيد جديد على أن أمريكا تخوض حربا صهيونية ضد فلسطين، وهي طرف في الصراع وليست وسيطا، لكن صمود الشعب الفلسطيني الآن هو الأقوى وهو سبيل النصر “إنه لصبر ساعة” وقد اقتربت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق