[عقِيدةُ مَا بعد كُلِّ حربٍ]
إنّ العقيدةَ الّتي تَشكَّلتْ واكتَمَلَتْ بعد أصحابِ الأُخدُودِ ليَسَت هِي العقيدةُ الّتي عَاش ويَعِيش عليها أهلُهم مِن بَعدهِم، حتّى حاشيَة المَلِك وقَومِه وأهلِ حَظوتِه.
الأزمَةُ الحقيقيّةُ للنِّظام العالَميّ، والغَربِ مِن قَبْله مع المُسلمِينَ ليَسَت الحربُ، ولكِن عقيدةُ مَا بعد الحربِ؛ فكُلُّ الحُرُوبِ الّتي شُنَّتْ على المُسلمِينَ خَلّفَت وَرائِها عقيدةَ مَا بعد الحَربِ، وهي بالطبع - وعلى مَدار التّاريخِ- ليَسَت عقيدةُ اليَابَنِيّين، ولا الحلفاِء بعد الحرب العالَميّة الأُولى ولا الثّانية. والأمر نفسه حَدَث مع المُسلِمين في حُروبهم مع المَغُول والتّتار، وغيرهم.
فالأكيد أنّ هناك عقيدةً تكتَمِل وتصوُّرًا مُغايرًا يَحدُث للمُسلِمينَ بعد أىِّ حربٍ سواءٌ أكانَ النّصرُ حَلِيفَهُم أو وَقَعَت الهزيمةُ لهُم.
والعقيدةُ الّتي تنتظر المُسلِمين تختلِف عمّا تركَتْه الأندلس أو الهند؛ ففِلسطين ليَسَت الأندلس وليست الهند، ولكّنها مَسرَى النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، وبها أوّل قِبلة للمُسلِمينَ، وهي وصِيّة الفاروقِ عمرَ -رضي الله عنه-، وبها تَنزِل دارُ الخِلافة الخاتِمة والمُنتظَرة على منهاج النّبوَّة أَيًّا ما كَانت نتيجةُ الحربِ الجَارِيَة اليوم أو في المُستقبل.
فما يحدُث في فلسطين ليس أكثرَ مِن تكميل تلك العقيدةِ الّتى تَخلُفُ أيَّ حربٍ، وهي تكيمل الأجزاء المَفقودة مِنَ التّصوُّر لها؛ فلقد اجتاح المَغُول العالَم الإسلاميّ كُلّه، وحتّى بلاد القُوقاز وأطراف أوربا ولكن حينما اقتربوا مِن فلسطين تَشكَّلتْ عقيدة ما بعد الحربِ، وكذا التّتار وكُلّ الحَملات الصَّلِيبيّة الّتى قَصَدت القُدس.
ولم ولن يَجِد الغربُ مع هذه الحقيقة المؤكَّدة والمُتواترة خُطّة لليوم، ولا تصوُّر؛ ولهذا تسلُّط هؤلاء الشّذَّاذ على الأُمّة، وعلى عُقر دار خلافاتها الخاتمة مع كثرة الضحايا والآلام، ليس أكثر مِن تَشكيل تلك العقيدة، وبعثها، وتكميل الأجزاء النّاقصة مِنَ التّصوُّر الكُلّيّ للخَلاصِ وكيفيّته؛
وهو -إن شاء الله- ما سيكون؛ تصديقًا لوعد الله -سبحانه وتعالى-، وتصديقًا لرسُول الله -صلّى الله عليه وسلّم-؛ فهو آتٍ لا محالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق