إنحطاط 64 عاما فى 24 ساعة !!
أحمد القاعود
تشاء الأقدار أن أعيش تلك التجربة، التى طالما قضّت مضجعي، ولا تذهب عن مخيلتي ليل نهار، وهي معاناة عشرات الألاف من المعتقلين والثوار الذين يدفعون الثمن غاليا من حريتهم من أجل هذا الوطن ولحرية هذا الشعب.
كلنا على يقين أن الشهداء مصيرهم الجنة، وأنهم مختارون من المولي جلّ وعلا، ليجاوروا النبيين والصديقين فى جنات ونهر، أما أولئك المختارون أيضا ليكون مصيرهم الأسر وتحمل ويلات العذاب المادي والمعنوي من سلطة إرهابية، فانهم إلي جانب بلائهم وبلاء أسرهم الصابرة المحتسبة، يمثلون أيضا بلاء لفئة أخرى، تنتمي لطبقة الضمير، تشعر بهم وتحس بألامهم وتناضل من أجل تخليصهم من هذا البلاء.
يأتي غربان الشر وجنود السطان فجرا، لاقتحام المنزل، ضابط صغير السن والقيمة أيضا، يقود عددا من الشبيحة، مدججين بالأسلحة، البعض مقنع والبعض لا، لا إذن نيابة ولا إذن قضاء، لا حرمة لمنزل ولا حرمة لأسرة ولا حرمة لمصري، تحت حكم نظام خياني، يكره بالضرورة المصريين ويعمل ضد مصالحهم.
يقتحم الارهابيون المنزل، يدخلون بلا استئذان يوقظون الجميع، يطلب قائدهم صغير القامة والقيمة بصلافة ووقاحة، من والدي أستاذ الأدب العربي المرموق والناقد المعتبر فى مجاله، أن ينهض من على السرير للتفتيش تحته، بينما تكيل والدتي الدعاء عليهم وهم لا ينطقون.
يعلم الهجامة الأشرار أن ما يفعلوه أبعد ما يكون عن الحق والحقيقة، فباعتراف كثيرن منهم يؤكدن أنهم لا ذنب لهم فيما يحدث لأنها الأوامر الصادرة باستقدام “فلان” واتهامه بتهم جاهزة يعلمها الجميع، ومع ذلك فانهم مستمرون فى ارتكاب الجريمة.
بعد الاعتقال يصطحبني عشرات الارهابيين، إلى سيارة شرطة مملوكة للشعب وأنا جزء منه، تمضي السيارتان فى القرية لجلب مزيد من الأبرياء، ومنذ وعيي على الحياة لم أشهد ولم يصل إلى علمي أن هناك مظاهرة واحدة نظمت فى المركز كله، ناهيك عن قرية يختفى البشر من شوارعها فى حوالي الساعة التاسعة مساء، اللهم إلا مظاهرة، نادرة الحدوث، للتضامن مع فلسطين، وقت أن كنت فى المدرسة الثانوية، شاركت فيها وذهبنا إلى مجلس المدينة حيث التقى بنا رئيسها.
تصل السيارة إلى بيت شيخ جليل، يعمل مفتشا بوزارة الأوقاف، ليحضره السرّاق من مخدعه إلى “البوكس” محمر العينين، لا يدرك مالذي يحدث ولماذا أخذ من منزله، تدور القوة الهمجية للاتجاه إلى منزل شاب أخر يعمل إماما وخطيبا، و أمام ناظري، أشاهد عملية إرهاب السلطة ضد مواطنين أبرياء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق