وداعًا #العميد_طارق_الجوهري
بقلم | ليلى بنت الغلابة
رحل عنا رجل من أشجع الرجال وأنبل الرجال وأطهر الرجال، بعد أن هاجر في سبيل الله ليعلوا كلمة الحق مجاهدًا لنصرة الشرعية التي أغتصبها الخونة بقوة الرصاص، رحل ولم يألو جهدا، ولم يدع موطئ قدم إلا وله فيه حسنة، ولم يدع بابا إلا وطرقه ليكشف عن وجه الغدر والزيف والخسة والخداع، رحل على عجل بعد أن زرع فينا نبتة الأمل، رحل البطل وآخر أنفاسه تلعن الخيانة.
عرفناك رجل بما تعني الكلمة من معان، أعطيت وما بخلت، كم أعطيت من جهدك وعرقك وصحتك، واليوم فُجعنا بخبر رحيلك عنا، وانفطرت عليك القلوب التي أحبتك في الله لدماثة خلقك، وبراءة وجهك، وجهرك بكلمة الحق عند سلطان مزيف جائر، افتقدناك في ساعة الحسم، يا أغلى الرجال وأنبلهم، عشت نقيا كالماء الزلال، عشت لدينك مع قادة باعوا دينهم بدنياهم الضحلة ليربحوا ترقية أو علاوة أو بيادة تسد رمقهم أو جوعهم، عرفناك ثابت المبدأ لم قوى الإيمان، لم تخش إلا الله، وهاجرت بعيدًا عن أرض النفاق، خلصت بنفسك من أرض الفساد وبيئة الضلال، واخترت أن تموت على الحق، وصدقت الله فصدقك، وكانت خاتمتك خاتمة السعادة، رحمات الله تترى عليك، كنت رجلا بحق في زمن قل فيه الرجال، نم قرير العين أيها الرجل الشريف.
وداعًا يا رجل المواقف، يا رجل الشدائد، علمتنا المحن أن لها رجال أشاوس لا يهابون حكم الظالم ولا سيف الجلاد، وقد كنت لها، وداعًا يا رمز الوطنية وكلمة الحق في زمن عز فيه الوفاء والصدق، وداعًا ولسوف نلقاك مع غروب شمس الغد أو ربما أقرب، ولكن لما تبقى من أعمارنا لن نفنيه سُدى، وعدًا علينا لن تسقط الراية، ولن تنحني الهمم، وعهدًا أن نسير على دربك، إما نصر يسحق أهل الزيف ويشف الصدور ولا شئ سواه أو شهادة يسطرها التاريخ بأحرف من نور، وغدًا سيعلم أهل الزور أن النصر لنا والعزة لله.
طوبى لمن ولد غريبا في وطنه، وعاش غريبًا لوطنه، ومات غريبا عن وطنه، فطوبى للغرباء، لا شك أنك في خير رحاب، اللهم تغمده برحمتك وأجعله من أهل جنتك، اللهم انه مات مدافعًا عن الحق فادفع عنه السوء، اللهم انك تعلم أنه ظُلم وأوذي وهاجر في سبيلك وصبر وأحتسب، اللهم انه نزل ببابك وأنت خير منزول به، اللهم أنزل السكينة والصبر على أهله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، وإنّا لفراقك يا “أبا مازن” لمحزونون، سيوحشنا منك وجهك النوراني، وصوتك العذب، المصاب فيك فادح والخطب جلل ولا نقول إلا ما يرضي ربنا تبارك وجهه الكريم إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق