ملايين الوثائق السرية متاحة للجميع.. 11 من أبرز تسريبات العقد الماضي
فريق العمل
في عصر ثورة الاتصالات والمعلومات، وبعدما تحولت الكرة الأرضية إلى ما يشبه القرية الصغيرة، لم يعد الحفاظ على الأسرار سهلًا، بعد أن أصبحت الوثائق التي كانت توصف بـ«السرية للغاية» تعرض في صفحات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت. وهذا سلاح ذو حدين؛ فبينما تتيح هذه الطفرة المعلوماتية للجمهور متابعة ما يدور في كواليس السلطات الحاكمة، إلا أنها في الوقت ذاته باتت تهدد خصوصية الكثيرين.
ومنذ عام 2006 بدأت تتردد على الأسماع بكثرة كلمة «تسريبات» بعد تدشين موقع «ويكيليكس». وبحلول عام 2010 سُلِّطت الأضواء بقوة على ما ينشره الموقع، وبمرور الأعوام لم تقتصر عمليات التسريب على «ويكيليكس» فقط، بل أصبح لكل دولة أكثر من موقع مهتم بنشر تسربياتها التي تنوعت بين وثائق نصية وصوتيات وفيديوهات، بعضها حقيقي وكثير منها مزيف، حتى تميز العقد الماضي عن غيره من العقود بوجود سيل من التسريبات السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها.
السطور التالية تستعرض أبرز التسريبات التي شهدها العقد الماضي إقليميًا ودوليًا أيضًا.
1. في البدء كانت «ويكيليكس».. تسريبات هزت العالم
عن طريق موظفة تعمل محللة بيانات في المخابرات الحربية الأمريكية، تدعى تشيلسي ماننج، استطاع موقع «ويكيليكس» وصاحبه جوليان أسانج نشر مئات الآلاف من الوثائق المسربة التي هزت الرأي العام الأمريكية.
وتتهم الولايات المتحدة أسانج بالتآمر مع تشيلسي للوصول إلى معلومات في أجهزة الكمبيوتر الخاصة بوزارة الدفاع الأمريكية، ويواجه مؤسس موقع تسريبات الوثائق السرية عقوبة السجن لخمس سنوات إذا أدين بتلك التهمة.
ويعد جوليان أسانج في نظر أنصاره أحد الباحثين المناضلين بقوة من أجل الوصول للحقيقة، وشخص متحمس للغاية وفائق الذكاء، ويتمتع بقدرة استثنائية على فك شيفرات برامج الكمبيوتر، لكنه في نظر منتقديه شخص يبحث عن الشهرة عرّض حياة كثيرين للخطر من خلال نشره كمًّا هائلًا من المعلومات الحساسة.
منذ تأسيس الموقع عام 2006 أصبح «ويكيليكس» مشهورًا بنشر آلاف الوثائق السرية التي تغطي جميع المجالات تقريبًا من صناعة السينما إلى وثائق تتعلق بالأمن الوطني والحروب.
ودخل الموقع إلى دائرة الضوء في أبريل (نيسان) عام 2010 حينما نشر شريط فيديو لمروحية أمريكية وعليها جنود من جيش الاحتلال الأمريكي وهم يقتلون بالرصاص 18 مدنيًا في العراق.
تسببت تلك اللقطات التي نقلتها وسائل الإعلام بصدمة واسعة في العالم. إضافة إلى نشر وثائق عسكرية أمريكية سرية عن حربي العراق وأفغانستان في يوليو (تموز)، وأكتوبر (تشرين الأول) عام 2010.
بعد ذلك استمر الموقع في نشر كميات جديدة من الوثائق من بينها 5 مليون رسالة بريد إلكتروني سرية من شركة الاستخبارات «ستراتفور»، ومقرها الولايات المتحدة.
وكشفت وثائق تتعلق بحرب العراق عن مقتل 66 ألف مدني، وهو أكبر من الرقم الذي أشارت إليه التقارير التي ظهرت قبل نشر وثائق «ويكيليكس». أيضًا كشفت التسريبات عن تعذيب السجناء على أيدي القوات العراقية.
وتضمنت تلك الوثائق أيضًا 250 ألف رسالة من دبلوماسيين أمريكيين ذكرت أن الإدارة الأمريكية أرادت الحصول على معلومات «شخصية وحيوية»، من بينها بصمات الأعين، وعينات الحمض النووي، وبصمات الأصابع، عن مسؤولين مهمين في الأمم المتحدة.
2. تسريبات «وكالة الأمن القومي» تضع الاستخبارات الأمريكية في مأزق
تعرضت «وكالة الأمن القومي» الأمريكية لضربة مدوية في عام 2013 عندما كشف متعاقد سابق معها يدعى إدوارد سنودن وثائق تكشف كيف قامت هذه الوكالة سرًا بجمع بيانات عن اتصالات الأمريكيين وبالتجسس على دول حليفة.
وفي أواخر عام 2016 اكتشفت «وكالة الأمن القومي» أن متعاقدا آخر يدعى هارولد مارتن نقل إلى منزله ما يقارب 50 تيرابايت من البيانات والوثائق من بينها أدوات قرصنة حساسة.
وفي مارس (آذار) 2017، كشف الموقع نحو 9 آلاف وثيقة قال إنها جزء فقط من مجموعة كبيرة من السجلات والخطط والتشفيرات لبرامج بحوزته وتشكل كامل الترسانة الأمريكية للقرصنة المعلوماتية. وخرج بعدها الرئيس الامريكي دونالد ترامب غاضبًا واعتبر أن التسريبات دليل على أن أنظمة «سي آي إيه» عفا عليها الزمن. إذ كانت هذه هي المرة الرابعة التي يجري فيها تسريب هذا الكم من الوثائق السرية للاستخبارات الأمريكية في غضون أقل من أربع سنوات.
3. تسريبات سنودن.. فضحت أسرار أمريكا وبريطانيا
«أسوأ كارثة تجسس عانى منها الغرب على الإطلاق.. إنها كارثة ضخمة»
هكذا وصف روبرت بير، الضابط السابق للمخابرات الأمريكية، حصول الصين وروسيا على مئات الآلاف من المستندات التي تكشف معلومات توصف بأنها «سرية للغاية» من الوثائق التي سربها إدوارد سنودن المتعاقد السابق مع «وكالة الأمن القومي»، والمقيم حاليًا في روسيا.
خطورة تسريب سنودن، بحسب بير، تتمثل في أن العديد من الدول الأجنبية التي وصلتها هذه الوثائق أصبحت من الممكن أن تحصل على رموز تشفير لمعلومات أمريكية وبريطانية، وهو ما يعني أن تلك الدول تستطيع الوصول لمكالمات سرية استخباراتية وعسكرية، لذلك اعتبر أن «ما جرى تسريبه يكشف عجزًا هائلًا لدى وكالات الأمن، ويشكل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي».
بداية تسريبات سنودن جاءت عبر صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية حين نشرت تقريرا يفيد بتمكن روسيا والصين من فك تشفير معلومات سرقها سنودن وتقدر بمليون ملف، كشفت تقنيات جمع المعلومات الاستخبارية، والتي يمكن عن طريقها تحديد جواسيس وعملاء بريطانيا وأمريكا.
التحق سنودن بالجيش الأمريكي عام 2003 وخاض برنامجًا تدريبيًا للالتحاق بالقوات الخاصة، لكن جرى تسريحه من الجيش عندما كُسرت رجلاه خلال التدريب، وبعدها حصل على أول وظيفة له في مكتب «وكالة الأمن القومي»، ثم انتقل للعمل في «سي آي إيه» بقسم الأمن الإلكتروني، وبمعرفته الموسعة بالإنترنت وبرمجة الكمبيوتر، انتقل للعمل مع بعثة دبلوماسية في جنيف، وتولى مسؤولية الحفاظ على أمن شبكة الكمبيوتر؛ مما أتاح له الوصول إلى مجموعة كبيرة من الوثائق السرية.
ومع الكم الهائل من المعلومات التي وصل إليها، واختلاطه بعملاء وكالة الاستخبارات؛ بدأ سنودن بالتفكير في الكشف عما لديه من أسرار، إذ كان يعتقد أن من واجبه الإنساني المشاركة في تحرير الناس من الاضطهاد، وتأثر حين رأى أن معظم زملائه السابقين بالجيش الأمريكي «كانوا متحمسين لقتل العرب وليس تحريرهم».
وتمكن سنودن في سياق عمله من تحميل 1.7 مليون وثيقة سرية تظهر كيفية مراقبة السلطات الأمريكية مئات ملايين الأشخاص حول العالم ومن بينهم مئات الرؤساء والمسؤولين.
وفي مايو (أيار) 2013 تقدم سنودن بإجازة من عمله ثم هرب إلى هونج كونج بعدما سرب تفاصيل برامج المراقبة السرية لصحيفتي «الجارديان» البريطانية و«واشنطن بوست» الأمريكية، ثم سافر بعدها إلى موسكو، ومنذ ذلك الوقت أصبح مصير سنودن بؤرة صراع دولي بين الولايات المتحدة والصين وروسيا.
4. تسريبات طهران.. خفايا الدور الإيراني في العراق
أكثر من 700 وثيقة نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية وموقع «ذي إنترسبت» في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، كشفت التدخلات الإيرانية السافرة في العراق، وتضمنت أسماء «جواسيس» وعملاء عراقيين، يعملون في مناصب سياسية ودينية وعسكرية، تتركز مهمتهم في الحفاظ على النفوذ الإيراني ببلاد الرافدين.
وأظهرت التسريبات كيف جندت إيران عملاء عراقيين كانوا يعملون لصالح الاستخبارات الأمريكية في العراق، وكيف استغلت إيران الوضع المادي لهؤلاء العملاء الذين تُرِكوا من دون عمل أو مال، وكانوا مستعدين لإبلاغ إيران بكل ما لديهم من معلومات بشأن خطط الاستخبارات الأمريكية في العراق.
كشفت الوثائق أيضًا كيف تدخلت إيران في الشأن العراقي الداخلي، وطورت علاقات سرية مع مسؤولين عراقيين، فضلًا عن الدور الذي قام به قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني في العراق.
وأشارت الصحيفة إلى أن المصدر الذي سرب الوثائق رفض الكشف عن هويته، واكتفى بالقول إن على العالم أن يعرف ماذا تفعل إيران في بلاده العراق.
نشر هذه الوثائق، تزامن مع احتجاجات شعبية في العراق مناهضة للنظام والتدخلات الإيرانية، الأمر الذي أجج غضب الشارع من النفوذ الإيراني، لاسيما لما احتوته من معلومات تؤكد انتهاك إيران للسيادة العراقية.
5. تسريبات النظام المصري
بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 في مصر، ضجت وسائل الإعلام المصرية والأجنبية بتسريبات من داخل أروقة الأجهزة الأمنية (المخابرات والجيش والأمن الوطني) وكشفت الكثير بشأن موقف نظام عبد الفتاح السيسي من الكثير من القضايا والملفات الداخلية والخارجية.
وفتحت هذه التسريبات الباب أمام تكهنات كثيرة حول اختراق الدائرة المقربة من السيسي، وتنوعت هذه التسريبات شكلًا ومضمونًا ووصلت إلى عشرات التسريبات، وبثتها قنوات ومواقع مصرية معارضة من الخارج مثل «الجزيرة» وموقع «رصد» وغيرهم، وارتبط معظمها بالسيسي ومدير مكتبه عباس كامل، وأعضاء بالمجلس العسكري وضباط من داخل تلك الأجهزة.
وكان أول هذه التسريبات بث الأجزاء غير المنشورة من حوار السيسي مع الصحفي ياسر رزق رئيس تحرير صحيفة المصري اليوم في ديسمبر (كانون الأول) 2013، والتي كشف فيها اعتزامه المبكر الترشح للرئاسة رغم نفيه العلني.
ثم تلا ذلك تسريبات للقاءات مغلقة وهو وزير الدفاع مع ضباط القوات المسلحة، ثم كانت التسريبات الأخطر لمكالمات هاتفية له مع مدير مكتبه اللواء عباس كامل وبعض مساعديه الآخرين مثل محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق واللواء محمود حجازي رئيس أركان القوات المسلحة، واللواء ممدوح شاهين عضو المجلس العسكري، والتسريبات المشهورة بتسريبات (الرز) التي تضمنت إهانة للدول الخليجية، ومعالجة الثغرات الخاصة باتهامات الرئيس مرسي وحبسه، والوساطة لتخفيف الحكم الصادر بحق ابن أحد أبناء القادة العسكريين في قضية سيارة الترحيلات.
وفي 12 مايو 2015 أكد تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن التسريبات الصوتية المنسوبة للسيسي التي أمر فيها بوضع مليارات المساعدات في حسابات الجيش المصري صحيحة، ونقلت عن شركة «جي بي فرينش أسوشييتس» المتخصصة في تحليل الأصوات صحة تسجيلين للسيسي عندما كان وزيرًا للدفاع مع عدد من قادة القوات المسلحة.
6. تسريبات كلينتون.. قراصنة روس وتحريض ترامبيّ
تعرّضت المرشحة الرئاسية السابقة، هيلاري كلينتون لأكثر من عملية قرصنة، بينها ما كشف استخدام بريدها الإلكتروني الرسمي لأغراض شخصية عندما كانت على رأس وزارة الخارجية؛ ما أدى لملاحقتها أمام مكتب التحقيقات الاتحادي، والرأي العام.
وانعكست القضية على حملة كلينتون الانتخابية قبيل التصويت على الرئاسة الأمريكية في نوفمبر 2016 وذلك بالتزامن مع اشتداد المنافسة بينها وبين خصمها دونالد ترامب.
وفي 28 أكتوبر أعلن مدير «أف بي آي»، جيمس كومي، أمام الكونجرس أن محققيه عثروا على رسائل جديدة تبرر إعادة فتح التحقيقات التي كانت أغلقت حول رسائل إلكترونية لكلينتون؛ ما أدى إلى إعادة تحريك القضية
في الوقت ذاته، نشر موقع «ويكيليكس» في أكتوبر عام 2016، تسريبات رسائل بريد إلكتروني متعلقة بكلينتون، وقال الموقع إنه قرصن هذه الرسائل من جهاز جون بوديستا، رئيس حملة المرشحة الديموقراطية.
وتأثرت حملة كلينتون بعمليات القرصنة وتسريب الرسائل الإلكترونية التي ساهمت في عدم وصولها إلى البيت الأبيض، وتضمنت تلك الرسائل معلومات عن حملات ترويج سرية لكلينتون من قبل أكبر شركات التكنولوجيا، كما كشفت عن الأساليب التي لجأت إليها كلينتون لمواجهة خصمها ترامب، بالإضافة إلى مقتطفات من كلمات كلينتون تلقت مقابلها مبالغ مالية في مناسبات خاصة.
وفي يوليو 2018 نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تفاصيل عن أن روسيا هي التي وقفت وراء اختراق بيانات «الحزب الديمقراطي»، وكيف مرر الروس رسائل بريد إلكترونية إلى موقع التسريبات «ويكيليكس»، والذي كان سببًا في تراجع غريمة ترمب أيام الانتخابات، هيلاري كلينتون.
وكشفت التحقيقات أن مخترقين تابعين للحكومة الروسية شنَّوا هجومًا على حسابات البريد الإلكتروني الخاصة بموظفين في مكتب كلينتون يوم 27 يوليو 2016، واستهدفوا 76 حساب بريدٍ إلكتروني، تستخدمها حملة كلينتون، وفقًا لما كشفه المحقق الأمريكي روبرت مولر.
واللافت أن هذا التحرك من القراصنة الروس، جاء في اليوم ذاته الذي حرض فيه ترامب موسكو على التدخل في الحملة الانتخابية، وقال ترامب وقتها، في أحد منتجعاته بولاية فلوريدا: «روسيا، إن كنتِ تستمعين، آمل أن تتمكني من إيجاد رسائل البريد الإلكتروني المفقودة، البالغ عددها 30 ألفًا».
7. أوراق بنما.. كشف الحقيقة قد يكون ثمنه حياتك!
في يوم الاثنين 16 أكتوبر 2017، وقع انفجار بالعاصمة المالطية فاليتا، تسبب في قتل الصحافية دافني كاروانا غاليزيا، وكان الانفجار شديدًا لدرجة تناثر حطام السيارات في الطريق والحقول المجاورة.
سبب مقتل هذه الصحافية المالطية أنها كشفت معلومات حساسة مثيرة للجدل بما في ذلك التقارير المتعلقة بما سمي بفضيحة «أوراق بنما» للكشف عن الفساد والتهرب الضريبي في بلادها. فما هي حكاية «أوراق بنما»؟
وثائق «أوراق بنما» تطلق على تحقيق صحفي ضخم شارك فيه أكثر من 100 صحيفة حول العالم ضمن «الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين» كشف أن 140 زعيمًا سياسيًا من حول العالم، بينهم 12 رئيس حكومة، إضافة إلى أسماء بارزة في عالم الرياضة، هربوا أموالًا من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية.
وجرى تسريب هذه الوثائق (وعددها نحو 11.5 مليون وثيقة) من مكتب المحاماة البنمي «موساك فونسيكا» الذي يعمل في مجال الخدمات القانونية منذ 40 عامًا، وبعد شهرين من تسريب وثائق «أوراق بنما»، اعترف يورجن موساك أحد مؤسسي مكتب المحاماة بأنه اضطر لإغلاق معظم مكاتبه في الخارج بسبب تراجع نشاطه.
وأوضح «الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين»، ومقره واشنطن، أن الوثائق تحتوي على بيانات تتعلق بعمليات مالية لأكثر من 214 ألف شركة عابرة للبحار (offshore) في أكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم. وكشفت عن نظام واسع للتهرب الضريبي عبر شركات وهمية ساعدت مصارف عدة زبائنها من خلالها.
تسريب هذه الوثائق الحساسة أدى إلى سلسلة صدمات في العالم بينها استقالة رئيس الوزراء الآيسلندي سيغموندور ديفيد جونلوجسون، وفتح 150 تحقيق «أوراق بنما»: العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وملك المغرب محمد السادس، ورئيس الإمارات خليفة بن زايد آل نهيان، و أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، والرئيس المصري الأسبق حسني مبارك وبعض أفراد عائلته، ورئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي، إضافة إلى رئيس وزراء الأردن السابق علي أبو الراغب، وأفراد من عائلة الرئيس السوري بشار الأسد.
8. أوراق الجنة.. التسريب الأكبر في التاريخ حتى الآن!
على شاكلة تسريب «أوراق بنما»، نشرت صحيفة «سوددويتشه تسايتونج» الألمانية في 5 نوفمبر 2017 عددًا هائلًا من الوثائق المالية التي كشفت عن كيفية تهرب رؤساء ووزراء ومسؤولين وأثرياء من الضرائب، وضمت أسماء أكثر من 120 سياسيا من نحو 50 دولة، بالإضافة إلى رجال أعمال ورياضيين.
وأطلق على هذه التسريبات اسم «أوراق الجنة» وتضم حوالي 13.4 مليون وثيقة، وكشفها «الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين (آي سي آي جي)» الذي يضم 96 وسيلة إعلام في 67 بلدًا.
وسلطت هذه «الأوراق» الضوء على الملفات المالية لمئات من الأشخاص والشركات في العالم. وركزت على كيفية استخدام الساسة والشركات متعددة الجنسيات والمشاهير للهياكل المعقدة للائتمان «الملاذات» والمؤسسات المالية لحماية أموالهم من مسؤولي الضرائب، أو إخفاء معاملاتهم وراء حجاب من السرية.
وبجانب الشخصيات الأجنبية ورؤساء الدول الأجانب الذين وردت أسماؤهم في تسريبات أوراق الجنة، والتي كان من بينها الملكة إليزابيث الثانية، ووزير التجارة في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وممولي الحملة الانتخابية لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، وصهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشركات عالمية شهيرة مثل «أبل»و«أوبر»؛ وردت أسماء شيوخ عرب، وأمراء، ووزراء حاليين وسابقين، ورجال أعمال استعانوا بخدمات تلك الشركات القانونية، لتأسيس شركات «أوف شور» في الملاذات الضريبية، من بينهم الملكة نور، ملكة الأردن السابقة، ونائب وزير الدفاع السعودي السابق الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز، ورجل الأعمال السوري ورامي مخلوف ابن عم رئيس النظام السوري، وغيرهم.
وجاءت معظم البيانات من شركة تدعى أبليبي، وهي شركة خدمات قانونية، توجد في برمودا، وتساعد الزبائن على إنشاء في ولايات قضائية في الخارج مع معدلات ضريبية منخفضة أو منعدمة، بالإضافة إلى وثائق سجلات تجارية لـ19 شركة في عدد من الملاذات الضريبية حول العالم، تكشف حجمًا ومستوى مختلفًا عن المحتوى والمستويات المتورطة.
9. بعد انطلاق الحراك الجزائري.. تسريبات تكشف أسرار بوتفليقة
بعد أربعة أيام فقط من انطلاق الحراك الشعبي الجزائري الرافض لإعادة ترشيح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، ظهرت معركة إعلامية على هامش التظاهرات تمثلت في تسريبين واحد من فرنسا، والثاني من داخل الجزائر يحملان رسائل سلبية عن بوتفليقة ومعسكره.
التسريب الأول عبارة عن وثائق رفعت عنها السلطات الفرنسية صفة السرية، ونشرتها أسبوعية «لونوفيل أوبسرفاتور» في 26 فبراير (شباط) الماضي، وتخص أرشيف مراسلات جهاز الاستخبارات الفرنسي حول ماضي بوتفليقة.
أهم ما جاء في هذه الوثائق السرية حصول الصحيفة الفرنسية حصريًا على أرشيف الإدارة العامة للأمن الخارجي، حيث اهتم مكتب التوثيق الخارجي ومكافحة التجسس الفرنسي بجمع المعلومات حول بوتفليقة، بعد الانقلاب على الرئيس الجزائري السابق أحمد بن بلة سنة 1965.
وتظهر الوثائق أن بوتفليقة كان العقل المدبر لذلك الانقلاب، وأنه هو من أقنع هواري بومدين (الرئيس الثاني للجزائر المستقلة) بالتخلص من بن بلة؛ بعد أن أصبح يشكل تهديدًا لطموحه السياسي، وبعد أن طلب منه بن بلة مغادرة منصبه في وزارة الخارجية.
وكان أخطر ما ورد في وثائق الاستخبارات الفرنسية هو تورط بوتفليقة في اغتيال معارضين سياسيين، مثل مقتل بطل الاستقلال كريم بلقاسم في فرانكفورت بألمانيا في أكتوبر 1970، الذي جرى التخطيط له، حسب هذه الوثائق، من قبل الملحق العسكري في السفارة الجزائرية بباريس.
أما التسريب الثاني فكان عبارة عن مكالمة هاتفية بين عبد المالك سلال، مدير الحملة الانتخابية لبوتفليقة، مع علي حداد، رجل الأعمال المقرّب من النظام، تضمن جزءًا من خططهما لتجاوز حالة الاحتجاجات.
وفي التسجيل الهاتفي المسرّب يتحدث علي حداد، عن مخاوف مسؤول نافذ (يحمل اسم إسماعيل) بشأن استمرار المظاهرات الرافضة لترشيح بوتفليقة، ويقول إنه يجب الصمود حتى تاريخ إيداع ملف ترشيحه رسميا، بينما يظهر عبد المالك سلال، رئيس الوزراء الأسبق، وأحد أكبر مناصري بوتفليقة، مطمئنًا لعدم تأثير المظاهرات على الوضع، كما يقتنع أنها لن تستمر، وبأن جهاز الدرك سيرّد بقوة إذا ما انحاز المتظاهرون للعنف. وانتقد سلال في التسجيل الصوتي أداء الوزراء وكذا بعض الشخصيات المقربة في طريقة تدبير الاحتجاجات.
وبعد انتشار التسريب نشر موقع «يورونيوز» خبرًا عن إقالة مسؤول في الاستخبارات الجزائرية، وهو ما أعطى انطباعًا أوليًا أن الشريط المسرّب حقيقي.
10. تسريب الخارجية السعودية.. دور المال في سياسة المملكة الخارجية
في الفترة ما بين يونيو وحتى نوفمبر عام 2015، نشر موقع «ويكيليكس» ما سمي بـ«الوثائق السعودية» وعددها يبلغ زهاء 500 ألف وثيقة سرية لوزارة الخارجية السعودية، ساهمت في إحراج المملكة مع دول الجوار، وكشفت عن دور المال السياسي التي تستخدمه الرياض في سياساتها الخارجية.
ومن بين هذه الوثائق ما يكشف عن مساعي الخارجية السعودية للتأثير على عدد من وسائل الإعلام الإقليمية ومنع نشر تقارير إعلامية لا تروق للرياض، بما في ذلك جهود لمواجهة وسائل الإعلام غير الصديقة، مثل قنوات شبكة الجزيرة وعرقلة بثها عبر الأقمار الصناعية.
11. تسريب سفارة الإمارات في أمريكا.. حملة منسقة ضد قطر وتركيا
لم تكد تمر أيام على اختراق وكالة الأنباء القطرية، حتى فوجئت الإمارات بتسريب وثائق من البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي بواشنطن يوسف العتيبة، تتضمن مراسلات تمتد من عام 2014 إلى مايو 2017، وتكشف العديد من التفاصيل المتعلقة بتواصل السفارة الإماراتية في الولايات المتحدة مع شركات علاقات عامة لتشويه صورة حلفاء واشنطن والتأثير على سياستها الخارجية.
وجاءت هذه الوثائق المسربة في 55 صفحة، ونشرت بعدما اخترقت مجموعة من قراصنة الإنترنت تطلق على نفسها اسم «جلوبال ليكس» البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي، وكشفت الوثائق عن قيام سفارة الإمارات بجهد منسق لتحجيم دور قطر الإقليمي والتحريض على استهدافها أمنيًا وسياسيًا واتهامها إلى جانب الكويت بتمويل العمل الإرهابي، بالإضافة إلى تنسيقها لحملات ضد تركيا، وجماعة الإخوان المسلمين، و«حركة المقاومة الإسلامية (حماس)».
نشرت صحيفة «واشنطن بوست» وثائق سريّة، حصلت عليها بعد معركةٍ قانونية استمرت ثلاث سنوات، بموجب قانون «حرية المعلومات (FOIA)»، تثبت أن كبار المسؤولين الأمريكيين لم يصارحوا الرأي العام بالحقيقة الكاملة حول حرب أفغانستان التي استمرت 18 عامًا، بل أصدروا تصريحات وردية كانوا يعرفون أنها كاذبة، وأخفوا أدلة حاسمة تؤكد أن النصر أصبح مستحيلًا.
تتناقض الوثائق الرسمية مع سلسلة طويلة من التصريحات العلنية الصادرة عن رؤساء الولايات المتحدة والقادة العسكريين والدبلوماسيين الذين أكدوا للأمريكيين عامًا بعد عام أنهم يحرزون تقدمًا في الحرب. وتخلُص المقابلات، التي أجريت بين عامي 2014 و2018 وتغطي مجموعة واسعة من الآراء، إلى أن ثلاثة رؤساء أمريكيين – جورج بوش وباراك أوباما ودونالد ترامب – وقادتهم العسكريين فشلوا في الوفاء بتعهدهم بأن ينتصروا في حرب أفغانستان.
ولولا أن المسؤولين الأمريكيين كانوا مطمئنين إلى أن تصريحاتهم لن تُنشَر على الملأ، ما اعترفوا بأن «إستراتيجياتهم القتالية كانت معيبة»، لدرجة أنها تسببت في إزهاق أرواح الجنود، ولما فضحوا «الجهود المستمرة التي بذلتها الحكومة الأمريكية لتضليل الجمهور عمدًا»، ولو بإمكانها الحديث لتحدثت المقرات العسكرية في كابول – وحتى جدران البيت الأبيض – عن التلاعب بالإحصائيات لتصدير صورة تبدو غير حقيقية حول انتصار الولايات المتحدة في الحرب.
لم يكن التزييف بسيطًا، بل شمل «تغيير كل نقطة بيانات؛ لتقديم أفضل صورة ممكنة؛ حسبما يشهد بوب كراولي، وهو كولونيل في الجيش خدم باعتباره مستشارًا كبيرًا في مكافحة التمرد للقادة العسكريين الأمريكيين في عامي 2013 و2014. «على سبيل المثال، كانت الدراسات الاستقصائية تفتقر إلى أدنى مصداقية، لكنها عززت صورة مفادها أن الجيش الأمريكي يحالفه الصواب في كل ما يفعله».
على هذا النحو، ظلت المعلومات الخاطئة تُصَبّ في آذان الشعب الأمريكي باستمرار، حسبما أكد جون سوبكو، رئيس الوكالة الفيدرالية التي أجرت المقابلات، استنادًا إلى ما أظهرته الوثائق التي شبهتها «واشنطن بوست» بـ«أوراق البنتاجون» السرية المكونة من 7 آلاف صفحة حول حرب فيتنام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق