هل يغير اتهام رئيس بلدية أنقرة بالفساد آراء الناخبين؟
آيغون، وهو الرئيس السابق لغرفة أنقرة التجارية وما زال ينتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، تقدم بدعوى قضائية ضد رئيس بلدية أنقرة وثلاثة من أعضاء مجلس البلدية، بتهمة الفساد وطلب الرشوة، كما تقدم ياواش، في المقابل، شكوى إلى النيابة العامة ضد آيغون يتهمه فيها بــ"انتهاك قانون تمويل التنظيمات الإرهابية ودعم تنظيم إرهابي".
القضية، وفقا لرواية آيغون، بدأت بإيقاف العمل في أحد مشاريعه بأنقرة من قبل البلدية التي بررت قرارها بأن المشروع التجاري المذكور يخالف الأنظمة. وبعد ذلك، زاره بعض أعضاء مجلس البلدية المنتمين إلى حزب الشعب الجمهوري، وطلبوا منه 25 مليون ليرة تركية لإلغاء القرار، كي يستمر العمل في المشروع، إلا أنه رفض دفع هذا المبلغ، وتحدث إلى رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليتشدار أوغلو، ولكنه لم يحصل على أي حل.
آيغون يقول إنه يملك أدلة وتسجيلات تثبت صحة ما يدَّعيه، كما أن رئيس بلدية أنقرة لم يرفض ما ورد في تصريحات الأول حول طلب أعضاء مجلس البلدية منه 25 مليون ليرة تركية، إلا أنه يقول إنهم طلبوا هذا المبلغ لــ"بناء مدرسة"، علما أن ياواش، هو ذاته، سبق أن عبر عن رفضه لغض الطرف عن المشاريع المخالفة للقوانين والأنظمة في مقابل بناء مدرسة أو أعمال خيرية مشابهة.
هناك أسئلة يجب أن يجيب عليها رئيس بلدية أنقرة الذي يبرر طلب مبلغ 25 مليون ليرة قائلا إنه كان "من أجل بناء مدرسة".
ولعل أول سؤال هو: "هل تغير رأيه في غض الطرف عن المشاريع المخالفة للقوانين والأنظمة في مقابل أعمال خيرية يقوم بها أصحاب تلك المشاريع؟".
كما أن تكلفة بناء مدرسة لا تتجاوز خمسة أو ستة ملايين ليرة، وبالتالي يطرح هذا السؤال الثاني نفسه: "أين كان سيصرف باقي المبلغ؟".
القضاء التركي سينظر الآن في البعد القانوني للقضية، إلا أن لها أبعادا أخرى، أخلاقية وسياسية، نظرا لانتماء كلا الطرفين إلى حزب الشعب الجمهوري. وفي هذا الخلاف، اختار كليتشدار أوغلو الانحياز لصالح ياواش ضد آيغون، حيث أعلن رئيس فرع أنقرة لحزب الشعب الجمهوري، رفقي غوينير، فتح تحقيق في حق النائب السابق سنان آيغون، وشقيقته سيبل آيغون، بعد شكوى لطردهما من الحزب.
منصور ياواش كان متهما بالفساد قبل انتخابه رئيسا لبلدية أنقرة، إلا أن التحالف الانتخابي الذي شكَّله حزب الشعب الجمهوري مع الحزب الصالح؛ وقف إلى جانبه، ليوصله إلى رئاسة البلدية بدعم أحزاب معارضة أخرى، كحزب الشعوب الديمقراطي، وحزب السعادة. ولذلك، ليس غريبا أن ينحاز ذات التحالف اليوم إلى رئيس بلدية أنقرة ضد الاتهامات التي يوجهها إليه آيغون.
المشهد السياسي الحالي في تركيا يوفر لمنصور ياواش نوعا من الحصانة ضد كافة الاتهامات الموجهة إليه، مهما كانت صحتها، لأنه لم يكن مرشح حزب الشعب الجمهوري، حتى لو كان ينتمي إليه الآن رسميا، بل كان مرشح التحالف الذي لعب دورا كبيرا في فوز مرشح حزب الشعب الجمهوري، أكرم إمام أوغلو، في إسطنبول، ورفع نسبة الأصوات التي حصل عليها حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات المحلية الأخيرة في إزمير. وهذا التحالف مبني على أساس معارضة حزب العدالة والتنمية، بغض النظر عن نجاح مرشحيه ونزاهتهم أو فشلهم واتهامهم بالفساد. ولذلك، ليس متوقعا في الوقت الراهن أن تتغير آراء الناخبين حول رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش أو رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو أو رئيس بلدية إزمير طونتش صويار، بناء على الاتهامات الموجهة إليهم أو سوء إدارتهم لتلك المدن.
كما أن ذات التحالف الذي يدعمه الكيان الموازي، التنظيم السري لجماعة كولن، يستنفر للدفاع عن ياواش وإمام أوغلو وصويار، يبذل جهودا حثيثة للفت الأنظار عن تلك الاتهامات، وتخفيف وطأتها، وينجح في ذلك إلى حد كبير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق