الثلاثاء، 24 ديسمبر 2019

لم تسقط جرجناز إنما سقطت المدنية في مواجهة التوحش


لم تسقط جرجناز إنما سقطت المدنية في مواجهة التوحش
د.أحمد موفق زيدان
على مدى تسع سنين تقريباً، لم تملّ، ولم تتعب حناجر السوريين من الهتاف للحرية والعدل والإنصاف، تسع سنين في جبين الدهر، والعالم يصر على صمّ آذانه وعمي أبصاره عمّا يجري في الشام، ويصر معه على فرض عصابة طائفية ومستبد مجرم آثر أن يستجلب كل الحثالات المليشياوية الطائفية من كل صقع لقتل من يفترض أن يكون شعبه، ومعه جلب قوة إقليمية كبرى وقوة عالمية أكبر لقهر الشعب السوري وإطفاء جذوة ثورته المباركة، وتشريد أهلها وتدمير بلدها.
   
سقطت أخيراً جرجناز وتلمنس وبساطير الاحتلال الروسي والإيراني لا تزال تسعى إلى اقتطاع قطعة من قلب الثورة السورية، وهي قطعة الاوسترادات، ولكن الهدف لم يكن يوماً ما، أوستراداً ونحوه، وإنما كان ولا يزال فرض منطق القرون الوسطى على القرن الحادي والعشرين، وهو ما سمحت به البشرية الحالية منذ اليوم الأول للربيع العربي والثورة السورية، فلعل الأخيرة ستدخل كتاب جينيس في استثناءات كثيرة ومنها أن مجازرها هي الوحيدة التي ترتكب على مدار الساعة وعلى الهواء مباشرة، وبأسلحة إجرامية غدت حقل تجارب هي المجازر الوحيدة التي خلت من أي إدانة أو شجب أو استنكار.
  
سقطت الحضارة الغربية وشعاراتها الطنانة، وسقطت معها كل مؤسسات المجتمع الدولي من أمم متحدة ومجلس أمن وغيره من المؤسسات التي غدت مدار تندر بين السورين
صمد الشعب السوري في مواجهة أحقر غزو وأحقر سلاح، صمد الشعب السوري بوجه أسلحة الدمار الشامل، التي كان ولا يزال استخدامها إيذاناً بوقف المعركة ورفع الراية البيضاء من قبل الضحية، لكن الأخيرة رفضت الاستسلام وآثرت الصمود، فلا حياة مع عصابة طائفية أذلتها على مدى عقود، وبطن الأرض خير لها من ظهرها مع وجود هكذا قتلة مجرمين بنادق للإيجار، وبلاداً جعلوها للإيجار.
  
من سقط هو الدول الكبرى والصغرى التي تصدت لتكون أصدقاءً للشعب السوري، من سقط هو المدنية الغربية بكل نخبها السياسية التي رفضت أن تصدر بيان تنديد إزاء ما يجري من نزوح واقتلاع سكاني لم يحدث ربما في تاريخ البشرية، وصل عدده إلى 240 ألف نسمة خلال الأسابيع الماضية، وسقطت معه النخب الإعلامية الغربية التي رفضت أن ترسل طواقمها الإعلامية لبث المجازر والمذابح والمآسي التي تقع على مدار الساعة، حتى خلت الصحف الغربية الرصينة صباح سقوط هذه المدن وصباح مأساة النزوح الكبير من أي تغطية إعلامية تذكر، ومن سقط كل المنظمات الدولية والإقليمية التي كانت لا تزال تستجدي المحتل الروسي والصيني السماح للمؤسسات الدولية بإدخال مساعدات عاجلة للمتضررين، وسقط معه النظم الحاكمة عربية وإسلامية فلم تقف مع الشام لا عسكرياً ولا سياسياً ولا حتى إغاثياً، وهي التي أعطتهم كل ما لديها على مدى قرون.
  
أخيراً سقطت الحضارة الغربية وشعاراتها الطنانة، وسقطت معها كل مؤسسات المجتمع الدولي من أمم متحدة ومجلس أمن وغيره من المؤسسات التي غدت مدار تندر بين السورين، وستظل الشام عز الشرق والغرب، فالاحتلال راحل وما يبقى هو أهل الشام، فليتحسس رأسه كل من يستقوي باحتلال على أهل بلده ومنطقته 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق