مصر التي تنسحب تدريجيا من معركة الأمة
محمد عدس
فى مقال دامي النَّبْرَة بعنوان "وا إسلاماه!" يحذر فيه الدكتور محمد عباس من تحوّلات خطيرة تُحاك خيوطها بإحكام على يد أعداء مصر .. نشر لأول مرة في صحيفة الشعب سنة 1999م .. أدهشنى أن ترد فيه عبارات مثل هذه العبارة: "لابد أن تحارب مصر الآن أمتها.. وأن تكون في صف الأعداء.. في صف إسرائيل ضد حماس.. وفي صف أمريكا ضد سوريا.. ضد تركيا.. ضد إيران.. وحتى ضد السعودية.. بل وضد الله...!!"
المقال شديد الإيلام لأن ما حذّر منه الكاتب العملاق وقلبه يحترق ، يتحقق اليوم بحذافيره فى مصر .. أجتزئ لكم منه بهذه الفقرات التى يتوقع فيها ظهور شبيه بأتاتورك يقوم بنفس الدور لحساب أعداء مصر وأعداء الإسلام .. يقول:
مطلوب أتاتورك يحكم مصر..
جرس المزاد يدق..
من يبيع..!
من يبيع من جسد أمه وأمته قطعة أكبر..!
من يبيع من دينه وأمته جزءا أكبر؟!
قبل أن يتولى أتاتورك بكثير كانوا قد بدأوا بصناعة نجمه..
إن جهةً ما تبحث في المرشحين للرئاسة عن كمال أتاتورك آخر..
إن الساحة السياسية تتغير.. وما يكاد الصليبيون واليهود يبنون جدارا في مكان حتى ينهار جدار في مكان آخر.. لقد كانت تركيا وإيران ملك يمين لأمريكا لكنهما تحررتا الآن أو كادتا.
لذلك لابد من بناء جدار آخر بعد بث الفتنة لتقويض ما تم..
لابد من بث مزيد من الفتنة بين السنة والشيعة..
ولابد من محاولة كسر القوس الشيعي الذي يمتد الآن من إيران لحدود فلسطين.. ولقد كان هذا في حد ذاته خطرا لكن الله أصابهم ببداية عودة تركيا إلى أصلها التليد وماضيها المجيد.
الوضع خطر إذن..
ولا يوجد مثل مصر لتقوم بهذا الدور ولتعوّض خسائر الغرب الهائلة..
لقد كانت مصر حامية الإسلام لقرون متطاولة..
وقد انسحبت مصر بالتدريج من معركة الأمة منذ زمن محمد على مع وجود منعطفات فارقة تزداد فيها وتيرة الانسحاب مثل منعطف سعد زغلول ومنعطف جمال عبد الناصر..
ولم يعد هذا يكفي.. لا يكفي أن تكون مصر على الحياد أو أن يُكتفى بمجرد انسحابها..
إذ لابد أن تحارب مصر الآن أمتها.. وأن تكون في صف الأعداء.. في صف إسرائيل ضد حماس.. وفي صف أمريكا ضد سوريا.. ضد تركيا.. ضد إيران.. وحتى ضد السعودية.. بل وضد الله..
ولقد بدأ هذا بالفعل في العقود الأخيرة تطبيقا لحكمة القرون التي ورثها الصليبيون واليهود .. هذه الحكمة تقضي بأن شجرة الإسلام لن يقطعها إلا أحد أبنائها.
لا ليس شنودة.. فهو غير قادر على اقتلاع فرع من فروعها..
وإنما من يستطيع- في عرف الغرب- اقتلاع الشجرة يمكن أن يكون واحدا ممن يدعمهم شنودة أو يدعمون شنودة.
نعم..
المطلوب الآن أن يأتي من يقطع شجرة الإسلام..
وعنه يبحثون بين المرشحين .. فيك يا مصر..
***
دعكم من المبايعات واللافتات والترشيحات.. فتلك ألعاب أطفال يستدرجونك بها يا أمة كي تلتفتي إلى الجانب الآخر ..كي لا تري السكين الموشك على جزّ عنقك.
دعكم مما تنشره الصحف وما تعرضه الفضائيات..
فكمال أتاتورك القادم تتم صناعته منذ عشرات الأعوام .. ربما منذ عشرين أو ثلاثين أو أربعين أو خمسين عاما..
والمؤكد أنه تم تصنيع أكثر من واحد.. فأولئك القوم لا يتركون شيئا للصدفة.
يبحثون عن أتاتورك آخر ينقل مصر نقلة واسعة.. كما نقل كمال أتاتورك تركيا من دولة الخلافة الإسلامية إلى دولة علمانية تكتب بالحروف اللاتينية، ويُقضى على الإسلام فيها، ولقد كان أتاتورك عميلا غربيا كاملا، وعميلا صهيونيا أصيلا، وقد أدى دوره تماما. وأقام تلك التجربة المظلمة المريرة التي تركت آثارها على العالم الإسلامي كله، ولقد كان من أكبر معالم خيانة كمال أتاتورك وكفره أنه عندما أحس بدنو أجله أن دعا السفير البريطاني ليتولى بدلا منه رئاسة الدولة التركية. وكان كعلامة من علامات الخسة والنذالة والخيانة!!.
يا إلهي..!!!
هل يمكن أن يكون السفير الأمريكي هو حاكمنا المنتظر.. وهو الوريث؟!..
لقد صنعوا أتاتورك أيامها والآن يستنسخونه.. وصنعوا له زعامة مزيفة لتبرر تنازلاته وذبحه للإسلام بعد ذلك.
وبعد أن أعطي أتاتورك الزعامة المطلوبة ( قارن ذلك بالزعامة التي منحت لسعد زغلول وجمال عبد الناصر والتي تعطى الآن لعديدين تحت الاختبار ربما يكون منهم البرادعي والسيد البدوي).
بعد أن أصبح زعيما وبطلا مناضلا أمام الشعوب الإسلامية بدأ يفكر كيف يصل إلى سدة الحكم بدعم صهيوني وصليبيي فوقع الخائن في عام 1923م على معاهدة لوزان على تركيا وقبل جميع الشروط العلنية والسرية التي وضعتها المخابرات البريطانية له وهي الشروط المعروفة بشروط كرزون (وهو رئيس الوفد الانجليزي في مؤتمر لوزان) وكان منها- ونعيد ذكرها-:
[قطع كل صلة لتركيا بالإسلام ..
إلغاء الخلافة الإسلامية إلغاء تاما..
إخراج الخليفة وأنصار الإسلام من البلاد ومصادرة أموال الخليفة..
اتخاذ دستور مدني بدلا من دستور تركيا القديم .]
فانتظري يا مصر مثل ذلك بل أقل..
لن يضطروا لصنع انتصارات أو تقديم تنازلات فأمرك يا مصر الرخوة أهون بكثير..
فالتلويح بالرضا وبالمنصب يكفي!
التلويح بالمفاوضات المباشرة بين عباس ونتنياهو يكفي..
نعم..
لقد اصطنعوا لأتاتورك نصرا عسكريا ومجدا سياسيا وبهروا بهما جماهير مضللة عمياء لم تعِ أن وسام العفة لا يمنح للداعرة شرفا.
نعم..
لم يكن ثمة نصر ولا مجد ولا شرف..
كان هناك فقط توقيع ملحق معاهدة لوزان وهو الذي فتح الطريق إلى كل شيء، وبه حُلت جميع المشاكل، وانسحبت كل الجيوش، وتحقق ما يسمى النصر والاستقلال في خطوات كانت سابقة التجهيز.
وكُتبت على أثر ذلك آلاف الكتب في تمجيد البطل الذي لم يكن إلا عميلا من عملاء الخيانة لحسابه الصهيونية العالمية، والنفوذ الغربي، والشيوعية أيضا فإن الشيوعيين هم أول من عاونه لقاء موقفه من عداء الإسلام.
كان توقيع معاهدة لوزان-وما يزال- هو الطريق الوحيد إلى مقاعد الحكم في عالمنا العربي والإسلامي لا يفلت منه إلا من رحم الله وأحسب منهم البطل أردوغان.
ولقد توفي الكافر المجرم أتاتورك في عام 1938 بعد أن حول تركيا التي كانت مقر الخلافة الإسلامية إلى دولة لا دينية . وقد أوصى قبل موته ألا يُصَلَّى عليه !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق