أشياء لا تعمم!
يروي الأفارقة في حكاياتهم الشَّعبية:
إنَّ غزالةً سألتْ زرافةً: كم يبلغ عمق النهر؟
فقالتْ لها الزَّرافة: يبلغُ حدَّ الرُّكبة!
فقفزت الغزالة في النهر، وغمرتها المياه، وكادتْ تغرق لولا الجهد الذي بذلته لتصل إلى الضِّفة!
وكان أول شيء فعلته الغزالة حين نجتْ، أن صرختْ بالزَّرافة بغضب وقالت لها: ألمْ تقولي إن الماء يصل إلى حد الرُّكبة؟
فقالت لها الزرافة: نعم، إلى حد ركبتي أنا!
يا أيها الزَّرافات: راعوا واقع النَّاس، لا تجلدوهم بما حباكم الله به، ليس كل النّاس لهم رواتبكم العالية، ولا بيوتكم الفاخرة، ولا سيَّاراتكم الفارهة، لقد حصَّلتم هذا ببعض اجتهاد ليس إلا، والقصة كلها أقدار وأرزاق!
لا تجلدُوا الذي تأخَّر إنجابه بسؤال: لمَ لمْ تُنجِبْ بعد؟! شدَّ همَّتكَ! وكأن الإنجاب مادة في الجامعة!
ولا تجلدوا العازب بسؤال: متى تتزوج؟ من قال لكم إنه لا يموت كل ليلة ألف ميتة، ليس له صدرٌ حنون يأوي إليه، وليس لها حضنٌ تستريح فيه!
لا تجلدوا الناس بالأسئلة السخيفة:
لماذا لم تشتروا ثياباً جديدة؟ ولماذا لم تُسافروا للإجازة؟ ولماذا لم تُغيِّروا البيت؟!
النَّاس يعضُّون على جراحهم ليعيشوا، فلا ترُشُّوا الملح على جروحهم!
ويا أيها الغزلان: الطموح جميل، والتّعلم من تجارب الآخرين أجمل، ولكن بعضنا قدره أن يكون غزالاً، هذه هي حياته، وهذه هي إمكاناته، فلا تُفسِدوا حياتكم بالمقارنة!
الإنسان المسكون بالمقارنة، وبالنَّظر إلى ما في أيدي الآخرين، هو إنسان محروم من السَّكينة!
ظروفك مختلفة، قدراتك مختلفة، طريقك مختلف، فلا تقِسْ نفسكَ بغيرك!
ولا تُصدِّقوا بائعي الوهم والكلام، يقولون لكم: وفِّروا ثمن القهوة الصباحية وستصبحون أثرى من إيلون ماسك! اعملوا بوظائف كثيرة وستصبحون من مالكي الشَّركات العابرة للقارات!
تخلصوا من الطاقة السلبيَّة، غيروا غطاء الوسائد، وفي الصباح ستفتحون الأندلس!
ما أسهل الكلام! عبور المحيط على الخريطة ليس كعبوره في قارب!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق