أخلاق اليـ هـ ود
المقدمة:
جاء في صحيح البخاري عن الصحابي الجليل أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة: إذا لم تستحيِ فافعل ما شئت»([1]). فعامة الأنبياء جاؤوا بمكارم الأخلاق؛ كالحياء والحلم والشجاعة والصبر والعفو والصفح والإحسان والرحمة وغيرها مما تستقيم به حياة البشر وتحسن، وهذا ما تسامى به الإسلام وامتاز به عن أديان العالم قاطبة.
وليس هذا انطلاقا من العاطفة الدينية بل من الدلائل والبراهين الحقة، وإلا فما ظنك بالقائد الأعلى للجيش ينادي في جيشه وهو في طور تعبئتهم للقتال: «اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا، ولا تغلّوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا»([2])؛ فإذا كان هذا ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي به في خطابه لجيشه عند استعدادهم وأهبتهم للقتال؛ فما ظنك بأخلاق الإسلام في السلم والأمن؟! وذلك كله لأن الأخلاق هي صانعة الحضارات، وهي دعامة عظيمة لقيام الدول ونهضة الأمم؛ وبها فتح المسلمون أصقاع الأرض شرقًا وغربًا في وقت ما زالت عقول المؤرخين والدارسين تقف عنده وقفة حيرة وتعجب.
وإذا تأملنا في أخلاق اليهود فإنه ترد علينا مشكلات كثيرة من مجرد التساؤل عن الأخلاق فضلا عن تفصيلها.
فما أبرز أخلاق اليهود؟
وما الأخلاق التي ذكرها القرآن والسنة عنهم؟
وما الأخلاق التي تعتمدها مصادرهم المقدسة الموجودة اليوم؟
وهل هناك تضارب بين هذه الأخلاق وتلك؟
هذا ما سنناقشه في هذه الورقة بإذن الله تعالى، فاللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
أبرز أخلاق اليهود في القرآن الكريم:
أولا: الجشع والحرص الشديد على المال والدنيا:
أخبر المولى سبحانه وتعالى في كتابه الحق أن اليهود من أشد الناس جشعًا وطمعًا في الدنيا، ومن أعظمهم تمسكًا بزخرفها، ومن “أشد الناس حرصا على الحياة في الدنيا، وأشدهم كراهة للموت”([3])، ولا يملكون أدنى رغبة في الانتقال من المادية الدنيوية إلى النعيم الأخروي، قال تعالى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ [البقرة: 96]؛ وبسبب حرصهم الشديد على الدنيا نجدهم تجرؤوا بالكذب على الله وأخلفوا العهود والمواثيق الربانية والبشرية، وخالفوا أوامر الله، وينفرون من القتال ومن مواجهة أعدائهم؛ فهم لا يقاتلون إلا في تحصين كامل ومن وراء الأتراس الجدارية كما أخبر الله سبحانه.
وهذا الخلق من أهم الأخلاق التي عرفتها المجتمعات عن اليهود؛ فهو متأصل فيهم منذ العصور القديمة؛ حيث عرفوا في التاريخ القديم بالجشع والطمع والمادية المقيتة، وكانت أهم مهنة من مهنهم هو الربا حتى اشتق لليهودي منه لقبا في التأريخ وهو لقب (المرابي)، وقد اشتهرت رواية تاجر البندقية للكاتب وليم شكسبير؛ حيث إن اليهودي اشترط للإقراض ردها مع الفوائد أو أن يقطع رطلا من لحمه مقابل المال؛ فهل هناك جشع ومادية شنيعة أشنع من هذا؟!([4])؛ ولذا لفظَته المجتمعات الأوروبية خاصة في العصور الوسطى([5]).
إن هذا الجشع الشديد والطمع المادي المقيت لم يكتف اليهود أن يتعاملوا به مع البشر بما لا يكاد يتفق مع دين منزل من عند الله، بل جعلوا تشريعاتهم خاضعة لهذه السمة المادية التي اتسموا بها؛ فأصبحت هي أيضا تتسم بسمة المادية والجشع المقيت؛ فهي مرتبطة بمواسم الحصاد وأوقات جني الأرباح؛ فالفقرة الثانية من صلاة الشماع التي هي أهم الصلوات في اليهوديَّة تتسم بهذه السمة المادية؛ حيث إن الصلاة والعلاقة الدِّينيَّة بين الخالق والمخلوق مرتبطة بالمطر والثمر والشجر، ونصه: “فإذا سمعتم وصاياي التي أنا موصيكم اليوم سمعا، لتحبوا الرب إلهكم وتعبدوه بكل قلوبكم وكل نفوسكم، أعطيت مطر أرضكم المبكر والمتأخر في أوانه، فجمعت تحك وخمرك وزيتك. وأعطيت بهائمك عشبا في حقلك فتأكل أنت وتشبع، واحترسوا من أن تزيغ قلوبكم فتنحرفوا وتعبدوا آلهة أخرى وتسجدوا لها، فيحمى غضب الرب عليكم، ويغلق السماء فلا يكون مطر، ولا تعطى الأرض غلتها، فتبيدون سريعا من الأرض الطيبة التي يعطيكم الرب”([6]).
وهكذا غيرها من الجوانب الدِّينيَّة التي تأثرت بهذه السمة التي يتسم بها اليهود، ولا حاجة للإطالة بذكر الأمثلة الكثيرة على هذا الجشع والطمع المادي؛ فالتحايل والمكر في المعاملات المالية وتمرير المكاسب المادية من أهم سماتهم الجشعة التي عرفوا بها، وما زالوا حتى اليوم، ولذا لا يكاد يذكر التأريخ الماضي والحاضر اليهود إلا بكونهم جشعين طماعين ماديين([7]).
وبطبيعة الحال ليس معنى هذا أنه لا يوجد في اليهود من لا يتصف بهذه الصفة، ولكن هذا هو الخُلق العام لغالبية اليهود؛ ولذا “لا يمكننا أن نتحدث عن أعضاء الجماعات اليهودية المختلفة في كل زمان ومكان باعتبار أنهم محبون للمال حبًّا جمًّا… ومع هذا يمكن القول بأن أعضاء الجماعات اليهودية في الغرب يميلون أكثر من غيرهم إلى جمع المال ومراكمته”([8]).
ثانيا: العنصرية والاستعلاء على الآخرين:
أخبر المولى سبحانه وتعالى في كتابه الحق أن اليهود زعموا زورًا وبهتانًا أنهم: (أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ) [المائدة: 18]؛ ذلك أن اليهود يزعمون أنهم شعب الله المختار دون بقية الشعوب، وقد يعبرون عنه بأنهم أبناء الله وأحباؤه من دون البشر أجمعين؛ فهم السادة وغيرهم من البشر عبيد لهم، لم يُخلقوا إلا لخدمتهم، ولم يوجدوا إلا لتلبية رغباتهم وحاجاتهم، وهي من الركائز الرئيسة في الدين اليهودي التي ألقت بظلالها على عامة جوانب الفكر واليهود يستندون في ذلك على مجموعة من النصوص التوراتية والتلمودية، ومنها على سبيل المثال:
- ما في سفر التثنية: “لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك. إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له شعبًا أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض، ليس من كونكم أكثر من سائر الشعوب التصق الرب بكم واختاركم؛ لأنكم أقل من سائر الشعوب”([9]).
- وجاء في التلمود: “الإسرائيلي معتبر عند الله أكثر من الملائكة، فإذا ضرب أميٌّ إسرائيليًّا فكأنه ضرب العزة الإلهية… اليهودي جزء من الله كما أن الابن جزء من أبيه”([10]).
- وجاء فيه أيضًا: “كما أن العالم لا يمكن أن يعيش بلا هواء فإنه لا يمكن أن يعيش بدون إسرائيل”([11]).
والمقصود بالعنصرية: “انطواء وانغلاق حول عرق من النسب يتخيَّل الإنسان أنه ينتمي إليه؛ فيدفعه ذلك إلى إضمار الحقد والاحتقار للعناصر البشرية الأخرى، واعتقاد التفوق والمزية في الأصل الذي يتعصَّب له الإنسان”([12])، ويذكر الباحثون أنها ظاهرة مرضية، وأنها لا تظهر إلا في مجتمع مصاب بعقدة الضَّعة مع تأخّرٍ فكريٍّ وثقافيٍّ وجمود روحيٍّ مزمن([13]).
ولا يفتأ الباحث يقلب نظره إلى المصادر التي تكلمت عن أخلاق اليهود وكتابات الكُتاب والباحثين إلا ويجد منهم تأكيدا على هذه الصفة وتأصّلها في نفوسهم، ومن أشهر ذلك على سبيل المثال ما سطره هتلر نفسه عنهم بعد تعامله معهم حيث قال: “انكببت على دراسة نظريات أئمة هذه الحركة [أي: الاشتراكية]، فاستحوذ عليَّ قلق شديد، إذ وجدتني أمام عقيدة مستوحاة من الأنانية والحقد، عقيدة يعني انتصارها تسديد ضربة قاضية إلى البشرية، وما لبثت أن اكتشفت قيام صلة -بل صلات وثيقة- بين هذه العقيدة الخطرة وبين المبادئ التي يروج لها اليهود، وأدركت مع الأيام أن المرامي البعيدة للحركة الاشتراكية الديموقراطية هي نفسها المرامي التي لليهود كشعب، ولليهودية كدين، وللصهيونية كحركة سياسية – قومية”([14]).
فأهم عنصر من عناصر الأخلاق اليهوديَّة هي هذه العنصرية المتأصلة في فكر اليهود وسلوكهم، والتي بلغت بهم حدًّا لم تعرفه أمة من الأمم، حتى إنها أثرت على غالب جوانب حياتهم ودينهم، فغدا “الدين اليهودي هو عصب العنصرية اليهوديَّة”([15]).
ومن مظاهر أهمية هذا الخلق وهذه الصفة أننا نجد اليهود حوروا دينهم عليه، “فالشرع اليهودي قد عَرَّف اليهودي بأنه: من وُلد لأم يهودية”([16])، ومن هنا فإنه وإن كانت الدعامة الأولى لدين اليهود هي التوحيد نظريا، إلا أنهم أردفوها بدعامة ثانية أهم منها غالبًا، وهي: الرابطة العنصرية التي تجمعهم، وهي أهم من الأولى على كافة الأصعدة والمستويات؛ تأريخيَّا وعاطفيًّا وعمليًّا، فمن خطورة هذا الخُلق وهذا المبدأ أنه جُعل في مرتبة أعلى من الدين نفسه، فلا إشكال أن يكفر اليهودي بالله حيث يبقى بعد كفره يهوديا، ولكن الإشكال كل الإشكال أن يخرج عن عصبيته العرقية العنصرية، وينفصل قوميًّا عنهم، وينتمي إلى قومية أخرى غيرهم. إذن العنصرية العرقية هي أسُّ مشكلات اليهود التي لو حلَّت وأزيلت لانتهت مشكلاتهم جميعًا، واستطاعوا أن يعيشوا مع الأمم الأخرى بسلام، فالفكر اليهودي برمته متعلق بخلُق التعصب العنصري العرقي أو ما نسميه: مشكلة التعصب العنصري، وهي ما بين مؤثر فيه أو متأثر به([17]).
فاليهود يعتقدون أنهم عنصر أعلى من العناصر الأخرى، وجنس أرقى وأنقى من الأجناس الأخرى، وبناء عليه نجمت مجموعة من الأخلاق الخسيسة الوحشية تجاه تلك الأجناس الأخرى التي هي في زعمهم إلى البهائم والجمادات أقرب منها إلى العالم البشري.
وقد ازداد الإشكال عمقًا حين تعاملت اليهوديَّة مع هذه العنصرية بمغالطة (إما… وإما)، وهي مغالطة تسميم البئر المعروفة في المغالطات المنطقية([18])، بحيث يقولون: إما أن تكون مع اليهود أو أنت من النازيّين الحاقدين المؤيدين لإبادة اليهود!([19]).
ثالثا: أصالة الصراع والعدوانية في التعامل مع الآخر:
يمكن القول بأن الأصل في التعامل مع غير اليهودي عند اليهود هو الصراع والعدوانية المطلقة معه، والمتتبع لهذا الخلق يجد أنه متأصِّل في الفكر اليهودي، بدءًا من مصادره المقدسة وانتهاءً بتأريخه الطويل المليء بالحروب والفتك والقتل والتشريد([20]).
يقول أحمد عاشور: “عندما يُقبِل الإنسان على قراءة العهد القديم -وهو كتاب اليهود السماوي المقدس- يُدهِشه أن هذا الكتاب يختلف عن أسفار العهد الجديد المسيحية وعن القرآن الكريم؛ لكون فكرة الصراع في ثناياه ثابتة مستمرة متصلة، تكاد تشمله من أوله إلى آخره. وتكاد أسفار هذا الكتاب تشبه فصول ملحمة طويلة دامية في كثير من الأحيان، تتضمن أخبارًا مجملة حينا ومفصلة أحيانا عن صدام بالقوة بين الأفراد أو بين جموع من البشر؛ لأن طبيعة العنصرية الإسرائيلية لا يمكن أن تتبلور في نفس اليهودي إلا مسبوكة بنيران الحروب”([21]).
ويضيف أن التوراة تُوصي صراحة بالعنف والدَّموية مع غير اليهود فيقول: “ولقد أوصت التوراة الإسرائيليين بأن يتبعوا تلك الطرق الشنيعة، فأصبحوا يطبقونها كلما سنحت لهم الفرص، تقول التوراة: (واقتلوا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف)”([22]).
ولا أدل على هذا من كونهم -ولفرط عدوانيتهم- يجعلون شعائر العبادة مناسبة للعدوان، ونأخذ لهذا مثالين:
المثال الأول: حكم التحريم، وهو من أعجب الأحكام الشرعية الباعثة لهذه العدوانية الخلقية، والمقصود به: “إبادة كل شيء في مدينة مهزومة أو إهلاكها أو تخريبها تخريبًا تامًّا”([23])، فإذا انتصر اليهود على أعدائهم فإن هذا العدو يجب أن يُمحى هو وكل شيء يتعلق به من الوجود؛ فيقتل البشر ويهلك الزرع والنسل والبهائم والأموال والدور ويخرب كل شيء فيه!
ويزعم اليهود أنهم اعتمدوا في تشريع هذا الحكم على أمر إلهي، وعلى أنه تنفيذ لما جاء في التوراة؛ حيث أمرت نبي الله موسى بتطبيق هذا الحكم في العدو، ويستدلون بما يأتي:
- ما جاء في سفر التثنية: “متى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها وتطرد شعوبا كثيرة من أمامك: الحثيين والجرجاشيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحويين واليبوسيين سبع شعوب أكثر وأعظم منك، ودفعهم الرب إلهك أمامك وضربتهم فإنك تحرمهم، لا تقطع لهم عهدا ولا تشفق عليهم”([24]).
- وجاء فيه أيضًا: “إن سمعت عن إحدى مدنك التي يعطيك الرب إلهك لتسكن فيها قولا: قد خرج أناس بنو لئيم من وسطك وطوحوا سكان مدينتهم قائلين: نذهب ونعبد آلهة أخرى لم تعرفوها، وفحصت وفتشت وسألت جيدا وإذا الأمر صحيح وأكيد قد عمل ذلك الرجس في وسطك، فضربا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف وتحرمها بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف، تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها وتحرق بالنار المدينة وكل أمتعتها كاملة للرب إلهك فتكون تلا إلى الأبد لا تبنى بعد”([25]).
ولا نريد أن نطيل بإيراد النصوص؛ فقد نسبوا تطبيقه إلى الأنبياء كموسى ويوشع وغيرهم في التوراة([26]).
ومن الشنائع الدموية العنيفة المعروفة عنهم عند الانتصار في الحروب: المثلة وشق بطون الحوامل؛ فهم لا يكتفون بمجرد القتل، بل يجد المتأمل أنهم يبحثون عن كل وسيلة لإبراز هذه العدوانية في أكثر الصور وحشية، ويعذبون الآخر بأشنع ما يمكن من وسائل التعذيب([27]).
المثال الثاني: أن من الأعياد الحزينة والمرحة عندهم ما يبدو فيه شعور العدوانية والفتك والعنف صارخًا؛ يستفز كل ذي نفس محبة للخير بين الناس باقية على ما فطرها الله عليه؛ فمن أهم الأعياد اليهوديَّة عبد البوريم أو الفوريم أو عيد المساخر كما يسميه علماء المسلمين، وأما الأوربيون فيسمونه عيد الكرنفال اليهودي، ومن المعلوم عند الدارسين لليهودية أن أعيادهم مجرد ذكريات تأريخية([28])، فما الذكرى التي اتُّخذ لها هذا العيد؟
في الواقع هي: ذكرى عدوانية شديدة العنف والبطش بالأمم الأخرى؛ وهي ذكرى فتك وعنف أستير ومردخاي بأعداء اليهود من الفرس في مملكتهم التي سمحوا لهم بالعيش فيها، ويسروا لهم وسائل المعيشة حتى أصبح مردخاي أحد موظفي القصر الملكي الفارسي في ظل الملك أحشويرش، وكان أحد وزرائه يضيق على اليهود -وهو الوزير هامان- بسبب ما عرفه من أخلاق اليهود وكيدهم ومكرهم.
فمكر به مردخاي باستخدام جمال ابنة عمه أستير التي كانت تحته؛ حيث عرَّضها للملك فافتتن بجمالها([29])، وتدرَّجَا في المكر والتخطيط والإغراء بالسكر والليالي الحمراء حتى وقَّع الملك في ليلة من تلك الليالي على أمرِ إعدام هامان وزوجته وأعوانه، ولم يكتف مردخاي وأستير بقتل الوزير الذي أجرم، بل قتلوا في تلك الليلة هامان وزوجته وجميع أبنائه البالغ عددهم عشرة، وكثيرًا ممن يزعمون أنهم أعوانه وهم خمسمائة رجل، ولم يقتصر الإجرام والعدوان والعنف والفتك بهم على ذلك اليوم، بل استمر إلى الأيام التالية له، بل إلى عام كامل يذكرون أنهم فتكوا فيه بخمسة وسبعين ألف شخص من الفرس!
وإحياء لهذه الذكرى الدموية الشرسة وهذا العنف الفتاك جعلوه يوم عيد وفرح وابتهاج وسكر وعربدة، واستذكار لهذا الخلق العنيف المتأصل في نفوسهم
ولم يكتفوا بذلك، بل إنهم كتبوا هذه القصة الدموية شديدة العنف في عشرة فصول، وجعلوها بجانب التوراة في معابدهم؛ بحيث لم يُرشح أي كتاب آخر ليأخذ هذه القداسة التي أضفوها على سفر أستير، فهو الكتاب الوحيد الذي يتمتع بهذه المكانة على الرغم من أنه من أوله إلى آخره لم يتعرض لذكر الإله في أي حرف من حروفه!([30]).
ولن يكون القائل مجانبا للصواب إن قال بأن سفر أستير من أشرس الأسفار وأفجرها وأكثرها إثارة للغيظ والاشمئزاز للنفس الإنسانية؛ لما فيه من العنف والعداونية والوحشية بالآخر؛ حيث يفزع الناس من مجرد سماعه؛ فالنذالة وكراهية بقية الجنس البشري والتعلق بالوسائل الخسيسة تصل إلى الذروة في هذه القصة؛ ويتبادر إلى الذهن السؤال: كيف أصبح هذا سفرًا دينيًّا؟! أم كيف رشح ليوضع في المعبد اليهودي دون غيره من عشرات الأسفار؟!([31]).
ومن المعلوم أن هذه الإبادة الوحشية الجماعية لا تكاد تُعرف عن أمة من الأمم، وإنما تفَّرد بشناعتها اليهود([32]).
رابعا: عدم الرحمة والشفقة على الآخر:
لئن كنا قد رأينا في الخلق السابق شناعة اليهود في تخلقهم بأقبح ما يكون في العدوانية والعنف مع الآخر، فهنا نرى أنهم في الجهة المقابلة وفي مواضع الرحمة والشفقة مع الآخر يتخلَّقون بأرذل ما يكون من عدم الرحمة، وبُعده كل البعد عن الفطرة الإنسانية السوية المحبة للخير.
فنجد عند اليهود عدة أخلاق غير سوية بلغت من منافاة حب الخير وموت الضمير الإنساني إلى أخس دركاته؛ ولو كان هذا الآخر في أمس الحاجة للمساعدة وأحوج الأوقات لمد يد العون.
وهذا الخلق الشنيع يظهر ويتجلى في كثير من الأحكام التي شرعوها، ومن ذلك:
1- إذا افترضنا أن طفلًا رضيعًا غير يهودي بحَّ صوته من البكاء طلبًا للحليب وأشرف بسبب جوعه على الموت، فإن حاخامات التلمود يقولون -وبكل برود-: إنه يحرم على المرأة اليهوديَّة تقديم المساعدة لذلك الطفل وإرضاعه، لا لشيء إلا لأنه غير يهودي، مع أنه يجوز إرضاعه من حليب البقر والعنز والشاة.
2- إذا وُجد مريضٌ في أشدّ الحاجة إلى من يطبِّبه وطلب التَّطبيب من طبيب يهودي؛ فإن علماء اليهود يذكرون أنه يحرُم على هذا الطبيب اليهودي معالجته مطلقًا، لا لشيء إلا لأنه غير يهودي.
3- إذا كان أحد الجوييم (غير اليهودي) واقعًا في خطر وهلاك مؤكَّد؛ كأن يكون واقعًا في نهر أو في قبضة سبع من السِّباع، فإنه يحرم على اليهودي إنقاذه.
4- يحرم على اليهودي إذا استعار شيئًا من أحد غير يهودي أن يردَّه إليه، بل عليه أن لا يرده، ومن العجيب أن التوراة تنسب إلى المؤمنين بموسى عليه السلام ممن خرج معه أنهم استعاروا من المصريات الحلي احتيالًا منهم؛ لسرقتها وعدم ردها إليهن، بل الهرب وهن خارجات من مصر مع موسى.
5- يحرم على اليهودي الخبير والناصح أن يصدق في نصيحته لغير اليهودي، بل عليه أن يضلِّل من ينصحُه ويُوهِمه ويكذب عليه([33]).
خامسا: المكر والتحايل:
أخبر المولى سبحانه وتعالى في كتابه الحق أن من أهم ما يتَّصف به اليهود الحيلة والمكر، حتى إنهم كانوا يتحايلون على الله سبحانه وتعالى؛ فعندما حرَّم الله عليهم صيد السبت كانوا يلقون الشباك قبلها ويأخذون الصيد بعدها؛ حتى حكم سبحانه وتعالى فيهم بما جاء في كتابه: (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [الأعراف: 166]([34]).
وقد أكدت السنة النبوية ما أخبر به القرآن، فبيَّن صلى الله عليه وسلم أن اليهود حين حُرِّمت عليهم الشحوم أذابوها وباعوها وأكلوا ثمنها([35]).
وهو ما نجد المصادر اليهودية تؤكده؛ ومن النصوص التوراتية التي يظهر فيها هذا الخلق أن عامة قصص أبطال التوراة تعتمد عليها؛ فالبطولة اليهوديَّة كثيرًا ما تعتمد على الحيلة والمكر والكيد أكثر من اعتمادها على سنة التَّدافع والتَّنافس بين طرفين متكافئين في الطاقة والقوة؛ ولذا كان من الطبيعي أن ينتهي كثير من قصص الصراع فيه باغتيال العدو أو إيقاعه في كمين أو الحيلولة بينه وبين قوته كالحيلولة دون سلاحه.
ومن أهم الأمثلة لذلك:
- قصة يوشع بن نون؛ حيث عسكر حول مدينة أريحا، وبدلًا من أن يفتتحها بحصار وقتال وصراع افتتحها بحيلة النفخ في الأبواق والتحايل على أهل المدينة بها حتى سقط السور فدخلوها([36]).
- قصة شمشون وقتله للأسد بالاحتيال عليه وبدون سلاح حتى تمكن منه وفسخه شقين([37]).
وليس الغرض أن نطيل البحث بإيراد نص القصة من التوراة، ولكن نقتصر على محل الشاهد منها، وهو أنها تعتمد على الحيلة والمكر([38]). والتوراة ملأى بقصص المكر والتحايل على الله وأنبيائه وأحكامه؛ ومن أشنع ما فيها استخدام العنصر النسائي للمكر والحيلة، ولا بأس عندهم أن تدنس المرأة عفتها وشرفها وعفافها وتغري الأعداء بمفاتنها كي تنال منهم ومن ذلك:
- قصة إغراء ياعيل صديقة النبية دبورة للقائد الفلسطيني القديم (سيسرا) وقتلها له بوتد من أوتاد الخيمة([39]).
- قصة إغراء النبية اليهوديَّة جوديث التي كان القائد العراقي المحاصر للقدس قتل كل قومها، فأغرته بجمالها حتى أسكرته، وحزت رأسه، وعدها اليهود نبية لبطولتها([40]).
- محاولة إغراء تيتوس قبل دخوله القدس وتدميرها بالنساء([41]).
- قصة أستير وحيلتها ليست عنا ببعيدة؛ فقد تبين أنها هي التي ضحت بجمالها وعفافها وحياتها في سبيل التحايل على الملك أحشويرش والانتصار لليهود([42]).
وقد استمر الأمر في العصر الحاضر على ما كان عليه، فاليهود هم الرواد “في ترويج سوق الدعارة وفي الإتجار بالرقيق الأبيض… فاليهودي هذا المخلوق الوديع هو الذي يستثمر البغاء السري والعلني، ويجعل منه تجارة رابحة”([43]).
ولم تسلم أمة من الأمم على وجه البسيطة ممن اختلطت باليهوديَّة من المكر والتحايل اليهودي، لا الأمم القديمة كالكنعانيين والآشوريين والكلدانيين، ولا اليونان والرومان ثم النصارى والمسلمين من هذا المكر والتحايل اليهودي، ولا نعجب بعد هذا كله أن يعمدوا إلى محاولة تصديع كيان المسلمين وتقويضه بكافة الوسائل؛ من الدس والتشويه والتلويث، إلى الدعاية التخريبية ضدهم في جميع أنحاء العالم، وإلى التعاون مع كل عدوّ لهم طامع فيهم، إلى تزيين الخيانة لبعض ضعاف النفوس منهم([44]).
سادسا: الخيانة والغدر:
عُرف اليهود في تأريخهم الطويل بهذه الصفة الخسيسة؛ فهم كما أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه الحق أنهم إنما حلت عليهم اللعنة بسببها، قال تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ) [المائدة: 13]، أي: “ولا تزال -يا محمد- تطلع من اليهود الذين أنبأتك نبأهم، من نقضهم ميثاقي، ونكثهم عهدي، مع أيادي عندهم، ونعمتي عليهم على مثل ذلك من الغدر والخيانة”([45]).
وفي موضع آخر أخبر سبحانه وأكد هذا المعنى أيضا، وأخبر أنها صفة لازمة لهم لا ينفكون عنها: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) [البقرة: 100]، فلا يكادون يستقرون على اتفاقية أو معاهدة حتى يعقبوها بالغدر والخيانة، ولم يسلم من هذا الغدر أحد، لا حلفاؤهم فضلا عن أعدائهم بل ولا حتى الأنبياء ولا الملائكة، ولم يسلم منهم حتى جبريل عليه السلام، فقد جادل بعض اليهود نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم فاشترط أن يتبعوه إن أجابهم عما يسألون؛ فعلى الرغم من أنهم أبرموا الاتفاقية، إلا أنهم تحايلوا عليه بالغدر والخيانة والطعن في جبريل الذي نزل بالوحي على موسى قبل محمد عليهم الصلاة والسلام؛ فسألوه وقالوا: أنت الآن تحدثنا، من وليك من الملائكة؟ فعندها نتابعك أو نفارقك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإن وليي جبريل، ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه»، فقالوا: فعندها نفارقك، لو كان وليك سواه من الملائكة تابعناك وصدقناك، قال: «فما يمنعكم أن تصدقوه؟» فقالوا: إنه عدونا([46]). وكما قذفوا جبريل ورموه بهذه التهمة رموه بغيرها كقولهم: “جبريل ينزل بالحرب والقتل والعذاب”([47])؛ وهنا أنزل الله الآيات التي قبل الآية الآنفة الذكر بالإجماع([48])، وهي قوله تعالى: (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ (98) وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ ) [البقرة: 97-99].
وهم يعتمدون في هذه الصفة الخسيسة على التوراة، ويزعمون أن الإله أمرهم بنقض العهود وعدم الالتزام بالاتفاقيات وبالخيانة والغدر حيث جاء فيه: “لا تقطع لهم عهدا ولا تشفق عليهم”([49]) تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
والخيانة والغدر معروفان عن اليهود في تأريخهم الماضي والحاضر؛ ففي التأريخ الماضي كان الرومان قد منحوا اليهود فرصة العيش والسكنى في فلسطين وبعض الصلاحيات بعد أن عانوا مرارة السبي والشتات زمنًا؛ ولكن اليهود لم يحفظوا لهم هذا الجميل، بل خانوهم وغدروا بهم، وكانوا لا يكفون عن مناوشتهم واختلاق المشكلات في مملكتهم، فكان رد فعل الرومان أن زادوا الرقابة عليهم، وشددوا في المعاملة، فازداد اليهود غضبًا على غضب؛ ومع تكاثر الخيانات وحوادث الغدر اليهوديَّة في المملكة الرومانية قرر إمبراطورهم فسبازيان القضاء عليهم، وأرسل إليهم تيتوس فدمرهم تدميرًا عام 70م([50]).
ومن خياناتهم وغدرهم في العصر الحاضر غدرهم بحليفتهم الأولى بريطانيا؛ فعلى الرغم من أن الإنجليز كانوا هم الساعد الأيمن لانتصار الصهاينة وتمكنهم من الدخول إلى فلسطين والسيطرة على بعض أراضيها، بدءًا بالتعاون مع جيشهم، ثم تمكينهم من إدارة فلسطين، ثم وعد بلفور والتسهيلات التي نالوها بفضل الإنجليز، إلا أن اليهود لم يحفظوا لهم هذا الجميل، بل بمجرد تمكنهم ووجود فرصة للتمرد عليهم وشعورهم بانتهاء قوتها وقبضتها على المنطقة قاوموهم وحاربوهم وأخرجوهم من فلسطين بنفس الهمجية التي يحاربون بها العرب! حتى اضطرت بريطانيا إلى الانسحاب من المنطقة وتركها تحت حكم الأمم المتحدة وذلك عام 1947م، فالقواد المحاربون الذين كانوا يرفعون شأن الإنجليز ويصبغونهم صبغة مقدسة هم أنفسهم الذين جمعوا المتطرِّفين من اليهود، وأهدروا لهم دم الإنجليز، وأمروهم بقتلهم هم والعرب سواء بسواء([51]).
وبهذا يتبين لنا تأصُّل هذا الخلق الخسيس في النفس اليهوديَّة، “فاليهود ليس لهم عهد ولا ذمة، وقد عرفتهم الدول منذ الأزمنة القديمة بهذه الصفة؛ فلم تأمن لهم ولم تثق فيهم؛ ولم يترك لها التأريخ نصوصًا أو موادّ عن أي صلح ما يتعلق باليهود”([52])؛ فهم من خانوا العهود والمواثيق في كل تأريخ، ومواقفهم مع الأنبياء معروفة، سواء نبي الله موسى أو عيسى أو محمد عليهم الصلاة والسلام.
يقول الدكتور ظاظا: “اتصف اليهود في كل وقت بأنهم يخونون البلد الذي يقيمون فيه، ولا يرعون مصلحته، بل ينكرون فضل الدولة التي تؤويهم. هذا شأنهم في التأريخ على طول امتداده، ولقد شاهدنا ذلك يحدث في كثير من تلك الدول التي أسكنتهم أرضها وأحسنت إليهم، إلا أن هذا لم يغير من طباع هذه الفئة الطاغية… فاليهود الخونة لم يرعوا حق الذين عاملوهم بالحسنى؛ مثل فارس والإسكندر، وكانت النتيجة أن طردهم الفرس بعد أن اشتغل اليهود جواسيس لهم، ثم تمردوا على اليونان، وكان أن هدم اليونان معابدهم، ثم قام تيتوس الحاكم الروماني بهدم الهيكل الثاني، وهو معبدهم الكبير”([53]).
ولا ننسى أنهم هم من غدروا بنبي الله عيسى وحاولوا قتله، وهم من سمُّوا نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم حيث أهدت له يهودية بخيبر شاة مصلية سمَّتها، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وأكل القوم، فقال: «ارفعوا أيديكم؛ فإنها أخبرتني أنها مسمومة»، فمات بشر بن البراء بن معرور الأنصاري، فأرسل إلى اليهوديَّة: «ما حملك على الذي صنعتِ؟» قالت: إن كنتَ نبيًّا لم يضرَّك الذي صنعتُ، وإن كنتَ ملكًا أرحتُ الناس منك، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقُتلت، ثم قال في وجعه الذي مات فيه: «ما زلت أجد من الأُكْلَة التي أكلتُ بخيبر، فهذا أوان قطعتْ أَبْهَري»([54]).
هل اليهود كلهم على هذه الأخلاق السيئة؟
مع أن هذه الصفات القبيحة والأخلاق الذميمة أثبتها الله سبحانه في كتابه عن اليهود، وأثبتها التاريخ والواقع، إلا أن من يدقق في نصوص القرآن الكريم يجد أنه لا يعمّمها على عامّة اليهود، فلا يعني عدم إيراد الأخلاق الفاضلة هنا عدم وجودها في الأصل؛ فعدم ذكر الشيء لا يدل على عدمه في الأصل بالضرورة؛ بل من الإنصاف أن نذكر ما لليهود وما عليهم، وأن نبرز إنصاف القرآن معهم.
فمن الملاحظ في الآية الآنفة الذكر أن هذه أخلاق عامتهم، ولكنّ قليلا منهم ليسوا على هذه الصفة، حيث قال تعالى: (وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ) [المائدة: 13]، فالله سبحانه وتعالى أخبر أن هذا العموم قد خرج منه نفر قليل منهم، وإن كان عامتهم قد تخلقوا به واتصفوا به، فقليل منهم لم يخونوا([55]).
وهذا المنهج القرآني نجد التأكيد عليه في غير ما موضع، فيبين أن أهل الكتاب ليسوا على حال واحدة دائما؛ ففي باب الأمانة مثلا نجد أن منهم من يتسم بالأمانة حتى لو كان اؤتمن على أموال طائلة، ومنهم من يخون الأمانة ولو كان على مبلغ زهيد وشيء تافه؛ وذلك في قوله تعالى: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران: 75].
والآيات في مثل هذا كثيرة، ومن ذلك قوله تعالى: ( لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) [آل عمران: 113، 114]، وقوله تعالى: (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۗ أُولَٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [آل عمران: 199].
إذن القرآن الكريم سائر على قسطاس العدل المستقيم؛ حيث ذكر أخلاق اليهود بكل عدل وإنصاف، فذكر ما لهم وما عليهم؛ وبيّن أن منهم من يتّسم بالأخلاق الفاضلة، كما عرَّى وفضح عامة ما هم عليه من أخلاقهم الرذيلة.
وهذا هو التوجيه الصحيح لما يبدو للباحث في الوهلة الأولى عند التأمل والبحث عن الأخلاق عند اليهود في مصادرهم من الاضطراب والتناقض، ووجه هذا التناقض أنها بينما هي تدعو إلى الأخلاق الفاضلة من العدل والبر بالأقارب واحترام الإله وعدم التعرض بالأذى للجار نجدها تتناقض مع هذه الأخلاق وتشرِّع الأخلاق الرذيلة كالعنصرية والغدر والخيانة والمكر والتحايل؛ بل إنهم ينسبون إلى عظمائهم وصالحيهم بل وأنبيائهم تلك الأخلاق الرذيلة التي يتسامى عنها عامة الناس وينفرون عن نسبتها إليهم([56]).
فمن المتيقَّن أن الله سبحانه أنزل على موسى عليه السلام أحد أهدى الكتابين المنزلين من عنده، ولئن كان اليهود قد حرفوا ما أنزل الله على موسى، إلا أنه بقي في مصادرهم شيء من تلك الأخلاق الفاضلة حتى يوم الناس هذا، وهي من الدين العام الذي نزل على نبي الله موسى عليه السلام ومن بعده من الأنبياء، ومن أهم ذلك ما جاء في الوصايا العشرة فمنها: “واصنع إحسانا إلى ألوف من محبي وحافظي وصاياي… أكرم أباك وأمك لتطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك، لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، لا تشهد على قريبك شهادة زور، لا تشته بيت قريبك، لا تشته امرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئا مما لقريبك”([57]).
وهو ما يتفق مع الآيات القرآنية التي بين فيها المولى سبحانه وتعالى أن من أهل الكتاب من يتسم ببعض الأخلاق الحسنة، ويسارع إلى الخيرات، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولكن ليس هذا هو حال الأغلب، وليس هو السائد بين اليهود، بل طغت الأخلاق الرذيلة على هذه الأخلاق وأصبحت هي الأصل؛ وكان لا بد من التركيز عليها لأنها هي الواقع العملي الذي يجب التعامل من خلاله مع اليهود؛ فالواقع أن الأخلاق الرذيلة التي تعجُّ بها الديانة اليهوديَّة اليوم يغرق في وحلها تلك الآثار الباقية من نور النبوة، ويطغى عليها فلا تظهر إلا تلك الأخلاق السيئة، وهو ما جعل تلك الأخلاق تظهر وتطغى عند الحديث عن أخلاق اليهود سواء في كتاب الله تعالى أو في دراسات الدارسين([58]).
إذن يمكن القول بأن غالبية اليهود يعتنقون هذه المنظومة الأخلاقية، خاصة وأن مصادرهم نفسها -التناخ والتلمود- تشهد عليهم بذلك، ولا جرم أن المصادر الدينية المشتملة على النص الديني هي الوثيقة المؤسسة للدين تصوراته وعقائده وشرائعه وأخلاقه وغيرها، كما أنه هو الوثيقة الحاكمة التي يرجع إليها المتنازعون المختلفون في وصف أو نقد أو تحليل حقيقة من حقائق الدين في العقائد والشرائع وغيرها، ولا جرم أن مصادر التلقي تمثِّل المرجعية الرئيسة لأي فكر وأي دين([59]).
أضف إلى ذلك شهادة الوقائع التاريخية القديمة أو الحديثة، وهذا كله غير الواقع المعاصر المشاهد الذي يؤكد هذه الحقيقة التي قررها القرآن الكريم.
وأما كون اليهود اليوم لا يمكن أن نعتبرهم جماعة واحدة تجمعهم ثقافة واحدة، وأنهم قد تطبعوا غالبا بطباع من سكنوا معهم وانصهروا في مجتمعاتهم، فليس ذلك مانعا من أن يجتمعوا على تلك المنظومة الأخلاقية؛ فهم لا يكادون ينفكون عن مجمل تلك الأخلاق؛ وهذا بخلاف من يجعل من السذاجة البحثية القول بأن لهم أخلاقًا أو سلوكيات محددة([60]).
ويبقى الأمر أن اليهود وإن كانوا في عصرنا قد تفرقوا وتشظّوا بسبب الشتات الذي دام قرونا، وانصهروا في المجتمعات التي عاشوا فيها طيلة تلك الفترة، إلا أنهم لم ينفكوا عن تلك المنظومة الأخلاقية التي كان عليها آباؤهم وأسلافهم في الغالب، ونحن إنما نحاكم اليهود إلى مصادرهم ونصوصهم التي يقدسونها حتى يوم الناس هذا، بالإضافة إلى تاريخهم بالإضافة إلى الواقع المشاهد اليوم سواء في فلسطين أو غيرها.
هل اختيار الله لهم فيه وجه حق؟
قبل أن نعيد القلم إلى غمده لا بد أن ننبه أن جانبًا مما ورد في دعوى بني إسرائيل أن الله ميَّزهم عن غيرهم من البشر صحيح، وهو أن الله سبحانه وتعالى فضَّل عباده المؤمنين على غيرهم من عامة الناس، واختارهم عبادا له، ولكن ذلك الاختيار كان لإخلاصهم له في العبادة وتوحيدهم وإيمانهم وشدة تمسكهم بدينهم، وهكذا كان بنو إسرائيل، ففضلهم الله على العالمين، قال تعالى: (وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِن فِرْعَوْنَ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِّنَ الْمُسْرِفِينَ (31) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [الدخان: 30-32]، وقال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) [الجاثية: 16]، وربط الله تعالى هذا الاختيار بعبادتهم وصبرهم وتعلقهم بالله وبشريعته، قال تعالى: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ) [الأعراف: 137]، والتعليل واضح في الآية، وقال تعالى: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) [البقرة: 40]([61]).
وبدلا من أن يستوعب اليهود الأمر على هذا التفضيل المرتبط والمشترَط بالعبادة زعموا أنه تفضيل لهم لمجرد أنهم بنو إسرائيل، أو لمجرد أنهم خزنة التوراة، فبدلًا من أن يكون جزاءً لأعمالهم اعتبروه حقًّا خالصًا لهم واجبًا على إلههم، لا لمزية دينية أو خلُقية! فتكبروا وتجبروا وأعرضوا عن أوامر الله وشرائع أنبيائه المنزلة، وطغوا واقترفوا الذنوب والآثام كما قال تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۚ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [المائدة: 18].
فالمقصود بما يستدلون به من النصوص على فكرة الشعب المختار -إن صح التعبير- هو الاصطفاء الديني؛ جزاءً لعبادة الله وحده ولتطبيق شريعته، وهو ما نجده في عامة الأديان، فالله سبحانه وتعالى إنما يختار المؤمنين الأتقياء ويصطفيهم، ومن هذا المنطلق قال للمسلمين: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران: 110]، ومنه أيضًا قال المسيح عليه السلام لأتباعه: “أنتم ملح الأرض”([62])([63]).
الخاتمة: يحسن التنبيه على أن علماء الإسلام قد سطروا حال الأخلاق عند اليهود بدقة عالية الضبط؛ وما أدق وأوجز ما وصفهم به ابن القيم رحمه الله إذ قال: “الأمة الغضبيَّة هم اليهود، أهل الكذب والبَهْتِ والغَدْر والمَكْر والحِيَل، قَتَلَة الأنبياء وأَكَلَةُ السُّخت -وهو الربا والرشا- أخبثُ الأمم طويَّة، وأرداهم سجيَّة، وأَبْعَدُهُمْ مِنَ الرحمة، وأقربهم من النقمة، عادتهم البغضاء، ودَيْدَنُهم العداوة والشحناء، بيت السحر والكذب والحيل، لا يرون لمن خالفهم في كفرهم وتكذيبهم الأنبياء حرمة، ولا يَرْقُبون في مؤمن إلا ولا ذِمَّةً. ولا لمن وافقهم عندهم حق ولا شفقة، ولا لمن شاركهم عندهم عدل ولا نَصَفَة، ولا لمن خالطهم طمأنينة ولا أمنة، ولا لمن استعملهم عندهم نصيحة، بل أخبثهم أعقلهم، وأحذقهم أغشهم… أضيق الخلق صدورا، وأظلمهم بيوتا، وأنتنهم أفنية، وأوحشهم سجية، ولقاؤهم طِيَرَة، شِعَارُهُم الغَضَبُ، ودِثَارُهُم المَقْتُ”([64]).
وصلَّى الله وسلم على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
([3]) تفسير الطبري، ت شاكر (2/ 369)، وينظر: تفسير ابن كثير، ت سلامة (1/ 334).
([4]) ينظر: تاجر البندقية، وليم شكسبير، ترجمة: خليل مطران، دار نظير عبود (ص: 34 وما بعدها)، اليهود ليسوا تجارًا بالنشأة، أحمد عاشور وحسن ظاظا (ص: 117، 125).
([5]) ينظر: الأخلاق في القرآن والتوراة والتلمود، أحمد عمار عبد الجليل، دار نور حوران، عام 2018م (ص: 207)، الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: 18).
([7]) ينظر: موسوعة اليهود واليهودية، المسيري (٢/ 15 وما بعدها)، اليهود ليسوا تجارًا بالنشأة، أحمد عاشور وحسن ظاظا (ص: 9، 93، 109)، الفكر الديني الإسرائيلي، حسن ظاظا (ص: 184، 237)، الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: 18، 63).
([8]) موسوعة اليهود واليهودية، المسيري (٢/ 15)، والمسيري له وجهة نظر يرى فيها أن اليهود لا يمكن أن نطلق عليهم سمات مشتركة يتفق فيها جميع اليهود؛ لأنهم ليسوا أمة واحدة اليوم، ولا جماعة واحدة بل جماعات، ولعله يناقش في مقال لاحق.
([9]) تث: (7: 6-7)، ونبه حسن ظاظا أنه تكرر مثله في: تث: (14: 2).
([10]) اليهودي على حسب التلمود، أوجست روهلنج، وهو القسم الأول من كتاب الكنز المرصود في قواعد التلمود، ترجمة: يوسف نصر الله، تقديم: مصطفى الزرقا وحسن ظاظا، دار القلم – دمشق، الطبعة الثانية، 1420هـ-1999م (ص: 73).
([11]) التلمود البابلي، عبوده زارة ١٠/ ب – تعنيت ٣/ ب – مدراش يلقوط على سفر زكريا ١٩٦٩م، نقلًا عن: الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: 9).
([12]) أبحاث في الفكر اليهودي، حسن ظاظا (ص: 100-101).
([13]) ينظر: العنصرية اليهوديَّة وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها، أحمد عبد الله الزغيبي، مكتبة العبيكان – الرياض، الطبعة الأولى 1418هـ-1998م (1/ 24 وما بعدها)، الشخصية اليهوديَّة الإسرائيلية والروح العدوانية، رشاد عبد الله الشامي، عالم المعرفة – الكويت، 1978م (ص: 122).
([14]) كفاحي، أدولف هتلر، ترجمة: لويس الحاج، بيسان للنشر والتوزيع – بيروت، الطبعة الثالثة ٢٠١٤م (ص: ٢٠ وما بعدها). وينظر: مفهوم الآخر في اليهودية والمسيحية، رقية العلواني وآخرون، دار الفكر – دمشق، 2008م (ص: 51 وما بعدها)، العنصرية اليهوديَّة وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها، أحمد عبد الله الزغيبي (1/ 24 وما بعدها)، الأخلاق في القرآن والتوراة والتلمود، أحمد عمار عبد الجليل (ص: 195).
([15]) الفكر الديني الإسرائيلي، حسن ظاظا (ص: 5). وينظر: مفهوم الآخر في اليهودية والمسيحية، رقية العلواني وآخرون (ص: 51 وما بعدها)، وقد فصلت موقف التوراة والتلمود وتأكيد الصهاينة على نفس هذا الموقف، العنصرية اليهوديَّة وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها، أحمد عبد الله الزغيبي (1/ 24 وما بعدها).
([16]) موسوعة اليهود واليهوديَّة، المسيري (2/ 210 وما بعدها).
([17]) ينظر: العنصرية اليهوديَّة وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها، أحمد عبد الله الزغيبي (1/ 36)، الأخلاق في القرآن والتوراة والتلمود، أحمد عمار عبد الجليل (ص: 195)، الشخصية اليهوديَّة الإسرائيلية والروح العدوانية، رشاد عبد الله الشامي (ص: 122).
([18]) والمقصود بها: التلغيم بسؤال يتضمن تعييرًا للمخاطب أو مدحًا أو قسمةً غيرَ محصورة، بحيث يجعل المجيب مخطئًا بكل حال، وقيل في تعريفها: “تكنيك يعمد إلى دسِّ فروض مسبقة غير مقررة وغير داخلة في التزامات الخصم داخل سؤال واحد؛ بحيث إن أيَّ جواب مباشر يعطيه المجيب يوقعه في الاعتراف بهذه الفروض”. ينظر: رجل القش، يوسف صامت (ص: 74)، المغالطات المنطقية، عادل مصطفى (ص: 149)، قواعد وضوابط منهجية للردود العقدية، أحمد قوشتي (2/ 653).
([19]) ينظر: مقال: إما… إما…، حسن ظاظا، جريدة الرياض، وهو ضمن كتاب الكشكول (1)، (ص: 80).
([20]) ينظر: الإرهاب والعنف في الفكر الصهيوني، إسماعيل أحمد ياغي، مكتبة العبيكان – الرياض، الطبعة الأولى 1424هـ-2003م (ص: 11 وما بعدها)، الشخصية اليهوديَّة الإسرائيلية والروح العدوانية، رشاد عبد الله الشامي (ص: 143 وما بعدها)، الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: 41 وما بعدها)، شريعة الحرب عند اليهود، أحمد عاشور وحسن ظاظا (ص: 30 وما بعدها).
([21]) شريعة الحرب عند اليهود، أحمد عاشور وحسن ظاظا (ص: 16).
([22]) شريعة الحرب عند اليهود، أحمد عاشور وحسن ظاظا (ص: 160).
([23]) شريعة الحرب عند اليهود، أحمد عاشور وحسن ظاظا (ص: 206).
([26]) ينظر: عد: (21: 31، 20: 3)، تث: (3: 6)، يش: (6: 1 وما بعده)، صم1: (15: 1، 17: 9).
([27]) شريعة الحرب عند اليهود، أحمد عاشور وحسن ظاظا (ص: 211).
([28]) ينظر: العبادات في الأديان السماوية، عبد الرزاق الموحى، الأوائل للنشر والتوزيع – دمشق، الطبعة الأولى، 2001م (ص: 100)، الصوم في اليهودية، محمد الهواري، دار الهاني للطباعة والنشر – القاهرة، الطبعة الأولى، 1408هـ-1988م (ص: 13)، العبادة في الديانة اليهودية، عبد الله بن ناصر القحطاني، رسالة دكتوراه بقسم العقيدة بجامعة أم القرى، غير مطبوع (ص: 324).
([29]) ينظر: اس (2: 7 وما بعدها).
([30]) ينظر: اس (9: 18-19)، موسوعة اليهود واليهودية، المسيري (5/ 267 وما بعدها)، الفكر الديني الإسرائيلي، حسن ظاظا (ص: 207)
([31]) ينظر: الإرهاب والعنف في الفكر الصهيوني، إسماعيل أحمد ياغي (ص: 11 وما بعدها)، العنصرية اليهوديَّة وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها، أحمد عبد الله الزغيبي (2/ 87 وما بعدها)، الأخلاق في القرآن والتوراة والتلمود، أحمد عمار عبد الجليل (ص: 203)، الشخصية اليهوديَّة الإسرائيلية والروح العدوانية، رشاد عبد الله الشامي (ص: 143 وما بعدها).
([32]) ينظر: شريعة الحرب عند اليهود، أحمد عاشور وحسن ظاظا (ص: 212).
([33]) ينظر: القتل والسرقة في اليهودية والمسيحية والإسلام، عناد نجر العجرفي العتيبي، الطبعة الأولى، 1419هـ-1998م (ص: 204)، شريعة الحرب عند اليهود، أحمد عاشور وحسن ظاظا (ص: 35)، مقال: موسى بن ميمون والمسلمون، حسن ظاظا، الفيصل (ع: 221/ ص: 47)، الحائرون وموسى بن ميمون، حسن ظاظا، الفيصل (ع: 222/ ص: 19)، مقال: موسى في التلمود، حسن ظاظا، الفيصل (ع: ٢٣٧/ ص: 22)، مقال: من التخبط اليهودي يهود المَرَّان، حسن ظاظا، الفيصل (ع: 247/ ص: 19)، مقال: عنتريات يهودية مقدسة، حسن ظاظا، الفيصل (ع: 236/ ص: 22).
([34]) جامع البيان للطبري (2/ 168).
([35]) أخرجه البخاري (2236)، ومسلم (1581).
([37]) ينظر: قض: (14: 1 وما بعدها).
([38]) ينظر: الشخصية الإسرائيلية، ظاظا (ص: 41-42).
([39]) ينظر: قض (4: 10 وما بعدها).
([40]) ينظر: مقال: الضحك اليهودي، حسن ظاظا، الفيصل (ع: ٢٤٣/ ص: ٢٠).
([41]) ينظر: مقال: أبحاث في الفكر اليهودي، حسن ظاظا (ص: 36).
([42]) ينظر: ينظر: اس (9: 18-19)، موسوعة اليهود واليهودية، المسيري (5/ 267 وما بعدها).
([43]) كفاحي، أدولف هتلر، ترجمة: لويس الحاج (ص: 23-24).
([44]) ينظر: إسرائيل ركيزة للاستعمار بين المسلمين، حسن ظاظا (ص: 45 وما بعدها)، أبحاث في الفكر اليهودي، حسن ظاظا (ص: 5).
([45]) جامع البيان للطبري (10/ 130).
([46]) ينظر: جامع البيان للطبري (2/ 377)، وأصله عند البخاريّ (3329) من قول عبد الله بن سلام ونصُّه: “ذاك عدوُّ اليهود من الملائكة”.
([47]) ذكره ابن حجر في الفتح من رواية بكير بن شهاب (8/ 166).
([48]) ينظر: جامع البيان للطبري (2/ 377).
([49]) تث: (7: 1-2)، وينظر: الأخلاق في القرآن والتوراة والتلمود، أحمد عمار عبد الجليل (ص: 228).
([50]) ينظر: مقال: أبحاث في الفكر اليهودي، حسن ظاظا (ص: 36).
([51]) ينظر: إسرائيل ركيزة للاستعمار بين المسلمين، حسن ظاظا (ص: 8، 38).
([52]) شريعة الحرب عند اليهود، أحمد عاشور وحسن ظاظا (ص: 203).
([53]) اليهود ليسوا تجارًا بالنشأة، أحمد عاشور وحسن ظاظا (ص: 100-102) بتصرف تقديم وتأخير، شريعة الحرب عند اليهود، أحمد عاشور وحسن ظاظا (ص: 95).
([54]) أخرجه أبو داود (4512) وسكت عنه، وحسنه الألباني (4512).
([55]) جامع البيان للطبري (10/ 130).
([56]) ينظر: المتفق والمختلف في القيم الأخلاقية بين اليهوديَّة والمسيحية والإسلام – دراسة مقارنة، أحمد إبراهيم الديبو، مجلة ريحان للنشر العلمي الصادرة عن مركز فكر للدراسات والتطوير، (ع: 14، 9/ 9/ 2021م، ص: 159)، الأخلاق في القرآن والتوراة والتلمود، أحمد عمار عبد الجليل (ص: 9).
([58]) ينظر: المتفق والمختلف في القيم الأخلاقية بين اليهوديَّة والمسيحية والإسلام – دراسة مقارنة، أحمد إبراهيم الديبو، مجلة ريحان للنشر العلمي الصادرة عن مركز فكر للدراسات والتطوير، (ع: 14، 9/ 9/ 2021م، ص: 159)، الأخلاق في القرآن والتوراة والتلمود، أحمد عمار عبد الجليل (ص: 9).
([59]) ينظر: الأسس المنهجية لنقد الأديان – دراسة في سؤال المنهج ونظرية البحث، محمد بسيس السفياني، مركز التأصيل للدراسات والبحوث، الطبعة الأولى 1437هـ-2016م (2/ 491).
([60]) ينظر: موسوعة اليهود واليهودية، المسيري (٢/ 14 وما بعدها).
([61]) ينظر: جامع البيان للطبري (1/ 23).
([63]) ينظر: العنصرية اليهوديَّة وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها، أحمد عبد الله الزغيبي (1/ 139 وما بعدها)، الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية، روجيه جارودي، دار الشروق – القاهرة، الطبعة الرابعة، 1422هـ-2002م (ص: 54 وما بعدها)، الشخصية الإسرائيلية، حسن ظاظا (ص: 6).
([64]) هداية الحيارى، ابن القيم، دار عطاءات العلم – دار ابن حزم (ص: ١٥).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق