حتى لا تصبح ثقافة!
منذ أيام اُستشهد «رفعت العرعير» في غزة، كان رحمه الله أكاديمياً، منافحاً عن وطنه وشعبه، وله في مواقع التواصل صولات وجولات مع المثبطين والمتصهينين! وقد ترك خلفه مقولة يقول فيها: أنا شخص أكاديمي أصلب شيء عندي في البيت هو قلم السبورة، وإذا ما حاصرني الاحتلال سأرميهم به!
وقد تناقل بعض الناس هذه المقولة كأنها وحي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا خلفه! وكأن بعض حملة الشهادات وجدوا فيها بغية وعكازا يتكئون عليه ليبرروا قعودهم!
وهذه مقولة خاطئة من الشهيد، رحمه الله، ولا تنتمي لا إلى الواقع، ولا إلى البيئة التي كان يعيش فيها!
ولست أدري ما حيثية قولها ولا ظرفها، ومن قلة الأدب المزاودة على الشهداء!
ولكني أدري أنه لا يمنع أن يكون عندي في البيت قلم وبندقية، وإذا ما حاصرني الاحتلال في بيتي أن أطلق عليه الرصاص بدل القلم!
الأكاديمية لم تمنع الصحابة أن يأخذوا دورهم في الميدان!
معاذ بن جبل هو شيخ علماء هذه الأمة، يأتي يوم القيامة وجميع العلماء خلفه بمسافة، وعنه قال النّبي ﷺ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَمَامَ الْعُلَمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِرَتْوَةٍ!
ورغم هذه المنزلة كان له جهاده بالسيف كما كان له جهاده بالفقه!
وزيد بن ثابت كان معجزة لغوية، أتقن العبرانية بأربعة عشر يوماً، والسريانية بسبعة عشر يوما! ورغم هذا كان له جهاده في ساحات القتال كما كان له جهاده في كتابة الرسائل وجمع القرآن!
وسالم مولى أبي حذيفة من الذين أوصى النّبيُّ ﷺ أن يُؤخذ القرآن منهم! وقال عمر بن الخطاب حين حضرته الوفاة: لو كان سالم حيا لوليته!
وحين أخذ سالم اللواء في اليرموك، وخشي النّاس منه وعليه لأنه «أكاديمي»، قال لهم: بئس حامل القرآن أنا إذا أوتيتم من قبلي!
وعبد الله بن مسعود الذي ارتقى صدر أبي جهل فرعون هذه الأمة يوم بدر وأنهى حياته هو «الأكاديمي» الذي قال عنه عمر بن الخطاب: كُنيّف مُلئ علماً!
ثم لماذا نضرب أمثلة من عهد الصحابة والمقاومة في غزة صنعها «الأكاديميون» وطوروها، وقادوها!
البروفيسور جمال الزُّبدة يحمل الدكتوراة في الهندسة الميكانيكية، وكان محاضراً في جامعة فيرجينيا، وهو الذي طور منظومة صواريخ المقاومة كلها، وبفضل الله ثم بفضله تُقصفُ تل أبيب!
يحيى عيّاش مهندس العمليات الاستشهاديّة ومفجّر الحافلات كان أكاديمياً يحملُ شهادة الهندسة الكهربائية!
ونزار ريّان هو شيخ علم الحديث في غزّة، وصوره بالجعبة والبندقيّة أكثر من صوره في الجامعة والمسجد! وهو صاحب المقولة الشهيرة: لن يدخلوا معسكرنا!
وعبد العزيز الرنتيسي طبيب وأكاديمي وهو صاحب أمنية الموت بالأباتشي، وصاحب المقولة الشهيرة: إن قذيفةً واحدة من حديد تساوي ألف قذيفة من كلام!
خلاصة الأمر:
هذه معركة تحتاج إلى الجميع، وليس بالضرورة أن يحمل كل شخص بندقية، هذا لا خلاف فيه! ولكن على الأكاديمي ألا ينظر إلى المعركة بعين أنه أرفع منها، وأن البندقيّة والقلم لا يجتمعان، لقد اجتمع في يد النّبي صلى الله عليه وسلم السّيف والقرآن!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق